في الوقت الذي تثير فيه عمليات إطلاق النار الجماعية، الجدل، يستشهد الرئيس ترامب وكبار الجمهوريين بألعاب الفيديو كتفسير واحد لسفك الدماء. لكن الخبراء يقولون بأنه لا يوجد دليل كاف على ربط الألعاب العنيفة بالعنف الواقعي.
وقال أندرو برزيبيلسكي، أستاذ مشارك في جامعة أكسفورد: “أصبحت الألعاب أكثر واقعية، واللاعبون أكثر تنوعاً حيث يتواجد لاعبو الألعاب العنيفة في جميع أنحاء العالم، “فقط في الولايات المتحدة يربطون الألعاب والعنف ببعضهما البعض”.
وقد وجد تقرير صادر عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي في عام 2015 “علاقة ثابتة بين استخدام ألعاب الفيديو العنيفة وزيادة السلوك والتأثير العدواني”، وعلى الرغم من أن التقرير يقر بعدم وجود أدلة كافية على ذلك الارتباط، إلا أن النتائج التي توصل إليها تدعم التخوف من أن التقنيات الجديدة والظهور على الشاشة يمكن أن يترجم إلى عنف في الشوارع.
وفقاً للخبراء، ذلك الاستنتاج، لا تدعمه البحوث الحديثة.
وقال برزييلسكي، إن “الاتجاه العام، أن المجتمع يهتم بالتكنولوجيا، فالآباء وصانعو السياسة يشاركون في ذلك، وربما ليس للباحثين خبرة كبيرة فيها، وبالتالي فإن المحاولات القليلة الأولى لدراسة الرابط لم تتم بشكل جيد”.
نشرت هذا العام دراسة لأكثر من 1000 مراهق بريطاني لم تجد أي صلة بين الوقت الذي يقضونه في ممارسة الألعاب العنيفة والسلوك العدواني. وذلك يتوافق مع الأبحاث الحديثة الأخرى التي تُظهر ارتباطاً ضئيلاً – إن وجد – بين الألعاب والعنف.
ويشير برزييلسكي إلى أن العدوان لا يعني أن شخصاً ما سيرتكب عملية إطلاق نار جماعي، “فالسؤال الذي يجب أن تطرحه على نفسك هو، هل يخرج الناس ويقومون بإطلاق النار بعد أن يخسروا، لا نعتقد ذلك”.
لم تقم جمعية علم النفس الأمريكية حتى الآن بتحديث بيان سياستها بشأن ألعاب الفيديو والعدوان، وتحذر مجموعات أخرى، مثل الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، من وسائل الإعلام العنيفة.
وفي إحدى الدراسات التي أجريت في عام 2016، حللت الأبحاث بيانات الجريمة ووجدت أن العنف المجتمعي قد انخفض في الأسابيع التي تلت إطلاق ألعاب الفيديو الشهيرة.
وقال كريستوفر فيرجسون، أستاذ مشارك ورئيس في قسم علم النفس بجامعة ستيتسون، لـCNN العام الماضي: “من خلال إبقاء الشباب منشغلين بالأشياء التي يحبونها، سواء كانت ممارسة الرياضة أو تجميع الطوابع أو حتى في ألعاب الفيديو، تبقيهم بعيداً عن الشوارع وبدون مشكلات”.
نظرت المحكمة العليا في الأمر أيضاً، في العام 2011، وأقر القضاة بأن ألعاب الفيديو محمية بموجب التعديل الأول في الدستور الأمريكي.
وقال القاضي أنتونين سكاليا، إن “الدراسات النفسية المزعومة لإظهار الصلة بين ممارسة ألعاب الفيديو العنيفة والآثار الضارة على الأطفال لم تثبت أن ممارستها تجعل القاصرين يتصرفون بشكل عدواني، أي آثار ظهرت تعتبر صغيرة ولا يمكن تمييزها عن الآثار التي تنتج عن وسائل الإعلام الأخرى”.
رغم أن رأي المحكمة جاء قبل 8 سنوات، إلا أن الأبحاث الحالية تدعمها. فقد وجدت دراسة نشرت في يوليو حول أكثر من 3000 شاب في سنغافورة عدم وجود صلة بين الألعاب العنيفة والعدوان في المستقبل.
ومع ذلك، فقد كانت البيئة الأسرية الإيجابية “عاملاً وقائياً” قلل من السلوكيات العدوانية والمجتمعية. وقالت الدراسة: “من المرجح أن تكون السياسات العامة التي تهدف إلى تقوية الأسر وزيادة التحكم في الشباب أكثر فعالية من تلك التي تستهدف ألعاب الفيديو.”
أما بالنسبة للسياسيين الذين يحاربون ألعاب الفيديو في أعقاب عمليات إطلاق النار الجماعية، فقد قال برزيبيلسكي إنه أمر معيب.
وأضاف أنه قبل كل شيء، من خلال إلقاء اللوم على ألعاب الفيديو بدلاً من التعمق في الأسباب الجذرية للعنف، “نخفف من قيمة الخطاب السياسي حول الموضوع، لأننا نبحث عن إجابات سهلة بدلاً من مواجهة الحقائق الصعبة”.
المصدر: سي ان ان