ترامب وايران.. فشل أفقده رشده – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

ترامب وايران.. فشل أفقده رشده

thumb.php
أمين أبوراشد

عقوبات الرئيس الأميركي دونالد ترامب وادراته على إيران والتي وقعها مؤخرا ووصلت الى اعلى القيادة بشخص الامام الخامنئي، تظهر الى اي مدى وصل اثر الارتباك والفشل وفي نفس الوقت مدى الجهل او التجاهل للواقع الايراني.
ويتهيأ لغير العالِم بِالمَقام الروحي لسماحة القائد لدى شعبٍ مؤمنٍ بولاية الفقيه وأدبياتها الدينية والقومية والوطنية والأخلاقية، أن كل أموال إيران هي بِيَده، وأن “ثرواته” الشخصية باتت مُجمَّدة، وكل أسهمه في كبرى الشركات غَدَت تحت القبضة الأميركية بموجب عقوبات ترامب ، إضافة الى تقييد كل أسفاره ورحلاته، سواء عبر استخدام طائرته الخاصة المَطلِيَّة بالذهب، أو حركة تنقُّلاته بين قصوره المنتشرة عبر العالم التي باتت مُقيَّدة! بينما نقرأ نحن في هذه العقوبات خبلاً وفُقداناً للرُشد لدى ترامب، عندما نرى ان الامام الخامنئي الذي لا يملك – كما قال الرئيس روحاني – سوى منزل وحسينية، يجلس الى طبق إفطاره مع القيادات الإيرانية وكل مشهديات الزُهد والتواضع نراها في نمط حياة زعيم ومُلهِم!

مشكلة ترامب وادارته مع إيران، هي مشكلة العلاقات الإيرانية – الأميركية منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979، وإعلان إيران أن أميركا هي الشيطان الأكبر، وهي صِفَة مُلازمة لادارات اميركا من قِبَل القيادات الإيرانية والشعب ، بناء على السياسات الاميركية العدوانية المتكررة  ضد ايران وقضايا الامة المحقة. وأثبتت السياسات الأميركية العدوانية عبر العالم، من الشرق الأوسط ووصولاً الى أميركا اللاتينية أن الولايات المتحدة، خاصة خلال عهد شخصٍ فاقد الرشد كدونالد ترامب، أن أميركا لا يؤتمن لها، لا مع الحلفاء ولا مع الخصوم.

وفقدان الرشدِ لدى ترامب، يبدأ من عدم فهمه للأدبيات التي قامت عليها الثورة في إيران، ، وأن الامام قائد الثورة هو المرجعية الروحية والفكرية والمُلهِمَة الراعية لِمُكتسبات الثورة، ومُوجِّهة لشعب الجمهورية الإسلامية. وهو ليس جالساً على عرشٍ عائلي مٌهدَّد، كما يُهدِّد ترامب آل سعود بسقوطهم عن العرش خلال أسبوعين لولا الحماية الأميركية، لأن تركيبة المجتمع الإيراني تعتمد على الديموقراطية الشعبية التي تختار الرئيس عبر الإنتخابات، وصولاً الى اختيار مجالس “تشخيص مصلحة النظام” و”الشورى” و”البرلمان” وسواها من المجالس والمؤسسات القائمة على قواعد شعبية، وكل هذه الحياة السياسية والمجتمعية في إيران يرعاها ويُوجِّهها السيد الخامنئي، روحياً وفكرياً ووطنياً.

لا يُمكننا التحديد بِدِقَّة، العامل الأقوى الذي أدى الى فقدان ترامب رُشده، بسبب التطورات المُتسارعة واللكمات التي يتلقاها نتيجة سياساته غير الواضحة وغير المفهومة، سواء على المستوى الداخلي في علاقاته مع القضاء ومع الكونغرس بِمَجلِسَيه، الشيوخ والنواب ومع البنتاغون، أو على المستوى الخارجي في تخبُّطه كما التاجر الباحث دائماً عن صفقات، يربح هنا ويخسر هناك الى حدود الإفلاس كما حصل بصفقة القرن التي انتهى مؤتمرها الأول في المنامة بمهزلة جعلت أميركا وأدواتها أضحوكة العالم.

نُبرِّر لترامب فقدان رُشده، نتيجة رفض إيران التفاوض معه ما لم يعُد الى الإلتزام ببنود الإتفاق النووي معها، وكل المساعي التي يبذلها الرئيس السويسري بصفة بلاده الراعية للشؤون الإيرانية – الأميركية عبر سفارتَيها في طهران وواشنطن لم تنجح هذه المساعي حتى الآن، لأن طهران تُطالِب بالنَّدِّية في التعاطي معها، ولديها مُسوِّغاتها الواقعية من خلال خبرتها بالسياسة الأميركية، لدرجة أن السيد خامنئي رفض تبادل الرسائل مع ترامب لأنه لا يستحق، رداً على نقل رئيس الوزراء الياباني رسالة من ترامب يعرِض فيها التفاوض مع إيران.

ختاماً، إذا كان ترامب وكل أجهزة استخبارات أميركا، قد اعترفوا، أنهم كانوا يجهلون القدرات الدفاعية الإيرانية قبل وصول المُدمِّرة “لينكولن”، ورصدِها لمئات الزوارق الإيرانية المحمَّلة بالصواريخ، تجوب المياه الإقليمية لِمُراقبة أية حركة أميركية خاطئة والتعامل معها كما حصل لطائرة التجسس الأميركية التي أسقطتها إيران فوق أجوائها، فعلى ترامب ودائرته الضيِّقة السياسية والعسكرية، إعادة النظر بالمغامرة الحمقاء في مواجهة إيران، وأن يعود ترامب الى رُشده في موضوع العقوبات، لأنه لا يستطيع تطويع دولة بحجم قارة عبر تصعيد العقوبات، لِتطال أعلى وأقوى مرجعية إسلامية في العالم، إفطاره لا يتعدَّى لقمة خبزٍ بسيطة من خيرات بلاده..

المصدر: موقع المنار