متى بدأ الاهتمام الكبير بعدد الساعات والوقت يتزايد؟ وكيف كان الأشخاص يقيسون الوقت أو يحددونه قبل اختراع الساعات؟ كل تلك الأسئلة من الممكن أن تكون قد خطرت على بالك بين الحين والآخر، ولكن ما هي الإجابة الصحيحة؟
اخترع الإنسان طرقاً متعددة لتقسيم الدورات الطبيعية لليوم في فقرات معينة لتحديد مسار الوقت، إذ اخترع الأشخاص الساعات المائية والساعات الرملية والأجراس لتحديد وقياس والإعلان عن الوقت. ويهدف هذا الاهتمام الكبير في معرفة الوقت بالفائدة العائدة منها، فمن خلال تحديد هذا العنصر يمكن تصنيف المهام والأعمال اليومية للوصول إلى الأهداف الشخصية التي يسعى كل شخص نحوها.
مع ظهور الساعات الميكانيكية في القرن 13 عرض الوقت بشكل متزايد في الأماكن العامة، مما وفر نقطة محورية لتنظيم الحياة الاجتماعية، ولكن القرن الـ18 شهد انفجاراً في عالم تحديد الوقت من خلال اختراع جهاز أكثر دقة، وهو الساعة.
ففي ذلك القرن، قدر الإنتاج العالمي السنوي للساعات بين 300 و400 ألف ساعة، حيث أصبح بإمكان الأشخاص حمل الوقت وبإمكان الأثرياء ضبط ساعاتهم الخاصة على الساعات العامة، مما أفسح المجال أمامهم لمعرفة الوقت بشكل أضق.
ولكن، وخلال القرن الـ19 ، أصبحت هذه العادة مصدر هوس، وبالأخص مع تتطور عمليات النقل والتنقل والتواصل، إذ بدأت جداول السكك الحديدية والبرقيات المحددة بالوقت والتخصصات الصناعية أكثر صرامة ارتباطاً بالساعة.
ولم ويعد الوقت يحدد محلياً في كل قرية بحسب موقع الشمس، بل عن طريق الأسلاك الكهربائية، ففي بريطانيا، على سبيل المثال، اخترعت “غرينيتش”، التي أصبحت بعد ذلك نقطة مرجعية للمناطق الزمنية من حول العالم.
وفي القرن الـ20 تغيرت النظرة العامة حول الوقت والساعات، إذ أصبحت سمة مميزة للمجتمع الحديث، كما اعتبرت أي مقاومة لفرض الوقت القياسي للساعة، سواء في المجتمعات الريفية أو المستعمرات الغربية، علامة على الرجعية، ليصبح “مواكبة” الوقت مصدر قلق جديد.
ففي عام 1881، ذكر عالم الأعصاب الأمريكي، جورج بيرد، الساعات ضمن أسباب ما وصفه بـ”وباء العصبية”، قائلاً: ” إنهم يجبروننا على الالتزام بالوقت ويثيرون عادة التطلع إلى مراقبة اللحظة الدقيقة حتى لا يحدث أي تأخير على القطارات والمواعيد”.
في أوائل القرن الـ20، اكتشف المؤرخ الألماني كارل لامبريشت وجود صلة بين الاهتمام المعاصر بالالتزام بالمواعيد و “الإثارة” المرضية الواسعة الانتشار، حيث يبدو أن المجتمع الحديث، كما هو الحال اليوم، يعتمد على جهد عالمي ليكون ملتزماً بالوقت، كما رأى عالم الاجتماع جورج سيميل أنه، وإن فشلت جميع الساعات في برلين فإن “الحياة الاقتصادية والتجارية بأكملها ستحرف عن مسارها لبعض الوقت”.
المصدر: سي ان ان