مروراً بتتبع حركة الشمس لمعرفة الوقت لدى القدماء المصريين إلى الساعات الرملية عند العرب، ثم حديثاً باكتشاف الساعة الذرية، استخدم البشر عبر آلاف السنين أدوات عديدة لقياس وتتبع الوقت.
إذ إن الوقت يرافقنا كظلنا، ولكن هل الوقت هو فقط ذلك الشيء الذي يمضي بينما نعيش حياتنا أم أنه شيء قائم بذاته؟
من هنا، نستعرض في هذا التقرير بعض الحقائق المثيرة عن الوقت؛ حتى تتعرف عليه أكثر:
1- الوقت يمر أسرع عند وجهك منه عند قدميك: أثبت عالم الفيزياء الشهير ألبرت أينشتاين أن مرور الوقت في الفضاء أبطأ من مروره على الأرض؛ لأن الوقت يمضي بمعدلات مختلفة اعتماداً على مدى قرب الأشياء لمجال الجاذبية.
وفي تجربة أجراها المعهد الأميركي الوطني للمعايير والتكنولوجيا NIST عام 2010، وضع الباحثون ساعتين على ارتفاعين مختلفين بعضهما عن بعض؛ بحيث تتأثر الأكثر ارتفاعاً بدرجة جاذبية أقل.
كانت النتيجة أن الفارق الزمني بينهما سيكون 90 ملياراً من الثانية على مدى 79 عاماً؛ فكلما اقتربنا من مركز الأرض مر الوقت بصورة أبطأ، وبمعنى آخر فرأسك يتقدم في العمر أسرع من قدمك، والسنة فوق جبل إيفرست أقصر بـ15 مللي ثانية من السنة على الأرض.
2- كل ما نراه حولنا من الماضي: يشرح لنا ذلك ببساطة الباحث فلويد ستيكر، من مركز “غودارد” لرحلات الفضاء بأميركا التابع لوكالة “ناسا”، فيخبرنا بأن الضوء يستغرق بعض الوقت في الوصول من مكان إلى آخر؛ إذ كلما ابتعد هذا المكان ابتعد في الماضي الضوء القادم منه، وهكذا هي رؤيتنا للأشياء، فهي بشكل ما تنتمي كلها إلى الماضي.
وبما أن الشمس تبعد عن الأرض نحو 93 ميلاً عن الأرض، إلى جانب أن سرعة الضوء تبلغ نحو 300.000 كيلومتر/ثانية، فإن الضوء يغطي في طريقه 186.000 ميل؛ لذا يستغرق ضوء الشمس 8 دقائق و20 ثانية للوصول إلينا.
ولذلك، تذكّر في المرة المقبلة التي ستنظر فيها لضوء الشمس من نافذة غرفتك، أن هذا المشهد قد مر عليه ما يقرب من 8 دقائق بالفعل.
3- الوقت الذى تستغرقه الأرض لتدور حول نفسها ليس 24 ساعة: لا تدور الأرض حول محورها فقط؛ بل تدور في الوقت نفسه حول الشمس، والمفاجأة تتمثل في أن مدة الفترة التي تستغرقها الأرض لتدور حول نفسها هي في الواقع 23 ساعة و56 دقيقة و4.2 ثانية، والسبب في أن الوقت من الشروق للشروق التالي هو 24 ساعة، يتمثل في كون الأرض تبعد في مدارها حول الشمس، وتغير مكانها، ما يطيل اليوم هذه الدقائق.
4- السنة في عصر الديناصورات كانت 370 يوماً وليست 365 يوماً: عندما كانت الديناصورات تعيش على كوكب الأرض كان عدد أيام السنة 370 يوماً وليس 365 يوماً مثلما هي اليوم، وسبب ذلك تباطؤ دوران الأرض بسبب جاذبية القمر، وعليه يطول اليوم بنحو 1.7 ملي ثانية في القرن الواحد.
وتقول عالِمة الرياضيات بجامعة “موناش” بأستراليا روزمارى ماردلينغ: “في تاريخ الأرض الذي يبلغ 4.5 مليار سنة، يتزايد ببطءٍ، طولُ اليوم على الأرض؛ بسبب القمر، فحركة الأرض كانت أسرع بكثير في أثناء تشكّل القمر، حتى إن اليوم كان يتراوح من ساعتين إلى 3 ساعات، ودورة القمر حول الأرض كانت لا تستغرق سوى 5 ساعات”.
5- نستغرق من 500 إلى 15000 تريليون تريليون بلانك تايمز لنرمش بأعيننا: تعد أصغر وحدة قياس للوقت هي البلانك، وهو الوقت الذي يستغرقه كم من الضوء وجميع الأشكال الأخرى للإشعاع الكهرومغناطيسي المسافرة بسرعة الضوء لمسافة تساوي طول البلانك.
وحتى تستوعب كم يبلغ هذا، فإنك تستغرق نحو من 500 إلى 15000 تريليون تريليون بلانك تايم لترمش بعينيك.
6- اليوم على كوكب عطارد يساوي عامين على الكوكب نفسه: يصنف كوكب عطارد على أنه الكوكب الأقرب إلى الشمس من المجموعة الشمسية جميعها، فهو يستغرق نحو 58.646 يوماً ليتمم دورة واحدة حول محوره، وهذا يعنى أن كوكب عطارد يستغرق ما يزيد قليلاً على 58 يوماً بالنسبة لكوكب الأرض؛ لإتمام يوم واحد على سطحه.
وذلك لا يعني أن كوكب عطارد يشهد شروقين للشمس في 58 يوماً؛ فنظراً لقرب عطارد من الشمس وسرعته في دورانه حولها، لا تطلع عليه شمس أخرى حتى يمر 176 يوماً من أيام الأرض، ولهذا فإن اليوم الواحد على كوكب عطارد يساوي عامين على الكوكب نفسه.
7- في الفيزياء لا يوجد شيء يسمى حالاً أو الآن: بغض النظر عن سرعة الضوء الكبيرة، إلا أنها لا تزال محدودة، حتى ولو كان الوقت قليلاً جداً بين انعكاس الضوء من الأشياء لأعيننا ورؤيتنا إياها، فإن رؤيتنا الأشياء واستيعابنا إياها يظلان في الحالة الماضية.
وتستغرق أدمغتنا وقتاً لمعالجة المعلومات، ولا تستطيع التمييز أحياناً بين حدثين شديدي القرب بعضهما من بعض؛ لذلك حقيقة أننا نرى الأشياء على شكلها الحالي عبثية للغاية.
وبما أنه لا أحد يملك دماغ أحدنا الآخر فلا أحد يشترك مع غيره في امتلاك نفس وقت معالجة المعلومات أو التصور عن الواقع، فإذا كان الحاضر لحظة من الوقت، فإنه لا يمكن لها أن توجد، وما هو موجود أمام أعيننا هو الذاكرة الأخيرة للماضي القريب.
8- ساعة السترونيوم: أدق ساعة في العالم: في تقدُّم لضبط الوقت من جانب المعهد الوطني الأميركي للمعايير والتكنولوجيا NIST، أجرى الباحثون هناك تعديلاً على ساعة السترونيوم، فجعلوها شديدة الدقة بكونها لا تزيد ولا تفقد ثانية واحدة في نحو 15 مليار سنة وهو عمر الكون. ما يجعلها أدق ساعة على الإطلاق، فدقتها تجعلها تخسر ثانية واحدة كل 15 مليار سنة.
المصدر: هافينغتون بوست