وجه آية الله الشيخ عيسى قاسم رسالة إلى الشعب البحريني، أكد فيها أن حركة الشعب مطلبيةٌ، وأعطت تضحيات ضخمة، وبذلت جهوداً مضنيةً وهي تطالب بالديموقراطية وتصر عليها في دولةٍ لا تعلن رفضها للديموقراطية وتبرءها منها بل قد تدَّعيها وهي عليمة بصحة أو خطأ ما تدّعيه من هذا الأمر، والعالم كلُّه عليمٌ بذلك.
ولفت الشيخ قاسم في رسالته إلى أن البحرين “تعيش تخلُّفاً كبيراً وجذرياً في بنيتها السياسيّة، والسياسة فيها مبسوطة اليدّ على كل الإمكانات والقدرات والمقدّرات، وعلى الإنسان وأوضاعه وأرضه وسمائه وحاضره ومستقبله وقناعاته وآماله وأمانيه ومشاعره وعلاقاته”، وقال إنه “بذلك تمتدّ قواتل السياسة للنفس، للبدن، للدين، للاجتماع، للثقافة، للأمن، للاقتصاد، للحريّة، للمستوى الحضاري، للنفسيّة، للمستوى العلمي، لكل أبعاد الإنسان وحيثيات إنسانيته.”
وشدد الشيخ قاسم على “واجب الإصلاح إنقاذًا للوطن وأهله، وتداركًا للأرض ومن عليها وما عليها عن هلاكٍ سريعٍ عاجلٍ لا يمهل رحمةً بالجميع”، وقال إنه “لا طريق للإصلاح، ولا تكاد تظهر لشيء من الإصلاح لو حصل قيمةٌ،* ولا ضمان لبقاء إصلاحٍ، ولا جديّة في الإصلاح -ولو بالمعنى النسبي- أقلّ من الأخذ بمتعارف اليوم في الأنظمة السياسية المسماة بالأنظمة الديمقراطية المتقدِّمة والتي تجاهر الأنظمة الأخرى المتخلّفة بنموذجيتها.. هذا المتعارف الذي ينطلق في الأمر السياسي كله ومن أوله إلى آخره من رأي الشعب وإرادة الشعب وقرار الشعب”.
وأكد الشيخ عيسى قاسم أن “المسلمين الحقيقيُّين لا يؤمنون بمنقذٍ وحلٍّ للمشكلة السياسية -التي استعصت على البشرية، ولا زالت مستعصية عليها- كالإسلام، ولكن وبرغم ذلك فإنَّ المطالبة العملية من الناحية السياسية عند عدد كبير من الشعوب الإسلامية تنصب على الديموقراطية غير المزوَّرة.” وأكد الشيخ قاسك أن “الإصلاح حتى يَصدُق، وحتى يَثبُت ويَأمن من التقلُّبات السريعة والنكسات المتتالية العاجلة، لابدّ أن يشمل ويركِّز على البعد السياسي والعلاقات السياسية بين الشعب والحكم وأن الشعب مصدر السلطات كما هو المذهب الديموقراطي.”
وشدد الشيخ قاسم على أنه “لا تصحُّ المواجهة والردّ لشيء من الإصلاح، ولا يُقال لقليله كثير، ولا لكثيره لو حصل قليل، ولا لمشوبه خالص، ولا لخالصه مشوب؛ تمشيّاً للعدل في الموقف والصدق في القول”، وقال إنه “لا يُتوقف عند الإصلاح الجزئيّ الفوقيّ، ولايُرتضى به، ولا يُطمأنّ إليه، ولا تُنسى المشاكل الأم لو تمّ الحلّ لبعض ذيول المشاكل والإفراز الصديدي للأزمات الأساس”، وتابع أن “الكلُّ أملٌ لأنْ تأمن البحرين العزيزة أمنًا كاملاً حقيقيًا، وأن تسودها العلاقاتُ الإنسانيةُ الكريمةُ والإيمانيةُ العاليةُ والعدلُ والسلامُ، وأن يَسعد إنسانها، ويندفع قويّاً على طريق البناء الصحيح من أجل الجميع، ويمارس دوره العمرانيَّ الموكل إليه من خالقه العظيم؛ ليتحول كلُّ فردٍ من النَّاس على هذه الأرض وأخوه الإنسان إلى وجودٍ عظيم، والأرض نفسُها إلى جنَّةٍ فيها من جمال الجنَّة العظمى في الآخرة.”
وقال الشيخ قاسم “أودُّ قبل أن أنهي كلامي هذا مع الشعب العزيز الكريم أن أقدِّم احتراماتي لأخي الحبيب سماحة السيد عبد الله الغريفيّ معلِّم الإيمان، والرساليَّة، والمحبّة الإنسانيّة، والخُلُق النبيل”، وأضاف “سلامي وتحيّاتي لكلِّ الغيارى من شعب البحرين، الذين يحبونها، ويحبون لها الإيمان، والاستقامة، والعدل، والعزّ، والكرامة، ويجهدون على هذا الطريق طلبًا لمرضاة الله في خدمة إنسانيّة الإنسان، وتحقيقًا لهناءته وكرامته”.
المصدر: موقع المنار