لفت نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة الى أن أميركا والغرب ساهموا في تقديم الاسلام لشعوبهم وللعالم على انه دين بلا أخلاق ولا رحمة وبلا انسانية من خلال الجماعات التكفيرية الارهابية التي صنعوها هم، وعبؤوا شعوبهم ضد الاسلام والمسلمين وملؤوا قلوبهم حقدا وكراهية للمسلمين، بحيث بات بعض الغربيين يكشف عن وجهه الحقيقي ويقوم بارتكاب مجازر فظيعة بحق المسلمين كما حصل صباح اليوم في بعض مساجد نيوزلندا.
وقال “إن هذا النوع من الجرائم يكشف عن حجم الأحقاد التي تراكمت لدى بعض الغربيين ضد الاسلام والمسلمين بفعل التحريض الغربي الاعلامي والسياسي”، واعتبر “ان ما يشجع هؤلاء على القتل وارتكاب المجازر بدم بارد بحق المسلمين والمصلين ما يقوم به التحالف الامريكي السعودي في اليمن من مجازر بحق الأبرياء من من أبناء الشعب اليمني، صمت المنظمات الدولية عن هذه الجرائم، وآخرها المجزرة الوحشية التي ارتكبها العدوان السعودي الاميركي في محافظة حجة في اليمن واسفرت عن سقوط عشرات الشهداء من الاطفال والنساء والشيوخ”.
ورأى الشيخ دعموش “أن السبب في كل ما جرى ويجري في منطقتنا وفي العالم هو الإدارة الأمريكية وسياساتها الظالمة ومشاريعها في المنطقة، فهي سبب كل المصائب ووراء كل ارهاب يحصل في العالم، من افغانستان الى العراق واليمن وسوريا، هي التي جاءت بالجماعات التكفيرية الارهابية من كل أنحاء العالم لتخريب العراق وسوريا ودول المنطقة، وهي اليوم من يعرقل الحل في سوريا ويمنع من عودة النازحين السوريين الى بلدهم”.
وشدد الشيخ دعموش “على ان اميركا تستخدم أبشع الأساليب لتحقيق أهدافها في المنطقة، ولا يمكن مواجهتها وافشال مخططاتها الا بالمقاومة والثبات والصبر والاعتماد على الله الذي وعدنا بالنصر”. واشار “الى أننا بالمقاومة هزمنا إسرائيل في لبنان، وبالمقاومة صنعنا توازن الردع مع العدو، وبالمقاومة أصبح لبنان قويا ومنيعا ومحصنا في وجه المؤامرات، وبالمقاومة هزمنا الإرهاب التكفيري في سوريا والعراق ولبنان، وبالمقاومة افشلنا الأهدافه الامريكية في المنطقة”.
وأكد “أن العقوبات الامريكية علينا والتحريض الذي تمارسه ضدنا ومحاولة محاصرتنا ستفشل، ولن تغير مواقفنا، وفي النهاية نحن الذين سننتصر في هذه المواجهة لأننا ندافع عن أنفسنا وعن بلدنا، وستفشل محاولات اميركا الجديدة ضد المقاومة كما فشلت محاولاتها السابقة”.
نص الخطبة
شهر رجب حافل بالمناسبات الاسلامية الخالدة، فقد مرت ذكرى ولادة الامام الباقر(ع) في الاول من رجب، ومرت ذكرى ولادة وشهادة الامام الهادي في الثاني والثالث منه، وفي اليوم العاشر منه نلتقي بذكرى ولادة الامام الجواد(ع)، وستاتي ذكرى ولادة الامام علي بن أبي طالب في الثالث عشر منه. أحد المهام والأدوار المشتركة التي قام بها أئمة أهل البيت (ع) هي إرساء وتعزيز القيم الأخلاقية في المجتمع، وتربية اتباعهم وشيعتهم على الأخلاق الطيبة والمعاملة الحسنة والصفات النبيلة والجميلة .
وكانت هذه المهمة، مهمة تعزيز قيم الأخلاق في المجتمع الإسلامي، مهمة رئيسية في حياة الأئمة الثلاثة: الإمام الباقر والإمام الجواد والإمام الهادي (عليهم السلام) كما كانت مهمة اساسية في حياة سائر أئمة أهل البيت (ع)، لأن الأخلاق هي جوهر الدين، وهي الهدف الاساسي من بعثة النبي(ص) (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). لقد قام أئمة أهل البيت (ع) بدور كبير في إرساء مكارم الأخلاق في حياة الأمة عبر ثلاث وسائل:
1-تجسيد القيم والأخلاق في سيرتهم وسلوكهم.
2-بث التوجيهات والتعاليم الأخلاقية والتأكيد عليها في أحاديثهم ووصاياهم.
3-تكوين مجتمع ايماني نموذجي من خلال اتباعهم وشيعتهم، الذين التزموا بالقيم الأخلاقية داخل المجتمع ومع الآخرين.
أما تجسيد القيم وتطبيق القيم والعمل بها، فقد كان من الامور البارزة في شخصيتهم وفي حياتهم وسيرتهم وسلوكهم ومعاملتهم، فهم لم يكتفوا في توجيه الناس نحو الصفات الأخلاقية بل جسدوا هذه الصفات في شخصيتهم وفي سلوكهم قبل أن يأمروا الناس بها، فكانوا عنوانا للكرم والسخاء والجود، وعنوانا للاحسان والبر والتواضع والعفو والتسامح، وعنوانا للمواساة وقضاء حوائج الناس وغير ذلك من القيم. فقد كان الإمام الجواد (عليه السلام) من أكرم الناس وأكثرهم سخاءً، وقد لُقِّب بالجواد لكثرة جوده وكرمه ومعروفه وإحسانه إلى النّاس، وقد ذكر المؤرّخون قصصاً كثيرة من جوده وكرمه. فقد دخل عليه بعض اصحابه ممن كان قد استدان منه مبلغا من المال قائلا له: جعلت فداك اجعلني من عشرة آلاف درهم في حل فإني انفقتها، فقال له الإمام (عليه السلام): انت في حل.
وكان الإمام الهادي(عليه السلام) ايضا من أجود الناس كفاً ، وكان على شاكلة آبائه الذين أطعموا الطعام على حبّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً، وكانوا يطعمون الطعام حتى لا يبقى لأهلهم طعام، ويكسونهم حتى لا يبقى لهم كسوة. وقد روى المؤرّخون شواهد كثيرة من سخاء الإمام الهادي (عليه السلام) واحسانه إلى الفقراء وإكرامه للضعفاء. فقد جاء جماعة من أعيان الشيعة الى الإمام الهادي (عليه السلام) وهم عثمان بن سعيد، وأحمد بن اسحاق الأشعري، وعلي بن جعفر الحمداني، فشكا إليه أحمد بن اسحاق ديناً عليه، فالتفت (عليه السلام) إلى وكيله ، وقال له: ادفع له ثلاثين ألف دينار، والى علي بن جعفر ثلاثين ألف دينار، كما أعطى وكيله مثل هذا المبلغ. وعلّق ابن شهرآشوب على هذه المكرمة العلوية بقوله: « فهذه معجزة لا يقدر عليها إلاّ الملوك، وما سمعنا بمثل هذا العطاء .
أمّا الإحسان إلى الناس واسداء المعروف لهم والبرّ بهم، فإنّه من سجايا الإمام الجواد ومن أبرز صفاته، وقد سجل التاريخ قصصاً كثيرة من إحسانه (ع) : منها: ما رواه أحد أصحابه قال: رافقت أبا جعفر في السنة التي حجّ فيها في أوّل خلافة المعتصم فقلت له: وأنا على المائدة: إنّ والينا جعلت فداك يتولاكم أهل البيت ويحبّكم، وعليَّ في ديوانه خراج، فإن رأيت جعلني الله فداك أن تكتب إليه بالإحسان إليّ، فقال عليه السلام : لا أعرفه، فقلت: جعلت فداك انّه على ما قلت: من محبيّكم أهل البيت ، وكتابك ينفعني، فاستجاب له الإمام وكتب إليه: «أمّا بعد: فإنّ موصل كتابي هذا ذكر عنك مذهباً جميلاً، وإنّ ما لك من عملك إلاّ ما أحسنت فيه، فأحسن إلى اخوانك، واعلم أنّ الله عزّوجلّ سائلك عن مثاقيل الذرة والخردل..». أما المواساة للناس: فقد واسى الإمام الجواد (عليه السلام) الناس في البأساء والضرّاء، وكان يتعاطف معهم ويعزي المنكوبين والمفجوعين ويواسيهم.
فقد روي أنّ رجلاً من شيعته كتب إليه يشكو ما ألمَّ به من الحزن والأسى لفقد ولده، فأجابه الإمام (عليه السلام) برسالة تعزية جاء فيها: «أما علمت أنّ الله عزّوجلّ يختار من مال المؤمن، ومن ولده أنفسَه ليؤجره على ذلك..». هذا جزء يسير من سيرة الإمامين الجواد والهادي (ع) في تجسيد قيم الأخلاق وتحليهم بالإنسانية في معاملتهم للآخرين.
واما تعاليمهما ووصاياهما فهي كثيرة نختار منها ما يتعلق بمكارم الأخلاق وبتوجيهات هذين الإمامين الاخلاقية، وكيف كانا يأمرا ويحثا شيعتهما على حسن المعاملة مع بعضهم البعض ومع الآخرين. فقد ورد عن الإمام الجواد(ع) انه قال: « مِنْ حُسْنِ خُلُقِ الرَّجُلِ كَفُّ أَذاهُ ، وَمِنْ كَرَمِهِ بِرُّهُ لِمَنْ يَهْواهُ ، وَمِنْ صَبْرِهِ قِلَّةُ شَكْواهُ ، وَمِنْ نُصْحِهِ نَهْيُهُ عَمّا لاَ يَرْضاهُ ، وَمِنْ رِفْقِ الرَّجُلِ بِأَخِيهِ تَرْكُ تَوْبِيخِهِ بِحَضْرَةِ مَنْ يَكْرَهُ ، وَمِنْ صِدْقِهِ صُحْبَتَهُ إِسْقاطُهُ الْمَؤُونَةَ ، وَمِنْ عَلاَمَةِ مَحَبَّتِهِ كَثْرَةُ الْمُوافَقَةِ وَقِلَّةُ الْمُخالَفَةِ . وقالَ الإمام الهادي(ع) : مَن اتقى اللهَ يُتَّقى ، ومَنْ اطاعَ اللهَ يُطاع ، ومنْ اطاع الخالقَ لمْ يُبالِ سَخَطَ المخلوقينَ ، ومنْ اَسْخَطَ الخالقَ فَلْيَيْقَنْ اَنْ يَحِلَّ بهِ سَخَط المخلوقين. قال الامام علي بن محمد الهادي عليه السلام: “الْأَخْلَاقُ تَتَصَفَّحُهَا الْمُجَالَسَةُ” اي الأخلاق تعرف بالمجالسة والمعاشرة.
اما تكوين مجتمع ايماني نموذجي من خلال اتباعهم وشيعتهم، فقد أكد الأئمة على تقيّد الإنسان الشيعي والمجتمع الموالي لأهل البيت (ع) بالقيم الأخلاقية داخل المجتمع ومع الآخرين، وقد كان شيعة أهل البيتعلى مر التاريخ النموذج الذي يقتدي به الآخرون في التدين والعبادة والطاعة لله عزوجل والصدق والأمانة والتواضع والإحسان والمعروف وحب الخير والإهتمام بشؤون الآخرين لا سيما بالجيران والفقراء والأيتام وغيرهم.
ففي وصية الامام الباقر(ع) لجابر بن الله الجعفي قال لي: يا جابر أيكتفي من ينتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت، فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه وما كانوا يعرفون يا جابر إلا بالتواضع والتخشع والأمانة وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة والبر بالوالدين والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكف الألسن عن الناس إلا من خير، وكانوا امناء عشائرهم في الأشياء.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: “شيعتنا المتباذلون في ولايتنا، المتحابون في مودتنا، المتزاورون في إحياء أمرنا، الذين إذا غضبوا لم يظلموا وإن رضوا لم يسرفوا، بركة على من جاوروا وسلم لمن خالطوا”.
اليوم نحن بحاجة الى هذه الأخلاق والى هذه الآداب والى هذه التربية، بحاجة الى تربية انفسنا وأولادنا والأجيال على هذه الأخلاق وعلى هذا السلوك الإيماني والرسالي والانساني الرفيع، لنقدم النموذج الإسلامي الأصيل للشعوب وللعالم، الذي بات بعضه يخشى الإسلام ويأخذ انطباعا سلبيا عن الاسلام نتيجة الممارسة الخاطئة التي يقدمها بعض المسلمين عن الاسلام . وأميركا والغرب ساهموا في تقديم الاسلام لشعوبهم وللعالم على انه دين بلا أخلاق ولا رحمة وبلا انسانية من خلال الجماعات التكفيرية الارهابية التي صنعوها هم، وعبؤا شعوبهم ضد الاسلام والمسلمين÷ وملؤا قلوبهم حقدا وكراهية للمسلمين، بحيث بات بعض الغربيين يكشف عن وجهه الحقيقي ويقوم بارتكاب مجازر فظيعة بحق المسلمين كما حصل صباح اليوم في بعض مساجد نيوزلندا. هذا النوع من الجرائم يكشف عن حجم الأحقاد التي تراكمت لدى بعض الغربيين ضد الاسلام والمسلمين بفعل التحريض الغربي الاعلامي والسياسي الذي مارسوه ضد الاسلام والمسلمين .
وما يشجع هؤلاء على القتل وارتكاب المجازر بدم بارد بحق المسلمين والمصلين، ما يقوم به التحالف الامريكي السعودي في اليمن من مجازر بحق الأبرياء من من أبناء الشعب اليمني وآخرها المجزرة الوحشية التي ارتكبها العدوان السعودي الاميركي في محافظة حجة في اليمن واسفرت عن سقوط عشرات الشهداء من الاطفال والنساء. صمت المنظمات الدولية عن هذه الجرائم وعدم الوقوف بوجه المعتدين هو الذي شجع المعتدين على مواصلة تدمير اليمن وقتل الشعب اليمني وهو الذي يشجع القتلة في كل العالم ليرتكبوا جرائمهم بحق الأبرياء بدم بارد، والسبب في كل ما جرى ويجري في منطقتنا وفي العالم هو الإدارة الأمريكية وسياساتها الظالمة ومشاريعها في المنطقة، فاميركا هي سبب كل المصائب ووراء كل ارهاب يحصل في العالم .
اميركا هي سبب الحرب والارهاب في افغانستان والعراق، وهي اساس الحرب على اليمن وسوريا، وهي التي جاءت بالجماعات التكفيرية الارهابية من كل أنحاء العالم لتخريب العراق وسوريا ودول المنطقة . واليوم من يعرقل الحل في سوريا هو أمريكا، ومن ينع من عودة النازحين السوريين الى بلدهم هي اميركا. واميركا تستخدم أبشع الأساليب لتحقيق أهدافها، ولا يمكن مواجهتها وافشال مخططاتها الا بالمقاومة والثبات والصبر والاعتماد على الله الذي وعدنا بالنصر .
فبالمقاومة هزمنا إسرائيل في لبنان، وبالمقاومة صنعنا توازن الردع مع العدو، وبالمقاومة أصبح لبنان قويا ومنيعا ومحصنا في وجه المؤامرات، وبالمقاومة هزمنا الإرهاب التكفيري في سوريا والعراق ولبنان، وبالمقاومة افشلنا الأهدافه الامريكية في المنطقة.
والعقوبات الامريكية علينا والتحريض الذي تمارسه ضدنا ومحاولة محاصرتنا ستفشل، ولن تغير مواقفنا، وفي النهاية نحن الذين سننتصر في هذه المواجهة، لأننا ندافع عن أنفسنا وعن بلدنا، وستفشل محاولات اميركا الجديدة ضد المقاومة كما فشلت محاولاتها السابقة.
المصدر: موقع المنار