طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” السعودية بتقديم توضيحات عن وضع معتقلي حملة مكافحة الفساد التي انتهت الشهر الماضي.
وقالت المنظمة في بيان على موقعها على الإنترنت الإثنين “السعودية أعلنت عن نهاية حملتها البارزة لمكافحة الفساد في 31 يناير/كانون الثاني 2019، لكن بعض من اعتُقلوا ما زالوا محتجزين دون أساس قانوني واضح”.
وأضافت “على السلطات السعودية أن توضح فورا ما إذا كان المحتجزون يواجهون تهما تتعلق بحملة مكافحة الفساد أو بسبب نشاط جرمي آخر متعارف عليه، وإذا لم يكن الأمر كذلك، على السلطات إطلاق سراحهم على الفور”.
ونفذت السعودية الاعتقالات الجماعية في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، وشملت الاعتقالات أمراء، ومسؤولين حكوميين حاليين وسابقين، ورجال أعمال بارزين، واحتجزتهم لعدة أشهر في فندق “ريتز كارلتون”، وهو فندق 5 نجوم في الرياض. وأجبرتهم السلطات على تسليم أصولهم مقابل حريتهم خارج إطار أي عملية قانونية.
ومن بين الذين لا يزالون محتجزين دون وضع قانوني واضح الأمير “تركي بن عبدالله”، الأمير السابق للرياض وابن الملك الراحل “عبدالله”؛ شريك الأمير “تركي فيصل الجربا”؛ الأمير “عبدالعزيز بن سلمان” ووالده الأمير “سلمان بن محمد”؛ ووزير التخطيط السابق “عادل الفقيه”.
وقال نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش “مايكل بَيج”: “برر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ما يسمى بالاعتقالات المتعلقة بالفساد، ووصفها بأنها علاج بالصدمة للاقتصاد السعودي. لكن ما يثير الصدمة حقا هو ابتزاز سعوديين بارزين دون إعطائهم أي فرصة للدفاع عن أنفسهم. ويعزز احتجاز المعتقلين دون تهمة أو محاكمة لمدة 16 شهرا حقيقة أن الحملة السعودية على الفساد تمت بالكامل خارج القانون”.
وأضاف “بَيج”: “حكومة محمد بن سلمان لها سجل واضح في خرق القانون، وهذا الحرمان من الحقوق الأساسية في حملتها على الفساد يقع في السياق نفسه. بدلا من معالجة هذه القضية المهمة بنية حسنة، تجاهلت السلطات السعودية الإجراءات القانونية الواجبة التي يحق بها لجميع المواطنين”.
ونشرت “وكالة الأنباء السعودية” الرسمية بيانا للديوان الملكي في 31 يناير/كانون الثاني، جاء فيه أن لجنة مكافحة الفساد، بقيادة ولي العهد “محمد بن سلمان”، “أنهت أعمالها” بعد استدعاء 381 شخصا لتقديم أدلة.
وقال البيان إنه “أُفرج عن الأشخاص الذين لم توجه إليهم تهما بالفساد، في حين وافق 87 على التسوية، ولم يُمنح 56 آخرون تسوية لأنهم يواجهون تهما جنائية أخرى، وأحالت السلطات 8 آخرين إلى النيابة العامة بعد رفضهم التسوية”.
وخلص البيان إلى أنه نتجت عن الحملة “استعادة أموال للخزينة العامة للدولة تجاوزت في مجموعها 400 مليار ريال (107 مليار دولار) متمثلة في عدة أصول من عقارات وشركات وأوراق مالية ونقد وغير ذلك”.
وقال مصدر مطلع لـ “هيومن رايتس ووتش” إن الأمير “عبدالعزيز بن سلمان” ووالده، وهما رجُلا أعمال، لا يزالان محتجزين دون تهمة أو محاكمة منذ اعتقالهما في يناير/كانون الثاني 2018. كلاهما في “سجن الحائر”، جنوب الرياض. والأمير “عبدالعزيز بن سلمان” متزوج من ابنة الملك “عبدالله”.
وقال المصدر إن الأمير “عبدالعزيز” يعتقد أنه اعتُقل ردا على دفاعه عن أفراد عائلته المحتجزين بعد اعتقالات نوفمبر/تشرين الثاني.
وعلى حد علم المصدر، لم تجمد السلطات أصول الأمير “عبدالعزيز بن سلمان” أو أصول والده أو تطلب تسوية مالية.
وقال مصدر مطلع آخر لـ هيومن رايتس ووتش إن “فيصل الجربا”، المقرب من الأمير “تركي بن عبدالله”، لا يزال معتقلا دون تهمة.
ونقلت صحيفة “واشنطن بوست” أنه في يونيو/حزيران، احتجزت السلطات الأردنية “الجربا” في عمّان، حيث كان قد فرَّ بحثا عن الأمان، وفي النهاية قادته إلى الحدود السعودية وسلمته إلى السلطات السعودية.
وقال المصدر إن الأمير “تركي” ما يزال أيضا معتقلا بدون تهمة.
ومن الذين لا يزالون محتجزين في ظروف غامضة “عادل الفقيه” والأمير “خالد بن طلال”.
ومن بين المعتقلين في نوفمبر/تشرين الثاني الذين أُفرج عنهم رئيس مجلس إدارة “شركة المملكة القابضة” الأمير “الوليد بن طلال”؛ الرئيس السابق لـ”الحرس الوطني السعودي” الأمير “متعب بن عبدالله”؛ رئيس مجلس الإدارة السابق لمجموعة “إم بي سي” “وليد الإبراهيم”؛ ورجال أعمال نافذون آخرون مثل “صالح كامل، عمرو الدباغ، ومحمد حسين العمودي”.
وعُيِّن “إبراهيم العساف”، وهو وزير سابق احتجز لفترة وجيزة، وزيرا للخارجية في ديسمبر/كانون الأول. وأُفرج مؤقتا عن “بكر بن لادن”، الرئيس السابق لـ”مجموعة بن لادن”، في ظروف غامضة في يناير/كانون الثاني.
وبحسب تقرير لـ”نيويورك تايمز” في 12 مارس/آذار 2018 فإن 17 من محتجزي ريتز كارلتون دخلوا إلى المستشفى بسبب الاعتداء الجسدي.
وكان من بينهم اللواء “علي القحطاني”، أحد مساعدي الأمير “تركي”، الذي توفي لاحقا في الحجز، وقال التقرير إن “عنقه بدا ملتويا وجسمه متورما جدا، وتظهر عليه علامات أخرى لسوء المعاملة”.
ونقل التقرير عن شخص رأى الجثة، أنه بالإضافة إلى العنق الملتوي، كانت هناك حروق يبدو أنها من الصدمات الكهربائية.
وأشارت هيومن رايتس إلى أن القانون الدولي لحقوق الإنسان يحمي الحقوق الأساسية، بما فيها الحق في عدم الاحتجاز التعسفي.
كما يجب أن تكون أي اتهامات توجهها السلطات متعلقة بجرائم مُعترف بها. ويجب على الأقل إبلاغ المحتجزين بالأسباب المحددة لاعتقالهم، وأن يكونوا قادرين على الاعتراض على اعتقالهم بشكل عادل أمام قاض مستقل ومحايد، والوصول إلى محام وأفراد العائلة، ومراجعة قضاياهم بشكل دوري. وينبغي إبلاغ المحتجزين بجريمة مزعومة على وجه السرعة بالتهم موجهة إليهم. كما أن احتجاز المعتقلين في مراكز الاحتجاز غير الرسمية ينتهك المعايير الدولية.
المصدر: هيومن رايتس وتش