ذكر بعض الزملاء في صحيفة «السفير» أنه تم إبلاغهم أن الصحيفة، التي صدرت المرة الأولى عام 1974، ستتوقف عن الصدور بنسختيها الورقية والألكترونية، ابتداءً من 1 نيسان/أبريل المقبل، وذلك بعد المشاكل المالية التي واجهتها مع احتمال إعادة إطلاق الموقع الألكتروني بعد بضعة أشهر.
سعد الياس/ جريدة القدس العربي
وأفيد أن رئيس تحرير الجريدة طلال سلمان سيعقد مؤتمراً صحافياً الأربعاء المقبل يُتوقع أن يعلن فيه صدور آخر عدد في الصحيفة بطبعتها الورقية وعبر موقعها الألكتروني يوم الخميس 31 آذار/ مارس.
ويأتي هذا الإجراء نظراً للتطور الحاصل في الإعلام والتوجه الكبير إلى المواقع الألكترونية، ونظراً للتكلفة الباهظة التي يحتاجها موقع «السفير» الألكتروني كي يستمر .ولا تقتصر الأزمة المالية على «السفير» فقط، بل أن الصحف اللبنانية على اختلاف توجهاتها السياسية وانتماءات أصحابها، تواجه أزمة مالية خانقة، خصوصاً مع توقف التمويل السياسي من الخارج، الذي كان الداعم الأساسي للصحف المحلية.
وكان وزير العمل سجعان قزي قد دعا «الى حالة طوارئ إعلامية»، مقترحاً إنشاء صندوق دعم للمؤسسات الإعلامية»، واعتبر «أن إغلاق المؤسسات الاعلامية أو حتى ضعفها يفقد لبنان دوره التاريخي منارة للإعلام والثقافة والحريات».
ورأت مصلحة الإعلاميين في حزب القوات اللبنانية، في بيان «ضرورة تحرّك السلطات اللبنانية والمعنيين كافة وفوراً لإنقاذ أبرز الصحف الورقيّة اللبنانية كـ «النهار» و«السفير» و«اللواء»، التي تتخبط بأزمة مالية حادة تكاد تؤدي إلى تحوّلها نحو الصحافة الإلكترونية»، مشددة على»أنّ هذه المؤسسات العريقة ساهمت في تشكيل الوعي الوطني والإجتماعي والتربوي والثقافي، بل شكّلت الذاكرة الوطنيّة منذ الإستقلال اللبناني حتى اليوم».
وكان اعلاميون شددوا على نقابتي الصحافة والمحررين لتوحيد الجهود والضغط على السلطات المعنيّة للقيام بسلسلة اجراءات إنقاذيّة نوعيّة كالآتي:
ـ ضخّ تحفيزات مالية تدعم الصحافة الورقية على شكل قروض ميسّرة جداً طويلة الأجل 20 سنة مثلاً.
ـ إلغاء الرسوم والضرائب المتعلقة بقطاع الصحافة والطباعة كالورق والكهرباء والاتصالات.
ـ إعفاء المطبوعات الصحفية الورقيّة من الاشتراكات للضمان الإجتماعي لمدة زمنية تناهز عشر سنوات، كما اعفاء الصحف من باقي الرسوم بلدية كانت أو ومالية وغيرها.
ـ إلى ذلك، عبّر صحافيون عن حزنهم العميق لما آلت إليه أوضاع الصحف وما سيخلّفه أي إقفال من كارثة اجتماعية ومعيشية لمئات الصحافيين والمحررين والإعلاميين والعاملين في مجال الطباعة، وأطلق بعضهم هاشتاغ «السفير تطفىء شمعتها» وأرفقوه بتعليقات «الحزن كتير كبير… الغصة كتير عميقة… الصحافة تخسر علمها الأبرز»؟.
وكتب المستشار الإعلامي للرئيس نجيب ميقاتي فارس الجميّل أن يقرر ناشر صحيفة «السفير» الأستاذ طلال سلمان إقفال الجريدة فهذا القرار يطرح إشكالية اساسية تتعلق بمستقبل الصحافة اللبنانية، لا سيما وأن الأمر سينسحب، على ما يبدو، على عدد آخر من الصحف اللبنانية ووسائل الاعلام .
لكن المشكلة الأعمق في هذا الموضوع انسانية بحتة وترتبط بحال الزملاء وكل العاملين في المجال الصحافي، وبعضهم أفنى عمره فيه. فبين ليلة وضحاها يجد هؤلاء أنفسهم في قارعة الطريق، «يتنعم» عليهم أصحاب المؤسسات أو «يمننونهم» بدفع بدل اجازاتهم السنوية أو بمبالغ زهيدة لا تكفيهم لتأمين الحد الأدنى من قوت العيش، فيما الغالبية الساحقة من العاملين في هذا المجال، كما غالبية اللبنانيين، لديهم التزامات مالية لا ترحم وقروض للمصارف ينبغي تسديدها مهما حصل .
أنا لا أصدق حتى الآن كيف أن مؤسسات اعلامية عريقة حققت الكثير من النجاحات والأرباح على مدى سنوات تقفل فجأة وتتخلى بهذه السهولة عن «أسرتها الصحافية»، كما يحلو لأصحاب المؤسسات أن يسموا العاملين لديهم .اليوم «السفير» وغداً لا نعلم مَن، لأن الحبل على الجرار كما يبدو، وللأسف لا أحد يدافع عن حقوق العاملين والذين باتوا قولاً وفعلاً يجسّدون شعار السفير «صوت الذين لا صوت لهم».
المصدر: جريدة القدس العربي