في تصعيد مباغت، شنّ الإحتلال الإسرائيلي عدواناً واسعاً على الأراضي اللبنانية. آلاف الغارات في توقيت زمني متقارب زنّرت الجنوب اللبناني بكل قراه ومدنه، موقعة عشرات المدنيين. عائلات بأكملها استشهدت (قرابة 500 شهيد) ومن بقيّ تحمّل عبء النزوح القاسي.
استكمل المشهد بقاعاً مع عدوان اسرائيلي مشابه طال المدنيين وأرزاقهم. هكذا، أراد العدو فرض واقع عسكري واجتماعي وسياسي مخالف لما بعد 8 أكتوبر، وإعادة سكان المستوطنين الى الشمال الفلسطيني المحتلّ. لكن، حساباته أخطئت هذه المرة، واستمرت المقاومة على زخمها ودكها للداخل الإسرائيلي وعلى مسافات أعمق من ذي قبل، وإدخال نحو مليونيّ اسرائيلي الى الملاجىء، وإعلان الإحتلال حالة الطوارىء. الإعلام العربي الذي انتهج مساراً داعماً للإحتلال استكمله في الحرب العدوانية الإسرائيلية، وراح يتبنى سرديته وتبرير تجزيره بالمدنيين، الى جانب بث الحرب النفسية والتهويل بتحوّل لبنان الى غزة ثانية. وإظهار التفوق الإسرائيلي وقدرته على إضعاف المقاومة وترسانتها العسكرية.
الاعلامية زينب حاوي:
التباهي بالعدوان الإسرائيلي:
البداية مع تباهي الإعلام العربي بما اقترفه العدوان الإسرائيلي على لبنان في ساعات قليلة، وايقاعه لعشرات الشهداء . شبكة “العربية” السعودية تبنت الرواية الإسرائيلية. ففي تغطية خبرية لها تحت عنوان :”هجوم 23 سبتمبر الأكبر في تاريخ المواجهات مع حزب الله”. ادعت الشبكة بإن الإحتلال أقدم على ضرب مواقع عسكرية للمقاومة وان ما حصل يعدّ فقط “تمهيداً” لسلسلة أهداف اسرائيلية أخرى في الداخل اللبناني.
التهويل بتكرار سيناريو غزة:
لطالما دأب العدو طيلة الأشهر الماضية، على التهويل بتحويل لبنان الى غزة ثانية. ومع العدوان الإسرائيلي الغاشم يوم الإثنين، كررت هذه المنصات هذا التهويل. سنعرج على تقرير لشبكة “العربية” أيضاً المعنون :”مشاهد غزة تتكرر في لبنان..مخاوف من إعادة نفس السيناريو” يتحدث عن النزوح واستهداف المدنيين وارتقاء الشهداء وتربط هذه المشاهد بما حصل في غزة في بداية العدوان الإسرائيلي عليها
“حرب لبنان الثالثة”:
هل بدأت حرب لبنان الثالثة؟ ولأي مدى ستتسع خطوط النار؟ عنوان مقالة بحثية طويلة نشرتها “الجزيرة” في 24 الحالي. تخلص الى ان هناك خيارين امام اسرائيل للتعامل مع الجبهة اللبنانية، إما الإنخراط في حرب محدودة مع “حزب الله”، او خوض حرب شاملة ضد الحزب في محاولة لتدمير قدراته “بضربة حاسمة”. الهدف من اشعال الحرب، “إجبار حزب الله على فك الإرتباط بين جبهة لبنان وجبهة غزة، وهذا الأمر بحسب الشبكة “بعيد المنال” في ظل “التشابك بين الجبهتين” و”الثمن الباهظ للتراجع في الوقت الراهن”. تضيء المقالة على قدرات المقاومة العسكرية والمرونة التي تتمتع بها، خاصة بما يتعلق بمنصات الصواريخ وقدرتها على تحريكها وإعادة وضعها مما يجعل ” من الصعب على قوات الخصم تعقبها واستهدافها”. الى جانب طبيعة التضاريس اللبنانية التي يسهل فيها إخفاء هذه المنصات والإنتشار السريع لإطلاق الصواريخ والقذائف. تعرج المقالة على القدرة الصاروخية للمقاومة وامكانية استنفاذ القبة الحديدية وتحديها للتكنولوجيا الإسرائيلية في غضون ايام قليلة من القتال. وتختم بالإشارة الى ان لبنان بخلاف غزة ليس محاصراً ويتمتع بخطوط إمداد مفتوحة ما يعني أن “حرباً برية سوف تكون مستنقعاً حقيقياً تغرق فيه اسرائيل حتى أذنيها دون اي مخرج قريب”.
تضخيم نتائج العدوان:
مقابل الإضاءة والإعتراف بقدرات المقاومة في ظل الرقابة العسكرية المشددة على الجبهة الإسرائيلية وإخفاء الخسائر ووصول صواريخ المقاومة الى عمق مدن الإحتلال. لم تتوان المنصات العربية ومنها “الحدث” السعودية، عن التركيز على زوايا أخرى من التغطية والعمل على تضخميها نتحدث هنا عن ما اسمته “تهافت على المخابز” والوقوف في الطوابير هذا الأمر قد يكون جزئياً صحيح لكن لا يعكس المشهدية العامة. الى جانب التركيز على حركة النزوح العالية والتوجه الى محطات الوقود. ظواهر محدودة عُمل على تضخيمها بغية اظهار نتائج العدوان الإسرائيلي وما يمكن ان يفعله في الشعب اللبناني مع تجاهل اجرام الإحتلال وتجزيره بالمدنيين واعتبار ان هذا الاجرام يندرج ضمن “استهدافه لحزب الله”!.
المصدر: موقع المنار