قد يكون الإنسان يساري اليد، أو قد يوجد في دائرة أقربائة أو أصدقائه أو معارفه مَن يستخدم يده اليسرى أكثر من يده اليمنى في الأعمال اليومية والشخصية كالشرب والأكل والكتابة. لا فرق إن كانت يد الإنسان اليمنى أم اليسرى أقوى من اليد الأخرى، لكن قد يصادف يساريو اليد في الحياة اليومية أحيانا حالات غير مناسبة لهم، مثلا عند استخدام أدوات منزلية كالمقصات أو بعض ساعات اليد أو بعض الأفران وغيرها من الأدوات التي يتم تصنيعها لتكون مناسبة ليمينيي اليد غالبا، بحسب ما ينقل موقع لوتسيرنر تسايتونغ السويسري.
وتتراوح نسبة يساريي اليد في المجتمعات المختلفة بين 5 بالمائة وَ 25 بالمائة، كما أن نسبتهم بين الرجال أكثر منها بين النساء، بحسب ما تنقل وكالة الأنباء الألمانية.
يُعتقد أن يساريي اليد أكثر إبداعا من يمينيي اليد، مثل عملاق الموسيقى الكلاسيكية النمساوي موتسارت وعبقري عصر النهضة الأوروبية الموسوعي الرسام المهندس الجيولوجي والموسيقي النحات المعماري الإيطالي ليوناردو دافينشي ومصمم الأزياء الألماني الشهير كارل لاغر فيلد ومطرب الروك الأمريكي وعازف الغيتار البارز كورت كوبين. لكن كون هؤلاء الموهوبين مبدعين ليس دليلا أن يساريي اليد أكثر إبداعا من غيرهم. صحيح أن العلماء يرون أن النصف الإبداعي الأيمن للمخ يكون أكثر هيمنة لدى المتقنين للعمل بإيديهم اليسرى، لكن هذا لا يعني تلقائيا أنهم أكثر إبداعا من غيرهم، وفق ما ينقل موقع تي أونلاين الألماني الإلكتروني.
رغم أن الكثير من العلماء مثل الطبيبة الإشعاعية ماري كوري والعالم ليوناردو دا فينشي والفيزيائي إسحاق نيوتن كانوا يساريي اليد لكن الذكاء لا علاقة بالضرورة بهيمنة النصف المتحكم في أطراف الجسم اليسرى على الجسد. وقد استنتجت دراسات علمية عديدة أن متوسط نسبة الذكاء لا يختلف بشكل استثنائي بين يمينيي اليد ويسارييها.
غير أن هذه الدراسات وجدت أن القِيَم الإحصائية المتطرفة أكثر لدى يساريي اليد، مقارنةً بالقِيَم الإحصائية المتطرفة لدى يمينيي اليد. وهذا يعني أنه توجد نسبة كبيرة من الأطفال اليساريي اليد الموهوبين والمتميزين والمتفوقين في مادة الرياضيات مثلا. لكن في المقابل توجد كذلك نسبة مماثلة من الأطفال اليساريي اليد ممن لديهم صعوبات في التعلم أيضا.
كلٌ من لاعب كرة القدم الألماني من أصول تركية مسعود أوزيل ولاعبة كرة التنس التشيكية الأمريكية مارتينا نافراتيلوفا والملاكم الأمريكي النجم محمد علي والملاكم الألماني البارز هنري ماسكيه: جميعهم يُرُونَنَا أن يساريي اليد أكثر نجاحا في المسابقات الرياضية، بحسب ما تنقل وكالة الأنباء الألمانية. ولكن ما السبب؟
من الملاحظ أن نسبة يساريي اليد من بين اللاعبين الأبرز في العالم -ضمن مختلف المنافسات الرياضية- تتراوح بين 20 بالمائة وَ 55 بالمائة، أي أكثر من المتوسط لدى غيرهم، بحسب ما ينقل موقع تي أونلاين الألماني الإلكتروني. لكن النجاح الرياضي ليساريي اليد لا يعود إلى تفوقهم الدماغي في التفكير، بل إن السبب الحقيقي يُعزى إلى أن منافسيهم لا يستطيعون تقييم تحركاتهم الرياضية وتمييزها بدقة أثناء اللعب، ومن هذه الرياضات: الملاكمة والتنس والمبارزة وكرة القدم.
من الممكن التعرف على يساري اليد وهو طفل رضيع، بل وهو ما زال أيضا جنينا في بطن والدته ابتداءً من أسبوع الحمل الـ 15 بحسب دراسة أيرلندية. وأظهرت الدراسة أن جميع الأطفال الأجنة الذين كانوا يمُصّون إصبع إبهامهم الأيمن -وهم في بطون أمهاتهم- أصبحوا يمينيي اليد، في حين أصبح ثلثا الأطفال الأجنة الذين كانوا يضعون إصبع إبهامهم الأيسر في أفواههم -وهم في أرحام والداتهم- يساريي اليد. يشار إلى أن معظم الأطفال الرضع يميلون إلى التغيير في استخدام اليد اليمنى واليسرى ويثبتون على استخدام إحدى اليدين ابتداءً من سن الرابعة.
يشار إلى أن من علماء المخ والأعصاب من يرون أن يساريي اليد يدركون البيئة المحيطة بشكل مختلف عن يمينيي اليد، لأن النظرية القديمة تقول إن النصف الأيمن للمخ مسؤول عن الإبداع والعاطفة والتصور، وهو ما يجعلهم يقولون إن تفكير يساريي اليد أكثر تشابكية وتواصلية، في حين أن النصف الأيسر مسؤول عن أمور العقل والمنطق. لكن النظريات الحديثة لعلماء المخ والأعصاب لا ترى أنه يمكن الحديث عن فصل بين نصفي المخ، لأنهما مرتبطان بطريقة لا يمكن معها الحديث عن نصفين مستقلين للمخ، بحسب ما ينقل موقع تي أونلاين الألماني الإلكتروني.
لم يستطع العلم حتى الآن توضيح أسباب يسارية اليد وليس من المعروف بوضوح وبشكل تام إن كان سببها وراثيا. لكن ثمة حقيقة واقعة هنا، وهي أن من شأن الأمهات والآباء اليساريي اليد إنجاب أطفال يمينيي اليد. ومن جانب آخر تم ملاحظة أن العائلات التي يهيمن عليها يساريو اليد يكون الكثيرون من نسلها أيضا يساريي اليد. ومن المفاجئ أيضا وجود توائم يكون فيهم أحد التوأمين يميني اليد في حين يكون الآخر يساري اليد.
المصدر: dw.com