في كثير من الأحيان، يعزى تحدُّثك وحدك إلى الجنون، لكنه عكس ذلك أمر إيجابي.
لقد ثبت ذلك: فقد بيّنت عدة دراساتٍ مميزات التعبير الشفهي تجاه الذات، والتي بفضلها سترون هذه العادة بمنظور آخر.
التحدث مع النفس هو فعل تلقائيٌ طبيعيٌ، تذكر مجلة علم النفس أن الأطفال خصوصاً، هم من يميلون إلى ممارسة هذه العادة، وذلك بهدف تشجيع، وإراحة أو توبيخ ذاتهم.
يوضح الطبيب النفساني دومينيك دلماس أن الطفل ينقطع عن هذه العادة، فقط في فترة ما قبل سن المراهقة، عندما تتدخل الأنظمة الاجتماعية، حيث يدرك أنه لا يجب عليه القيام بذلك، فقد يصبح محط سخريةٍ، بعبارة أخرى لقد منعنا المجتمع من ممارسة هذه العادة.
بالنسبة لإيثان كروس، أستاذٌ في علم النفس في جامعة ميشيغان، فالكلام مهمٌ؛ إذ إنه “‘يسمح بالتقريب بين تجاربنا الخاصة‘”. ويضيف: “إننا قادرون على التفكير بشكل أكثر وضوحاً عندما نكون على مسافةٍ معينةٍ عن هذه التجارب‘”، ويؤكد الأستاذ إيثان أن الابتعاد عن مشاكل الأقرباء والناس المحيطين بنا يجعلنا نفكر بشكل أكثر وضوحاً، فلِم نلزم أنفسنا بإيجاد حل لمشاكلهم ما دمنا غير “عالقين فيها”؟!
هذا ليس كل شيءٍ، فقد أظهرت التجارب أيضاً أن التحدث بصوتٍ عالٍ يجعل العثور على الشيء المفقود أسهل.
يوضح مقتطَف من دراسةٍ أُجريت حول “الخطابات الموجهة ذاتياً وتأثيرها على أداء البحث المرئي”، التي أجراها غاري لوبيان ودانيال سوينجلي، في جريدة “Quaterly” لعلم النفس التجريبي، أن سماع كلمة “كرسي” مثلاً، قد يجعل مؤقتاً النظام البصري أفضل للكشف عن الكرسي بدلاً من مجرد التفكير فيه، ويشير تقرير الدراسة إلى أن البحث يصبح سهلاً عند التعبير عنه بصوت عالٍ؛ أي عندما يكون هناك “ارتباط قويٌ بين التسمية والهدف المرئي”.
قامت دراسةٌ أخرى، نُشرت في “بروسيديا-لعلوم السلوك الاجتماعي-Procedia – Social Behavioral Science”، بتحليل أثر التحدث مع الذات، أخذت هذه المرة كرة السلة كمثال. فقد كشفت الدراسة أن لاعبي كرة السلة كانوا أكثر كفاءةً من حيث السرعة عندما شجعوا أنفسهم بصوت عالٍ.
ووفقاً للطبيبة والمعالِجة النفسية لوري هوكس، فإن تحدث الشخص وحده هو “بمثابة مساندةٍ ذاتيةٍ”، وتضيف: “يتحدث بعضنا مع بعض بصوت عال عندما يتطلب عملنا اليقظة والدقة”. ويمكننا أن نستنتج أننا، بالتحدث إلى أنفسنا، فإننا نقدم لها، بطريقة ما، دعماً وتشجيعاً نفسياً، لإنجاز مهمةٍ ما.
وهكذا، يحدث أن يتحدث معظمنا بمفرده، تلقائياً، عندما نطبخ أو نقوم بنشاط يدويٍ (إصلاحٌ، رسمٌ، وما إلى ذلك…).
المصدر: هافينغتون بوست