لم تكن الجماعات المسلحة أسوأ حالاً مما هي عليه اليوم، فالهزائم الميدانية تلاحقها أينما حلت، في الريف الحموي والدمشقي والحلبي، وفي أي معركة تقرر خوضها، بسبب عوامل عدة، اولها المتغيرات الميدانية التي احدثتها انتصارات الجيش السوري والحلفاء على امتداد الجغرافية السورية.
وليس سراً أن هزيمة حلب التي جرت في مثل هذه الأيام من العام الماضي، كانت نقطة تحول في سوريا.
ثاني العوامل، تتعلق بالواقع الداخلي للجماعات، عبر عنها الإرهابي السعودي عبد الله المحيسني، القيادي البارز في جيش الفتح سابقاً، والمستقيل من هيئة تحرير الشام “جبهة النصرة”.
وتحدث هذا الرجل عن فقدان المسلحين لإرادة القتال، بسبب الصراعات الداخلية، التي أدت إلى مقتل الآلاف منهم، على امتداد عمر الأزمة، وبعد تخلي الدول الداعمة عنهم، خصوصاً الولايات المتحدة وتركيا والسعودية، فكل واحدة من هذه الدول غرقت في مشاكلها الداخلية، والجماعات التي دعمتها في الشام لم تحقق المطلوب منها، عسكرياً أو سياسياً.
وقال المحيسني إن آلاف المسلحين تخلو عن القتال، وتحولوا إلى التجارة، فقال عبر قناته على تلغرام “آلاف الأبطال من المجاهدين قعدوا، فهذا فتح بسطة مازوت وثاني يبيع في مطعم وثالث أكمل الدراسة ورابع في تركيا”.
لكن الأبرز فيما قاله المحيسني هو أن الجماعات المسلحة فقدت “حاضنة الجهاد”، وهذا ما يؤدي إلى انهائها بشكل كامل، إذا ما طابقنا كلام المحيسني مع “توجيهات” المنظر المعروف في تنظيم القاعدة “ابو مصعب السوري”، الذي اعتبر انه عندما تفقد الجماعات الحاضنة، فلا يمكنها العيش.
وقال ابو مصعب في محاضراته التي القاها تحت عنوان “إدارة تنظيم حرب العصابات” في مدينة خوست الأفغانية عام 1989، إن “جماهير الناس هي البحر الذي تتحرك فيه العصابات (السمكة)، وبدون وجود هذا البحر لا تستطيع السمكة أن تعيش”.
هذا الكلام استدعى ردا من المسؤول في جبهة النصرة المدعو “ابو عبد الرحمن”، واصفاً ما قاله المحيسني بـ “الجعجعة والتنظير الفارغ”، وقال إنه قبل “قبل اقتتال النصرة وحركة أحرار الشام، كانت غزوات الاخيرة على أبراج الكهرباء، … وبعد الاقتتال ارتاحت ابراج الكهرباء منهم”.
ما قاله ابو عبد الرحمن صحيح، ولكن ليس كل الحقيقة، وما أخفاه هذا الرجل هو أن معارك عدة دارت بين جماعته و”احرار الشام” كانت في الاساس صراعاً على “اشتراكات الكهرباء”، فكل جماعة تحاول الاستحواذ على اكبر عدد من المشتركين، وكان الطرفين يرى بالمدن والبلدات في ريف ادلب سوقاً تجارياً، فالسيطرة على مدينة ما، تضمن الاستحواذ على اكبر عدد من المشتركين.
ولم يتحدث ابو عبد الرحمن عن معارك “القمح”، التي جرت في الريف الحلبي والادلبي في رمضان الماضي، وكانت بهدف الاستيلاء على القمح من المزارعين، وبيعها لصالح الفصيل الذي يسيطر.
المصدر: الاعلام الحربي