يعتبر أكبر تحدى يواجه الأمهات هو سوء سلوك الطفل، ولكن معظمهم للأسف لا يبحث عن أسباب إساءة الطفل للتصرف، ويتوجه إلى البحث عن طريقة ما لوضع حدا لهذا السلوك وأحيانا تكون طرق البحث عن الحل تؤدى الى تفاقم المشكلة عندما لا يكون السبب واضح، إذا عرف السبب حلت نصف المشكلة، والنصف الآخر يكمن فى إيجاد طرق للخروج منها بسلام.
إذا ما هى أسباب إساءة سلوك الطفل ؟
1- خزان الحب الشعورى: هل خزان حب طفلك ممتلىء؟ يحدثنا غارى تشابمان فى كتابه “لغات الحب الخمس التى يستخدمها الأطفال” أن كل طفل لديه خزان شعورى يجب أن نملئه، و يسترسل فى شرح لغات الحب الخمس مثل الوقت النوعى ( تقضية وقت كيفى مع الطفل ) والتلامس الجسدى ( تقبيل وحضن ومسحة الرأس وغيرها على جسد الطفل ) و كلمات التوكيد (ترديد كلمات المدح والتشجيع على مسامع الطفل) و أعمال الخدمة ( مساعدة الطفل فى الأعمال البسيطة التى يحتاج إليها ) والهدايا ( تقديم الهدايا البسيطة للطفل )، لكل طفل لغة حب واحدة يتحدثها بوضوح ويشعر بحب والديه من خلالها، ولكن يجب أيضا أن نمارس اللغات الأخرى بجانب لغته ليمتلىء خزانه الشعورى، إسألى نفسك يوميا هل خزان حب طفلك أوشك على الإنتهاء ؟ ام أنه فارغ ؟
يحب الطفل بأسلوب ذاتى التوجه، فيحتاج للشعور بأنه محبوب بصورة غريزية، وليس بأسلوب المقايضة التى تتبعه بعض الأمهات ” سوف أحبك اذا فعلت كذا “، فاهتمامه الوحيد هو حب والديه غير المشروط، وعندما يكون خزان شعوره فارغا أو قارب على النفاذ ربما يسىء التصرف ليسأل والديه بشكل غير مباشر هل مازلتم تحبوننى؟ فاختبار حبنا له هو طريقه للأمان.
أعط طفلك حبًا غير مشروط بأفعاله، أبلغه بحبك بالكلام المستمر و بالأفعال ” مثل القبلات والأحضان” ولا تقارنه بأي من أقربائه أو أقرانه، طفلك طفل مميز و أنت تحبه لإنه طفلك بغض النظر عن تصرفاته و سلوكياته الخاطئة.
2- المشاكل الصحية: أظهرت دراسة أن ثانى أكثر سبب شيوعا لسوء السلوك هو المشاكل الصحية، فجميع الأطفال يعانون من آلام فى جسدهم مع اختلاف سببها، وكلما كان الطفل أصغر سنا كلما زاد احتمال سوء سلوكه، فنجد أن 40 % من الأطفال والمراهقين يعانون من آلالام مرة واحدة اسبوعيا على الأقل، و 20% من الأطفال الذى يبلغ عمرهم بين الخمسة أعوام و السبعة عشر يعانون من آلالام الصداع المتكرر، وأكثر من ثلث الأطفال يشتكون من آلالام فى البطن تستمر لمدة اسبوعين أو أكثر، وفى الواقع المشاكل الجسدية لها منظوران جسدى ونفسى فى مخ الأطفال، فكل طفل له إدراك حسى للألم يختلف عن باقى الأطفال، تأكد من أن طفلك لا يعاني من أي مشاكل صحية، مثل الأنيميا أو الضعف العام أو سوء التغذية أو حتى الأمراض العادية مثل البرد، إذا كان طفلك منزعج بسبب سوء حالته الصحية فهذا يعني أن سلوكه سيزداد سوءًا بشكل طردي، تعامل برفق و اكتشف المشكلة.
3- اختبار الحدود : يسيىء الطفل السلوك أحيانا لأنه يختبر حدوده فى المنزل، فالطفل بطبيعته يحب الروتين ووضع القواعد فى نصابها ولكنه يختبر هذا بإستمرار، يريد أن يعرف مقر السلطة ويستوضح قواعد المنزل، بالطبع تذكرت طفلك ذو العامين وهو يصفعك على الوجه وينظر مبتسما، فهو بهذا التصرف يختبر حدوده معك، منتظرا منك توضيح القاعدة التى تقول ” ممنوع الضرب ” بصوت حازم ومنخفض، هكذا بكل بساطة فى كل مرة يسىء السلوك عليك أن توضح القاعدة دون ردع وتهويل وشكوى، ولكن من المهم أن تعرف أنه لم يكف عن ذلك مطلقا لأن القشرة الجبهية فى مخه المسئولة عن التحكم فى تصرفاته لم تنضج بعد، ولكن إرساء القواعد بالتأكيد سيساعده على تخطى مثل هذه الممارسات فى الكثير من الأوقات، ضع مجموعة من القواعد البسيطة الواضحة و القصيرة و المناسبة لعمر طفلك على سبيل المثال” ممنوع الضرب”
٤- الإحتياج للاستقلال: إذا أكثر طفلك من قول لا، و تزايدت لديه نوبات الغضب و رفض القوانين المتفق عليها مسبقًا، ورفض كل ما تأمره به فهذا يعني أن هذا الطفل بحاجة “لمزيد” من الاستقلال، إحتياج الطفل للاستقلال كاحتياجه للماء والطعام، فهو يولد بإحتياج فطرى لإنفصاله عن أمه فى العديد من المراحل تبدأ من استقلاله فى الطعام بعيدا عن ثدييها مرورا باستقلاله فى المشى والملبس واستخدام أدوات البيت واتخاذ القرارات، فالطفل يولد ليستقل، ولكن اتباع اسلوب القمع والسيطرة الفجة من بعض الآباء والأمهات تجعل الطفل يسىء السلوك، فبسوء سلوكه يطلب حقه الطبيعى فى الإستقلال، معلنا عصيانه على أبويه، عندها يشعر الطفل بأنه كالدمية التى لا طائل منها ويحارب من أجل الحصول على حريته، أعط طفلك الكثير من الحرية و الانطلاق، و ساعده على استكشاف العالم المحيط به، كلما شعر طفلك باستقلاليته و قدرته على إدارة أموره بنفسه كلما أحسن التصرف و قلت احتجاجه على “انعدام استقلاليته”.
المصدر: هافينغتون بوست