شدد سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: على أن الإيمان بقضية الإمام المهدي (عج) يحي الأمل في النفوس, ويعيد الثقة بها, الأمل بالإنتصار, والأمل بزوال الإحتلال والإرهاب، والأمل بقهر الظّلم والجور وهزيمة الإستكبار في العالم.
وقال: المقاومة الإسلامية في لبنان كانت ولا تزال تواجه الصهاينة والتكفيريين بهذا الأمل وبهذه الثقة, وتقاتل بهذا الأمل وبهذه الثقة, وتتحرّك بهذا الأمل ومن خلال هذه الثقة, وقد أثبتت خلال كل مراحل الصّراع ومن خلال الإنجازات والإنتصارات الّتي حقّقتها على العدوّين الإسرائيلي والتكفيري, أنّ إسرائيل قوّة مزيّفة, وأنّها تقهر وتهزم, بل أنّها أوهن من بيت العنكبوت, وها هي اسرائيل تعيش القلق والرّعب والخوف اليوم من تعاظم قدرات المقاومة, كما أنها أثبتت أنّه يمكن إلحاق الهزيمة بالتكفيريين الإرهابيين والعمل على إستئصالهم من المنطقة.
وأعتبر أن السبب في الحرب على المقاومة, هو أنّ هذه المقاومة استطاعت إلحاق الهزيمة بإسرائيل وبالتكفيريين الّذين جاؤوا بهم من كل العالم لمواجهة حزب الله, ولذلك هم يحاولون تشويه صورتها وحصارها والتضييق على جمهورها وبيئتها ومؤيّديها وأهلها وشعبها.
ورأى أن قانون العقوبات المالية الأمريكيّ الّذي يتمّ الحديث عنه هذه الأيام, يأتي في هذا السّياق, في سياق الحرب على المقاومة وحزب الله, وفي سياق المحاولات المتواصلة وبأشكال مختلفة لتأليب النّاس على المقاومة وإبعاد النّاس عن حزب الله وتجفيف منابعه الشعبيّة.
وأشار الى أن أعداء المقاومة كانوا يراهنون على الإنتخابات البلدية بأن تكون نسبة المشاركة في مناطق حزب الله ضعيفة, حتّى يشعر حزب الله أنّه بلا جمهور وبلا حاضنة داخليّة, وحتّى يصوّروا للعالم بأنّ حزب الله بات يفقد الحاضنة الوطنية والغطاء العربي والإسلامي, لكن جاءت نسبة المشاركة في إنتخابات البقاع وفي إنتخابات جبل لبنان وفوز اللّوائح المدعومة من قِبَل حزب الله في البقاع والضّاحية بالكامل مفاجئة لهم, وأثبتت الإنتخابات في البقاع وجبل لبنان أنّ جمهور المقاومة ألّذي طالما كان وفيّاً معها ووفية معه, لا زال ملتزماً خيار المقاومة ومصرّاً على الوقوف إلى جانبها, وإنّ كلّ محاولات التفكيك بين المقاومة وجمهورها وأهلها ستبوء بالفشل و سيصاب المراهنون على ذلك بالخيبة والخسران وسيزدادون خيبةً و خسراناً في إنتخابات الجنوب القادمة إن شاء الله تعالى .
نص الخطبة
نبارك لكم جميعاً ولكل المؤمنين ذكرى ولادة منقذ البشرية, بقية الله الأعظم في الأرض, الإمام الحجّة محمد بن الحسن المنتظر(عج) في الخامس عشر من شهر شعبان المعظيم.
روٍيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: لو لم يبقَ من الدّهر إلا يوم، بعث الله رجلاً من أهل بيتي يملؤها عدلاً كما ملئت ظلماً.
قضية الإمام المهدي (عج) قضية إسلامية ثابتة وراسخة في عقول وقلوب المسلمين من خلال آلاف الأحاديث التي لا تقبل الإنكار والتأويل, وقد أجمع علماء المسلمين من الشيعة والسّنة -إلا من شذّ منهم- على التأكيد على هذه القضية, وأنّ الله يبعث في آخر الزمان رجلاً إسمه كإسم محمد(ص) وكنيته ككنيته, يعيد إحياء الدين واستنهاض الأمّة, ويزيل الظّلم و الجور, وينشر العدل والحقّ في العالم.
إذاً القضية ثابتة ولا نقاش في أصل ثبوتها, نعم, هناك نقاش في التفاصيل كالنقاش الوارد في كثيرٍ من المسائل العقائدية.. النقاش والخلاف وقع في أن الإمام المهدي(ع) ولد فعلاً أم أنه سيولد في المستقبل؟ فالشيعة الإمامية يقولون: بأنه ولد فعلاً, وأنه إبن الامام الحسن العسكري(ع), وأن له غيبتين , صغرى وكبرى, وسيخرج عندما يأذن الله له بالظهور.
و لكن السؤال الذي يطرح في هذا المجال, لماذا التأكيد على الإيمان بهذه القضية و الدّعوة إلى الإلتزام بها؟.
هناك معطيات ونتائج كبيرة وعظيمة للإيمان بقضية الإمام المهدي (عج) لا نستطيع أن نتحدّث عنها كلّها في هذه الخطبة و لكن سأتحدّث عن أهمّها.
من أهم معطيات ونتائج الإيمان بالإمام المهدي (عج) ومشروعه التغييري الشامل ودولته الكبرى، هو إحياء روح الأمل في النفوس.
فالإيمان بالمهدي(ع) يحي الأمل في نفوس الشّعوب و الأمّة الإسلامية و يعطيها الثقة بالنفس، ويقضي على اليأس والإحباط و القنوط, ويمنح الأنسان الصبر والثّبات والصّمود مهما كان حجم الضغوط، ويجعل الإنسان قادراً على المواجهة و المقاومة.
الإيمان بالإمام المهدي (عج) يمنح الشّعوب الأمل بالتغلّب على المصاعب والمصائب والألام والنّكسات والمعاناة التي تصيبها نتيجة الفتن والمِحَن والطغيان والإحتلال والإرهاب الّذي يضرب العالم.
قضية الإمام المهدي (عج) تعطي الإنسان المسلم والأمّة الإسلامية الأمل بالتخلّص من هذه الفتن والمحَن و لإستكبار والطغيان والإحتلال والإرهاب الّذي ينتشر في المنطقة و يدمّر كلّ شيء.
الإيمان بالمهدي (عج) يعيد للأمّة ثقتها بنفسها خصوصاً إذا سيطر عليها اليأس والإحباط نتيجة المصاعب والمشاكل والمؤامرات التي تتعرض لها.
الإعتداء على الشّعوب والتآمر عليها يستهدف في الأصل ثقة الشّعوب بنفسها، العدو يريد أن ينزع ثقة الشّعوب بنفسها, يريد أن يُشعِرها بأنّها لا تستطيع فعل شيء أمامه، يريد أن يهزمها نفسياً, ويبث اليأس والإحباط والقنوط في نفوس أبناء الأمة, لذلك لا بدّ من وجود جذوة اأمل في النّفوس وبصيص ضوء في النفق المظلم حتى تستطيع الشعوب أن تخرج من حالة اليأس التي تعيشها, والإيمان بالإمام المهدي (عج) يمنح هذا الأمل ويعطي هذا الضوء, يُبقي روح الأمل حاضراً في نفوس المؤمنين الّذين مع كلّ ما يتعرضون له من فتن و محن و إبتلاءات يثقون بنصر الله سبحانه, وأن العاقبة للمتّقين, وأنّ الباطل والإستكبار والطّغيان والظّلم والإستضعاف والإرهاب إلى زوال، وإنّ الحقّ هو الّذي سيظهر وينتصر في نهاية المطاف, وأنّه مهما كان الظّلم قاسياً والظّروف صعبة والإستكبار مهيمناً فإنّ المؤمنين الصالحين هم من سيرث هذه الأرض (و لقد كتبنا في الزبور من بعد الذّكر أنّ الأرض يرثها عباديَ الصالحون) (وقالوا الحمدلله الّذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوّأ من الجنّة حيث نشاء ونعم أجر العاملين).
الإعتقاد بالإمام المهدي (عج) يجعل الإنسان المسلم يفهم عمق هذه الآيات وغيرها من الآيات التي تعِدُ المؤمنين وتبشرهم بالنصر والسيطرة والنفوذ في هذا العالم.
يقول تعالى: ( وَعَدَ الله الّذينَ آمَنواْ مِنكُم و عَملُواْ الصّالٍحات لَيسْتخلفنهم في الأرضٍ و لٍيُمكٍنَنّ لَهُم دينَهم الّذي ارْتَضى لَهم وَ لَيبَدلنّهم مٍنْ بَعدِ خَوفِهم أمْناً يعبُدوْنَنِي لا يُشْرِكونَ بِي شَيْئاً). ففي الروايات أنّ ذلك يكون عند قيام القائم من آل محمد (عج).
ويقول تعالى: (هُوَ الّذي أرسَلَ رَسولَهُ بِالهُدَى وَدِيْنِ الحَقّ لِيُظْهرَهُ عَلى الدّينِ كُلّهِ وَ لَوْ كَرِهَ المُشْرِكونْ) فمتى يظهر الله دينه على بقية الأديان؟ عند قيام القائم من آل محمد(عج).
وعن الباقر (ع): عندما سُئل عن تأويل قوله تعالى: (وقاتلوهم حتّى لا تكون فتنة ويكون الدين كلّه لله) قال: لم يجىء تأويل هذه الآية، فإذا جاء تأويلها يقتل المشركون حتى يوحدوا الله عزّ وجل وحتّى لا يكون شرك ذلك عند قيام قائمنا.
و عن الصّادق (ع) في قوله تعالى: ( وَ لَهُ أسْلَمَ مَنْ فِي السّماوَاتِ وَ الأرْضَ طَوْعاً وَ كَرْهاً) قال إذا قام القائم المهدي (عج) لا يبقى أرض إلا نودي بها بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
هذا هو الأمل الذي يمنحه الإيمان بالمهدي(ع).. الأمل بسيادة الإسلام على الأديان كلها, والأمل بالقضاء التام على الطغيان والإستكبار والإرهاب مهما علا المستكبرون في الأرض ومهما امتلكوا من أسباب القوة ومهما تمادوا في وحشيتهم وقتلهم ومجازرهم وإرهابهم.
وقضية الأمل من القضايا المهمة في حياة الشعوب, نحن بحاجة على الدوام وبشكل مستمر الى الأمل والثقة بالنفس والشعور بالقدرة على التغيير والإنتصار, خصوصاً بعدما استطاع العدو بثّ روح الهزيمة واليأس في النّفوس، خصوصاً في هذه المنطقة وبين شعوب وأبناء هذه المنطقة, فقد استطاع الإستكبار العالمي أن يزرع الكيان الصهيوني في قلب منطقتنا على أرض فلسطين ودعمه بالسّلاح و المال والسياسة والتكنولوجيا وبكلّ أسباب القوّة, وحاول العدو أن يقنعنا بأنّ إسرائيل قوّة لا تقهر, وأن لا أحد من العرب يمكنه محاربتها أو مقاومتها والإنتصار عليها وإلحاق الهزيمة بها.. وأنه ليس أمام الشعوب والحكومات والدّول العربية والإسلامية سوى خيار التفاوض والدّخول مع إسرائيل في عمليّة سّلام!.
لقد عمل المستكبرون على ترسيخ هذه الفكرة لدى شعوب المنطقة طويلاً, عملوا أكثر من ستين سنة حتى يقولوا لنا أنّه ليس باستطاعتكم إلحاق الهزيمة بالصّهاينة, ولن تستطيعوا أن تحرّروا أرضكم، قالوا لنا أنتم ضعفاء!؟ أنتم عاجزون؟! أنتم لا تملكون القدرة على مواجهة هذا العدو؟! هذا العدو هو قوّة أسطورة! وهو متفوّق عليكم على كلّ المستويات! وهو تتعهده القوى الكبرى في العالم، يقولون كلّ هذا.. حتّى يثبتوا في نفوس شعوب المنطقة اليأس والإحباط و الشّعور بالعجز وثقافة الهزيمة بدل ثقافة المقاومة والإنتصار, حتّى نقبل بهذا الكيان وحتى نذعن بأنّ الطّريق الوحيد لحلّ المشاكل والأزمات في المنطقة هو القَبول بهذا الكيان, وإقامة تسويات معه على حساب أمّتنا و مقدّساتنا, والقَبول بشروطه المذِلة.
لقد عملت على هذه الثقافة مراكز دراسات وأجهزة إستخبارات عالمية وأنظمة حكم وجامعات ومؤسّسات تربويّة ووسائل إعلام ونُخَب ومثقّفون وحتى علماء دين من أجل تخدير الأمّة, ونزع الثقة من نفوس أبنائها, وإشعارها باليأس والإحباط والعجز وعدم القدرة على فعل شيء.
ولذلك خلال بعض المراحل فَقَدَ الكثير من أبناء الأمة الأمل باستعادة الأرض المحتلّة و دخل اليأس في نفوسهم وأصبح البعض يردّد إسرائيل قوّة لا تقهر وأنه ليس لنا القدرة على الدخول في حرب معها, وأن الخيار الوحيد هو الإعتراف بها و الدّخول في عملية السّلام , ولذلك تسارع بعض الأنظمة العربية المتهالكة اليوم الى التطبيع مع اسرائيل وتسعى لإقامة علاقات معها . و البعض اليوم يقول نفس الشيء في المواجهة مع التكفيريين الإرهابيين, حيث يقول البعض لنا: أنتم لا تستطيعون مواجهة هذه الجماعات واستئصالها والقضاء عليها لأنها تتوالد بكثرة ومدعومة من جهات اقليمية ودولية!.
هنا يأتي دور الإيمان بالمهدي (عج) هذا الإيمان الّذي يوقد و يحيي الأمل في النفوس,ويعيد الثقة بها, الأمل بالإنتصار, والأمل بزوال الإحتلال والإرهاب، الأمل بقهر الظّلم و الجور وهزيمة الإستكبار في العالم.
المقاومة الإسلامية كانت ولا تزال تواجه الصهاينة والتكفيريين بهذا الأمل وبهذه الثقة, وتقاتل بهذا الأمل وبهذه الثقة وتتحرّك بهذا الأمل ومن خلال هذه الثقة, الثقة بوعد الله الذي لا يخلف وعده.
وقد أثبتت المقاومة خلال كل مراحل الصّراع ومن خلال الإنجازات والإنتصارات الّتي حقّقتها على العدوّين الإسرائيلي والتكفيري, أنّ إسرائيل قوّة مزيّفة, وأنّها تقهر وتهزم, بل أنّها أوهن من بيت العنكبوت, وها هي اسرائيل تعيش القلق والرّعب والخوف من تعاظم قدرات المقاومة, كما أن المقاومة أثبتت أنّه يمكن إلحاق الهزيمة بالتكفيريين الإرهابيين والعمل على إستئصالهم من المنطقة.
واليوم لأنّ هذه المقاومة استطاعت إلحاق الهزيمة بإسرائيل وبالتكفيريين الّذين جاؤوا بهم من كل العالم إلى هذه المنطقة لمواجهة حزب الله وإيران ومحور المقاومة, يحاولون تشويه صورتها وحصارها والتضييق على جمهورها وبيئتها ومؤيّديها وأهلها وشعبها, وقانون العقوبات المالية الأمريكيّ الّذي يتمّ الحديث عنه هذه الأيام, يأتي في هذا السّياق في سياق الحرب على المقاومة وحزب الله, وفي سياق المحاولات المتواصلة و بأشكال مختلفة لتأليب النّاس على المقاومة وإبعاد النّاس عن حزب الله وتجفيف منابعه الشعبيّة, وكانوا يراهنون حتّى على الإنتخابات البلدية بأن تكون نسبة المشاركة في مناطق حزب الله ضعيفة, حتّى يشعر حزب الله أنّه بلا جمهور وبلا حاضنة داخليّة, وحتّى يصوّروا للعالم بأنّ حزب الله بات يفقد الحاضنة الوطنية والغطاء العربي والإسلامي, لكن جاءت نسبة المشاركة في إنتخابات البقاع وفي إنتخابات جبل لبنان وفوز اللّوائح المدعومة من قِبَل حزب الله في البقاع والضّاحية بالكامل مفاجئة لهم, وأثبتت الإنتخابات في البقاع وجبل لبنان أنّ جمهور المقاومة ألّذي طالما كان وفيّاً معها ووفية معه, لا زال ملتزماً خيار المقاومة ومصرّاً على الوقوف إلى جانبها, وإنّ كلّ محاولات التفكيك بين المقاومة وجمهورها وأهلها ستبوء بالفشل وسيصاب المراهنون على ذلك بالخيبة و الخسران وسيزدادون خيبةً و خسراناً في إنتخابات الجنوب القادمة يوم الأحد إن شاء الله تعالى .