نصر مزدوج حققته المقاومة الاسلامية في العملية التي اطلقتها ضد “جبهة النصرة” الارهابية في جرود عرسال: الاول تمثل بتحرير كامل جرود البلدة اللبنانية، والثاني بتحرير الاسرى من المقاومين وجثامين الشهداء الذين كانت تحتجزهم الايادي الارهابية، نصر المقاومة فتح شهية اللبنانيين على تحرير كامل اراضيهم من الاحتلال التكفيري، فبات الجميع من مختلف الاطياف والتيارات والانتماءات وعلى اختلاف مواقفهم السياسية يشدون على يد الجيش اللبناني ويقفون خلفه في العملية المنتظرة ضد تنظيم “داعش” الارهابي.
ولا فرق بين التيارات مع من كان يرفض اعطاء الضوء الاخضر سابقا للجيش كي يحرر الاراضي المحتلة من الارهابيين وبين من قدم وساند الجيش والقوى الامنية في كل المراحل بوجه الاخطار والاعتداءات المختلفة، فالجميع يؤيد والاصح انه لا يمكن بعد اليوم ان يقف احد بوجه الارادة اللبنانية في مكافحة الارهاب ايا كانت تسميته او شكله او الجهة التي تدعمه وتموله، فالوقائع أثبتت الحاجة والضرورة للقيام باستئصال الوجود العسكري للجماعات الارهابية من اراضينا مع بقاء العيون شاخصة لاي محاولة لخرق الامن اللبناني ومحاولة المساس بالاستقرار الداخلي عبر خلايا امنية نائمة في أي منطقة لبنانية، فالخرق الامني يبقى محتملا رغم ان لبنان والاجهزة المعنية تبذل الكثير من الجهد وهي نجحت في كثير من المحطات في تعطيل مفعول المحاولات الاجرامية لتكفيريين.
التمسك بالمعادلة الثلاثية..
والحقيقة ان التكامل والتعاون بين الجيش والشعب والمقاومة تجلى في أبهى حلله خلال الفترة الراهنة سواء منذ ما قبل البدء بمعركة تحرير جرود عرسال وحتى اليوم، ومن المتوقع ان يرتفع منسوب التمسك بهذه المعادلة التي تتحول يوما بعد يوم من معادلة عادية الى ذهب خالص بل الى معادلة ماسية مرصعة بأبهى معاني الوحدة الوطنية والعيش الواحد في كنف لبنان الجامع لكل المواطنين، ما يؤكد انه لا يمكن لاي صوت ناشز ان يؤثر على الرؤية اللبنانية الثاقبة في الحفاظ على هذا الكيان عندما تتهدده الأخطار، والكلام هنا ليس للشعارات وانما هو واقع ويكفي التدقيق البسيط بما يجري حتى ندركه جيدا، وإلا كيف نفهم هذا التلاحم بين الناس في عدة مناطق على الرغم من الاختلاف السياسي على العديد من القضايا؟ وهذا ما يؤكد رجاحة العقل اللبناني وانه قادر على التمييز بين الاخطار المحدقة وبعض الخلافات السياسية هنا وهناك التي لا تفسد في الود قضية وهذا يؤكد انه قادر على حكم وطنه بأجمل الصور بما يؤدي الى بناء دولة صالحة قوية تحضن الجميع تحت سقف القانون لان من لديه هذه القدرة على تحديد التوقيت الدقيق للخطر والتعالي على الخلافات بالتأكيد لديه القدرة على تحديد مسؤولياته الوطنية وتشخيص أين مصلحته الوطنية من دون الاستماع لكل المغرضين الذي يحاولون بث الفتن بين اللبنانيين انطلاقا من مصالحهم الضيقة.
المصير المحتوم..
وبالعودة الى معركة تحرير باقي الجرود اللبنانية من تنظيم “داعش” الارهابي يبقى السؤال هل يكابر هذا التنظيم أم انه فهم الرسالة اللبنانية جيدا وسيعمل على الالتحاق بارهابيي “جبهة النصرة” الذين استغلوا الملاذ الاخير بالخروج الى سوريا قبل الاطباق عليهم ومواجهة الموت المحتوم المحسوم في الجرود؟ هل سيحاول التنظيم التخفيف من خسائره وقتلاه ويبحث عن مكان يلجأ اليه في سوريا؟ ولا ننسى ان “النصرة” حاولت المكابرة في بداية معركة عرسال قبل ان تعرف حجمها وتقدر مدى الهزيمة القاسية التي لحقت بها وتدرك ان لا مجال للبقاء طالما ان الموت قادم اليها من فوهة بنادق المقاومين؟ فهل يتكرر السيناريو مع “داعش” قبل ان يدرك ان الهرب انفع له من المكابرة؟ خاصة ان لدى “داعش” فرصة واضحة وتجربة حية حصلت مع ارهابيي النصرة وعلى قيادته التي طالما تحاول التذاكي ان تستفيد منها للخروج قبل اخراجها بذل، وبكل الاحوال لا مجالات كثيرة ولا فرص متاحة امام الارهاب ايا كان شكله واسلوبه وتسميته، فهؤلاء يملكون مشاريع لا حياة لها، مصيرها ومصيرهم الرحيل.
عناصر قوة لبنان..
لذلك على “داعش” ان يبحث عن جهة مفاوضة تحاول انقاذه من المأزق الذي وجد نفسه فيه بعد ان بات وحيدا بمواجهة لبنان بجيشه وشعبه ومقاومته، ونار هذه المعادلة ستحرقه وتخرجه من ارضنا عاجلا ام آجلا، والتحية الأولى هنا ترفع لكل شهداء الجيش والمقاومة الذين بفضل تضحياتهم وتضحيات الجرحى والمقاومين وصلنا الى ما نحن عليه في حماية لبنان بوجه كل المعتدين سواء من الصهاينة او من التكفيريين، خاصة اننا في زمن النصر المتجدد هذه الايام حيث تعود الى الذاكرة مشاهد انتصارات تموز وآب 2006 والانجازات التي تحققت على أرض الجنوب والبقاع، لتتلاقى مع الانجازات المميزة هذه الايام ودائما بفضل عناصر قوة لبنان من شعب وجيش ومقاومة.
غرافيكس: وسيم صادر
المصدر: موقع المنار