الحكومة اللبنانية تبدأ عملها.. ملفات وطنية ومعارضة من قبل التيار الوطني – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الحكومة اللبنانية تبدأ عملها.. ملفات وطنية ومعارضة من قبل التيار الوطني

مجلس النواب اللبناني
حنين الموسوي

أما وقد حازت حكومة الرئيس نواف سلام على الثقة في المجلس النيابي، فمن البديهي أن تباشر مسيرتها في “الإنقاذ والإصلاح”، شعارها الذي استهلت به عهدها، ولا سيما أنها نالت ثقة 95 نائبًا من أصل 128، ما يمنحها زخمًا سياسيًا ينبغي أن تحسن استثماره.

الأنظار شاخصة اليوم نحو الحكومة، إذ إنها أمام امتحان عسير لا يقتصر على تنفيذ بيانها الوزاري فحسب، بل يمتد ليشمل كسب ثقة اللبنانيين الذين أنهكتهم الأزمات. والسؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح: هل ستتمكن الحكومة من تحويل هذه الفرصة الذهبية إلى إنجازات ملموسة، أم أنها ستُضاف إلى قائمة الحكومات التي أخلفت الوعود وأثقلت كاهل البلاد بالمزيد من الإخفاقات؟

بحسب المحلل السياسي الدكتور مخائيل عوض، فإن هذه الحكومة تقف عند مفترق طرق تاريخي، إذ إنها تحظى بدعم استثنائي، لا سيما من حزب الله، إلى جانب تأييد عدد كبير من النواب، وهو امتياز لم تحظَ به أي حكومة أخرى في السنوات الأخيرة. ومن هذا المنطلق، فإن مسؤوليتها مضاعفة، وفرص نجاحها مرهونة بقدرتها على تلبية تطلعات الشعب وإنجاز الملفات العالقة.

وفي مقابلة مع موقع “المنار” الإلكتروني، وجّه عوض نداءً صريحًا إلى الحكومة، محذرًا من السقوط في امتحان الوطنية، وداعيًا إلى الحفاظ على السيادة والكرامة، فالشعب اللبناني، وفي طليعته المقاومة وقاعدتها الاجتماعية، دفع أثمانًا باهظة في سبيل صونهما، وهي تضحيات تكفي للدفاع عن كرامة أمة بأسرها، لا عن لبنان فحسب.

أبرز ما جاء في البيان الوزاري للحكومة اللبنانية

إعادة الإعمار.. محكّ وطني واجتماعي

على صعيد آخر، تُعدّ إعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان اختبارًا حقيقيًا للحكومة والعهد، إذ لا مجال للتراخي أو التعاطي معه كملف ثانوي، بل ينبغي أن يتصدّر الأولويات المطلقة. وفي هذا الإطار، شدّد عوض على أن الظروف مهيأة اليوم لإنجاز عملية الإعمار، وإعادة بناء ما خلّفه العدوان من دمار، خصوصًا في ظل الاستعداد الإيراني للإسهام في هذا المشروع بشكل جاد وفعلي، في وقت تبدو فيه المساعدات الدولية والعربية شحيحة، إن لم تكن غائبة تمامًا.

وأشار عوض إلى أن الحكومة أمام تحدٍّ مصيري يتطلب منها خطوات جريئة وسريعة، داعيًا إياها إلى توفير المناخ القانوني والإداري اللازم لتسهيل دخول الأموال والمعدات، وإتاحة المجال أمام الجهات الراغبة في المساعدة، لئلا تصبح الحكومة نفسها عائقًا أمام الإعمار، خاصة إذا كانت عاجزة ماليًا، أو إذا كان التمويل الخارجي مشروطًا بشروط تمسّ السيادة والكرامة الوطنية.

أموال المودعين.. حق مسلوب وأولوية ملحّة

أما ملف أموال المودعين، فليس ترفًا سياسيًا ولا وعدًا انتخابيًا يمكن تأجيله، بل هو استحقاق لا يقبل المماطلة، لا سيما بعد أن أدرجته الحكومة ضمن التزاماتها في بيانها الوزاري. وفي هذا السياق، رأى عوض أنه إذا كانت الحكومة جادة في تحقيق الإصلاح، فعليها أن تضع هذا الملف في صدارة اهتماماتها، وأن تسعى جديًا إلى استعادة حقوق المودعين، بدلاً من تركهم ضحية الإهمال والتسويف.

وأضاف أن استمرار التباطؤ في هذا الملف يزيد من معاناة اللبنانيين، ويؤجج حالة الغضب الشعبي، ما يجعل من الضروري وضع خطة واضحة المعالم لاسترداد الأموال، وإصلاح النظام المالي، ومحاربة الفساد المستشري، حتى لا يكون الإصلاح مجرد شعارات جوفاء لا تجد طريقها إلى التنفيذ.

تواجه الحكومة تحديات جسامًا، لا تحتمل التأجيل ولا التسويف، وفي مقدمتها:
– تعزيز السيادة الوطنية، وفرض الانسحاب الإسرائيلي، ووقف الاعتداءات المتكررة.
– إعادة الإعمار، وتأمين مصادر تمويله بعيدًا عن الإملاءات الخارجية المجحفة.
– استعادة أموال المودعين، وإعادة الحقوق إلى أصحابها دون مماطلة أو تسويف.

التيار الوطني الحر نحو المعارضة

وعلى الرغم من الدعم الكبير الذي حظيت به الحكومة، فإن التيار الوطني الحر، أحد أبرز اللاعبين في المشهد السياسي اللبناني، اختار التموضع في “المعارضة الإيجابية”، كما أعلن رئيسه النائب جبران باسيل، في موقف يعكس تباينًا في الرؤى بشأن آلية تشكيل الحكومة وتوزيع الحقائب الوزارية.

وفي حديث لموقع “المنار”، كشف الوزير السابق سيزار أبي خليل أن التيار الوطني الحر لم يكن راضيًا عن الأسلوب الذي اعتمد في تشكيل الحكومة، معتبرًا أن هناك محاولة ممنهجة لتهميش القوى السياسية الفاعلة، على الرغم من شرعيتها المستمدة من تفويض شعبي واضح حصلت عليه في الانتخابات النيابية.

وأضاف أن هناك حملة مغرضة تستهدف النواب والسياسيين، وكأن العمل السياسي أصبح تهمة، متناسيًا أصحابها أن الديمقراطية تقتضي احترام إرادة الشعب، الذي تنص مقدمة الدستور بوضوح على أنه “مصدر السلطات وصاحب السيادة، يمارسها عبر المؤسسات الدستورية”، وأول هذه المؤسسات هو مجلس النواب، الذي يمنح الشرعية لأي حكومة.

وفي سياق متصل، لفت أبي خليل إلى غياب وحدة المعايير في تشكيل الحكومة، مشيرًا إلى أن “رئيس الحكومة منح نفسه حق اختيار من يشاء، فيما يُطلب من القوى السياسية الأخرى تحمّل مسؤولية من تسميهم من وزراء، وكأن هناك فريقًا فوق المساءلة وآخر تحت المجهر”.

وأضاف أن ازدواجية المعايير ظهرت بوضوح في كيفية تسمية الوزراء، حيث تولّى “الثنائي الشيعي” تسمية وزرائه، وعندما قوبل أحد الأسماء بالاعتراض، قدّم بديلاً عنه، بينما سمّى الحزب التقدمي الاشتراكي الوزراء الدروز، وكذلك فعلت باقي المكونات السياسية. أما حين حان الدور لتسمية الوزراء المسيحيين، تولّى رئيس الحكومة هذه المهمة، متجاهلًا نتائج الانتخابات، وكأن إرادة الناخبين المسيحيين لا قيمة لها، وكأن الاستحقاق النيابي لم يكن سوى “مباراة ترفيهية ليوم الأحد”، وليست استفتاءً على الخيارات السياسية للشعب.

وختم أبي خليل بالتأكيد على أن غياب التوازنات السياسية والشراكة الوطنية كان من أبرز الأسباب التي دفعت التيار الوطني الحر إلى اتخاذ قرار عدم المشاركة في هذه الحكومة، مفضلًا التموضع في موقع المعارضة، على أمل أن يكون هذا الخيار أكثر انسجامًا مع تطلعاته ومبادئه.

المصدر: موقع المنار