نوّه رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزاف عون بالجهود التي بذلها سفراء اللجنة الخماسية في إنجاز الاستحقاق الرئاسي، مقدّرًا للدول التي يمثلونها وقوفها إلى جانب لبنان ودعمها في المجالات كافة.
موقف الرئيس عون جاء خلال استقباله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا أعضاء اللجنة: سفير فرنسا هيرفيه ماغرو، السفير السعودي وليد بخاري، سفيرة الولايات المتحدة الأميركية ليزا جونسون، سفير جمهورية مصر العربية علاء موسى، وسفير دولة قطر سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، الذين هنّؤوا الرئيس عون بانتخابه رئيسًا للجمهورية، ثم عرضوا عمل اللجنة ومواقف دولهم من الأوضاع الراهنة، مؤكدين جميعًا على وقوف بلدانهم إلى جانب لبنان واستمرارهم في العمل لمساعدته في مواجهة الاستحقاقات المنتظرة ودعم الجيش اللبناني.
ورد الرئيس عون شاكراً أعضاء اللجنة، مؤكداً العمل على تحقيق ما ورد في خطاب القسم وما سيتضمنه البيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام، مشددًا على أهمية الإصلاحات التي باتت مطلبًا داخليًا وخارجيًا وستكون من أولويات عمل الحكومة بعد نيلها الثقة، ما سينقل البلاد إلى مرحلة جديدة.
وأكد الرئيس عون أن الدولة لن تسمح بحصول أي عبث بالوضع الأمني، وسيكون الرد حازمًا على كامل الأراضي اللبنانية، لافتًا إلى أن القضاء وضع يده على الأحداث التي وقعت على طريق المطار وأصدر مذكرات توقيف بحق عدد من الذين اعتدوا على موكب “اليونيفيل”. وأضاف: “إن حرية التعبير والمعتقد مصانة، لكن الأمن خط أحمر وممنوع المساس به، وأعمال الشغب غير مسموح بها.” وأبلغ الرئيس عون السفراء أن الجيش اللبناني قادر وجاهز للانتشار في القرى والبلدات التي سوف ينسحب منها الإسرائيليون، وعلى الدول التي ساعدت في التوصل إلى الاتفاق، ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا في 27 تشرين الثاني الماضي، أن تضغط على إسرائيل للانسحاب وتنفيذ الاتفاق.
وأبلغ الرئيس عون أعضاء اللجنة أنه بعد إنجاز الانسحاب الإسرائيلي، ستبدأ اللقاءات في مقر القوات الدولية في الناقورة للبحث في استكمال بنود الاتفاق، وأهمها ترسيم الحدود والبحث في النقاط المختلف عليها في الخط الأزرق.
وشدد الرئيس عون على أن مهمة الجيش بعد انتشاره ستكون حماية الحدود في الجنوب، كما يحمي الجيش كل الحدود في الشمال والبقاع والحدود البحرية. “ونريد مساعدة دولكم الشقيقة والصديقة، فلا عودة إلى الوراء والأمن خط أحمر.”
تصريح السفير المصري
بعد اللقاء، أدلى السفير المصري بالتصريح التالي إلى الصحافيين: “اليوم حظينا، كخماسية، بلقاء فخامة الرئيس جوزاف عون. وهذا هو أول لقاء للخماسية بعد انتخاب فخامته. وربما تأخرنا في الموعد معه لكي نترك الفترة المناسبة لعدد من الاستحقاقات، التي كان من بينها تشكيل الحكومة. وإرتأينا أن الوقت بات مناسبًا للقاء فخامته.”
وأضاف: “كان اللقاء استمرارًا لدعم الخماسية للمرحلة الجديدة التي يمر بها لبنان ولما هو قادم من استحقاقات وتحديات تمر بها الدولة اللبنانية، وفرصة للتأكيد على أن موقف الخماسية ثابت، والتزامها كامل بالوقوف إلى جانب لبنان في كل ما يمر به من أمور في الفترة القادمة. لقد استغللنا الفرصة للاستماع من فخامته لتقديره لبعض الأمور والأحداث التي مرت خلال الأيام الماضية. وأكد فخامته أن الدولة اللبنانية عازمة على بسط يدها الأمنية على كل ربوع الدولة اللبنانية. وهناك التزام بأن الجميع يخضع للقانون ولا مجال للخروج عنه أو تعكير الصفو العام.”
وقال: “ما شهدناه نحن في الأيام الماضية وتأكدنا منه هو أن الأجهزة الأمنية تقوم بدورها. وأكدنا أن ما حدث من اعتداء على بعثة اليونيفيل أمر غير مقبول، ويجب أن تتم محاسبة مرتكبيه. وقد أكد فخامة الرئيس أن الأمر يسير في هذا الاتجاه.”
وتابع: “تحدثنا أيضًا عن عدد من الملفات المتعلقة بما ورد في خطاب القسم، وفخامة الرئيس أكد أن ما ورد في الخطاب سيكون جزءًا كبيرًا منه في البيان الوزاري. وهذا أمر محبب لأنه في الحقيقة يؤكد على التزام الدولة بأن ما هو قادم سيعالج مشاكل كثيرة للمواطن اللبناني.”
وأضاف: “إن جزءًا كبيرًا من اللقاء تناول الاستحقاق القادم الخاص بالانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية. وكان هناك التزام من جانب الدول الخمس، وتأكيد لفخامة الرئيس على أننا مستمرون في الدفع باتجاه إتمام الانسحاب الإسرائيلي الكامل وفقًا لاتفاق وقف الأعمال العدائية. وأكد لنا فخامته أن هذا الأمر سيساعد كثيرًا على استقرار المرحلة القادمة وتركيز الدولة على بسط الجيش اللبناني لإمكاناته وقدراته على كافة ربوع الدولة اللبنانية، ويساعد الدولة كذلك على توجيه كل اهتمامها إلى قضايا أخرى هامة خاصة بالمواطن من إصلاح مالي واقتصادي وخلاف ذلك. واللجنة الخماسية أكدت لفخامته على أن اتصالاتنا مستمرة من أجل الانتهاء من هذا الأمر في أقرب وقت ممكن، وإتمام الانسحاب الإسرائيلي. ومن ناحية أخرى، أؤكد لكم أن مصر تمارس جهودها في هذا الإطار مع كل الأصدقاء والشركاء في المنطقة من أجل إتمام الانسحاب الإسرائيلي في أقرب وقت ممكن.”
وقال: “لقد تناول الحديث ملفًا من أهم الملفات، وهو إعادة الإعمار. ولقد أكدنا على التزام الخماسية بدعم هذا الملف، وشددنا لفخامته على ضرورة أن يتم هذا الملف بالكامل تحت إشراف الدولة اللبنانية، لأن هذا يعطي رسالة طمأنة ليس فقط للداخل اللبناني، لكن أيضًا لشركاء لبنان الإقليميين والدوليين. وهو ما أكده لنا فخامة الرئيس بأن هناك التزامًا أن تتم العملية في هذا المسار وهذا الشكل.”
وختم بالقول: “لقد كان اللقاء طيبًا وسعدنا به. وإن شاء الله تكون هناك لقاءات قادمة الهدف منها المحاورة والاستماع إلى وجهات النظر للبحث عن أفضل السبل لما هو قادم من استحقاقات في لبنان.”
ورداً على سؤال حول كلامه عن ملف إعادة الإعمار تحت إشراف الدولة اللبنانية، فهل من شرح للآلية، وهل ستكون المساعدات مشروطة، أجاب: “نحن تحدثنا عن الخطوط العامة والأفكار العامة وليس في التفاصيل. إن الخطة والآلية سوف تكونان من قبل الحكومة اللبنانية بشكل حصري، وسيتم عرضهما على شركاء لبنان للبحث عن أفضل وسيلة لتطبيقهما. ونحن نترك أمرهما للدولة اللبنانية التي تضعهما. وأتصور أنه عقب نيل الحكومة الثقة من البرلمان، وبدء اجتماعاتها، سوف يتم وضع هذه الآلية التي ستلقى قبولًا وتفاعلًا من قبل شركاء لبنان الإقليميين أو الدوليين.”
قائد اليونيفيل
إلى ذلك، استقبل الرئيس عون قائد القوات الدولية في الجنوب الجنرال أرولدو لازارو واطلع منه على الوضع في الجنوب عشية موعد انسحاب القوات الإسرائيلية وفقًا لاتفاق 27 تشرين الثاني 2024. وجدد الرئيس عون أمام الجنرال لازارو إعرابه عن إدانته للاعتداء الذي تعرض له موكب نائب قائد “اليونيفيل” على طريق المطار، مؤكدًا أن التحقيقات جارية مع عدد من الموقوفين لكشف الملابسات وإنزال العقوبات بحق المرتكبين، ويستمر البحث عن متهمين آخرين لتوقيفهم.
وأكد الرئيس عون للجنرال لازارو أن “لبنان رئيسًا وحكومة وشعبًا يرفض أي اعتداء على عناصر “اليونيفيل” الذين أتوا إلى لبنان للمساعدة على تحقيق الأمن والاستقرار في الجنوب وتطبيق القرارات الدولية، وسقط منهم شهداء قضوا في سبيل الهدف السامي الذي آمنوا به وعملوا على تحقيقه.”
اللجنة الخماسية تزور سلام
كما استقبل رئيس مجلس الوزراء نواف سلام قبل ظهر اليوم في السرايا، سفراء اللجنة الخماسية. وبعد اللقاء، قال السفير المصري إن “الفترة المقبلة ستشهد الكثير من التحديات، وقد تناولنا مع دولته أمورًا كثيرة متعلقة بما هو قادم من ملفات، وعلى رأسها الإصلاح والإنقاذ، وهو مطلب الجميع ويسعى إلى تحقيقه.”
أضاف: “هناك الكثير من الملفات المتعلقة بالإصلاح المالي والاقتصادي والقضائي وإعادة الإعمار، وأيضًا ملف لا يقل أهمية ويتصدر المشهد مع حلول موعد 18 شباط، والمتعلق بالانسحاب الكامل لإسرائيل من الأراضي اللبنانية، وأكدنا على ضرورة أن يتم هذا الانسحاب في أسرع وقت، ونرجو أن يكون هناك التزام من الطرف الإسرائيلي بهذا الانسحاب.”
وتابع: “تحدثنا أيضًا عن الملف الاقتصادي وإعادة الإعمار، وأشار دولة الرئيس إلى الجهود الفرنسية الخاصة بعقد مؤتمر باريس لإعادة الإعمار في لبنان، وهذا الأمر يبحث من قبل فرنسا بالتنسيق مع الشركاء، وسيتم في الأيام المقبلة تحديد الموعد المناسب لعقد هذا المؤتمر. وأكدنا التزام الخماسية دعم لبنان وهي مستمرة في عملها كمنتدى لأصدقاء لبنان وهم كثر.”
وردًا على سؤال يتعلق بالضغط على قوات الاحتلال من أجل تنفيذ الاتفاق، قال: “نؤكد وجود أمرين مرفوضين تمامًا: الأول، الاعتداءات المتواصلة على لبنان، وهذا ما أشار إليه دولة الرئيس في حديثه معنا، وهذه الاعتداءات هي اعتداء على سيادة لبنان وترفع أيضًا تكلفة إعادة الإعمار.”
وأضاف: “أما الأمر الثاني المرفوض، فهو استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي اللبنانية، وبالتالي هناك التزام من الخماسية وأصدقاء لبنان العمل على إنهاء هذا الاحتلال في أسرع وقت ممكن.”
المصدر: الوكالة الوطنية