لا يقتصر المشهد في الشمال السوري على العمل العسكري المستعر ضمن مساحات تعتبر محدودة، إنما يترافق مع عمل سياسي واسع يتجاوز الأفق الإقليمي، حيث انطلق الحراك الدبلوماسية فور وقوع الهجوم الإرهابي على مدينة حلب، وتكرس باتصالات من الدول الحليفة والصديقة، والأبرز هنا زيارة وزير الخارجية الإيراني لدمشق أمس وما تلاه اليوم من اتصال هاتفي بين الرئيسين السوري بشار الأسد ومسعود بزشكيان.
ومن المعروف أن العلاقات السورية الإيرانية لا تقف عند حد معيّن، وهذا ما ظهر واضحاً خلال السنوات الماضية من الحرب على سورية في مكافحة الإرهاب، واليوم لم يتغير الأمر لكلا البلدين، إنما استمر مع تصاعد في نبرة الحزم من خلال الدعم طهران لحليفتها دمشق.
في سياق المتعلق بالعمل المشترك السوري – الإيراني في مواجهة الإرهاب، استنفرت الجمهورية الإسلامية الايرانية جهودها لدعم الدولة السورية، بغية التنظيمات التكفيرية التي وصلت إلى حلب وتوغلت في عدد من المناطق. وأكد الباحث في الشأن السياسي والاستراتيجي أسامة دنورة، على الدعم الإيراني لدمشق على المستوى السياسي والعسكري، مشيراً إلى إلى ضرورة إعادة هيكلة البنية التي تم الحديث عنها في استانا، خصوصاً وأنها تتعرض للخروقات من قبل بعض الأطراف، وأيضاً هذا يقتضي البناء على ما سيتم تحقيقه في الميدان العسكري.
وفي الحديث عن الحراك الدبلوماسي بشكل أوسع، تابع دنورة حول ما يتعلق بالحراك الإرهابي، فهو ليس كما بدأ في 2011 وما بعدها، حيث اتخذت الصورة شكلاً جديداً… فالدول العربية تدرك الثمن الكبير لانتشار الإرهاب، في حين يدور الحديث في ادلب عن حالة غير مسبوقة وكيان محكوم من قبل تنظيم ارهابي محظور تماماً من المشاركة في أي حل سياسي وفق القرار (2254)، وهذا القرار يمنع أي وجود أو احتضان لجبهة النصرة.
غير أن العديد من الدول الإقليمية يبدو أنها لا تدرك خطورة ارتداد الارهاب اليها، في حين أن دولاً أخرى، تؤكد على تعاونها مع الدولة السورية، ومن هنا جاءت مروحة الاتصالات، التي بدأها العراق، وأكد رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني أن “أمن العراق من أمن سورية”، معرباً عن استعداد بلاده لتقديم كل أشكال الدعم في مواجهة الهجمة الإرهابية.
ويذهب دنورة متابعاً أن المشهد لا يشبه ما كان عليه خلال الأعوام الماضية، في حين أن العديد من المعطيات تشير إلى مساعي من الدولة السورية باستئصال الارهاب من كامل من الجغرافيا السورية، كمقدمة لإغلاق الفصل المؤلم من تاريخ المنطقة والصراع الدولي.
المصدر: موقع المنار