قادماً من بيروت، حط وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي في دمشق، في زيارة تحمل في طياتها الكثير من المعاني، وسط ظروف استثنائية تمر بها المنطقة، بعد جريمة اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله (قده) والعدوان الإسرائيلي على لبنان.
ومن ناحية التوقيت، جرت الزيارة بعد أيام على الرد الإيراني الصاروخي على الكيان الإسرائيلي، ووسط تهديدات من تل أبيب للجمهورية الإسلامية، باستهداف منشآت وبنى تحتية إيرانية. وفي المضمون حملت الرسالة الكثير من معاني التضامن والتآزر بين ايران وسوريا ولبنان.
الرئيس الأسد خلال لقائه عراقجي… المقاومة ضد كل أشكال الاحتلال والعدوان والقتل الجماعي هي حق مشروع
وخلال لقائه وزير الخارجية الإيرانية، شدد الرئيس بشار الأسد على العلاقة الإستراتيجية التي تربط سورية وإيران وأهمية تلك العلاقة في مواجهة التحديات والأخطار التي تهدد المنطقة وشعوبها، وفي مقدمتها استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية وارتكابه اليومي لجرائم القتل والتدمير بحق المدنيين في لبنان وفلسطين وسورية.
وأكّد الرئيس الأسد أن المقاومة ضد كل أشكال الاحتلال والعدوان والقتل الجماعي هي حق مشروع، وهي قوية في ظل الاحتضان الشعبي لها والإيمان بها، معتبراً أن الردّ الإيراني على ما قام به الكيان الإسرائيلي من انتهاكات واعتداءات متكررة على شعوب المنطقة وسيادة دولها، كان رداً قوياً، وأعطى درساً لهذا الكيان الصهيوني بأن محور المقاومة قادر على ردع العدو، وإفشال مخططاته، وأنه سيبقى قوياً ثابتاً بفضل إرادة وتكاتف شعوبه.
وفي هذا الإطار، بحث الرئيس الأسد مع الوزير عراقجي سبل وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، وأهمية تقديم الدعم والمساعدة للأشقاء اللبنانيين في ضوء النزوح الكبير الذي تسبب به العدوان الإسرائيلي.
الوزير عراقجي أكّد الثقة بقوة المقاومة في لبنان وفلسطين على الوقوف في وجه آلة التدمير والقتل الإسرائيلية، مشدداً على ضرورة التنسيق مع كل الدول الداعمة لوقف هذا العدوان.
مشاورات حول مبادرات لوقف اطلاق النار
وكان وزير الخارجية السورية بسام صباغ قد التقى نظيره الإيراني والوفد المرافق له، حيث ناقشا سبل حشد الدعم والمساعدة الدولية العاجلة للنازحين اللبنانيين في ضوء العدوان الإسرائيلي على لبنان، واتفقا على تكثيف التشاور بينهما في هذا الصدد.
كما تم خلال اللقاء أيضاً التطرق إلى الجوانب المتعلقة بتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وعلى مختلف الأصعدة. وأكد الوزير الإيراني، أن الهدف من زيارة دمشق هو مواصلة المباحثات حول تطورات المنطقة بعد إجراء مباحثات مهمة للغاية في بيروت مع المسؤولين اللبنانيين.
وأشار عراقجي إلى وجود مشاورات حول مبادرات بشأن إطلاق النار، وأمل أن تصل إلى نتيجة، منوهاً إلى أنها الأهم بين الملفات والمشاورات مع السويين وتكتسب أهمية كبيرة، داعياً إلى أن يكون هناك مساع جماعية من المجتمع الدولي لوقف جرائم الاحتلال الصهيوني.
كما أكد وزير الخارجية الايرانية من دمشق أن الكيان الصهيوني لا يتحدث إلا بلغة الحرب والقتل ويواصل كل يوم جرائمه في بيروت وغزة.
بحث في سبل تقديم المساعدات الإغائية وتأمين الاحتياجات للوافدين من لبنان
كما التقى عراقجي رئيس مجلس الوزراء السوري محمد غازي الجلالي، حيث جرى بحث في تطورات الأحداث في المنطقة في ظل استمرار الجرائم التي يرتكبها العدوان الإسرائيلي بحق الشعبين اللبناني والفلسطيني، وسبل تقديم المساعدات الإغاثية وتأمين الاحتياجات للوافدين اللبنانيين إلى سورية، بالإضافة إلى العلاقات الاقتصادية بين البلدين وآليات تطويرها ومتابعة برامج العمل المشترك وتنفيذ الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين.
وأكد الجانبان على ضرورة مواصلة الجهود على المستويات كافة لإيقاف العدوان الإسرائيلي على لبنان، والتنسيق بين الحكومتين السورية والإيرانية لتقديم المساعدات للوافدين اللبنانيين وتأمين كل ما يلزمهم، وأهمية التعاون ما بين الهلال الأحمر في البلدين والجمعيات الأهلية والأممية، وحشد كل الطاقات لتقديم أكبر مساعدات ممكنة للوافدين، وتمهيد الأرضية المناسبة لتأمين عودتهم إلى منازلهم ومدنهم.
كما أكد الجانبان على أهمية العلاقات الإستراتيجية المتجذرة بين البلدين والتي تقوم على الاحترام المتبادل وعلى مصلحة الشعبين الصديقين وشعوب المنطقة، وسعيهما لتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة، مشددين على حرصهما على تعزيز العلاقات بتوجيه من قيادتي البلدين في مختلف المجالات ولا سيما الاقتصادية والصناعية والتجارية والطاقة، ومتابعة تنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين البلدين بما يحقق المصلحة المشتركة.
من جهته اعتبر وزير الخارجية الإيراني أن التعاون الثنائي يكتسب أهمية كبيرة ولا سيما لتجاوز الظروف الراهنة، وأكد مواصلة دعم بلاده للشعب السوري، مشيراً إلى أهمية متابعة تطوير التعاون المشترك من خلال انعقاد اللجنة الحكومية المشتركة واللجنة العليا المشتركة في الفترة القادمة.
لقاء مع الفصائل الفلسطينية أكد دعم طهران لمحور المقاومة
وبعد جولة اللقاءات مع المسؤولين السوريين، أجرى الوزير الإيراني اجتماعاً مع الفصائل الفلسطينية المتواجدة في سورية داخل سفارة بلادة بدمشق، ألحقه بمؤتمر صحافي في ذات المقر حول الزيارة، إضافة للحديث عن آخر التطورات. كما أكد على استمرار إيران بدعمها الكامل لمحور المقاومة.
موضوعان عاجلان على جدول أعمال زيارة عراقجي إلى دمشق، أولاً معالجة أوضاع النازحين اللبنانيين داخل لبنان أو في سورية، والثاني إرساء وقف إطلاق النار في غزة ولبنان. وأشار عراقجي إلى تنسيق جيد بين الحكومتين السورية والإيرانية، لحشد الموارد والإمكانيات لإيصال الموارد غداً، منوهاً إلى وصول طائرة مساعدات إيرانية إلى سورية تتبعها الثانية الأحد.
كما أضاف في حديثه للصحفيين إلى أن مباحثات وقف إطلاق النار في غزة ولبنان كانت بناءة، مشدداً على ان تكون الشروط لصالح المقاومة.
من دمشق تأكيد حازم حول ما يمكن ان من ردة فعل إيراني على أي ضربة إسرائيلية حيث سيكون الرد على الكيان الصهيوني رداً متناسباً، بل وأقوى.
الرسالة لسورية واضحة، وستبقى العلاقة طيبة مع سورية كما كانت تماماً، هذا ما أكده عراقجي في مؤتمره الصحفي من داخل سفارة بلاده في دمشق، مؤكداً أن سياسة حكومة الرئيس مسعود بزيشكيان امتداد لسياسات الحكومات السابقة، كما أشار إلى أن حكومة طهران ستكون على تنسيق كامل مع سورية حول كل الملفات الإقليمية.
المصدر: موقع المنار