تترقب المنطقة كلها نتائج الجولة التفاوضية في العاصمة المصرية القاهرة.
واقعاً، فإن السلبية هي السمة الطاغية على توقعات العديد من المطلعين على تفاصيل المسار التفاوضي، خصوصاً عقب ما رشح عن الجولة الأخيرة في الدوحة الأسبوع الماضي والتي كان قد عوّل عليها في ظل ما أظهرته الولايات المتحدة من “حرص” على احراز تقدم هذه المرة وبالتالي تجنب التصعيد العسكري في المنطقة، إلا أن ما ظهر أن هذا الحرص هو مجرد تماش مع الشروط والمصالح الاسرائيلية دون أي تنازل في سبيل انجاح المفاوضات. وهذا، كما تعلم واشنطن ومعها الوسيطين المصري والقطري ليس ممكناً دون وضع شروط المقاومة الفلسطينية (خطوطها الحمر) في الحسبان، ولذلك فقد امتنعت الأخيرة عن المشاركة في جولة الدوحة لأنها أيقنت أن ما يُحاك خلاف ما تريد، وأن ما يُراد منها الاستسلام لنتنياهو وجيشه الذي لا زال يتلقى ضربات موجعة منها في القطاع، ولم يستطع استرجاع أسراه بعد عشرة أشهر من الحرب، فلماذا الاستسلام في السياسة إذاً، والميدان لصالحها؟
لكن وفي مقابل هذه السلبية التي يقول الخبراء إنها تنذر بتصعيد وتوسع لرقعة الصراع، فإنه في الظاهر ايضاً، فإن هناك إلحاحاً أميركياً ملحوظاً لعدم الإعلان نهائياً عن إغلاق باب التفاوض في المرحلة الحالية. نوعٌ من الصخب الذي ربما يخفي أمراً ما، سيتضح قطعاً مع انجلاء الغبار واتضاح المشهد السياسي حتى بداية الأسبوع المقبل، خصوصاً مع اعلان مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن الأخير متمسك بسيطرته على محور فيلادلفيا، ونقلت وسائل إعلام عنه إنه “يقف وحيداً في وجه فريق التفاوض وقادة أجهزة الأمن”، مؤكداً أنه “لن يخضع للمطالب التي تعرّض أمن إسرائيل للخطر”، حسب زعمه، مع نقل صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” ايضاً عن مسؤول إسرائيلي أن جيش الاحتلال “سيواصل القتال لتحقيق أهدافه الحربية سواء تمّ التوصل إلى اتفاق أم لا”.
ومع بقاء عقد فيلادلفيا دون حلّ واضح حتى اللحظة، لم ترسل حركة حماس وفداً من قبلها إلى المفاوضات، مع الإعلان عن تواصلها مع الوسطاء للاطلاع على المستجدات كما حدث في جولة الدوحة الأخيرة، في وقت وصل فيه وفدان أميركي (مبعوث الرئيس الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، بريت ماكغورك)، وإسرائيلي (رئيسي “الشاباك” رونين بار، و”الموساد” ديفيد برنيع، ورئيس شعبة التخطيط الاستراتيجي في جيش الاحتلال، الجنرال إليعازر توليدانو)، أمس إلى القاهرة لإجراء مباحثات، قيل إنها من الممكن أن تحمل بعض “التعديلات” في هذا السياق.
وفي هذا الاطار، وبحسب ما نقله موقع “أكسيوس” عن مصادر مطّلعة، فإن “المسؤولين الإسرائيليين وصلوا إلى القاهرة، ومعهم خريطة محدّثة بشأن نشر القوات الإسرائيلية في ممر فيلادلفيا”.
وأوضحت المصادر أن “الخريطة تُظهر انخفاضاً في عدد قوات الجيش، لكن الأخيرة لا تزال منتشرة في الممر بأكمله”. كما جرى الحديث عن أن “إسرائيل اقترحت وضع 8 أبراج مراقبة على طول الحدود مع مصر، فيما اقترح الأميركيون تقليص عددها إلى 2، لكنّ المصريين رفضوا المقترحين على حدّ السواء”.
أما صحيفة “وول ستريت جورنال”، فقد نقلت عن مسؤولين مصريين قولهم إن “القاهرة تسعى للحصول على ضمانات أميركية بأنه حتى لو غادرت قوات العدو ممرّ فيلادلفيا في المرحلة الأولى لأي اتفاق، فإنها لن تعود في المراحل اللاحقة إذا تعثّرت العملية”.
لكن وعلى النقيض من كل هذه التسريبات التي توحي بنوع من الايجابية في ما يتعلق بـ “عقدة فيلادلفيا”، إلا أنه وفي وقت وقت انتشرت فيه معلومات حول طرح مفاده نشر “قوات دولية” في محوري “فيلادلفيا” و”نتساريم”، إضافة إلى معبر رفح الحدودي، لفترة محدودة ضمن المرحلة الأولى من الصفقة، نفى مكتب رئيس حكومة العدو، في بيانين منفصلين، أي حديث عن استعداد لسحب قواته المحتلة من “فيلادلفيا”، وتمسكه بالسيطرة على المنطقة.
يُذكر أنه إضافة إلى محادثات اليوم وغداً، فمن المتوقّع أن تُعقد جولة أخرى في القاهرة الأحد على ما يُرجَّح، (قمة بحجم التي عقدت في الدوحة الأسبوع الماضي).
وقد انحصرت مفاوضات الأمس بين مصر وكيان العدو والولايات المتحدة، على أن تنضمّ قطر إلى جولة الأحد.
وفي وقت نقلت فيه “صحيفة معاريف” مصادر في الكيان “خفض سقف التوقعات في ما يتعلق بإمكانية إبرام صفقة تبادل”، زعمت “القناة 12” الإسرائيلية، أنه “إلى أن يتمّ افتتاح جولة مفاوضات القاهرة الأحد المقبل، ستعمل الطواقم الإسرائيلية مع طواقم الدول الوسيطة لمحاولة تقليص الفجوات”، خصوصاً أنه دون حدوث ذلك فعلياً فإن المقاومة على موقفها الثابت بعدم ارسال وفد من قبلها إلى العاصمة المصرية.
المصدر: مواقع إخبارية