“مسخرة” هو الفيلمُ الاسرائيلي- الاميركي القصير، كما عنونَه ايتمار بن غفير، الذي عُرِضَ في سماءِ اصفهانَ الايرانية، ولم تكد تَعرفُ به ارضُها، الا معَ وصولِ اشلاءٍ متناثرةٍ صغيرةٍ لاجسامٍ غريبةٍ لم ترقَ الى تَسميتِها مُسيّراتٍ فكيفَ بصواريخَ او طائرات.. والبحثُ ليس عن اصاباتٍ او اضرار بل عمن صاغَ هذه النكتةَ السمجة، التي لا يمكنُ ان يتوقعَها احدٌ على مسارحِ الكبار..
مسخرةٌ اسقطت هيبةَ تل ابيب مجدداً في سماءِ اصفهانَ الايرانيةِ كما سقطت من سماءِ فلسطينَ المحتلةِ الى ارضِها ليلَ السبتِ الاحد الماضي، ولم تَمضِ ساعاتٌ قليلةٌ حتى فاحَ العفنُ السياسيُ والعسكريُ من خطوةٍ لقيطةٍ لم يَجرُؤْ على تبنِّيها احد، ولم يَسهُل على الايراني تشخيصُها سريعاً ليتعاملَ معها من شدةِ سخافتِها.
سارعَ الاميركيُ الى تبرئةِ نفسِه من ايِّ علاقةٍ له بالامر، في حينٍ تولى اعلامُه الترويجَ لمصادرَ قالت اِنها ضربةٌ اسرائيليةٌ محدودةٌ للردِّ على ضرباتِ ايرانَ الاخيرة، فضُرِبَ الاسرائيليُ من بيتِ ابيه، حيثُ كانَ الفشلُ مدوياً الى حدِّ وصفِ التلغراف البريطانيةِ المسرحيةَ الاسرائيليةَ بانها اعطت ايرانَ مجدداً نصراً كبيرا..
اما كبارُ الصهاينةِ المتكتمينَ فقد ضرَبَهم بن غفير، الذي فتحَ نيراناً داخلَ المجتمعِ الصهيوني واروقتِه السياسيةِ والعسكريةِ اكبرَ بكثيرٍ من النيرانِ التي استخدمها الايرانيون لاسقاطِ تلك الاجسامِ الصغيرة.. فهل من كان يُتوقعُ ان تَصغُرَ تل ابيب الى هذا الحجم؟ وتُعدَمَ خياراتُها الى هذا الحد؟
عندَ حدودِ التحقيقِ يقفُ الايرانيون لاستيضاحِ الامور، وعندَ حدودِ الضياعِ يقفُ الصهاينةُ غيرَ قادرينَ على الاعترافِ اِن كانوا هم فعلاً من نفذَ ومن اين، او انَ ادواتٍ لهم قد قامت بالمُهمة، ولكلٍّ من هذينِ الاحتمالينِ تبعاتٌ مختلفة..
لكنْ لن يختلفَ احدٌ من اصدقاءِ تل ابيب ولا اعدائها في تقديرِ صعوبةِ حالِها، كما لن يختلفَ احدٌ من اصدقاءِ ايرانَ ولا اعدائها حولَ قوةِ معادلاتِها وهيبةِ حضورِها.. ومهما كانت التداعياتُ فبلا شكٍ انَ مِنطقتَنا باتت تحتَ وقعٍ جديدٍ من المعادلات، وأكبرُ المستفيدينَ هم الفلسطينيون واِن غَلتِ التضحيات..
المصدر: المنار