لا يزال طوفان الاقصى يضرب الكيان الصهيوني في جوانبه كافة ، فبعد الهزيمة العسكرية للجيش الصهيوني وفقدان الردع ، وبعد الهزيمة السياسية التي مني بها نتنياهو وحكومته حيث تشير التقديرات الى نهايته سياسيا مع نهاية الحرب ، تظهر التأثيرات الاقتصادية فالأرقام والمعطيات الاقتصادية والمالية التي تزخر بها التقارير الاقتصادية العبرية تعكس حجم المأزق الاقتصادي، وطبيعة التوقعات التشاؤمية، التي تتمخّض عنها الحرب الصهيونية على قطاع غزة في مجالي المال والأعمال ، خصوصاً في ظلّ توقّعات بأنّ أمد الحرب سيطول.
250 مليون $ اضرار مباشرة يوميا
قدّر وزير المالية الصهيونية بتسلئيل سموتريتش، التكلفة المباشرة للحرب بنحو مليار شيكل (246 مليون دولار) يومياً، قال إنّه ليس لديه حتى الآن تقييم للتكاليف غير المباشرة على الاقتصاد المصاب بالشلل جزئياً، بسبب تعبئة جنود الاحتياط والرشقات الصاروخية الفلسطينية واسعة النطاق.
يُذكر أنّه في نهاية اليوم التاسع للحرب، طرح وزير المالية أوّل خطة اقتصادية لمساعدة الذين تمّ إجلاؤهم من “غلاف غزة” والأعمال التي تضرّرت، وبحسب الأرقام الأولية التي طُرحت، بدا أنّه وفقاً لتحليل اتحاد الصناعيين فإنّ تكلفة عدم مجيء العمّال إلى أماكن العمل وقطع طرقات، على الاقتصاد الإسرائيلي، بلغت في الأسبوع الأوّل للحرب 4 مليار و600 مليون شيكل (الدولار الواحد يعادل 4.06 شيكل)، وهذا المُعطى لا يشمل الأضرار المباشرة في الممتلكات، والمسّ بسُمعة “إسرائيل” في الأعمال، والانخفاض في إنتاج المصانع، لكنّه كان يؤمّن تقديراً أولياً للأزمة التي ستضطرّ “إسرائيل” لمواجهتها في اليوم التالي للحرب.
عمال بدون رواتب
كلّما ارتفع عدّاد أيام الحرب، الذي بلغ حتى اليوم، الأربعاء، الـ 21 يوماً، كلّما دخلت المزيد والمزيد من الشركات التي تُعلن عن وضع الآلاف من الموظّفين في إجازة غير مدفوعة الأجر، وذلك بسبب التباطؤ الاقتصادي الذي ضرب السوق منذ بدء عملية “طوفان الأقصى” في السابع من الشهر الجاري.
وذكرت “مؤسّسة التأمين الوطني”، أنّه تمّ وضع أكثر من 120 ألف موظّف في إجازة قسرية غير مدفوعة الأجر منذ بداية الحرب.
وعلى خلفية هذه الأرقام والتقديرات هاجمت جهات اقتصادية، بما فيها الهستدروت [اتحاد العمال] ومنظمات اجتماعية، وزارة المالية لتركها مشكلة الإجازة غير مدفوعة الأجر دون إجابة في الوقت الحالي، لاسيّما وأنّ الخسائر الاقتصادية لا تترتّب فقط على الموظفين، بل أيضاً على أرباب العمل بسبب التباطؤ الاقتصادي الناجم عن الحرب
تمييز بين المستوطنات
أثارت خطة إعادة إعمار المستوطنات الجنوبية بعد عملية “طوفان الأقصى” غضباً عارماً عبّر عنه رؤساء مجالس إقليمية محيطة بقطاع غزة، تكبّدت بدورها خسائر في هجوم حركة حماس، ولن تتلقّى- بحسب الخطة- أموالاً لإعادة الإعمار.
وبحسب الخطة الحكومية ستقوم “مديرية تكوما”، التي أُنشئت لإعادة تأهيل المستوطنات القريبة من قطاع غزة، بتحويل مليوني شيكل كدفعة أولى إلى كلّ مستوطنة في غلاف غزة بدل الأضرار التي لحقت بها منذ بداية الحرب، ولكن اتضح أنّه ليس كلّ المستوطنات المتضرّرة ستحصل على الأموال، لأنّ عدداً من المستوطنات المتضرّرة ليست ضمن المدى الجغرافي الذي حدّدته الخطة، وهو4 كلم عن حدود قطاع غزة. وممّا زاد غضب المستوطنين أنّ هناك مستوطنات متضرّرة جداً، ولكنّها تبعد فقط 100 متر عن خط التعويضات الذي حدّدته الخطة الحكومية.
وفي هذا السياق أعرب رؤساء مجالس إقليمية محيطة بقطاع غزة عن غضبهم من القرار وطالبوا بتغيير الخطة.
يذكر أنّ منطقة “غلاف غزة” تتألّف من أربعة مجالس إقليمية، هي: إشكول و”سدوت نيغِف” و”شاعر هانيغف” و”ساحل عسقلان”. وتضمّ هذه المجالس الأربعة نحو 59 مستوطنة، بشعاع يصل إلى 8 كلم، بعيداً عن حدود القطاع، ويبلغ عدد سكّانه نحو 70 ألف مستوطن.
البورصة تتأرجح والشيكل في ادنى مستوى منذ عقد
أعلنت شركة التصنيف الائتماني S&P الدولية أنّها خفّضت توقّع التصنيف الائتماني لـالكيان الصهيوني إلى سلبي، مع بقائه حالياً كما هو، أي بمستوى، AA-، لكنّها خفّضت التوقّع، ما يعني أنّ الشركة يمكن أن تخفّض التصنيف درجة واحدة في المدى المنظور.
في المقابل تتأرجح بورصة “تل أبيب” مع احتمال تدنّي نسبي إضافي في البورصة. وهذا الأمر، يضاف إلى الخسائر التي لحقت بقيمة الشيكل مقابل العملات الأخرى، منذ بداية الحرب، حيث بلغ سعر صرف الشيكل 4.06 مقابل كلّ دولار وهو المستوى الأدنى له منذ عقد، على الرغم من تدخُّل البنك المركزي الإسرائيلي بشكل استثنائي، وضخ في بداية الحرب 30 مليار دولار في السوق من أجل كبح التراجع السريع في قيمة الشيكل.
وإلى جانب انخفاض سعر صرف الشيكل، يقف المصرف المركزي أمام خيارين سيّئين، فهو– بحسب مُعلّقين صهاينة مُطالَب اليوم بخفض معدلات الفائدة، من أجل تحريك العجلة الاقتصادية، من خلال خفض كلفة الاستدانة على المؤسّسات وعلى الأسر، وبالتالي تحفيز الاستثمار الحقيقي في الاقتصاد وزيادة الطلب وتعزيز حركة الاستهلاك.
وتكمن المشكلة في أنّ خفض معدلات الفائدة يعني خفض عوائد الاستثمارات المالية بالمقارنة مع العوائد في البلدان الأُخرى، أي أنّ الاستثمار في الكيان يُصبح أقلّ جاذبية للمستثمر، خصوصاً الخارجي، وهذا الأمر يُحفّز موجة هجرة لرؤوس الأموال، التي كانت تهاجر أصلاً، حتى قبل بداية الحرب، بسبب أزمة الخطة القضائية. كما أنّ خفض معدّلات الفائدة سيضرب أسواق الأسهم والسندات التي تُعاني أصلاً من خسائر منذ بداية الحرب.
وفي الموازاة، انخفض مؤشّر البنوك في بورصة تل أبيب بنسبة 20% منذ بدء الحرب، كما سُجّلت عدّة انخفاضات في الأسهم التجارية بنسب تتراوح بين 17 و22%. ويرى مُعلّقون أنّه من غير المرجّح أن يكون هذا هو القاع. وتعتقد مصادر السوق أنّه كلّما طال أمد الحرب، كلّما زاد عدد المستثمرين الذين يبيعون أسهمهم في البنوك الإسرائيلية.
المصدر: موقع المنار