ورقة عمل | جريمة المستشفى المعمداني.. تحقيق فني واعلامي – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

ورقة عمل | جريمة المستشفى المعمداني.. تحقيق فني واعلامي

المستشفى العربي المعمداني
المستشفى العربي المعمداني

دراسة أعدها مركز دراسات غرب اسيا

عند الساعة 19:25 من مساء يوم الثلثاء 17-10-2023 استهدف العدو باحة ومحيط المستشفى العربي المعمداني في ميدان فلسطين، في وقت كان يكتظ فيه المستشفى وساحته ومرآب السيارات فيه بأكثر من 1500 مواطناً فلسطينياً على الأقل.

كان معظم المتواجدين قد نزحوا من الغارات والقصف الكثيف الذي استهدف حي الشجاعية الذي يبعد عشرات الامتار إلى الشرق من المستشفى وحي الزيتون المتصل بشارع المستشفى غرباً.

وأكد معظم اللاجئين من أهالي حي الزيتون والشجاعية إلى باحات المستشفى ومرآبيه الخاص والعام، أنهم وبعدما رفضوا لمدة يومين تهديد العدو من بعد ظهر يوم الأحد 15-10-2023، الذي تلقوه عبر المناشير الورقية التي أطلقها، والرسائل الالكترونية الهاتفية التي وصلتهم بإخلاء الحَيين واللجوء جنوباً، بدأ العدو منذ فجر الثلاثاء استهداف الحَيْيَن استهدافاً عنيفاً، وذلك عبر القصف والغارات المكثفة، وقد عنف القصف البري والجوي بشكل كبير بعد ظهر يوم الثلاثاء 17-10-2023، مما اضطرهم للجوء إلى المستشفى غير البعيد عن منازلهم.

عند الساعة السابعة مساءً، اشتد القصف بشكل كبير على أحياء الشيخ رضوان والشجاعية والمغازي، وتتالت الغارات حتى حدود الساعة السابعة والربع، ثم صمتت لدقائق في ظل تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع غير المأهولة، عند الساعة السابعة والثلث مساءً أعاد العدو قصف حي الشيخ رضوان بشكل هستيري، بعد انتهاء الغارات بدقيقتين سمع الشهود “زأرة” صاروخ انفجر فوق متنصف مرآب المستشفى العام، ثم ما لبث أن انفجر في الهواء محدثاً موجة حرارية هائلة، سرعان ما تحولت إلى انفجار بلونين أصفر محمر وبرتقالي، مدته أطول من المعتاد، قبل أن يتحول كل محيط المستشفى إلى كُتل من نار، ويتحول اللاجئين فيه إلى كتل من لحم (معظم من كانوا في وسط المرآب)، وهياكل متفحمة (معظمهم كانوا يقفون على بعد 6- 9 أمتار)، فيما عانى من كانوا يبعدون 15 إلى 25 مترًا من انحباس الهواء، بعضهم استشهد والبعض الآخر تم اسعافه بعدما استفاق الجميع من الصدمة.

تبين أن المستشفى تم استهدافه بنموذج مطور من فئة الـ (FAE) لصاروخ cbu-72، وهو صاروخ فراغي (حارق) ينفجر بواسطة صاعق محرض على بعد 30 قدماً (9.41 متراً) فوق الأرض بعدما يكون قد نفث مادة مختلطة من الوقود سريع الاشتعال يكون شبه سحابة تحيط بالهدف من على بعد 60 قدماً (18.28 متراً)، وعند انفجاره يتم سحب الأوكسيجين بمخروط قطره الأرضي 18 متراً.

لمحة عن الصواريخ الفراغية من فئة ال (FAE)
تعمل القنابل الحرارية وفقًا لنفس المبادئ التي تعمل بها انفجارات الغبار والبخار والوقود، والتي تسبب ظواهر مثل انفجارات صوامع الحبوب ومطاحن الدقيق، وبدلاً من استخدام مزيج من الوقود المؤكسد كما هو الحال مع المتفجرات المكثفة، فإن السلاح الحراري يتكون بالكامل تقريبًا من الوقود، الذي ينتشر بواسطة شحنة متفجرة صغيرة، ثم يشتعل بعد وقت قصير بعد إتاحة الوقت للوقود ليختلط بالهواء، مما ينتج عنه إنتاج وقود مؤكسد، جبهة اللهب التي تحترق بسرعة كبيرة تمتص الأكسجين من الهواء وتولد انفجارًا بدرجة حرارة عالية.

القنبلة الحرارية هي قنبلة ذات مرحلتين: قوية جدًا وساخنة جدًا، ترسل المرحلة الأولى من الانفجار رذاذًا مصنوعًا من وقود كربوني وجزيئات معدنية تعمل بالطاقة. الشحنة الثانية تشعل تلك المادة، بعد الانفجار الأولي تمتد منطقة الضغط المنخفض لفترة طويلة نحو موقع الانفجار، وفقًا لموقع وتنتج كرة نارية كبيرة (FIRE BALL)، وموجة صدمة وفراغ شديدين لأنها تمتص كل الأكسجين المحيط بها.

وتتسبب القنبلة في أضرار جسيمة لأن الانفجار يستمر لفترة أطول من أنواع القنابل الأخرى، بالإضافة إلى ذلك، فإن تأثير الفراغ يخلق المزيد من الضرر ويهاجم الرئتين عن طريق تدمير الأكياس الهوائية، مما يؤدي إلى تمزيق الرئتين في مدى يتراوح بين 0 متر و 18 متراً في كل الاتجاهات بنسب:
• 100 % في الامتار الخمسة الاولى من مركز الكرة النارية حيث تفتت الجسم البشري إلى أشلاء.
• 60-70 % من 5 إلى 9 أمتار حيث تصهر الجسم البشري أو تصيبه بحروق من الدرجة الثالثة.
• 30-40 % من 10 أمتار إلى 18 متراً تتلف رئتيه أو تتسبب بضرر كبير فيهما اضافة لأوردة وبعض انسجة الجسم الرئيسية.

معلومات عن الصاروخ المستخدم في مجزرة المستشفى العربي “المعمداني”:
في العام 2000، كشفت صحيفة الباييس الاسبانية أن كيان العدو حصل من الامريكيين على تكنولوجيا تصنيع الصواريخ الفراغية، وأنه يجري تطوير هذه الاسلحة المحرمة دولياً في مختبرات الصناعة العسكرية في الكيان المؤقت.
كانت الصحيفة الواسعة الانتشار تشير إلى النموذجين من الصواريخ الفراغية الحرارية الامريكية:
الأول: يحتوي الصاروخ CBU-72، التي يبلغ وزنه 550 رطلاً، على ثلاث ذخائر صغيرة تُعرف باسم متفجرات الوقود/ الهواء (FAE)، تزن الذخائر الصغيرة حوالي 100 رطل وتحتوي على 75 رطلاً من أكسيد الإيثيلين مع صمامات تنفجر بالهواء مثبتة على مسافة 30 قدمًا، يتم إنشاء سحابة من الهباء الجوي يبلغ قطرها حوالي 60 قدمًا وسمكها 8 أقدام، ويتم إشعالها بواسطة مفجر مدمج لإحداث انفجار.

هذه الذخيرة فعالة للغاية ضد حقول الألغام، والمركبات المدرعة، والطائرات المتوقفة في العراء، والمخابئ. يتكون السلاح من ثلاث ذخائر صغيرة منفصلة توزع سحابة وقود الهباء الجوي عبر المنطقة المستهدفة. عندما تهبط سحابة الوقود إلى الأرض، يتم إشعالها بواسطة مفجر مدمج لإحداث انفجار هائل، تعمل الموجة الانفجارية سريعة التوسع بسبب الضغط الزائد على احراق جميع الأجسام الموجودة على مقربة من مركز سحابة وقود الهباء الجوي، وتنتج أضرارًا تتجاوز المنطقة المسطحة وذلك بسبب أن الامريكيين كانوا يخططون في البداية لجعل هذا السلاح خارقاً للتحصينات التي يفوق سمكها أكثر من متر، إلا أنهم تخلوا عن الفكرة وبدؤوا بصناعة الصواريخ الموجهة باللايزر (GBU) والصواريخ الغبية (JDAM).

أثناء حرب عاصفة الصحراء عام 1991، أختبرت جميع طائرات قوات مشاة البحرية (الحربية كالـ A10 وF16 والسمتية كالاباتشي) 254 صاروخاً من نوع CBU-72 ضد حقول الألغام والأفراد في الخنادق، ولوحظ من بعض الانفجارات الثانوية عندما تم استخدامه في تطهير حقول الألغام، أن هذا الصاروخ مفيد في المقام الأول كسلاح نفسي. يمكن حمل الصاروخ بواسطة المروحيات أو بواسطة الطائرات الحربية.
تم تطوير صاروخ (CBU-72) كجيل ثانٍ لطرازات حرارية سابقة من نوع (CBU-55) استعملت بشكل كبير في حرب فيتنام.

سحبت قوات مشاة البحرية والبحرية ذخائر الوقود الحرارية – الفراغية (FEA) المتبقية من الخدمة التشغيلية بعد عملية عاصفة الصحراء. بحلول عام 1996، قامت قيادة دعم العمليات بالجيش الامريكي بنقل قنبلتي CBU-55 وCBU-72 إلى منطقة منزوعة السلاح، وبحلول منتصف عام 2001، لم يتبق سوى بضع مئات منها في المنطقة منزوعة السلاح.

الثاني: يعتبر صاروخ CBU-55 عبارة عن قنبلة جوية متفجرة تعمل بالوقود والهواء، تم تطويرها خلال حرب فيتنام بواسطة القوات الجوية الأمريكية، وعلى عكس معظم المواد الحارقة، التي تحتوي على النابالم أو الفوسفور، تم تزويد قنبلة CBU-55 التي يبلغ وزنها 750 رطلاً (340 كجم) بالوقود بشكل أساسي بواسطة البروبان، كان في الصاروخ عبوتين، عبوة تحتوي على حجرة فيخا غاز البروبان، وحجرة أخرى تحتوي على مادة متفجرة مخصصة لنشر وإشعال الوقود.

صممت الصناعات الجوية الامريكية نوعين مختلفين من قنبلة CBU-55، قنبلة CBU-55/B وتحتوي 3 ذخائر فرعية متفجرة بالوقود والهواء في موزع ذخائر تكتيكية داخل القنبلة، وقنبلة CBU-55A/B وتحتوي على 3 ذخائر فرعية BLU-73A/B في موزعي ذخائر تكتيكية. يمكن استعمال الطراز الأول بواسطة المروحيات أو الطائرات منخفضة السرعة، في حين تم إعادة تصميم الطراز الثاني بظهر قوي وزعانف ذيل قابلة للطي، بحيث يمكن استخدامه بواسطة الطائرات الحربية عالية السرعة.

يوصف بأنه “أقوى سلاح غير نووي في الترسانة الأمريكية”، وكان الجهاز واحدًا من أقوى الأسلحة التقليدية المصممة للحرب، حتى تمكن الامريكيون من صنع بديله (CBU72).

عام 2000، وبعدما حصلت على تكنولوجيا صناعة الصاروخين الفراغيين، قامت مؤسسة تطوير الصناعات الدفاعية الاسرائيلية، بتشكيل فريق لدراسة الطرازات الثلاثة من الصاروخين، وتم انتاج نموذج أولي غير حارق وإنما فراغي (ارتجاجي) لهذا الصاروخ، استعمل في حرب تموز في قانا بعد مجزرة 30-7-2006، وفي كفرا وعيناتا وصور وبيروت في مربع شورى حزب الله، وبلغ عدد الصواريخ المجربة العشرات.
استمر تطوير السلاح رغم تحريمه دولياً وفي العام 2008 في الضربة الافتتاحية لمعركة غزة، واستعمل نموذجًا متوسطًا منه بعد اسبوع عام 2009 في بيت لاهيا وفي حي الشيخ رضوان، ثم اعيد اختباره مجدداً في حروب 2012 في خان يونس وفي عبسان، و2014 في مجزرة حي الشجاعية وفي معركة سيف القدس عام 2021.

في الحادي عشر من نيسان 2023، قام الجيش البورمي الذي يتمتع بعلاقة قوية جداً بالمؤسستين العسكرية والامنية، بتجربة طراز جديد من هذا السلاح طورته مؤسسة الصناعات العسكرية الصهيونية (RAFAEL) كنموذج مصغر من الـ (CBU-72) في هجوم على مخيم مكشوف للاجئين في قرية با زي جيي في مقاطعة ساغاينغ شمال ميانمار، مما أدى إلى مقتل أكثر من 160 شخصًا، واعتبرت لجان تحقيق للامم المتحدة ومنظمة حقوق الانسان بعد الكشف على القتلى ومعاينة الجرحى والشهود، بأن الأضرار البشرية والمادية والحرائق الهائلة التي تسبب بها الانفجار، ناتجة عن غارة جوية استخدمت سلاحاً مجهولاً يحتوي على ذخيرة من نوع “الانفجار المعزز”.

وقد ذكرت هيومن رايتس ووتش في تقرير أعدته ونشرته في 11-5-2023، أنها عاينت 59 صورة لجثث الضحايا ومقطع فيديو للموقع بعد الهجمات، وخلصت إلى أن الضربة الأولية نُفذت بذخيرة كبيرة من نوع “الانفجار المعزز” ألقيت جوًا. واشار التقرير إلى أنه يُطلق على هذا النوع من الأسلحة غالبًا اسم “القنابل الحرارية” أو “المتفجّر السحابي البخاري”. على الرغم من أن أسلحة الانفجار المعزز يمكن استخدامها بعدة طرق، إلا أنها تعمل بشكل عام على نفس المبدأ: “يتم تشتيت المادة المتفجرة على شكل سحابة بخار تستخدم الأكسجين الموجود في الغلاف الجوي كوقود عند تفجيرها. إن حجم الانفجار والأضرار الحرارية التي لحقت بالمبنى، فضلاً عن الطبيعة العميقة للحروق والإصابات الواضحة في الأنسجة الرخوة والإصابات الساحقة التي تعرض لها الضحايا، هي أمور تؤكدة بنسبة 100% ما توصلت إليه (هيومان رايتس واتش).

ملاحظة واستنتاج:
1- شنت دعاية العدو حملة مربكة لدحض استهداف المستشفى، بدأها جوناثان كونريكوس المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي، الذي قدم مغالطات مبنية على فيديوهات منشورة على وسائل التواصل في 6-8-2022، ثم أعاد الناطق الرسمي افيخاي أدرعي الرواية، فيما كان أول من تبنى قصف المستشفى مدير مكتب نتنياهو حنانيا نافتالي في تغريدة له على منصةX ، أكد فيها أن جيش العدو استهدف قاعدة ارهابية “لحماس” داخل مستشفى، وقال في التغريدة أن عدداً من الارهابيين قد قتل، واسف لاستعمال حماس المستشفيات والمساجد والمدارس لإطلاق الصواريخ واستخدام المدنيين كدروع بشرية. هذا التهافت في الرواية الصهيونية ناتج عن الفوضى الاعلامية في الكيان، حيث أن العسكر لم ينسق مع مدير مكتب نتنياهو الذي فضح الرواية الصهيونية المكذوبة كلها عن استهداف المستشفى.

2- نفس الاكذوبة الصهيونية تبناها الرئيس الامريكي جو بايدن لـ 13 ساعة، ثم تراجع عنها، كما تراجع عن رواية قطع المقاومين لرؤوس الاطفال اليهود واغتصاب نسائهم، ثم عاد وكذب ذلك معتبراً أنه أخذ هذه المعلومة من نتنياهو ومن صحافيين كانوا في موقع الاحداث.

3- التبني الفوري لكل من وسائل الاعلام الرئيسية الامريكية والفرنسية والبريطانية والالمانية والاوسترالية للرواية الصهيونية، التي اتهمت حركة الجهاد بأنها وراء المجزرة دون تقديم دليل سوى الفيديو المنشور قبل سنة.

4- بالنسبة لمسرح الجريمة، فإن الأرضية السوداء للمرآب الرئيسي في المستشفى والتي انفجر فوقها الصاروخ، تشير إلى أن الاحراق تم بمادة وقود.

5- الانفجار الذي تم توثيقه بفيديو يدعم شهادة شهود العيان الناجين الذين قالوا أنهم لاحظوا انفجاراً بلونين (اصفر محمر + برتقالي) وان الانفجار حدث فوق المرآب.

6- شكل السيارات في المرآب والأضرار التي لحقت بها تدل على نوع من الانفجارات التي تتسبب بندرة الاوكسيجين.

7- بالنسبة للشهداء، فهناك ثلاثة أنواع من الشهداء تدعم مواصفات الاسلحة الحرارية الفراغية: هناك أشلاء مفتتة ممن كانوا في الدائرة الاقرب من وسط تأثير الانفجار – هناك جثث محروقة ومتفحمة في الدائرة الوسطية – وهناك مجموعة من الذين استشهدوا بسبب تلفيات في الرئتين ونزيف داخلي حاد).

8- بمقارنة التأثير المحرق، يتبين أن هناك مطابقة بين انفجار “مينمار” وانفجار المستشفى “المعمداني”، يتبين أن المستشفى تم استهدافه بنموذج مطور من فئة الـ (FAE) لصاروخ cbu-72 وهو صاروخ فراغي (حارق) ينفجر بواسطة صاعق محرض على بعد 30 قدماً (9.41 متراً) فوق الأرض، بعدما يكون قد نفث مادة مختلطة من الوقود سريع الاشتعال يكوّن شبه سحابة تحيط بالهدف من على بعد 60 قدماً (18.28 متراً)، وعند انفجاره يتم سحب الأوكسيجين بمخروط قطره الأرضي 18 متراً.

المصدر: مركز يوفيد

رأيكم يهمنا

شاركوا معنا في إستبيان دورة برامج شهر رمضان المبارك