خاص | من “صيرفة” الى “بلومبرغ”.. أسباب تقنية وغايات سياسية؟؟ – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

خاص | من “صيرفة” الى “بلومبرغ”.. أسباب تقنية وغايات سياسية؟؟

الدولار والليرة
ذوالفقار ضاهر

أقرت الحكومة اللبنانية منصة “بلومبرغ” كبديل عن منصة “صيرفة” للحصول على الدولارات مقابل الليرة اللبنانية، فماذا في تفاصيل وخلفيات هذه الخطوة من الناحية التقنية؟

حول ذلك قال الخبير المالي والاقتصادي الدكتور محمود جباعي “هذه المنصة الجديدة تختلف بالشكل والمضمون عن منصة صيرفة خاصة انها ستعتمد أطرا مختلفة”. وتابع “هذه المنصة ستكون مرتبطة بوكالة عالمية اسمها بلومبرغ، هي وكالة مالية نقدية دولية تحدد المعايير الاقتصادية والمالية والنقدية لاي بلد”. واضاف “هذا الامر يعني ان اي سعر يوضع على هذه المنصة سيصبح السعر الرسمي الطبيعي داخل البلد وخارجه (وهنا يجب التأكيد انه سعر متحرك وليس ثابتا ويرتبط بالعرض والطلب بالسوق، وهنا نتحدث عن تحرير لسعر الصرف وهناك تدخل محدود من مصرف لبنان ورقابة منه ومن الحكومة والدولة في لبنان)”. وذكر ان “هناك توقعات انه اذا ما سلك العمل الطبيعي لمنصة بلومبرغ فإن الموازنات العامة في لبنان لاحقا ستصبح تقدر على اساس سعر الدولار على هذه المنصة”.

محمود جباعيورأى جباعي في حديث لموقع المنار الالكتروني “نحن اليوم نتوجه لشيء مختلف عما كان يجري سابقا، حيث كان مصرف لبنان يشتري الدولار من السوق بحسب مواد قانون النقد والتلسيف، لكن اليوم مصرف لبنان لن يتدخل ولن يشتري دولارات ولن يعرض اي شيء من موجوداته ولا حتى سيعرض ليرات لبنانية”. واوضح ان “في هذه المنصة من يريد الدولار عليه ان يقدم عليها طلبا مرفقا بالاوراق الثبوتية التي لديه وتبين أسباب حصوله على هذه الدولارات والليرات وكيف سيصرفها لاحقا”. واعتبر ان “هذا الامر هو لزوم الشفافية والوضوح بالعمل”.

ورأى جباعي ان “من إيجابيات العمل بهذه المنصة، انه سيتم منع تبييض الاموال ومنع التهرب الضريبي ويضبط نوعا ما الوضع في لبنان”. وتابع “كل هذا قد يشكل خطوة اولى لتوحيد سعر الصرف لاحقا بحسب مجريات العرض والطلب وكيف سيجري العمل في المنصة”. واشار الى ان “الحكومة اللبنانية أيضا قادرة على تحصيل الدولارات من المنصة، اذا تأمن ليرات من الجمهور”. واوضح ان “سعي الحكومة اللبنانية للحصول على الدولار (لدفع ما عليها من التزامات في قطاع الكهرباء او غيره في موازنة العام 2024) سيساهم بخفض الطلب على الدولار، وهذا يؤدي الى استقرار في سعر الصرف”. وتابع “أما استمرار الحكومة بالسعي للحصول على الدولارات من السوق فسيؤدي الى استمرار الاهتزازت بسعر الصرف”.

من جهة ثانية، لفت جباعي الى ان “المضاربين لن يسعوا للحصول على الدولار عبر هذه المنصة (لانها تتطلب تقديم دلائل وإثباتات عن مصدر المال وكيفية صرفه)، وبالتالي فإن كمية كبيرة من الاقتصاد النقدي (الكاش) لن يستعمل في هذه المنصة”.

ميقاتي ومنصوري وخليلوأمل جباعي ان “يبقى التعاون قائما بين مصرف لبنان والحكومة من الناحيتين المالية والنقدية حتى يتم المحافظة على الاستقرار النقدي الذي بلغ عمره حتى الآن ما يزيد عن 8 أشهر”. واضاف “بالمرحلة المقبلة الاسواق تترقب هذا الامر، لذلك يجب ان يكون هناك جدية وتعاون مطلقين من الجميع بهذه المسألة”.

وبخصوص تحديد سعر الصرف، قال جباعي إن “هذا السعر سيتجه الى مرحلة جديدة هي تحرير سعر الصرف، وهذا التحرير سيحدد سعر الدولار سواء الى ارتفاع او ثبات بحسب العرض والطلب على هذه المنصة”.

ولفت جباعي الى انه “بالفترة الماضية كان مصرف لبنان يعتمد الشفافية في تعاملاته خاصة بما يتعلق بمصدر الاموال سواء الدولار او الليرات، وأيضا بما يتعلق بالاموال التي يعطيها للدولة حيث كان يعرف أين ستصرف، فكل دولار او ليرة كان معروف مصدرها وكيفية صرفها”. واضاف “هذه الشفافية مهمة جدا، واليوم اذا خضع مصرف لبنان لهذه المنصة ما عاد بالامكان المساس بأموال المودعين ويبقى الاحتياطي في المصرف المركزي كأول خطوة لحل مشكلة المودعين”.

وبالانتقال من الجانب التقني والفني والنقدي والمالي والاقتصادي البحت، الى الجانب السياسي وما يحمله من خلفيات وأبعاد، لا بدّ من الإشارة الى ان هناك تساؤلات تطرح عن الأسباب الحقيقية التي دفعت للانتقال الى منصة “بلومبرغ”، فهل ستشكل هذه المنصة فرصة للخروج من الأزمة المالية والنقدية أم أنها علاج مؤقت يقدم مساعدة مرحلية الى حين إيجاد حلول جذرية للأزمة؟ كما ان هناك تساؤلات جدية وبديهية تطرح عن الغايات الحقيقية التي قد تكون قائمة خلف “شعار الشفافية” المرفوع كعنوان للجوء الى المنصة الجديدة.

وكذلك تطرح التساؤلات حول المخاوف من أن يكون هذا العنوان “الشفاف” غطاء لمزيد من الحصار الأميركي على لبنان من بوابة الإطباق على الفساد ومراقبة الفاسدين وغيرها من الأمور، بينما تكون الأهداف المرجوة في مكان آخر، تتعلق بمراقبة كل فلس يصرفه المواطن اللبناني او يحصل عليه في الداخل والخارج تمهيدا لاستخدامها بفرض “عقوبات” او اتخاذ المزيد من التدابير القاسية بحق لبنان وشعبه تحت حجج وذرائع مختلفة.

المصدر: موقع المنار