بانتظار تكشف المزيد من التفاصيل عن ما أعلنه المبعوث الأممي للسودان فولكر بيرتس عن موافقة الجيش السوداني والدعم السريع على إرسال ممثلين إلى محادثات تُعقد في السعودية، إضافة إلى محاولات من عدة دول أفريقية التوسط بين طرفي الأزمة، تتواصل الاشتباكات وعمليات إجلاء الرعايا الأجانب في البلاد.
لن نجلس مع حميدتي
في التفاصيل، أعلن عضو مجلس السيادة السوداني شمس الدين الكباشي حضور محادثات مباشرة في جدة لبحث هدنة جديدة بمشاركة ممثلين عن قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو، مؤكداً أنهم لن يجلسوا مع حميدتي.
وقال الكباشي الذي يحمل رتبة فريق أول في الجيش السوداني، في مداخلة هاتفية مساء الاثنين مع قناة “القاهرة الإخبارية” “عرضت علينا مبادرتان لمواجهة الحرب بالسودان من الولايات المتحدة والسعودية والثانية من “إيغاد” (هيئة تضم دول شرق إفريقيا)، وكل مبادرة طرحت رحبنا بها”.
ونفى أن تكون المبادرتان بغرض “التفاوض” مع حميدتي، موضحاً “رحبنا بالمبادرة الأمريكية السعودية لأنها تتحدث عن هدنة وتمت أكثر من مرة لكن مليشيات حميدتي كانت تخرقها”.
من جهته، قال الفريق أول ياسر العطا، عضو مجلس السيادة الانتقالي، اليوم الثلاثاء “ليس هناك أي متسع لمفاوضات مع الدعم السريع والأولوية الراهنة لحسم ما سماه بالتمرد”. ولم تعقب السعودية بشأن تلك المحادثات المرتقبة التي أكد مبعوث أممي، “احتمال حدوثها بالمملكة” لبحث الأزمة المستمرة منذ منتصف نيسان/أبريل الماضي.
يأتي ذلك في وقت سبق أن قال فيه رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس، في تصريحات لوكالة أسوشيتد برس، إن طرفي النزاع وافقا على إيفاد ممثلين لإجراء مفاوضات قد تعقد في السعودية. وأوضح بيرتس أن المفاوضات ستركز في البداية على إرساء وقف لإطلاق النار “مستقر وموثوق”، ويشرف عليه مراقبون “محليون ودوليون”. لكنه نبّه إلى أن ترتيبات عقد هذه المحادثات لا تزال قيد الإنجاز.
وقال “من المهم التواصل مع كلا الطرفين، وجعلهما يلتزمان بوقف إطلاق النار حتى يتضح أن القتال والمضي قدما ومحاولة تحقيق انتصارات على الأرض، هي في الواقع انتهاك لوقف إطلاق النار”.
وأضاف أن “أحد الاحتمالات هو إنشاء آلية لمراقبة وقف إطلاق النار تضم مراقبين سودانيين وأجانب، لكن يجب التفاوض على ذلك”، قائلاً إن “المحادثات بشأن ترسيخ وقف إطلاق النار يمكن أن تتم في السعودية أو جنوب السودان، مضيفًا أن إجراءها في الرياض قد يكون أسهل من الناحية اللوجيستية؛ لأنها تربطها علاقات وثيقة بالجانبين.
لكنه استدرك قائلاً “حتى المحادثات في السعودية تنطوي على تحديات، لأن كل جانب يحتاج إلى ممر آمن عبر أراضي الطرف الآخر للوصول إلى مقر المحادثات. وهذا صعب للغاية في حالة انعدام الثقة”. ولم يصدر أي تعقيب فوري من الجانب السعودي بشأن احتمال استضافة محادثات بين ممثلين عن البرهان وحميدتي، كما لم يصدر أي إعلان رسمي من جانب الأمم المتحدة.
جهود أفريقية
وفي سياق متصل، قال رئيس الاتحاد الأفريقي رئيس جمهورية جزر القمر غزالي عثماني -خلال اتصال هاتفي مع رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان- إن الاتحاد سيطلق مبادرة لمعالجة الوضع في السودان، وإنه يأمل أن يقبلها طرفا النزاع.
وحسب بيان لمجلس السيادة السوداني، فإن رئيس الاتحاد الأفريقي بحث مع البرهان خلال الاتصال جهود حل الأزمة، ودعا إلى التهدئة ووقف التصعيد.
من جهته، قال الرئيس الكيني وليام روتو إنه بحث مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن سبل تخفيف الأزمة الإنسانية وإنهاء الصراع في السودان. وأضاف أن الوضع الإنساني في السودان يزداد سوءا.
وأوضح أن كينيا ستعمل بشكل وثيق مع الولايات المتحدة والإيغاد والاتحاد الأفريقي والوكالات الأممية والدول الصديقة من أجل تنسيق الاستجابة الإنسانية اللازمة.
وفي أول تعليق له على الأوضاع في السودان، أكد الرئيس الإريتري أسياس أفورقي ضرورة دمج قوات الدعم السريع داخل الجيش السوداني لطي الخلافات.
وقال أفورقي -في مقابلة مع التلفزيون الإريتري- إن وأد الخلافات ضروري لحماية سيادة السودان، مشددا على ضرورة إيقاف الاقتتال الدائر في السودان، داعيا في الوقت نفسه أطراف النزاع لحل الخلافات بالتحاور تحت رعاية دول الجوار، وعدم فتح باب التدخلات الأجنبية.
الموقف الأميركي
وفي واشنطن، أكد فيدانت باتيل نائب المتحدث باسم الخارجية الأميريكية أن واشنطن تواصل مطالبة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بإنهاء الاقتتال في السودان. وكرر باتيل تحذير الخارجية للأميركيين من السفر إلى السودان في ظل الأزمة الحالية.
بدورها، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جون-بيير إن واشنطن تواصل إجراء محادثات مع طرفي النزاع في السودان لإنهاء القتال بشكل فوري ومن دون شروط. وأضافت جون-بيير في مؤتمر صحفي أن الوضع في السودان متقلب، وأن الولايات المتحدة تركز على مساعدة الأميركيين الراغبين في المغادرة.
عمليات الإجلاء
وعلى مدى الأيام الماضية، أجلى العديد من الدول الغربية والعربية رعاياها توازيا مع جهود دبلوماسية سعيا للحلّ. ووصلت سفينتان أميركية وسعودية إلى المملكة أمس الاثنين حاملتين نحو 500 مدني من جنسيات عدّة من السودان، وفق ما أفادت به مصادر سعودية.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية أمس الاثنين إن الولايات المتحدة أجلت أكثر من 700 شخص من القتال العنيف في السودان خلال الأيام الثلاثة الماضية. بدورها، أعلنت بريطانيا انتهاء مهمة الإجلاء الجوي من السودان، حيث من المتوقع أن يصل ركاب آخر رحلات العودة إلى بريطانيا في غضون ساعات.
ومن المتوقع أن تهبط في قبرص اليوم الثلاثاء رحلتان نظمهما سلاح الجو الملكي، وعلى متنهما مواطنون بريطانيون وأطباء سودانيون يعملون في هيئة الخدمات الصحية الوطنية. من جانبها، قالت وزارة الدفاع الروسية في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء إن موسكو أجلت أكثر من 200 من رعايا روسيا وجيرانها من السودان.
وأوضحت -عبر تطبيق تليغرام- أن 4 طائرات “إي إل-76” تابعة للقوات الجوية الروسية “تنقل أكثر من 200 شخص من جمهورية السودان إلى روسيا الاتحادية”.
تدهور سريع للوضع الإنساني
وفي الجناب الإنساني، قال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن “الأحداث في السودان تحصل بنطاق وسرعة غير مسبوقين”، مبديا “قلقه الكبير”.
وأضاف أن الأمين العام أنطونيو غوتيريش قرّر أن يرسل “فورا إلى المنطقة” رئيس الوكالة الإنسانية للمنظمة الأممية مارتن غريفيث، “في ضوء التدهور السريع للأزمة الإنسانية في السودان”.
وأكد غريفيث أنه في طريقه إلى المنطقة “لدراسة كيف يمكننا أن نقدّم مساعدة فورية”، مبينا أن “الوضع الإنساني يقترب من نقطة اللاعودة”، وحذّر من أن النهب الذي تعرضت له مكاتب المنظمات الإنسانية ومستودعاتها “استنزف أغلبية مخزوننا”.
وفي بلد كان ثلث سكانه يعانون من الجوع قبل اندلاع الحرب، قرّر برنامج الأغذية العالمي أن يستأنف “أنشطته فورا”، بعد تعليقها عقب مقتل 3 من موظفيه خلال الأيام الأولى للنزاع.
وتحوّلت الأزمة الصحية التي كان يعانيها السودان قبل اندلاع القتال إلى “كارثة بكل معنى الكلمة”، حسب المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في منطقة شرق المتوسط أحمد المنظري.
وتابع “هناك فعلا نقص حقيقي في الكادر الطبي، وخصوصا بعد ظهور هذه الأزمة خلال الأسبوعين الماضيين، وتحديدا في الكادر الطبي المتخصص -على سبيل المثال- في الجراحة والتخدير”. وأشار إلى أن “23% من المستشفيات في الخرطوم تعمل بشكل جزئي، في حين تعمل 16% فقط بكامل طاقتها”.
وأسفرت المعارك عن سقوط ما لا يقل عن 528 قتيلا و4599 جريحا، وفق أرقام أعلنتها وزارة الصحة السودانية السبت الماضي، في حصيلة يرجح أن تكون أعلى.
وأدت المعارك إلى نزوح داخلي ولجوء خارجي. وحسب تقديرات الأمم المتحدة، فقد انتقل 75 ألف شخص إلى مناطق أخرى في السودان، وعبر 20 ألفا على الأقل نحو تشاد و6 آلاف نحو جمهورية أفريقيا الوسطى وغيرهم إلى إثيوبيا وجنوب السودان.
وتطول الاشتباكات 12 من الولايات الـ18 في السودان الذي يبلغ عدد سكانه 45 مليون نسمة، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
السيسي: جهودنا تصب في إطار تثبيت وقف إطلاق النار
أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أن الجهود التي تبذلها مصر بشأن السودان تأتي لوقف وتثبيت إطلاق النار وتهيئة المناخ للحوار السلمي واستكمال المرحلة الانتقالية. وأوضح الرئيس المصري خلال حديثه مع رئيس التحرير الدولي لصحيفة “أساهي”، إحدى أكبر الصحف اليابانية أن مصر تهدف لتجنيب الشعب السوداني المخاطر الإنسانية المتفاقمة للنزاع.
وأكد الرئيس المصري كذلك موقف مصر من الأزمات القائمة بالمنطقة، مشيرا إلى أن السياسة الخارجية المصرية “تقوم على رفض التدخل في شؤون الدول واحترام مبدأ السيادة وتسوية النزاعات بالطرق السلمية”.
المصدر: مواقع إخبارية