المشهد هو نفسه في السودان. الإعلان عن هدن إنسانية شكلية، مع استمرار للاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع. يرافق ذلك مزيد من التردي على صعيد الأوضاع الإنسانية في البلاد إضافة إلى بدء الحديث عن أزمة نزوح ستشكل عبئاً كبيراً على الدول المجاورة خلال المرحلة المقبلة. وسط ذلك جاء إعلان مسؤول أممي عن قبول البرهان وحميدتي إرسال مندوبين إلى السعودية للتفاوض كخرق لمسار الأحداث، ستظهر الأيام المقبلة إذا ما كان يعوّل عليه.
في التفاصيل، فقد أعلن المسؤول الأممي فولكر بيرتس أن قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، وافقا على إرسال ممثلين للتفاوض في السعودية. وأفاد بيرتس أن المحادثات ستركز في البداية على التوصل لوقف إطلاق نار “مستقر وموثوق تحت إشراف مراقبين وطنيين ودوليين”، محذرا من أن “الخدمات اللوجستية اللازمة لإجراء المحادثات ما زالت قيد الإعداد”.
وقال المبعوث إنهم ما زالوا يواجهون تحديات رهيبة في عمل الجانبين على الالتزام بالهدنة.
وأشار إلى أن “أحد الاحتمالات هو إنشاء آلية لمراقبة وقف إطلاق النار تضم مراقبين سودانيين وأجانب، لكن يجب التفاوض على ذلك”، مبينا أن “المحادثات بشأن ترسيخ وقف إطلاق النار يمكن أن تتم في السعودية أو جنوب السودان”.
ورأى أن “الأولى قد تكون أسهل من الناحية اللوجستية لأنها تربطها علاقات وثيقة بالجانبين. لكن حتى المحادثات في السعودية تنطوي على تحديات، لأن كل جانب يحتاج إلى ممر آمن عبر أراضي الطرف الآخر للوصول إلى المحادثات”، معتبراً أنه “صعب للغاية في حالة انعدام الثقة”.
هذا وتجدد إطلاق النار في مناطق من العاصمة الخرطوم في الساعات الأولى من دخول الهدنة السادسة حيز التنفيذ. فقد سُمع دوي انفجارات في محيط القصر الجمهوري، وإطلاق نار بالأسلحة الثقيلة والخفيفة داخل ضاحية شمبات شمالي الخرطوم بحري.
وكان طرفا النزاع قد أعلنا موافقتهما على الهدنة الجديدة باعتبارها تمديدا لسابقتها، على أن تستمر 72 ساعة بدءا من منتصف ليل الأحد.
وقال الجيش السوداني إن موافقته جاءت استجابة لوساطة أميركية سعودية، مؤكدا استعداده للتعامل مع أي خروق، حسب وصفه، كما اتهم قوات الدعم السريع باللجوء إلى سياسة الأرض المحروقة بسبب “فشل مخططاتها في الاستيلاء على السلطة بالقوة”.
أما قوات الدعم السريع فقد أعلنت أنها وافقت على تمديد الهدنة استجابة لما وصفتها “بنداءات دولية وإقليمية ومحلية بهدف فتح الممرات الإنسانية وتسهيل حركة المواطنين والمقيمين وتمكينهم من تدبير احتياجاتهم والوصول إلى مناطق آمنة”.
الدعم السريع يتمسك بمواقعه
من جهته، قال القائد الثاني لقوات الدعم السريع عبد الرحيم حمدان دقلو في مقابلة مع “قناة الجزيرة”، إن قواتهم لا تزال تسيطر على مواقعها في القصر الجمهوري والإذاعة والتلفزيون ومطار الخرطوم. وأضاف أن قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) “يدير المعركة السياسية والعسكرية من الميدان”، وأن القوات تتلقى منه التعليمات.
وذكر القائد الثاني أن قوات الدعم السريع تواصل التصدي لتعزيزات الجيش القادمة من الولايات. وفي ما يتعلق ببدء انتشار قوات الاحتياطي المركزي التابعة للشرطة في مواقع بالخرطوم، قال دقلو إنهم يصنفون هذه القوات باعتبارها “قوة مقاتلة ومعادية”. وأضاف أنهم طلبوا من نائب مدير قوات الشرطة عدم إدخالها طرفا في القتال، لكنه لم يستجب، وفق قوله. واتهم دقلو من وصفهم بعناصر النظام المعزول بالمسؤولية عن عمليات النهب التي تعرضت لها البنوك في الخرطوم.
مساعدات طبية
في الجانب الإنساني، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أمس الأحد وصول أولى شحناتها من المساعدات الإنسانية إلى السودان عقب اندلاع المعارك. وأوضحت اللجنة،في بيان، أن الشحنة المكونة من 8 أطنان من المواد الطبية تتضمن معدات جراحية لدعم مستشفيات السودان ومتطوعي جمعية الهلال الأحمر السوداني، وقد وصلت إلى بورتسودان شرقي البلاد على متن طائرة قادمة من الأردن.
من جهة أخرى، حذّر “برنامج الأغذية العالمي” من أن العنف الدائر في السودان يمكن أن “يسبب أزمة إنسانية في كامل منطقة شرق أفريقيا”، بينما أعلنت الأمم المتحدة أن أمينها العام قرر إرسال منسق الشؤون الإنسانية مارتن غريفيث “فورا” إلى المنطقة في ضوء تدهور الأوضاع في السودان.
كما أعلنت الأمم المتحدة أن أمينها العام قرر إرسال وكيله للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث فورا إلى المنطقة في ضوء الأزمة المتدهورة في السودان. وجاء في بيان للمتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أن حجم وتسارع وتيرة الأحداث غير مسبوق، معرباً عن قلق المنظمة من التأثير الفوري وطويل الأمد على السودان والمنطقة. بدوره، قال غريفيث (وهو أيضا منسق الإغاثة في حالات الطوارئ) إنه يبحث في كينيا التي يزورها اليوم إيجاد طرق لإيصال المساعدات إلى السودان وتوزيعها على المحتاجين.
ووصف غريفيث الوضع في السودان “بالكارثي” منذ بداية المواجهات. وأكد المسؤول الأممي ضرورة حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية وضمان مرور آمن للمدنيين الفارين من مناطق القتال واحترام العاملين في المجال الإنساني.
هذا وسُرق حوالي 4 آلاف طن من المساعدات الإنسانية، المقدمة للسودان ضمن برنامج الأغذية العالمية التابع للأمم المتحدة. وأفاد مبعوث الأمم المتحدة في دارفور، فولكر بيرثيس، لوكالة “سماي نيوز” البريطانية، قائلاً “معظم المساعدات الإنسانية التي كانت في مستودعاتنا سُرقت، ونهبت جميع مخازن منظمة الأغذية العالمية ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وغيرها من المنظمات في دارفور، ونتيجة لذلك فقد برنامج الغذاء العالمي حوالي 4000 طن من المساعدات الإنسانية”.
وأكد بيرثيس، ضرورة وقف إطلاق النار، لاستئناف أنشطة برنامج الغذاء العالمي في السودان، وتقديم المساعدات الإنسانية للازمة للمواطنين.
عمليات الإجلاء مستمرة
في غضون ذلك، تتواصل عمليات إجلاء الرعايا الأجانب من السودان، وسط دعوات لطرفي القتال للالتزام بالهدنة الجديدة. وأعلنت غرفة الطوارئ في بورتسودان مغادرة 9170 شخصا من رعايا دول مختلفة تم إجلاؤهم عبر ميناء بورتسودان حتى الآن.
وأضافت أن الوضع الصحي للرعايا الأجانب والسودانيين المنتظر إجلاؤهم مستقر ولا إصابات بينهم.
اجتماع طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي
وأعلنت منظمة التعاون الإسلامي اليوم الاثنين، عن عقد اجتماع طارئ يوم الأربعاء المقبل لبحث الأوضاع في السودان، بطلب من السعودية. وقالت وزارة الخارجية السعودية إن إجمالي من تم إجلاؤهم من السودان بلغ 5197 بينهم 184 سعوديا.
المصدر: مواقع إخبارية