“… في حرب تموز عام 2006 رأى العدو بعضا من بأسنا.. وإذا أراد العدو الآن أن يعتدي على خيارنا وهويتنا فهويتنا تعني وجودنا فسَنُري العدو كل بأسنا.. بكل ثقة واستنادا إلى معرفتنا بما يُعدّه المجاهدون في مسيرتنا وبما يُخطَط له فإننا لن نركع لأحد ولن ننحني لأحد وسنُحقّق عزّتنا وكرامتنا وسنستعيد كلّ ما سَلَبَه العدوّ من شعبنا بفضل إيماننا بالله وتوكلنا عليه واستعدادنا لبذلِ أرواحنا في سبيله..”، هذا ما قاله رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد في حديث له يوم 2-3-2023.
رسالة واضحة لا تحتاج الى تفسير حول ما يمكن للعدو الإسرائيلي ان يلقاه فيما لو اعتدى على حقوق لبنان وشعبه، ولكن الأهم من كل ذلك هو الغموض الذي يلف ما يجب على العدو ان ينتظره من خفايا في أي حرب مقبلة، فالأسرار غير المعلنة تبقى أهم ما يقلق العدو الاسرائيلي ويؤرقه، فبحسب كلام النائب رعد فإن ما تعده المقاومة سيكون موجعا للعدو بقدر يحقق للبنان العزة والانتصار، وهذه السرية التي تلف عمل المقاومة وقياداتها كشف بعضها يوم الجمعة 3-3-2023 مع الإعلان عن رحيل أحد قادة المقاومة الشهيد القائد أسد الصغير – الحاج صالح.
قائد ممن يعملون بالسر وبعيدا عن الاضواء والضوضاء، أضواء الشهرة والحياة الدنيا التي يسعى إليه الكثير من الناس، وضوضاء وصخب هذه الحياة لا سيما الظروف الضاغطة في لبنان سياسيا وأمنيا واجتماعيا، نتيجة الحرب الاميركية على المنطقة مع ما تفرزه من حصار ظالم على سوريا ولبنان، فالمشروع الاميركي الاسرائيلي الذي فشل في نسخته العسكرية خلال عدوان تموز 2006، عاد ليظهر لابسا ثوب الحرب الامنية التكفيرية ضد سوريا والعراق ولبنان وبعد فشل هذا المشروع جراء تصدي دول ومحور المقاومة، خرج الاميركي حاملا مشروعه للحرب بنسختها الاقتصادية، مع محاولات بين الفينة والاخرى لبث الفتن المذهبية والطائفية وإثارة الاضطرابات في بعض المناطق وفي عدة مناسبات، وبكل المراحل بقيت المقاومة دائما بالمرصاد للنسخ الاميركية الاسرائيلية في الحروب أيا كانت صورتها.
وقد نعى حزب الله أحد قادته الشهيد الحاج صالح ببيان قال فيه “.. ارتحل بعد صراع مع المرض خاتما تاريخا جهاديا كبيرا عرفته ساحات العطاء والتضحية..”، هذا القائد كغيره من قادة وشباب المقاومة الذين ارتحلوا عن هذه الدنيا واستشهدوا لا نعرفهم في حياتهم التي تبقى “صدقة سر”، إنما شاء الله ان نعرفهم بعد رحيلهم ونطلع على ما أمكن من حياتهم وعطاءاتهم وإنجازاتهم، وذلك لمعطيات تتعلق بعمل وسرية المقاومة وتحركاتها، فهؤلاء القادة هم نفس المقاومة ولا انفصال بينهم وبينها، وبالتالي يبقون غير معروفين حتى تاريخ انتقال أرواحهم الى باريها، ما يحتم الاعلان عنهم تكريما وشرفا ولاجل الاقتداء بهم والتعلم منهم للتمكن من إكمال الطريق الذي رسموه حتى تحرير كامل الارض المحتلة واستعادة كافة الحقوق المسلوبة وحماية الوطن من أي مخاطر ومخططات تستهدفه وحماية سيادته واستقلاله.
هذه المقاومة التي تضم ثلة من المجاهدين والقادة من طينة الراحل الحاح أسد الذي عملوا بصمت دون تعب او كلل كما كان القائد الجهادي الكبير الحاج عماد مغنية(الحاج رضوان) والشهيد القائد السيد مصطفى بدر الدين(السيد ذوالفقار)، وخير وصف لهم كان ما قاله فيهم الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في كلمته خلال تشييع الحاج رضوان في 14-2-2008 “..هؤلاء جنود الله المجهولون في الارض المعروفون في السماء لا يدافعون عن أنفسهم يدافعون عن الأمة والوطن وقضايا الحق ولا ينتظرون مديحاً لأنهم مجهولون، ولا يردون تهمة ظالم او مدع ولا يدافعون عن أنفسهم لأنهم لا يرون لأنفسهم وجوداً خارج معركة الايمان والعطاء والتضحية اما بعد شهادة هؤلاء فحقهم علينا جميعاً أن ننصفهم، ان نكشف للعالم وجوههم المنيرة وحقائقهم الصافية وعطاءاتهم العظيمة..”.
المصدر: موقع المنار