ملف ساخن | عن معادلة السيد نصرالله الجديدة… أو “ما لا يخطر في بال” – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

ملف ساخن | عن معادلة السيد نصرالله الجديدة… أو “ما لا يخطر في بال”

عن معادلة السيد نصرالله الجديدة... أو "ما لا يخطر في بال"
عن معادلة السيد نصرالله الجديدة... أو "ما لا يخطر في بال"
سمية علي

’’من يريد أن يدفع لبنان إلى الفوضى أو الانهيار عليه أن يتوقع منا ما لا يخطر في بال أو وهم وإن غداً لناظره قريب’’

الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله

حرب المعادلات
ليس تهديداً، ما أعلنه الأمين العام لحزب الله على مسمع العالم في ذكرى الشهداء القادة في الضاحية الجنوبية لبيروت. الموقف أبعد من ذلك إلى حدّ كبير، إن لجهة خلفياته أو مضامينه أو مآلاته: إنه معادلة جديدة في “حرب المعادلات” المستمرة منذ انطلاق المقاومة، حيث برزت بوضوح في العام 1996، لحظة إقرار ما سُمي بـ “اتفاق نيسان” الذي انتزعت المقاومة من خلاله حقها بالدفاع عن مواطنيها وأرضها وبالتالي تحريرها عام 2000، ذلك بعد أن فشل العدو في تحقيق انتصار سعى إليه خلال عدوان دام ستة عشر يوماً أسماه “عناقيد الغضب”.

بالرغم من أن لكل معادلة أطلقها حزب الله ظروفها، إلا أنها جميعاً كانت ترسم مسار الاحتمالات في وقتها، لجهة أداء المقاومة على كافة الصعد وما هو متوقع منها، وبالتالي وضع حدود للعدو وخطوطاً باتت حمراء بفعل مسار طويل ادّى إلى تعاظم قوة هذه المقاومة واثبات مصداقيتها، بأن ما يُقال يُفعل.

من معادلة الأسرى، إلى “معادلة الردع الكبرى” التي كانت نتاج انتصار عقب ثلاث وثلاثين يوماً من الحرب عام 2006، إلى معادلة تعدّت الحدود اللبنانية إلى سوريا، حيث أعلن حزب الله وهو ممسك بإنجازه الاستراتيجي هناك مع حلفائه، بأن أي اعتداء عليه (مراكز أو أفراد) سيقابله رد مماثل. إلى معادلتي الردع الجوية لمنع مسيرات الاحتلال من استباحة الأجواء اللبنانية، و “معادلة كاريش” التي شكّلت حجر أساس لاطلاق اتفاق ترسيم الحدود البحرية الذي حفظ للبنان حقه في ثروته من النفط والغاز.

هنا يصحّ القول بأن هاتين المعادلتين، تحديداً الأخيرة، لم تُفرض كنتيجة مباشرة لحرب عسكرية، كما بعض سابقاتها، بل إنها حالت دون حرب (كانت متوقعة بحسابات أطرافها)، لكنها لم تحدث. ولذلك أسباب عدة منها التوقيت الذكي لإطلاقها من قبل السيد نصرالله (الظروف الدولية والحاجة الملحة إلى الاستقرار في هذه البقعة الجغرافية التي تحوي كميات لا بأس بها ابداً من مصادر الطاقة)، ومما لا شك فيه ايضاً إدراك الجميع امتلاك الحزب الكثير من أوراق القوة المجهولة معظمها (عنصر المفاجأة والمباغتة)، والقدرة الجيدة على إدارة هذه الأوراق.

رسمت المعادلة خطوط الحل، أو جزءاً منه، ضبطت فتيل الانفجار وحصّلت إنجازاً وطنياً كبيراً، مع تجنيب البلاد مواجهة عسكرية لها أثمانها. إنها نقطة تحول أساسية في مسار مراكمة القوة ضد الأعداء على اختلافهم (لا يقتصر الأمر على العدو الاسرائيلي فقط): حزب الله بات قادراً إلى حد ما على فرملة جموح عدوه، وفرض شروطه عليه إلى حدّ ما.

 

“معادلة كاريش”… يُتبع؟
حصل الترسيم في 27 تشرين الأول/اكتوبر 2022. بقيت المقاومة على تفاؤلها الحذر، واضعة في الحسبان احتمالات التسويف والمماطلة المرتفعة للبدء جدياً بأعمال التنقيب، ذلك لأسباب كثيرة في مقدمتها دخول البلاد في أزمة سياسية عميقة قوامها الفراغ في السلطتين الرئاسية والتنفيذية.

هذا ما حدث فعلياً. تلاه انفجارٌ على مستوى السلطة القضائية (خلاف البيطار-عويدات) برعاية أميركية. اقترابٌ لشبح الفوضى الشاملة أكثر من أي وقت منذ بدء الأزمة نهاية عام 2020، وهو محصلة طبيعية لضغط اقتصادي ومالي واجتماعي غير مسبوق، له أسبابه الداخلية المعروفة، لكن الحصار الأميركي واستمرار الأخيرة في الضغط لمنع كل ما من شأنه تنفيس الاحتقان هو “مربط الفرس”.

أدرك حزب الله جيداً، أن البلاد تقف على حافة “عنف أهلي”، هدفه الضغط على المقاومة لفرض تسويات معينة على المقاومة في ما يتعلق بشخص الرئيس، طبيعة النظام، الحكومة، أو كيفية إعادة تشكيل النظام الاقتصادي. توصل الأخير إلى معطيات، وفقاً لمقالة في صحيفة “الأخبار”، تقول إن “واشنطن طلبت من عملاء تم تجنيدهم أخيراً، إعداد قنابل مولوتوف لإحراق مؤسسات عامة”، وهو ما يتقاطع مع ما يتم تداوله عن نية الأخيرة تدمير ما تبقى من مؤسسات الدولة، في سياق مخطط الفوضى عينه، وهنا لا بد من التذكير بتحذير سابق لمساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، من أن “لبنان مفتوح أمام كل السيناريوهات، بما فيها تفكك كامل للدولة”. إضافةً إلى دور اسرائيلي بارز عكسه “التحقيق الذي نشر في صحف فرنسية وبريطانية عن دور مجموعة إسرائيلية في بناء منظومة الأخبار الكاذبة وإنشاء حسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي والعمل على استخدامها في تضليل الرأي العام في سياق انتخابات تخاض في بلدان عدة”.

“لقاء باريس الخماسي” أكد المؤكد: الجانب الأميركي وافق الأطراف الحاضرة (السعودية، فرنسا، مصر، وقطر) على ضرورة ممارسة مستوى جديد من الضغوط على القوى اللبنانية لانتخاب رئيس جديد. وبحسب مصادر إعلامية “طالب الجانبان السعودي والقطري بأن يورد البيان الختامي إشارة واضحة إلى أن المجتمع الدولي سيفرض عقوبات على معرقلي انتخاب الرئيس الجديد، وهو ما رفضته فرنسا، وسكت عنه الأميركيون، قبل أن يتدخل الجانب المصري لتلطيف الأمر”. هذا الجدال انعكس انتهاءً للقاء دون صدور أي بيان.

وهنا رأى الخبير الاستراتيجي حسام مطر أنه “كان لا بد من ادخال معطى جديد على قواعد اللعبة يمكن أن يؤسس لمخرج سياسي للأزمة كخطوة أولى. فكانت مقاربة الحزب القائمة على امتصاص الضغوط الأميركية ومحاولة تحييدها عن لبنان”، أي المعادلة الجديدة التي أعلن عنها السيد “الفوضى في لبنان يقابلها فوضى في كل المنطقة”.

التوقيت الذكي مجدداً: استمرار الحاجة للاستقرار في المنطقة، تحديداً في النقاط حيث مصادر الطاقة (الصراع في أوكرانيا لا زال في أوجه). وهنا تتجلى قوة “ورقة كاريش”، حيث بدأ الكيان الاسرائيلي باستخراج الغاز، وأي ضربة هناك ستعيق ذلك، وتعيد المنطقة إلى احتمالات ما قبل توقيع اتفاق الترسيم.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن هناك ما استجد في المشهد الاسرائيلي، حيث يشهد الكيان أزمةً غير مسبوقة تنذر بحرب أهلية، وتعيق حتماً جهوزية دخوله في مواجهة كبرى. وهو ما يرفع من احتمالات نجاح “معادلة السيد”، حسبما رجح العميد المتقاعد والباحث في الشؤون الاستراتيجية شارل أبي نادر في حديث لقناة المنار.

وفي السياق نفسه، من الممكن أن تكون هذه المعادلة “مقدمة لبدء المساومة السياسية أو أقله ضبط الأزمة، على أمل أن لا يستوجب كل ذلك اختبارات ميدانية في الداخل أو الخارج”، وفقاً للخبير الاستراتيجي حسام مطر.

المصدر: موقع المنار