بعد مخاض تفاوضي طويل تخلله تبديل الوسيط الأميركي أكثر من مرّة، وتعنّت صهيوني حول عدم استعداده لإعطاء لبنان أي حق يتجاوز الخط رقم 1 المزعوم، تم اليوم الخميس في نقطة الناقورة الحدودية، وضمن إجراءات لا يجتمع فيها الوفد الرسمي اللبناني مع وفد العدو الإسرائيلي في نقطة واحدة، توقيع التفاهم لترسيم الحدود البحرية الجنوبية للبنان مع فلسطين المحتلة. يأتي ذلك بعد أشهر قليلة على تدخل المقاومة لتأييد الموقف الرسمي اللبناني برفع مستوى التهديد في حال بدأ الصهاينة باستخراج الغاز من منصة كاريش شمال فلسطين المحتلة قبل التوصل مع لبنان عبر الوسيط الدولي إلى اتفاق يعطي لبنان كامل حقوقه في ثرواته البحرية.
وقد تسلم رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون من المبعوث الاميركي عاموس هوكشتاين الرسالة الاميركية الرسمية في ما يتعلق بترسيم الحدود البحرية الجنوبية، وذلك خلال استقبال هوكشتاين في قصر بعبدا بحضور نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب واعضاء الوفد المفاوض مع الجانب الأميركي.
وقال بوصعب إن “الرئيس عون وقع رسالة تسلم لبنان الرسالة الأميركية الرسمية ووافق على مضمونها”.
وقال هوكشتاين بعد لقائه الرئيس عون إنه “يوم تاريخي في ظل الظروف الحالية ان نتوصل الى اتفاق يعيد الأمل ويوفر الفرص الإقتصادية”، وتابع “المهم الآن ليس الإنجاز بقدر ما سيحصل في المستقبل وآمل أن يوفر الاتفاق نقطة تحول على الصعيد الإقتصادي”، واضاف “الاتفاق سيسمح ببدء الأعمال من قبل شركة توتال للتطوير والاكتشاف ولا شيء سيأخذ عائدات النفط والغاز من اللبنانيين”.
وخلال حديثه في قصر بعبدا رفض هوكشتاين الاستماع لسؤال مراسل قناة المنار حسن حمزة، في تناقض واضح مع الشعارات الاميركية التي ترفع حول الحريات والديمقراطية.
واعلن المسؤول الاعلامي في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا أسماء الوفد اللبناني الى الناقورة، وهم: مدير عام رئاسة الجمهورية انطوان شقير، مفوض الحكومة لدى اليونيفيل العميد الركن منير شحادة، عضو مجلس هيئة إدارة النفط وسام شباط ورئيس مجلس الاستشارات القانونية في وزارة الخارجية أحمد عرفة.
وترأس رئيس الجمهوربة العماد يشال عون بعد ظهر اليوم اجتماعاً لأعضاء الوفد اللبناني الرسمي المغادر الى الناقورة.
من جهة ثانية، استقبل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي هوكشتاين، بحضور بو صعب والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم والوفد الأميركي المرافق لهوكشتين.
وشكر ميقاتي “هوكشتاين على الجهود التي بذلها في سبيل التوصل الى انجاز الترسيم”، وقال “نأمل ان يكون ما تحقق خطوة أساسية على طريق الافادة من ثروات لبنان من الغاز والنفط، بما يساهم في حل الازمات المالية والاقتصادية التي يمر بها لبنان، ويساعد الدولة اللبنانية على النهوض من جديد”، واضاف ان “التعاون بين مختلف المسؤولين اللبنانيين، بمساعدة اصدقاء لبنان حقق هذه الخطوة النوعية الاساسية في تاريخ لبنان، بعد سنوات من العمل الدؤوب”.
ومن ثم زار هوكشتاين عين التينة للقاء الرئيس بري في إطار جولته على الرؤساء الثلاثة قبل توجهه الى الناقورة.
وعن مسار التوقيع على التفاهم على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، تحدث مراسل قناة المنار في جنوب لبنان علي شعيب.
وكان هوكشتاين قد وصل بيروت مساء الاربعاء حيث التقى الخميس الرؤساء الثلاثة قبل انتقاله الى منطقة الناقورة لتوقيع تفاهم الترسيم.
وبالسياق، قالت صحيفة “البناء” اللبنانية إن “هوكشتاين أمضى ليلته في بيروت وهو يضع اللمسات اللوجستية الأخيرة على تفاصيل ترتيبات اليوم، الذي استهلك مئات ساعات التفاوض وسنوات الانتظار”، وتابعت “صمد خلالها لبنان، ونجح أخيراً عندما دخلت مقاومته على الخط بوضع الأمور في نصاب المعادلة التي رسمتها المقاومة في لحظة دولية واقليمية دقيقة، مفادها لا غاز لأحد من المتوسط دون ان ينال لبنان مطالبه”، واوضحت “بينما الأميركي والأوروبي والإسرائيلي بأشدّ الحاجة لبدء استخراج الغاز، والخيار بين التزام هذه المعادلة او قبول الذهاب الى الحرب في توقيت لا تملك إسرائيل قدرة تحمل تبعات الحرب وخوضها، ولا تتحمل اميركا رؤية حرب جديدة في العالم تعطل تدفق الطاقة وهي تعجز عن التأقلم مع النتائج الكارثية لحرب أوكرانيا”.
من جهتها، قالت صحيفة “الاخبار” إن “هوكشتاين سيصل إلى الناقورة ومعه مساعدون بينهم السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، كما ستحضر ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان الديبلوماسية البولندية يوانا فرونتسكا بعد تلقيها أول من أمس رسالة تفويض من مكتب الأمين العام للأمم المتحدة. وإلى جانب الوفد اللبناني المفترض أن يقتصر على ثلاثة أشخاص فإن إسرائيل سترسل وفداً كبيراً يصل عدده إلى سبعة على الأقل، برئاسة مندوبة عن رئيس الحكومة تعمل في مكتب مستشار الأمن القومي إلى جانب مدراء من وزارة الطاقة وضباط من جيش الاحتلال”.
المصدر: قناة المنار + صحف