تبنى مجلس الأمن الدولي صباح اليوم الاثنين بإجماع أعضائه الـ 15، قرارا جدد بموجبه عمل آلية إيصال المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة إلى شمال غرب سوريا عبر الحدود التركية لمدة ستة أشهر إضافية.
وفي بيان صدر مباشرة عقب قرار التمديد، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك إن عمليات الأمم المتحدة الإنسانية عبر الحدود تظل شريان حياة لا غنى عنه بالنسبة لـ 4.1 مليون شخص في شمال غرب سوريا.
وقال الأمين العام، في بيان منسوب للمتحدث باسمه، إن قرار تأكيد تمديد هذا التفويض لستة أشهر إضافية يأتي في وقت وصلت فيه الاحتياجات الإنسانية إلى أعلى مستوياتها منذ بدء الصراع في عام 2011، حيث يعاني الناس في سوريا من شتاء قارس وتفشي وباء الكوليرا. وأكد البيان التزام الأمم المتحدة باتباع جميع السبل لتقديم المساعدة والحماية من خلال أكثر الطرق أمانا ومباشرة وفعالية.
وشدد على أهمية توسيع نطاق وصول المساعدات الإنسانية عبر سوريا، بما في ذلك من خلال العمليات عبر الحدود وعبر خطوط الصراع، وتوسيع الأنشطة الإنسانية من خلال الاستثمار في مشاريع الإنعاش المبكر. وحث الأمين العام أعضاء مجلس الأمن وغيرهم على مواصلة دعم جهود الشركاء في المجال الإنساني لتقديم المساعدة لمن يحتاجونها في جميع أنحاء سوريا.
وقبيل التصويت على مشروع القرار، أدلى مندوب البرازيل لدى الأمم المتحدة ببيان نيابة عن بلاده وسويسرا، حيث وصف نص القرار بأنه محوري من أجل استمرار تدفق المساعدة المنقذة للحياة لتصل إلى الشعب السوري، “وهو يضمن استمرار العمل الإنساني العاجل برعاية الأمم المتحدة” وأضاف: “مشروع القرار المعروض أمامنا يؤكد تمديد (مرور المساعدات عبر) معبر باب الهوى لمدة ستة أشهر إضافية، أي حتى العاشر من تموز/يوليو 2023… عملا بالقرار 2642، ويطلب من الأمين العام تقديم تقرير خاص عن الاحتياجات الإنسانية في سوريا في موعد أقصاه العاشر من حزيران/يونيو 2023”.
وأضاف أن مجلس الأمن ومن خلال تمديد ولاية الآلية يرسل رسالة دعم قوية للشعب السوري ولكل الجهات الإنسانية الفاعلة ولا سيما الأمم المتحدة ووكالاتها وشركائها الذين يعملون بجد لمساعدة الشعب السوري.
السفير صباغ السوري: دعم أنشطة التعافي المبكر يمثل مرتكزاً للارتقاء بالوضع الإنساني في سورية
وقال مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير بسام صباغ في بيان عقب اعتماد القرار: إن سورية حرصت أثناء قيام المجلس بالنظر في تمديد مفاعيل القرار 2642 على وضع المجلس بصورة تقييمها لما تم تنفيذه خلال العام ونصف العام الماضيين، وما تتطلع إلى إدراجه من جوانب مهمة في نص القرار الجديد وفي مقدمتها التأكيد على توفير الكهرباء ومستلزمات الطاقة للخدمات الأساسية، وإقامة مشاريع الطاقة المتجددة الداعمة لقطاع الكهرباء، وإضافة قطاعات حيوية ضمن مشاريع التعافي المبكر، وخاصة دعم العمل الميداني في مجال إزالة الألغام والمخلفات غير المنفجرة، إلى جانب زيادة حصة مشاريع التعافي المبكر بشكل أكبر في إطار خطة الاستجابة الإنسانية، والتوسع في تلك المشاريع كماً ونوعاً، ودعم الجهود الرامية إلى توفير الخدمات الأساسية لضمان العودة الكريمة والآمنة والطوعية للاجئين، وتقديم الدعم للعائدين داخل سورية.
وشدد صباغ على وجوب تعزيز إيصال المساعدات من داخل سورية بما يؤدي إلى إحراز تقدم حقيقي في هذا المجال، مع الأخذ بالاعتبار أن الوصول من الداخل ينسجم مع المبادئ التوجيهية للعمل الإنساني، ولا سيما احترام سيادة سورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها، لافتاً إلى ضرورة الإشارة إلى الآثار السلبية للإجراءات القسرية أحادية الجانب على العمل الإنساني في سورية، وعلى جهود الأمم المتحدة ووكالاتها في هذا المجال، استناداً إلى ما ورد في تقرير الأمين العام المقدم بموجب القرار 2642، ووجوب دعوة المانحين لتنفيذ التزاماتهم التي قطعوها بشأن تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في سورية، والتي أشار إليها أيضاً تقرير الأمين العام.
وأوضح صباغ أن سورية بذلت وما تزال كل الجهود الممكنة لتوفير الخدمات الأساسية لمواطنيها، وتعمل بشكل دؤوب لتحسين ظروف حياتهم المعيشية، وهي تتعاون مع الأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية لضمان تقديم المساعدة لجميع السوريين دون تمييز، مشيراً إلى أن سورية تعاملت بإيجابية مع الجانب المهم الذي تضمنه القرار 2585 لعام 2021، والمتمثل بدعم أنشطة التعافي المبكر، وخاصة أن هذه المشاريع تمثل مرتكزاً أساسياً للارتقاء بالوضع الإنساني في سورية، وتقليل الاعتماد على المساعدات الإنسانية، كما أثمرت الجهود التي بذلت قبل تبني المجلس للقرار 2642 قبل ستة أشهر عن إدراج الكهرباء كأحد القطاعات الحيوية الأساسية المشمولة ضمن أنشطة ومشاريع التعافي المبكر.
ولفت صباغ إلى أن الجهود الكبيرة التي تقوم بها سورية للارتقاء بالوضع الإنساني واجهت وما تزال تحديات حقيقية وصعوبات جمة كان لها أثر كبير في عدم تحقيق تقدم ملموس في الوضع الإنساني حتى اليوم، نتيجة استمرار بعض الدول الغربية في تسييس العمل الإنساني، وغياب أي إرادة حقيقية لديها لتحقيق تقدم في الوضع الإنساني والذي يثبته عدم التزامها بتمويل خطة الاستجابة الإنسانية، ومواصلتها فرض إجراءات قسرية انفرادية غير شرعية على الشعب السوري، الأمر الذي فاقم معاناة السوريين وتسبب بعدم تحقيق الأهداف التي كان مأمولاً تحقيقها بموجب أحكام القرارين المذكورين.
وأكد صباغ أن الارتقاء بالوضع الإنساني في سورية يحتاج إلى عملية تطوير وتحسين مستمرة، وبالتالي فإن التمديد التقني لمفاعيل القرار 2642 لا يمكن أن يكون المسار المناسب لدعم هذه العملية، ولهذا فإن سورية تؤكد على أنها ستستمر بمتابعة تقييم تنفيذ القرار الجديد من خلال جلسات الحوار التفاعلي غير الرسمي التي سيعقدها مجلس الأمن للوقوف على ما سيتم إحرازه من تقدم من الآن حتى نهاية فترة ولاية القرار في العاشر من تموز القادم، مجدداً استعداد سورية للعمل مع الدول الأعضاء في المجلس لضمان أن أي قرار سيتخذه المجلس مستقبلاً بهذا الخصوص سوف يلبي تطلعات السوريين واحتياجاتهم الإنسانية في ظل الاحترام الكامل لسيادة سورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها.
وينص القرار 2672 الذي تبناه المجلس اليوم على تمديد آلية إدخال المساعدات من داخل سورية عبر الخطوط، وتنفيذ مشاريع التعافي المبكر، إلى جانب إدخال المساعدات عبر معبر حدودي واحد هو باب الهوى.
وكانت جولات التفاوض التي سبقت اعتماد القرار 2642 قبل ستة أشهر أسفرت عن إدراج الكهرباء لأول مرة في القرار ضمن القطاعات المشمولة بمشاريع التعافي المبكر، وذلك لأهميتها في توفير الخدمات الأساسية الأخرى كالصحة والتعليم، كما نص القرار على متابعة ومراقبة التنفيذ من خلال حوار تفاعلي غير رسمي كل شهرين.
المصدر: موقع الأمم المتحدة + وكالة سانا