رأى نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش أن الفائز الأكبر في مونديال قطر هو فلسطين والمنطق الرافض لوجود الكيان الصهيوني، والخاسر الأكبر هو منظومة التطبيع العربي التي لم تتمكن من تطويع شعوبها لتلتحق بهذا الركب المشين على حساب فلسطين.
وفي خطبة الجمعة، أضاف الشيخ دعموش أن فلسطين بقيت هي الحاضر الأكبر في العقل والقلب والوجدان الشعبي العربي وعلى ألسنة الشباب المشاركين في المونديال في مقابل الحضور الاسرائيلي المعزول والمنبوذ، فلا شيء اسمه “اسرائيل” لدى الشعوب العربية والإسلامية والشعوب الحرة، وهناك فلسطين فقط وهذا يعني أن هذه الأجيال الشابة وأجيالنا الحالية والقادمة ومهما جهدت الأنظمة المطبعة لتلميع صورة العدو لن تعترف بشيء اسمه “اسرائيل”.
وقال “إننا لن ندع لبنان يسقط بأيدي المطبّعين أو يكون جزءًا من منظومة التطبيع مع العدو وستبقى فلسطين بالنسبة لنا القضية الأساسية التي يجب على الجميع النهوض من أجل تحريرها واستعادتها الى أهلها”.
من جهة أخرى، رأى الشيخ دعموش أن “الأزمات تعصف بالبلد والأوضاع تزداد سوءًا يوميًا، وبات البلد على أبواب الانهيار الشامل والجميع ينادي أن الأولوية هي للاصلاحات ومعالجة الأزمات ومكافحة الفساد”، وسأل: “لكن هل يمكن أن نحل أزمات البلد ونمنع الانهيارات من دون رئيس للجمهورية وبلا حكومة كاملة الأوصاف؟”.
وشدد على أنه “في ظل أسوأ أزمة يمر فيها لبنان ليس هناك من خيار وطني لانقاذ البلد سوى الحوار والتفاهم الداخلي بعيدًا عن املاءات الخارج ورغباته”.
ولفت إلى أن “هناك من يصرّ على ترشيح رئيس يجاهر أنه يريد تحدي ومواجهة أكثر من نصف الشعب اللبناني، وبالتالي أخذ البلد الى الفتنة والفوضى والحرب الأهلية”، مؤكدًا أننا لا يمكن أن نقبل بأن تأخذنا فئة حاقدة ومتهورة الى الفتنة والصدام الداخلي أو إلى أي مشروع تريده أميركا ويخدم مصالحها والمصالح الإسرائيلية، كما لا يمكن لاحد أن يفرض على اللبنانيين رئيسًا تابعًا للخارج بلباس سيادي مزيف”.
وختم قائلًا إن “التفاهم هو الطريق الأقصر لانتخاب رئيس للجمهورية وانقاذ البلد وإخراجه من أزماته بينما التعنت والاصرار على منطق التحدي والمواجهة هو الطريق الأبعد والأسوأ الذي لا يؤدي إلا الى إطالة أمد الفراغ وتفاقم الأوضاع وازدياد الأزمات وهذا ليس من مصلحة أحد”.
نص الخطبة
قبل أيام مرت ذكرى ولادة السيدة الطاهرة الصابرة عقيلة بني هاشم السيدة زينب الكبرى (عليها السلام)، حيث كانت ولادتها حسب المشهور في الخامس من شهر جمادى الأولى، في السنة السادسة للهجرة النبوية، وهي المولود الثالث بعد الإمامين الحسن والحسين (عليهما السلام)، والبنت الأولى للإمام علي بن أبي طالب والسيدة فاطمة الزهراء (عليهما السلام).
ويقول المؤرخون انه عندما سمع النبي(ص) نبأ الولادة أتى منزل ابنته فاطمة، وطلب منها إحضار المولودة، فلمّا أحضرتها أخذها النبي(ص) وضمها إلى صدره الشريف، ووضع خدّه على خدّها وبكى بكاءً شديداً، وسالت دموعه على خدّيه، فقالت فاطمة: ممّ بكاؤك، لا أبكى الله عينك يا أبتاه؟ فقال: يا بنتاه يا فاطمة، إنّ هذه البنت ستبتلى ببلايا وترد عليها مصائب شتى، يا بضعتي وقرّة عيني، إنّ من بكى عليها، وعلى مصائبها كان ثوابه كثواب من بكى على أخويها ، ثمّ سمّاها زينب، والزينب شجر حسن المنظر، طيب الرائحة.
وبذلك كانت ولادتها فرحة مشوبة بالحزن والألم.
عندما ندرس شخصية السيدة زينب(ع) وحياتها سنجد ان لهذه الشخصية أبعادا عديدة، فهي عالمة وفاهمة وعارفة وفاضلة ورشيدة وطاهرة وتقية ونقية وعفيفة ومحجبة وشريفة وكاملة.
وهذا ما نقرؤه في نصوص الزيارة التي نتوجه فيها لزيارة السيدة زينب(ع) والسلام عليها حيث نسلم عليه بمثل هذه الصفات والأبعاد الجليلة والعظيمة التي ربتها في شخصيتها فنقول في زيارتها : السلام عليك أيتها الفاضلة الرشيدة، السلام عليك أيتها العاملة الكاملة، السلام عليك أيتها الجليلة الجميلة، السلام عليك أيتها التقية النقية .. السلام عليك أيتها الرضية المرضية، السلام عليك يا تالية المعصوم .. السلام على من شهد بفضلها الثقلان .. السلام على روحك الطيبة وجسدك الطاهر…
ففي هذه الفقرات ما يكشف بشكل واضح عن عظمة هذه السيدة الجليلة وفضلها ومنزلتها وسمو مقامها وكمالها الإنساني، لكن عظمتها تجلت بشكل أبرز في الأبعاد والصفات التالية:
اولا: الايمان ، فقد كانت المرأة المؤمنة التي كان إيمانها وارتباطها بالله ارتباطا وثيقا وراسخا وعميقا وليس إرتباطا سطحيا او شكليًا، هناك من النساء والرجال من يكون ايمانه ايمانا شكليا يقتصر على المظاهر والطقوس الجوفاء، فلا تنعكس قيم الإيمان في افعاله وسلوكه واخلاقه وكلماته ومواقفه، مؤمن ولكنه ينهار ويسقط امام الضغوط والتحديات والمصائب والابتلاءات والأحداث، اذا واجهته أزمة اقتصادية او معيشية او مالية او اجتماعية ينهار ويسقط امامها واذا ابتلي بمصيبة يجزع ويعترض على الله (يا الله ليش عملت فينا هيك ليش ابتليتنا بهالمصيبة او بهالبلاء شو عامليلنك وما شاكل )وقد ينحرف ويتخلى عن التزامه ولا يسلم بما قدره الله وبما قسمه الله له بل يتمرد ويكفر، او عندما يتعرض للتهديدات والضغوط والحصار والعقوبات تهديدات وتحديات الاعداء الطغاة والمستكبرين ضغوطات اميركا وعقوباتها او تهديدات العدو الصهيوني يضعف وينهار ولا يتحلى بالشجاعة والصبر والثبات والقوة، هذا النوع من الايمان لا يصمد امام التحديات الكبيرة لانه ايمان سطحي سرعان ما يتخلى الانسان عن إيمانه والتزامه ودينه وقيمه ويسقط وينجرف في طريق الانحراف اذا كان ايمانه شكليا وسطحيا، اما الايمان الراسخ والايمان الذي يولد الثقة بالله ورحمته وعظمته كإيمان زينب(ع) فانه لا يسقط امام المصائب والابتلاءات والتحديات والضغوط والابتلاءات والمآسي ، فزينب بالرغم من كل المصائب والمآسي والرزايا والبلاءات التي تعرضت لها لا سيما في كربلاء في اليوم العاشر من محرم وبعد كرعاشوراء في رحلة السبي لم تتزلزل ولم تضعف ولم تجزع او تنهار بل بقيت على درجة عالية من السمو الايماني والجهادي، شامخة وقوية وصلبة وواثقة بعظمة الله ورحمته وقدرته وان الله معها ولن يتخلى عنها وعن الثلة المؤمنة المتبقية من أهل بيت الحسين(ع).
لو لم يكن ايمانها وارتباطها بالله وثقتها برحمته ولطفه راسخا وعميقا لانهارت واستسلمت ولما استطاعت ان تصمد في مواجهة المصائب والاحداث التي مرت عليها في كربلاء وبعد كربلاء، ولكنها واجهت كل المصائب بكل جرأة ورباطة جأش وشجاعة وقوة.
كان ايمانها على درجة من السمو والثبات بحيث تتصاغر امامها كل الاحداث والمصائب الكبيرة حتى لو كانت بحجم مآسي ومصائب يوم عاشوراء وما بعد عاشوراء .
ثانيا: شجاع قول الحق أمام السلطان الجائر، فشجاعتها أمام عبيد الله بن زياد وفي قصره في الكوفة وشجاعتها امام يزيد بن معاوية فيعقر داره وسلطانه ونفوذه وامام حاشيته وجنوده وأعوانه في الشام لم تكن شجاعة عادية ، فهي لم ترتجف او تستهيب الموقف ولم تتلكأ في خطابها وكلماتها ومواقفها بل صدحت بالحق في منطق في منتهى الفصاحة والبلاغة وكشفت للرأي العام زيف السلطة وارهابها واجرامها حيث وقفت شامخة كالجبل في مواجهة الاعداء متحدية الطغاة الظالمين في عقر دارهم وبين اعوانهم وجندهم بالرغم من انها كانت أسيرة مسبية ومحبوسة ومقيدة بالسلاسل والاغلال، ولم يتمكن كل الجبروت والطغيان الذي كان يتمتع به يزيد وعبيد الله بن زياد ان ينال او ينتقص من كبرياء زينب وعظمتها وعنفوانها ومكانتها .
لقد تصاغر هؤلاء جميعهم امام هذه المرأة المؤمنة الشجاعة وهي اسيرة ومحبوسة ومقيدة ، وهذا الموقف هو من أعظم مواطن العبرة والقدوة في حياة العقيلة زينب(ع).
ثالثا: الجهاد والعبادة ، فزينب(ع) هي المراة المجاهدة العابدة المتهجدة التي جمعت بين الجهاد وبين العبادة فكانت قمة في الجهاد والعطاء والتضحية، كانت تمارس جهاد التبيين واظهار الحقائق وشرح الاحداث والوقائع في كل المحافل، كانت تبين احقية الحسين وثورته ومظلوميته ومكانة اهل البيت (ع) وفداحة الجريمة التي ارتكبها يزيد بحقهم في عقر داره وبين الاعداء، وأعظم الجهاد ان تقف امام سلطان فاجر وفاسد ومجرم وتقول كلمةالحق وتبين الحقائق وتكشف زيفه واجرامه.
وكما كانت في الجهاد كانت في العبادة والتهجد والخشوع وذكر الله، كانت تقف بين يدي الله لتؤدي ليس الفرائض والواجبات فقط بل المستحبات والنوافل وصلاة الليل بكل توجه وخشوع وهي في احلك الظروف وأصعب الاوضاع وهي في حالة السبي والاسر مكبلة بالسلاسل والقيود، وعن ذلك يحدثنا الإمام زين العابدين (ع) فيقول : “رأيتها تلك الليلة (ليلة العاشر من محرم) تصلي من جلوس”.
وفي حديث آخر عنه (ع) : “ان عمتي مع تلك المصائب والمحن النازلة بها في طريقنا الى الشام ما تركت نوافلها الليلية”.
فهي في اوج جهادها وأسرها ومقارعتها للظالمين لم تغفل عن التوجه الى الله لتعبده وتتهجد بين يديه، وهذا ان نتعلمه من زينب(ع) انه في غمرة انشغالاتنا ومتابعاتنا واعمالنا وجهادنا لا ينبغي ان نغفل عن التوجه الى عبادة الله والتضرع اليه والخشوع بين يدية والتزام التكاليف التي حملنا مسؤولية ادائها .
وكل هذه الصفات والأبعاد وغيرها هو سر عظمة زينب (ع) وسمو مكانتها ومقامها، فليس سر عظمتها النسب والقرابة من رسول الله(ص) او لانها ابنة علي بن ابي طالب والزهراء(عليهما السلام) اواخت الحسن والحسين، القرابة لا تصنع مثل هذه المكانة والعظمة التي وصلت اليها زينب(ع) فقد كان لكل أئمتنا أمهات وأخوات وبنات، ولكن ليس بينهم من هو نظير لزينب الكبرى(ع) في فضلها ومقامها ومنزلتها ومكانتها وعظمتها.
الذي صنع هذه العظمة لزينب هو عملها وحركتها وجهادها ومواقفها وشجاعتها وثباتها وتضحياتها اضافة الى ايمانها وعبادتها وخشوعها وعفتها وحجابها وطهارة ذاتها، وكل من يقوم بما قامت به زينب(ع) على المستوى الايماني والجهادي سيحصل على تلك المكانة وعلى تلك العظمة حتى لو لم يكن ينتسب الى رسول الله (ص) وعلي والزهراء (عليهما السلام).
المرأة المسلمة تستطيع ان تكون عفيفة شريفة متسترة عاملة مجاهدة صابرة ثابتة تحاور تتحدى تتمرد على الطغاة تصنع ثورة تجاهد جهاد التبيين وتعلم وتعظ وتقود حركة الوعي في المجتمع والأمة.
لقد وصلت السيدة زينب(ع) الى ما وصلت اليه، بايمانها ووعيها ومعرفتها وعفتها وحجابها و جهادها في مقارعة الظالمين وفضحهم وفضح جرائمهم وسياساتهم للشعوب واستطاعت بجهادها وإعلامها ومواقفها ان تكمل ثورة اخيها الحسين(ع) وان تكون حركتها مكملة لحركته وثورته في كربلاء.
لقد عمل الامريكي وحلفاؤه طيلة السنوات السابقة والى الآن على تقديم يكون العدو الصهيوني كصديق للعرب وتقديم ايران كعدو لهم بدلا من الاسرائيلي ودفع ببعض الأنظمة العربية للتطبيع مع الكيان الصهيوني ولكنهم فشلوا في تسويق التطبيع لدى لشعوب العربية والاسلامية.
الشعوب العربية والاسلامية وفي كل مناسبة متاحة تعبر عن رفضها للوجود الاسرائيلي وعن رفضها للتطبيع مع العدو الصهيوني مما يعني بان التطبيع بقي في دائرة الانظمة المطبعة ولم يخترق وجدان الشعوب العربية والاسلامية .
الفائز الاكبر في مونديال قطر هو فلسطين والمنطق الرافض لوجود الكيان الصهيوني والخاسر الاكبر هو منظومة التطبيع العربي التي لم تتمكن من تطويع شعوبها لتلتحق بهذا الركب المشين على حساب فلسطين، فبقيت فلسطين هي الحاضر الاكبر في العقل والقلب والوجدان الشعبي العربي وعلى ألسنة الشباب المشاركين في المونديال في قبال الحضور الاسرائيلي المعزول والمنبوذ في قطر، فلا شيء اسمه اسرائيل لدى الشعوب العربية والاسلامية والشعوب الحرة، هناك فلسطين وفلسطين فقط، وهذا يعني ان هذه الاجيال الشابة واجيالنا الحالية والقادمة ومهما جهدت الانظمة المطبعة لتلميع صورة العدو لن تعترف بشيء اسمه اسرائيل، ونحن لن ندع لبنان يسقط بايدي المطبعين او يكون جزءا من منظومة التطبيع مع العدو وستبقى فلسطين بالنسبة لنا القضية الاساسية التي يجب على الجميع النهوض من اجل تحريرها واستعادتها الى اهلها .
اما في الوضع الداخلي فان الازمات لا زالت تعصف بالبلد والأوضاع تزداد سوءا يوما وبات البلد على مشارف الانهيار الشامل، والجميع ينادي بان الأولوية هي للاصلاحات ومعالجة الازمات ومكافحة الفساد، لكن هل يمكن ان نحل ازمات البلد ونمنع الانهيارات من دون رئيس للجمهورية وبلا حكومة كاملة الاوصاف؟ .
اليوم في ظل اسوء ازمة يمر فيها لبنان ليس هناك من خيار وطني لانقاذ البلد سوى الحوار والتفاهم الداخلي بعيدا عن املاءات الخارج ورغباته.
ونبه الى ان هناك من يصر على ترشيح رئيس يجاهر بانه يريد تحدي ومواجهة اكثر من نصف الشعب اللبناني، وبالتالي آخذ البلد الى الفتنة والفوضى والحرب الاهلية، ونحن لا يمكن أن نقبل بأن تأخذنا فئة حاقدة ومتهورة الى الفتنة والصدام الداخلي، أو إلى أي مشروع تريده اميركا ويخدم مصالحها والمصالح الإسرائيلية. كما لا يمكن لاحد ان يفرض على اللبنانيين رئيسا تابعا للخارج بلباس سيادي مزيف.
التفاهم هو الطريق الأقصر لانتخاب رئيس للجمهورية وانقاذ البلد وإخراجه من أزماته بينما التعنت والاصرار على منطق التحدي والمواجهة هو الطريق الأبعد والأسوء الذي لا يؤدي إلا الى اطالة امد الفراغ وتفاقم الأوضاع وازدياد الازمات وهذا ليس في مصلحة احد.
المصدر: بريد الموقع