عقدت في مدينة إسطنبول التركية اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، بحضور وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الذي وصل مباشرة من جنيف بعد أن أجرى محادثات مع الترويكا الأوروبية، والتي ضمّت وزراء خارجية ألمانيا، وبريطانيا، وفرنسا، إضافة إلى عدد من المسؤولين الأوروبيين.
ويُشكّل هذا الاجتماع، المنعقد على مستوى وزراء الخارجية، فرصة مهمة للوفد الإيراني لعرض موقف الجمهورية الإسلامية من العدوان الصهيوني المتواصل على إيران منذ أكثر من تسعة أيام.
ورغم التصعيد العسكري، لم تُغلق إيران أبواب الحل السياسي أو العودة إلى طاولة المفاوضات. فقد جدّد الوزير عراقجي، سواء في جنيف أو قبل مغادرته طهران، تأكيده على ضرورة وقف العدوان أولًا، تمهيدًا لاستئناف المباحثات.
ويبدو واضحًا أن إيران تخوض معركتها الدبلوماسية على أكثر من جبهة بالتوازي مع صمودها في الميدان. ومن المتوقع أن يصدر عقب انتهاء أعمال الاجتماع بيان ختامي داعم للموقف الإيراني، لا سيّما وأنّ معظم الدول الإسلامية أعربت عن إدانتها الشديدة للعدوان الصهيوني وطالبت بوقفه وإفساح المجال أمام الحلول السياسية والدبلوماسية.
ورغم أهمية البيان المنتظر، إلا أن الحسم -وفق المراقبين- يبقى ميدانيًا، حيث تؤكد إيران أن العمليات الردعية التي تنفّذها ضدّ الكيان الصهيوني هي السبيل الحقيقي لإيقاف العدوان المدعوم من الولايات المتحدة.
فرغم الاجتماعات الدولية والمطالبات المتكررة بوقف الاعتداءات على غزة ولبنان وإيران، لم يلق الكيان الصهيوني بالًا لأي من تلك النداءات. ولم يتحرّك الأوروبيون بجدية لردع هذه الانتهاكات. لذلك، ترى طهران أن الردّ العسكري المباشر داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة هو ما سيُجبر العدو على التراجع.
وتواصل إيران تحرّكها السياسي والدبلوماسي بوتيرة متصاعدة، حيث أعلن الوفد الإيراني أن الوزير عراقجي سيتوجّه بعد تركيا إلى روسيا للقاء الرئيس فلاديمير بوتين، ضمن جولة تهدف إلى حشد الدعم الإقليمي والدولي في مواجهة العدوان.
وفي هذا السياق، تؤكد طهران انفتاحها على أي مبادرات سياسية حقيقية، دون أن تتنازل عن حقها في الردّ المشروع على العدوان الصهيوني المستمر.
أما على صعيد تركيا، فإن انعقاد الاجتماع في أراضيها يعكس دورها الحيوي في هذا الملف. فالموقف التركي منذ الأيام الأولى للعدوان كان من بين المواقف اللافتة، حيث أدانت أنقرة بشدة الغارات الصهيونية على إيران، وهو موقف عبّرت عنه تصريحات وزارة الخارجية التركية، والرئيس رجب طيب أردوغان، وسائر المسؤولين الأتراك.
وتتنامى القناعة في تركيا بأن الكيان الصهيوني بات يشكل تهديدًا مباشرًا لاستقرار المنطقة بأكملها، بعد أن بدأ عدوانه من غزة، وتمدّد إلى لبنان، واليمن، وأخيرًا إيران. وقد عبّر مسؤولون أتراك عن خشيتهم من أن تكون تركيا الهدف التالي.
انطلاقًا من ذلك، تُواصل أنقرة الدعوة إلى حفظ أمن واستقرار المنطقة، محذّرة من أنّ توسيع رقعة الحرب ستكون له تداعيات كارثية، ليس فقط على الشرق الأوسط، بل على العالم بأسره.
وترتبط تركيا بعلاقات سياسية واقتصادية وثيقة مع إيران، ويبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 15 مليار دولار، مع خطط لرفعه إلى 30 مليارًا. من هنا، تبدو المخاوف التركية مبررة من أن يؤدي استمرار العدوان إلى زعزعة استقرار المنطقة والتأثير سلبًا على المصالح الاقتصادية والأمنية لتركيا ودول الجوار.
عراقجي من إسطنبول: تضامن الشعب الإيراني في أعلى مستوياته وقواتنا تدافع بجدية عن البلاد
أكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، خلال تصريح له على هامش اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي المنعقد في إسطنبول، أن “تضامن الشعب الإيراني قوي جدًا وذو مستوى عالٍ”، مشيرًا إلى أن القوات المسلحة الإيرانية “تعمل بجدية في الدفاع عن الشعب والبلاد”.
وقال عراقجي: “نعلم أن الوضع صعب للغاية في الوقت الحالي، لكنني أعتقد أن الوضع في إيران جيد”، مشددًا على أن ما تقوم به طهران “هو استخدام مشروع لحقها في الدفاع عن نفسها ضد العدوان والهجمات العدوانية غير المبررة للكيان الصهيوني”.
والتقى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، بعدد من نظرائه في المنطقة، على هامش اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي المنعقد في إسطنبول. وأبرز اللقاءات كانت مع وزراء خارجية قطر ومصر والأردن والسعودية، إضافة إلى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان.
ووصل وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، صباح اليوم إلى مدينة إسطنبول للمشاركة في اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، والذي يُعقد بطلب من طهران لمناقشة الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على إيران.
وقال عراقجي إن الاجتماع سيُخصّص للنظر في العدوان الصهيوني على إيران بشكل مفصّل، معربًا عن أمله في صدور بيان قوي يُدين هذا العدوان. وأشار إلى أنه سيعقد لقاءات ثنائية على هامش الاجتماع مع الرئيس التركي، ووزراء خارجية الدول المشاركة، والأمين العام للمنظمة، بهدف “نقل صوت مظلومية الشعب الإيراني ومواقف إيران في الدفاع المشروع عن نفسها”.
وكان عراقجي قد أعلن، عقب يوم من المحادثات النووية في جنيف، أن بلاده قد تعيد النظر في استئناف التفاوض مع الولايات المتحدة، لكن ذلك “مرهون بوقف العدوان ومحاسبة الطرف المعتدي على الجرائم المرتكبة”.
وشدّد على أن “القدرات الدفاعية الإيرانية ليست محل تفاوض”. وأضاف الوزير الإيراني في حديثه مع الصحفيين عقب المحادثات أن بلاده تدعم استمرار المحادثات مع الترويكا الأوروبية والاتحاد الأوروبي، مشيرًا إلى الاستعداد لعقد جولة جديدة من الاجتماعات في المستقبل القريب.
المصدر: موقع المنار