السبت   
   21 06 2025   
   25 ذو الحجة 1446   
   بيروت 21:53

تصاعد في مأزق الاحتلال: صواريخ إيران ومسيراتها تزعزع الجبهة الداخلية وخيارات واشنطن على المحك

تتوالى المؤشرات على دخول المواجهة بين الجمهورية الإسلامية والعدو الإسرائيلي مرحلة أكثر تعقيدًا، وسط غياب استراتيجية أميركية واضحة، وتزايد الضغط على حكومة الاحتلال في ظل انهيار مفهوم “الدولة الآمنة” الذي طالما روّجت له.

فبينما تواصلت الاتصالات مع الولايات المتحدة في محاولة لتهدئة التوتر وتجنّب انزلاق المنطقة إلى مواجهة شاملة، بدا أن حكومة الاحتلال تتبع نهج الاستنزاف دون التوجه إلى حسم عسكري أو حلّ سياسي، في ظل غموض الموقف الأميركي واحتمال تدخل مباشر غير محسوب العواقب.

وتزداد التساؤلات حول إمكانية انخراط الولايات المتحدة في حرب مفتوحة، خاصة مع ارتفاع احتمالات تكبّدها خسائر مباشرة، ما قد يُحدث شرخًا داخليًا كبيرًا، لا سيما في ظل مناخ أميركي يرفض أي تورط جديد في الشرق الأوسط.

أما حكومة نتنياهو، فتبدو عاجزة عن تحقيق أي مكسب استراتيجي يُسوّق على أنه انتصار، بينما تُظهر الوقائع الميدانية أن الرهانات على تصعيد محدود قد باءت بالفشل.

ميدانيًا، لا تزال صافرات الإنذار تدوي في مختلف أنحاء الكيان المحتل، في وقت تشهد فيه الجبهة الداخلية تصدّعًا خطيرًا. فقد أدت الصواريخ الإيرانية والطائرات المسيّرة إلى إصابات مباشرة في منشآت حيوية شمالًا وجنوبًا، فيما بات مطار “بن غوريون” خارج الخدمة تقريبًا، ما أدى إلى موجة نزوح لعشرات آلاف المستوطنين من مستعمرات الشمال والجنوب.

هذه التطورات تضع حكومة الاحتلال أمام مأزق وجودي، إذ بدأت الثقة تنهار بين المستوطنين والمؤسسة الأمنية، وتفاقمت أزمة التعامل مع النزوح الداخلي، وسط تكرار أخطاء سابقة في الاستجابة لحالات الطوارئ.

ويجمع مراقبون على أن تزعزع الجبهة الداخلية سيُترجم إلى هزيمة استراتيجية، حتى إن لم تُحسم المعركة ميدانيًا بعد، خصوصًا مع استمرار المقاومة في توجيه ضربات دقيقة ومؤلمة للبنى العسكرية والتكنولوجية للعدو. في هذا السياق، يؤكد محللون أن الانتصار لا يُقاس بالضربات الإعلامية، بل بصمود الجبهة الداخلية، التي تبدو اليوم على شفير الانهيار.

ومع غياب أي مخرج دبلوماسي فاعل، واستمرار العدوان على إيران، تزداد السيناريوهات قتامة، ما ينذر بتحوّل نوعي في موازين الصراع، قد تفرضه المقاومة من خلال معادلة النار بالنار، والعمق بالعمق.

سجّلت الساعات الأخيرة تصعيدًا نوعيًا في طبيعة الصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية، التي باتت من طراز “شاهد” المتطور، وذات قدرات تفوق تلك المستخدمة في اليوم الأول من عملية “الوعد الصادق 3″، خصوصًا من حيث السرعة والدقة وقوة الحمولات التدميرية.

وبحسب مصادر ميدانية، فقد تمكّنت صواريخ إيرانية أُطلقت صباح اليوم من الوصول إلى أهدافها في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال أقل من خمس دقائق، رغم اعتماد منظومة العدو على نظام إنذار مبكر يرتكز إلى أقمار اصطناعية أميركية وأوروبية، بالإضافة إلى مراقبة بحرية مستمرة من البوارج الحربية الأميركية في الخليج.

وبعد أسبوع على بدء العدوان الصهيوني على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بدأت تتضح معالم الضربات الاستراتيجية الإيرانية، إذ استهدفت بشكل مباشر قواعد ومنشآت عسكرية حساسة في منطقة غليلوت جنوب تل أبيب، حيث تتمركز الوحدة 8200 ومقرّ جهاز الموساد، إضافة إلى مقار استخباراتية في مستعمرة هرتسيليا.

كما أصابت الضربات مصانع وشركات تصنيع عسكري، منها “رفائيل” المنتشرة في حيفا وتل أبيب، إلى جانب مركز “سوروكا” الطبي في بئر السبع، الذي يضم شركات تكنولوجية تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي العسكري، بالتعاون مع شركتي “مايكروسوفت” و”غوغل”، والتي تسهم بدعم عمليات الاحتلال في قطاع غزة.

كذلك، استُهدف ميناء كيشون، أحد أبرز مكونات ميناء حيفا المحتلة، حيث تتواجد البوارج والغواصات العسكرية، وسُجّل انفجار ضخم في موقع قريب من برج الشراع، كما تعرّضت مصفاة البترول الصهيونية لضربة مباشرة أدت إلى تعطّلها عن العمل.

ورغم الرقابة العسكرية المشددة ومنع النشر، تتطابق العديد من مشاهد الفيديو والصور التي يوثقها المستوطنون على الأرض مع البيانات التي يصدرها الحرس الثوري الإيراني، ما يعزز من مصداقية الرواية الإيرانية حول دقة وفعالية الضربات.

وامتدت الهجمات أيضًا إلى قواعد عسكرية في النقب، أبرزها قاعدة “حتسيريم”، ومواقع أخرى بعيدة نسبيًا عن المناطق المدنية، وهو ما يفسّر غياب التوثيق المباشر، وسط تعتيم إعلامي كبير من قبل سلطات الاحتلال.

وبينما اعترفت بعض الصحف العبرية بوقوع إصابات، امتنعت معظمها عن الكشف عن تفاصيل الأضرار التي لحقت بالمراكز الحساسة والاستراتيجية، في وقت يتصاعد فيه القلق داخل كيان العدو من توسّع الضربات واتساع رقعة التهديدات القادمة من إيران.

المصدر: موقع المنار