نقلت صحيفة “ديلي ميل” عن علماء في كلية لندن الجامعية، ممن درسوا عينات دم لمئات من موظفي خدمة الرعاية الصحية، الذين لم يصابوا على الإطلاق بفيروس “سارس كوف 2” المسبب لمرض “كوفيد 19”.
وأشارت الصحيفة إلى الممرضة ليزا ستوكويل (34 عاماً)، والتي خدمت خلال أغلب عام 2020 في استقبال مصابي كورونا، ولم تصاب قط بالفيروس رغم التقاط زملائها له.
وقالت ستوكويل إنها توقعت أن تأتي نتيجة اختبارها إيجابية عند مرحلة ما، ومع ذلك، لم تنتقل إليها العدوى قط، مضيفة أنها لا تدري ما إذا كان جهازها المناعي قوياً أم هناك سبباً آخر تجهله.
ولفتت “ديلي ميل” أيضاً إلى ممرضة أخرى تدعى نسيم فروغي (46 عاماً) والتي خدمت في مستشفى باثولوميو وسط لندن، ولم تظهر اختبارات الدم التي أجرتها أي أثر للفيروس في جسمها، رغم تعرضها لمئات المصابين.
وعندما فحص الباحثون دماء هؤلاء العاملين في مجال الرعاية الصحية قبل طرح اللقاحات، أكدوا عدم وجود أجسام مضادة لفيروس كورونا، مما يعني أنه من غير المحتمل أن يكونوا أصيبوا بالعدوى، ومع ذلك، اكتشف العلماء خلايا أخرى في الجهاز المناعي، تسمى الخلايا التائية، وهي مماثلة لتلك الموجودة في الجهاز المناعي للأشخاص الذين تعافوا من “كوفيد 19”.
مثل الأجسام المضادة، تتكون الخلايا التائية بواسطة الجهاز المناعي لصد مسببات الأمراض، حيث تمنع الأجسام المضادة الخلايا الفيروسية من دخول الجسم، فيما تهاجمها الخلايا التائية وتدمرها.
من المعروف الآن أن الأجسام المضادة لـ”كوفيد 19″ يمكن أن تبدأ في التلاشي في غضون أشهر بعد الإصابة وبعد التطعيم، لكن الخلايا التائية تبقى لفترة أطول وتقضي على الفيروس قبل أن يتاح له فرصة إصابة الخلايا السليمة أو التسبب في أي ضرر.
لكن لماذا كانت لدى العاملين في المجال الطبي في المقام الأول؟ تقول إحدى النظريات أن الحماية جاءت من التعرض المنتظم لأمراض أخرى في الماضي.
قد يكون هذا من خلال عمل هؤلاء مع المرضى أو مواجهة أنواع أخرى أقل تدميراً من فيروسات كورونا – والتي تشمل “كوفيد 19” المتفشي حالياً، فيما تسبب أربعة أنواع منها نزلات برد.
وبالطبع، هناك احتمال أن العاملين في الرعاية الصحية التقطوا عدوى “كوفيد 19” لكنهم لم يعانوا من أي أعراض. في بداية الوباء، كان يُعتقد أن ما يصل إلى نصف الحالات لا تظهر عليها أعراض.
لكن فريق كلية لندن الجامعية أجرى مزيداً من الاختبارات على مئات عينات الدم الأخرى التي تمّ جمعها منذ عام 2011، قبل وقت طويل من انتشار الوباء، واكتشفوا أن واحدا من كل 20 عامل لديه أيضاً أجسام مضادة يمكنها تدمير “كوفيد”.
وكان للعينات المأخوذة من الأطفال أعلى المستويات، وقال العلماء إن هذا ربما يكون بسبب تعرضهم بانتظام لفيروسات كورونا المسببة للبرد من خلال الاختلاط بأعداد كبيرة من الأطفال الآخرين في الحضانة والمدرسة. وهذا يساعد في تفسير لماذا، الآن، نادراً ما يتسبب مرض “كوفيد 19” في ظهور أعراض شديدة في هذه الفئة العمرية.
السؤال الكبير الآن بحسب الصحيفة، هو كيف سيساعد البحث الجديد العلماء على تطوير لقاح مضاد للتغيرات؟ ربما تكون الإجابة في الطريقة التي يعمل بها جهاز المناعة.
يقول البروفيسور أندرو إيستون، عالم الفيروسات بجامعة وارويك: “لا تتحور البروتينات الداخلية في أي شيء يشبه معدل التحور الخارجي”.
يحاول صانعو اللقاحات ابتكار لقاح يحتوي على هذه البروتينات الداخلية المستقرة، ويتم اختبار إحداها من قبل شركة “إميرجيكس” للتكنولوجيا الحيوية في أوكسفوردشاير.
المصدر: الميادين