نص الشق السياسي من كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في الليلة التاسعة من محرّم 1443هـ في 17-8-2021، كاملاً:
)…) استكمالاً للمستجدات: النقطة الأولى: عندما كنت أتحدث في آخر ليلة عن مشكلة البنزين والمازوت والمواد الغذائية والدواء وما شاكل…، وقلت أن الدولة تحمل طبعاً المسؤولية، أداء الوزارات المعنية، البنك المركزي إلى آخره.. لكن أيضاً قلت أن جزءاً كبيراً من الناس يحمل مسؤولية، أغلب الشركات، أغلب المحطات، حتى كثيراً من الأشخاص الذي كل يوم يتبين أنهم لا أصحاب محطات ولا أصحاب شركات، ويتبين كل شخص كم يُخبئ 40 ألف ليتر و 100 ألف ليتر و400 ألف ليتر ومليون ليتر، هناك رقم قالوا 400 طن لا أعرف كم هي دقيقة هذه الأرقام، وفي مختلف المناطق، وتحدثنا عن الاحتكار وعن.. وعن.. لا نُريد أن نُعيد.
النقطة التي فاتتني نتيجة ضغط الوقت، لنكون شفافين وواضحين هو السبب الثاني غير الذي تحدثت عنه. السبب الثاني هو التهريب، حتى لا أحد يعتبر أننا لم نتحدث عن موضوع التهريب كأنه نحن موافقين عليه أو مسلمين به.
في موضوع التهريب، عندما كان البنك المركزي يُقدم الدولار على حساب 3900 والشركات تدخل السفن وتُخبئ شيئاً وتَبيع شيئاً للمحطات والمحطات تقوم بذات الشيء، وأصبح هناك إقبال يعني كثرة الطلب وقلة عرض كان هناك سببين، واحد الاحتكار والثاني التهريب.
إذا تلاحظوا في البلد هناك قوى سياسية معينة ركزت أكثر على التهريب، تجاهل موضوع الاحتكار لأنه في الحقيقة هناك قادة سياسيين، الآن ممكن من جهة معينة يكون هناك عنصر هنا وكادر هناك وواحد هنا متجاوز، ولكن حزبه وحركته وتياره أو الجهة السياسية التي ينتمي إليها غير موافقين على هذا السلوك وعلى هذا الأداء بل يُدينوه، مرة ثانية لا، قيادات كبار مثلاً هم شركاء مع الشركات، هم أصحاب محطات، هم “ضبوا” وخبأوا، أنا لا أريد أن أدخل بالأسماء حتى لا أَتهم أحداً، هذا كله على كل حال يحتاج لِتدقيق، لكن أنا أعرف أنهم غَطوا على الاحتكار وهجموا على التهريب لأن التهريب يعني هو يهاجم سوريا والنظام في سوريا ويُحاول أن يَتهم حلفاء سوريا في لبنان أنهم هم الذين يُهربون.
أنا سأتحدث قليلاً الليلة وأكمل هذا الموضوع بكلمتين.
أولاً: موضوع التهريب خصوصاً المواد المدعومة، أنا المرة القادمة أشرت بكلمة أن هذا طبعاً أمر غير صحيح ومرفوض وغير جائز، يعني أنت الذي تشتري مازوت وبنزين من المحطة أو المحطة التي تشتري من الشركة أو الشركة التي تشتري من الخارج، أنت تأخذ على دولار 3900 من أموال الشعب اللبناني لتبيع في لبنان، عندما تكون تبيع أينما كان، حتى عند حليفنا وصديقنا في سوريا أنت تخون الأمانة، أنت تخالف شيء أساسي بالعقد، بالبيع، الذي يحصل بينك وبين الشركة أو بينك وبين المحطة، إضافة إلى الإضرار بالناس، الذي كان يحصل. هذا واحد.
اثنين: إذاً نحن نَرفض التهريب، لا نوافق عليه.
ثلاثة: لا نُغطي أحداً، فليأتي أحد ويقول أن الجيش اللبناني أو القوى الأمنية اللبنانية أو القضاء اللبناني أوقفوا أحداً لبنانياً أو غير لبناني يهرب على سوريا مازوت وبنزين، وجاء حزب الله وتدخل من أجل اطلاق سراحهم، أنا شفاف وواضح، الذي عنده اسم فليتفضل، الذي عنده مثل واحد فليتفضل. أكثر من ذلك، أنا أقول لكم ليس نحن فقط غير موافقين، نحن لا نُهرب بنزين ومازوت على سوريا، نحن نَجلس ونَعمل ونَتصل على الشركات وعلى المحطات لنؤمن القليل من المازوت لبعض المستشفيات، لبعض البلديات، لبعض المولدات وليس لنهرب إلى سوريا، أقول لكم أكثر من ذلك – لا أعرف إذا الإخوان في سوريا يَقبلون أو لا بالذي سأقوله – في الأسبوع الذي مضى، العشرة أيام التي مضت، لأنه نحن مثل ما تحدثنا بموضوع المازوت والبنزين من إيران وبالنهاية اجراءات والنقل يحتاج بعض الوقت، فإتصلنا مع المسؤولين في سوريا وقلنا لهم: هل يُمكنكم أن تُعطونا ولو بالحد الأدنى يومياً كمية معينة من المازوت فقط لنلحق المستشفيات، وإذا نستطيع المستشفيات والأفران، أو مثلاً مصنع الأمصال أو ما شاكل..، يعني بعض الحالات المعينة، بالمبدأ أعطوا موافقة ولكن قالوا لِنراجع وزارة النفط إذا كنا نَستطيع أن نُؤمن أو لا نستطيع، بعد 48 ساعة درسوا أمورهم جيداً وقالوا نحن لا نستطيع أن نؤمن، نحن أيضاً مثلكم وضعنا صعب، نحن كُنا نَدرس كيف سنأتي بالمازوت من سوريا على لبنان ولا أن نهرب مازوت أو بنزين من لبنان إلى سوريا. أكثر من ذلك – الآن هناك أناس سينصدموا ولن يستوعبوا – أنا في الأيام القليلة الماضية تلقيت رسالة ضمنية من مستويات عليا في سوريا أنه يا سيد ويا إخواننا ساعدونا في لبنان على منع التهريب على سوريا لأن هذا يضر بالخطة الاقتصادية وبرنامجنا الاقتصادي، أنا متأكد هناك أناس في لبنان سيقولون ما هذا الكلام لأنهم لن يستوعبوا، لكن هذا الذي حصل فعلاً.
نحن مع كل الاجراءات التي تمنع التهريب، فلتتحمل الدولة مسؤوليتها وتمنع التهريب والذي يغطي أحداً لا يسمعوا له أياً كان، والذي يحمي أحد لا يقبلوا منه أياً كان، وعلى كل حال الأزمة لم تنتهِ، الأزمة مستمرة حتى يعلم الله سبحانه وتعالى. أنا هذه الليلة واضح جداً بهذا العنوان وبهذا الملف.
يبقى شيء واحد، تبين على كل حال من خلال الوقائع والأحداث أن الذي يهرب على سوريا ممكن أن يكون هناك أناس منهم حلفاء لسوريا، ولكن هناك أناس منهم في الظاهر أعداء لسوريا، لأنه عندما تتحدث بالتجارة وبالبيع وبالشراء وفرق السعر بالدولار، هنا لم يعد هناك سياسة ولا دين ولا أخلاق، أصبحت القصة لها اعتبارات الربح والطمع والجشع.
الذي سوف أختم به في نقطة التهريب وأكتفي بهذا المقدار، أنه ممكن أن يخرج أحد ويقول – مثل العادة – لماذا أنتم يا حزب الله لا تَمنعوا التهريب من البقاع، في الجنوب لا يوجد تهريب ولا يوجد حدود مع سوريا، في الشمال نحن غير موجودين وتبين أن هناك تهريب كبير في الشمال. حسناً، أنتم موجودون في البقاع لماذا لا تمنعوا التهريب من البقاع؟ طبعاً هذا الكلام غير مقبول، هل تعرف ماذا يعني أن حزب الله سيمنع التهريب من البقاع؟ يعني المعابر الحدودية التي الدولة اللبنانية منذ أن أسست لم يتمكن جيشها ولا قواها الأمنية أن تُغلقها كلها، مطلوب من حزب الله أن يُرسل عسكر على كل هذه المعابر ويتواجد هناك ويتقاتل مع الناس ومع المهربين، هذا ليس شغل حزب الله بل شغل الدولة، هناك شيء أسوأ من التهريب كان يحصل في البقاع الذي هو الأحداث الأمنية، هذا يسرق هذا وهذا يطلق النار على هذا وهذا يطلق النار في السوق، وأصبح الجو في البقاع أنه يا حزب الله يجب أن تتدخلوا ويجب أن ينزل العسكر وعندكم قوات وعندكم امكانات، ولا يصح الذي هزم إسرائيل والذي هزم التكفيريين أنه لا يستطيع أن “يَضب” قليلاً من الزعران في بعلبك أو الهرمل أو في المدينة أو الضيعة الفلانية، ودائماً كنا نقول كلا هذه ليست مسؤوليتنا، وهذا خطأ وهذا ليس صحيحاً، وهذا إذا يجب أن يحصل فإنه يحصل عندما لا يعود هناك دولة، لكن طالما هناك دولة فالدولة هي المسؤولة أن تحل هذا الموضوع، وعندما الدولة تتدخل وتحله تستطيع أن تحله وسلبياته أقل، الجيش يختلف مع أي أحد من عشيرة أو عائلة ينتهي الموضوع ثاني يوم، لأن هذا جيش ودولة وليس حزب وجماعة وفئة معينة سيتم جرها إلى قتال هنا وقتال هناك.
إذاً بشيء أخطر الذي هو الموضوع الأمني نحن تَصرفنا هكذا، بموضوع التهريب نحن نتصرف نفس الشيء، إذا هناك شيء نحن نستطيع أن نساعد فيه أجهزة الدولة ضمن ما هو متاح ومسموح لنا نحن جاهزين وليس عندنا مشكلة، إذا أحد عنده انطباع أنه نحن نتبنى التهريب أو فرحين بالتهريب أو نُؤيد التهريب حتى على سوريا التي قدمنا فيها دم هو مُخطئ ومُشتبه وظالم ومفتري، نحن لسنا كذلك، نحن نُفكر لاحقاً كيف نُهرب من سوريا على لبنان ولكن من لبنان على سوريا لم نُفكر بهذا الموضوع نهائياً، هذا بموضوع التهريب.
الموضوع الثاني بالاستكمالات، عندما تحدثت أيضاً عن مجمل الوضع الذي نُواجهه في البلد، بالموضوع الإقتصادي وموضوع المشتقات النفطية وموضوع الدواء وموضوع المواد الغذائية وارتفاع سعر الدولار، البطالة إلى آخره..
النقطة التي أريد أن أُكملها – وأنا قلتها في لقاءات داخلية ولكن أُريد أن أُوضحها – أن ما يجري مرة نراه أنه مشكل داخلي، وزير، رئيس، سياسات خاطئة، فساد، لصوص، عدم تحمل مسؤولية، فراغ في السلطة، الناس جشعين، إلى آخره.. أن هذا مشكل داخلي ولذلك عندنا مشكلة كهرباء ومشكلة مازوت ومشكلة بنزين ومشكلة دواء ومشكلة مواد غذائية ومشكلة الدعم ورفع الدعم وما شاكل.. مرة ثانية لا، هي هكذا ولكن ليست فقط هكذا، الشيء الثاني المهم والذي هو يأتي بالدرجة الأولى بالحقيقة يجب أن نرى هذا الذي يحصل أن هذا جزء من حالة حرب، هذه حرب، هذه جبهة، اسمها الجبهة الاقتصادية، الجبهة الاقتصادية لتركيع الشعب اللبناني، لإذلال الشعب اللبناني، لإخضاع الشعب اللبناني، وفي مقدمه المقاومة، ولكن ليس فقط المقاومة، هناك أناس ملتبسة عليهم عندما يقول لك فقط المقاومة، يعني في لبنان فقط المقاومة تريد أن يحصل لبنان على كامل حقه في المنطقة الاقتصادية وفي ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة؟ فقط المقاومة أو فقط حزب الله مثلاً؟ في لبنان هناك فقط المقاومة تريد أن نأخذ كامل حقنا في نفط وغاز لبنان الموجود في المياه اللبنانية ؟ فقط المقاومة؟ هذا جزء من الاخضاع، هذا يطال حزب الله ويطال غير حزب الله ويطال أحزاب المقاومة، الموجودة بالمقاومة، ويطال كل الوطنيين بهذا البلد الذين هم أحزاب وتيارات وشخصيات وقيادات أخرى، مطلوب أن تخضع، مطلوب أن تركع، مطلوب أن تستسلم، أميركا تريد لبنان خاضعاً، تريد لبنان ذليلاً، ما تُمليه الخارجية الأميركية وممثلتها الشمطاء في لبنان السفيرة الموجودة هنا، يجب على اللبناني أن يضرب التحية بالتعيينات وبالسياسات وبالتشكيلات وبالقبول وبترسيم الحدود وكيفية التعاطي مع المقاومة وكيفية الخضوع لإسرائيل، بالنهاية لبنان كان جزءاً من الجبهة والمحور الذي ألحق الهزيمة بالمشروع الأميركي في أكثر من نسخة، في نسخة 1982، في نسخة 2000، في نسخة 2006، في نسخة 2011، هذه نسخ للمشاريع الأميركية، لبنان وخصوصاً المقاومة في لبنان وكل من أيد هذا المسار في لبنان هو جزء من إفشال هذه المشاريع الأميركية، إذا لا تريد أن تدفع الثمن سيدفعوك الثمن، لذلك هو جاء وشن حرباً، هذه الحرب بدأت منذ مدة لكن إذا نحدد لها زمناً قبيل تشرين الأول 2019، عندما بدأوا يركبون جمعيات المجتمع المدني والـ”NGOS” ويمولوهم ويعطوهم أموال ويفتحوا مواقع تواصل اجتماعي ويستقطبوا شباب من هنا وصبايا من هنا، وهؤلاء لمعلوماتكم يتم إدارتهم من السفارة الأميركية في عوكر، يعني في السابق أن السفارة تتصل برؤساء الأحزاب، الآن لا، الآن إذا هناك 20 “NGOS” أو 100 “NGOS” يعني الجمعيات الذين يسمون أنفسهم مدنية، لا هؤلاء مباشرة اتصالهم مع السفارة الأميركية بدون وسيط من الزعيم السياسي أو الزعيم السياسي الفلاني ويأخذون أمولاً مباشرة من السفارة. وبدأت اللعبة في تشرين وكان الهدف بحسب ظنهم تغيير الأغلبية السياسية في ذلك الوقت، كانوا يُريدون أن تسقط الحكومة، كانوا يريدون أن يسقط مجلس النواب، ويريدون أن يستقيل رئيس الجمهورية ويريدون انتخابات نيابية مبكرة ويريدون حكومة ذات صلاحيات استثنائية، ليفرضوا رئيساً جديداً وحكومة جديدة وبرلمان جديد، وتحدثنا عنه كثيراً وهذا فشل نتيجة أن هناك أناس أخذت موقف وواجهت. طبعاً، رغم أن الحكومة في ذلك الوقت كانت قادرة على البقاء والصمود، لكن نحن معلوماتنا تُؤكد أن الأميركيين هم الذين ضَغطوا على رئيس الحكومة آنذاك وأجبروه على الإستقالة، لأنهم هم من كانوا يُديرون المشروع من تشرين 2019.
تابعوا لاحقاً وقبل تشرين الأول 2019 قالوا لكثير من جماعاتهم في لبنان أَخرجوا أموالكم ودولاراتكم من لبنان وأخرجوها من البلد، هل هذا حصل صدفة أم هناك من يُدير وأعطى إيعاز وطلب من هؤلاء إخراج أموالهم، والمصارف أيضاً أخرجت أموالها، وبدأنا ندخل إلى الأزمة رويداً رويداً وصولاً إلى ما وصلنا إليه اليوم.
إذا ما يجري إخواني وأخواتي هو حرب، نحن نُواجه مشكلتين كما تحدثت المرة الماضية في حرب حقيقية اقتصادية مالية ولذلك اليوم “مين يا ما هناك ناس” في المدة الأخيرة جاءوا ووعدوا ولم يوفوا من لديه ودائع يسحبها من لبنان، من قال له أسحبها؟ أنا أقول لكم الأمريكان إذا كان هناك أحد يريد وضع وديعة ممنوع، إن أراد أحد تقديم مساعدة ممنوع، إن أراد أحد أن يستثمر في لبنان ممنوع، إذا أراد لبنان قبول استثمارات صينية، روسية، شرقية، إيرنية، ممنوع تأخذ من إيران ممنوع، “مدري شو ممنوع”، هذا ماذا؟ هذه حرب.
هذا لا يجري بالصدفة وكلما يحصل لا يوجد شيء منه بالصدفة، كله يسير بسياق يوصل الناس إلى حالة انهيار إلى حالة الغضب الشديد إلى حالة الكفر بكل شيء إلى حالة التخلي عن كل شيء، مثلما فعلوا في كثير من الشعوب العربية والاسلامية، حتى الآن لم يستطيعوا اشعال الحرب الأهلية لكن ما زال هذا هدفهم ويعملون عليه.
لم يستطيعوا إشعال الحرب الأهلية طيب نُجوعكم، نُعطشكم، نَجعلكم من أجل صفيحة الوقود والمازوت وحبة الدواء ورغيف الخبز لا ان تتخلوا عن سيادتكم وكرامتكم ونفطكم وغازكم وحدودكم ومياهكم وكرامتكم وسيادتكم، بل نَجعلكم حتى تَكفرون بالله الذي تعبدونه، هكذا يفكر الأمريكان ويعملون وعملوا مع كثير من الشعوب في العالم.
عندما نُقارب الموضوع بهذا الفهم وهذه الخلفية أكيد تكون مقاربتنا مختلفة.
يُصبح وكما تحدثنا أنه علينا ان نصبر ونبحث عن بدائل وعلينا ايجاد حلول وعلينا ان نُواجه بجدية، لكن عندما نفهم ان الموضوع ليس فقط مشكل داخلي وإنما في خلفية حرب واستهداف، هذا يجب أن يُحفزنا ويمنحنا طاقة على الصبر أعلى واستعداد للمواجهة أكبر وشجاعة اكبر وتحمل أكبر وحكمة أكثر ووعي وبصيرة أكثر، لأنه غير ذلك نكون نحقق هدف العدو وهو أن ننهار ونستسلم.
نحن عندما نتحدث عن أن هناك حالة انهيار بالبلد، لكن بالمقاومة لا يوجد حالة انهيار حتى لا يكون الأمر ملتبسا عند أحد، أبدا المقاومة متماسكة قوية ثابتة متينة ولا يُخطىء أحد بالحساب لا الأمريكان ولا الإسرائيليين ولا أحد على الإطلاق يُخطىء بالحساب.
وما جرى قبل أيام يُؤكد هذا الكلام.
الإستكمال الأخير: عندما تحدثت عن موضوع أفغانستان، بموضوع أفغانستان طبعاً حدث اليوم طاغي دولياً وفي الداخل الأمريكي اليوم هو الحدث الأول، وطبعا مثل لبنان “فاتوا ببعض ولا حدا أحسن من حدا” الحزب الجمهوري “فايت” بالحزب الديمقراطي ويُحمل بايدن المسوؤلية ويوصف المشهد أن هذا ذل لأمريكا وضعف ووهن وفشل وهزيمة تاريخية وعار وعيب وما تريدون.
هم كفوا المؤونة لمن يريد توصيف هذا المشهد، كذلك مواقف الدول الكبيرة في أوروبا، بعض رؤساء الدول الأوروبية يتحدثون بلغة عالية جدا في السلبية وفي تقييم المشهد في افغانستان.
طبعا المشهد كبير جدا ومليء بالعبر، ومليء بالدروس، ونحن علينا جميعا وهذا لا ينتهي بخطاب وخطابين لأنه متواصل ويستحق ان تجلس كل الناس لتتأمل به عن جد تتأمله.
ليس فقط الخبراء، الخبراء الاستراتيجيون الكثر في هذا الزمن ما شاء الله.
الخبراء والمحللين الرجال النساء الكل الكل مهما يقال عن موضوع افغانستان وما يحدث حاليا في افغانستان، هو قليل أمام أهمية ودلالات الحدث في افغانستان التاريخية والاستراتيجية والفكرية والثقافية والسياسية والنفسية والمعنوية.
واأكثر ناس عليهم قراءة هذا الحدث وعليهم كشف دلالاته الاستراتيجية والتاريخية هم شعوب هذه المنطقة ، ما يحدث الآن في افغانستان درس عظيم وكبير جدا.
يكفي المشاهد التي نراها وشهدتموها جميعا على الشاشات، واليوم كل وسائل الاعلام في العالم وليس فقط القنوات الأمريكية مهما حاول التضييق، هو حتى بموضوع شبكات التواصل الاجتماعي ينطبق عليها، وعندما فتحها الأمريكي وفتحوا الانترنت بهدف اشعال الثورات الملونة في البلدان، هذا أيضاً يَنقلب فيه السحر على الساحر، اليوم حتى بالولايات المتحدة الأمريكية إذا جاءت حكومة بايدن لتمنع هذا التلفزيون وذاك التلفزيون وتلك الصحيفة ان تكتب، هل ستمنع الملايين عشرات الملايين الجالسين على شبكات التواصل الاجتماعي وينزلون الصور ونفس المشاهد؟ يا سبحان الله كيف في سايغون في فيتنام العالم تصعد إلى الدرج للحاق بالطائرة وكيف بمطار كابول الناس تصعد الدرج للحاق بالطائرة،عجيب نسخة مكررة هل هذه صدفة؟
بكل الأحوال مشهد أفغانستان وسقوط افغانستان بيد الحركة التي قاتلتها أمريكا عشرين سنة وأخرجتها ثم سلمتها البلد تسليم اليد.
اخرجوا ناسهم إلى المطار، وتحدثت في المرة الماضية واليوم بايدن حاول الدفاع عن نفسه، أنه بدل من استعجالك الانسحاب وأنت ما زُلت موجوداً تقول هناك قوات افغانية 300000 أو 400000 بين جيش وشرطة، كُنت تَعقد تسوية بين الحكومة الافغانية وبين طالبان وحكومة انتقالية وحكومة شراكة وما كان حصل ما حصل وتنسحب انت بكرامتك؟ لماذا لم تفعل هذا؟ لأنه غير قادر على البقاء.
بصراحة ليس كرم أخلاق خرجوا، أُسمعوا بايدن لا داعي لسماعي أنا، أُسمعوا بايدن وأُسمعوا وزير الخارجية وأُسمعوا مستشار الأمن القومي، لأنهم مضطرين لأن يَشرحوا للشعب الأمريكي، هم لا يَشرحون لشعوب العالم هم يشرحون للشعب الأمريكي المدهوش أمام هذه المناظر المذلة للهزيمة والفشل.
يَشرحوا لهم وتَستنتجوا من شرحهم ولن أنقل لكم وأتحول لنشرة أخبار، لكن أنا أتمنى ما تحدث به بايدن اليوم وفي الأيام الماضية وماذا يتحدث الأمريكان إقرأوه بدقة وامنحوه بعض الوقت، لأنه لهم علاقة بفهم الدلالات التاريخية والإستراتيجية للهزيمة والفشل الأمريكي وفشل الناتو في أفغانستان.
وهناك أمر له علاقة فِينا كشعوب منطقة، حيث يُعطينا عبرة نستفيد منها لحاضرنا ومستقبلنا.سأتوقف عند نقطتين بما تحدث به بايدن:
النقطة الأولى: ماذا قال؟ قال نحن انفقنا أكثر من تريليون دولار يعني ألف مليار دولار، ألف مليار دولار انفقوا على أفغانستان، “شو طلعوا من أفغانستان خالي الوفاض بخفي حنين” كما يقال وأذلاء ومهزومين وفاشلين ويا للعار يا للعيب بإعلامهم وبالإعلام الغربي.
هذا دليل ماذا؟ دليل فشل دليل هزيمة، دليل عجز، دليل جهل، دليل قلة عقل، هو يقول بايدن لم يكن تقديرنا نحن تفاجأنا ان الحكومة الأفغانية والقوات الافغانية لم تقاتل ولم تصمد وانهارت بهذه السرعة.
ونفس هذا الكلام قاله وزير الدفاع، ومستشار الأمن القومي وقاله وزير الخارجية، هذا مُؤشر على ماذا للناس الذين يعتقدون أن أمريكا نصف إله وتعرف كل شيء وتدرس كل شيء وتحيط علم بكل شيء، وتقدر ولديها مراكز دراسات طويلة عريضة وخططها عظيمة جداً، لا لا لا هذه أمريكا بالمنطقة جاهلة، عديمة الفهم، حتى الآن كم مر عشرات السنين يعيدون نفس الأخطاء ُيكرروا نفس التجارب الفاشلة ونفس الرهانات الفاشلة هذا أيضا للعبر.
هو يقول الحق ليس علينا بل الحق على القوات الأفغانية التي لم تُقاتل، يا حبيبي هذه القوات الافغانية انت لم تبقي لها سلاح جو، لأن سلاح الجو لديك ولم تؤمن لها مظلة جوية، رغم أنك تقول أنفقت تريليون دولار على هذه القوات الأفغانية التي كان يديرها جنرالاتك، ويضعون لها خططًا فاشلة. ما هي نوع الخطط؟ وما هي نوع الاستشارات التي قدمتموها لهؤلاء؟
النقطة الثانية: ما الذي كان يريده بايدن بهذا التصريح؟ وهو زلّ لسانه وهو يدافع عن نفسه، كان يريد حربًا أهلية، كان يريد أن تتقاتل القوات الأفغانية مع طالبان، أن يقاتل مئات الآلاف مئات الآلاف، وهو يجلس وينظر إلى المطحنة في أفغانستان. في الوقت الذي لو كان لديه إنسانية وحريص على ناسك كما يدّعي كان يذهب ويبرم صلح وتسوية قبل انسحابه من أفغانستان. هذا سقوط أخلاقي للإدارة الأمريكية. هذا السقوط الأخلاقي يعبّر عنه اليوم حتى كبار السياسيين والمعلّقين في أمريكا وغيرها. لذلك خرج اليوم بايدن ليقول نحن كنا نريد إبرام حل سياسي، لكن الرئيس الأفغاني أشرف غني لم يقبل. أنظروا حمّله المسؤولية، ولا يلمني احد أنا وأستمع إليه تذكرت القرآن عندما يحدّثنا عن الشيطان “فلا تلومني ولوموا أنفسكم” لا يلومني أحد، أنا الشيطان لوموا أنفسكم.
صحيح أنتم اطعتم الأمريكان وسمعتم لهم وراهنتم عليهم، ووصلوا لمرحلة قالوا لكم في أمان الله باي باي وأي باي باي، ما يجري بمطار كابول أمر مذهل، أمر محزن لأنّه بالنهاية هؤلاء بشر كلّنا شاهدنا الطائرة المغادرة والعشرات حولها والطيار لم يكترث، ولم يوقف الطائرة، وكان من الممكن أن يدهسهم، ورأى أنّ هناك من تعلّق بالطائرة وطار، يرمون بأنفسهم أو لا ليس شأنه.
هؤلاء الأمريكان أنظروا، وهذا موجود بوسائل الاعلام لا آتي بشيء من عندي، أحضروا الكلاب البوليسية ولم يحمّلوا الأفغان الذين تعاونوا معهم، أتوا بتجهيزات ثمنها أموال، ولم يحملوا بشر. هم بشر، هم إنسان، لهم حقوق إنسان. هؤلاء الأمريكان. كل شيء يحدث في أفغانستان، أنا أتمنّى “معليش” رغم الانشغال بالقضايا التفصيلية في لبنان تابعوها لأنّه حدث مفصلي، وهذا من 50 أو 60 سنة لم يحدث مثيل له. وسيكون له تداعيات كبيرة على السياسات الدولية، والعلاقات الدولية، والأحلاف الدولية، واليوم أكثر ناس يجلسون ويراقبون ويعلّقون هم الاسرائيليين. وعندما يقول بايدن وهذه رسالة لكل حلفاء أمريكا في المنطقة، عندما يدافع عن نفسه ويقول عبارة مهمة جدًا جدًا جدًا جدًا جدًا جدًا حتى ينقطع النفس، وأتمنّى على أصدقاء أمريكا في لبنان والمنطقة قراءتها جيدًا، يقول ليس من واجبنا أن تقاتل القوات الأمريكية بالنيابة عن أحد.
إن كان هناك أحد ينتظر أن يأتي الأمريكان ويقاتلون بالنيابة عنه، هذا بايدن يقول هذا، ولكي لا يقاتل بالنيابة عن أحد هو قَبل بتحمّل هزيمة تاريخية ومذلّة في أفغانستان. عندما تأتي إلى لبنان وغير لبنان ما هذا التفصيل بالنسبة له. لذلك ما جرى فيه عبرة عظيمة جدًا وكبيرة جدًا. علينا أن نستفيد منها ونبني عليها ثقافة، وفكر، ومشاعر، وعواطف، وخيارات، ورهانات، وقراءات، تحالفات، وبنى تحتية بالمجال الاقتصادي وبالمجال السياسي والعسكري وبالمجال الأمني.
هذا ما ختمت به الليلة الماضية الاتكال على الله والاعتماد على الذات، لا ننتظر الأمريكان لا تدريبهم، ولا استشاراتهم، ولا دعمهم، ولا وعودهم الكاذبة، ولا مؤامراتهم، لا خيرهم ولا شرهم، طبعا لا يأتي منهم خير. أمّا الخير في شعبنا، في أمّتنا، في منطقتنا، في شعوب أمّتنا، هذا الذي يجب أن نراهن عليه، ونحن نملك هذه القدرة، وهذه الإمكانية انتهينا من الاستكمالات.
إن شاء الله يكون لقاؤنا الأخير في ليلة الغد ليلة العاشر، ليلة اللقاء الأخير، والوداع الكبير.
السلام عليك يا سيدي ويا مولاي يا أبا عبد الله، السلام على علي بن الحسين، وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين ورحمة الله وبركاته.
المصدر: العلاقات الاعلامية - حزب الله