ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاثنين 1 شباط 2021 على وساطة حزب الله على خط بعبدا – بيت الوسط في ملف تأليف الحكومة، والامن في طرابلس حيث عادت الاحتجاجات الى شوارعها مع بروز انتقادات للتقصير الامني والسياسي، فيما الضغوط الغربية تزداد على لبنان مشترطين من اجل مساعدته تحرير العملة ورفع الدعم وهيكلة المصارف…
الاخبار
زيادة رساميل المصارف: بـ«الغش»… وبأموال مصرف لبنان
مُهلة تقديم المصارف طلبات زيادة رأسمالها انتهت مع نهاية كانون الأول. وفي 28 شباط تنتهي مُهلة إعادة تكوين سيولة خارجية بما لا يقلّ عن 3%. تسهيلات عديدة قدّمها مصرف لبنان خلال الفترة الماضية، من تمديد المهل والسماح للبنوك بالغش عبر استخدام العقارات لزيادة رساميلها، وصولاً إلى طرحه الاكتتاب بسندات دائمة في المصارف المُتعثّرة لمدّها بالسيولة. الطرح الأخير يعني استخدام أموال مصرف لبنان – وهي أموال عامة – لإنقاذ المصارف. ورغم ذلك ما زالت البنوك تُحاول التفلّت من تطبيق التعاميم. آخر الضغوط، مطالعة قانونية أعدّها رئيس جمعية المصارف سليم صفير، لتمديد المهل
في اجتماع بين أحد المصارف الكبرى (من فئة ألفا) ولجنة الرقابة على المصارف، سألت الأخيرة عن الأدوات التي سيستخدمها المصرف ليتمكّن من تنفيذ التعميم الرقم 154 (إعادة تفعيل عمل المصارف في لبنان) الصادر عن البنك المركزي. ردّ المُدير التنفيذي للمصرف التجاري بأنّ حاكم «المركزي»، رياض سلامة، «أبلغنا أنّه في حال تعثّر أي مصرف عن الإيفاء بالتزاماته، فسيقوم مصرف لبنان بالمساعدة عبر الاكتتاب في سندات دائمة – Perpetual bonds». مثلاً، إذا أعطى مصرف لبنان 100 ألف دولار لأحد المصارف، فسيحصل في مقابلها على «سندات دائمة»، يُفترض أن تكون غير قابلة للاسترداد ولا يتمّ التوقّف عن دفع الفائدة عليها إلّا مع إفلاس المصرف أو حصول «ظروف استثنائية». في المقابل يتمكّن المصرف المعني من إضافة المبلغ – الذي حصل عليه – إلى رأسماله، ليؤمّن زيادة الـ20% المطلوبة منه. في حال لجأ مصرف لبنان إلى هذا الخيار، يكون قد أعطى المال (من المال العام) و«أسهم» في رأسمال المصرف المعني، من دون «وضع اليد» قانونياً عليه. إلا أنّ مسؤولاً في إحدى الهيئات الرقابية يقول إنّه «حتى لو كانت السندات الدائمة لا تُعطي حاملها صلاحيات تنفيذية، لكن في حالة مصرف لبنان ستسمح له بفرض شروطه على المصارف، أكان في التعيينات داخلها أم في السياسة التي ستتبعها، وصولاً إلى تقرير دمج المصارف، ما دام قد أسهم في تأمين الزيادة المطلوبة لرأسمالها». يُمكن القول إنّ «المركزي» يُسهم في «إنقاذ» المصارف. يردّ المسؤول «الإنقاذ الحقيقي هو حين يوضع قانون جديد، وتحصل إعادة رسملة حقيقية عبر ضخّ عملة حقيقية من الخارج، وليس من خلال أدوات مزيفة كإعادة تخمين العقارات، أو تحويل الودائع إلى أسهم تفضيلية وسندات دائمة». فحالياً، كلّ ما يجري هو محاولات «لضمان استمرارية المصارف في الداخل، من دون أن نكون في طور بناء مُستقبل لها، يُعيد الثقة المحلية والخارجية بها، ويؤمّن ربحية، وفائدة للاقتصاد الكلّي».
ليست «السندات الدائمة» الأداة الوحيدة التي طرح مصرف لبنان اللجوء إليها لتأمين زيادة الرأسمال لدى المصارف. فبحسب معلومات «الأخبار»، سعى سلامة خلال الفترة الماضية إلى تأمين «زبائن» ليتملّكوا أسهماً في أحد المصارف من «الفئة ألفا» (يملك أيضاً مؤسسات تابعة له في لندن وأستراليا)، على أن تتمّ العملية «بمساعدة» مصرف «غولدمان ساكس» الاستثماري. برز اسم «غولدمان ساكس» بشكل خاص في صيف 2019 حين أودع لدى «المركزي» وديعة بقيمة 1.4 مليار دولار نتيجة صفقة مع مصرف «سوسيتيه جنرال»، سُحبت من لبنان بعد الانخفاض الحادّ في موجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية وتردّي الأوضاع. إلا أنّ مسعى «المركزي» لم ينجح، فما دام «المصرف لبنانياً لن يُساعده أحد، وخاصة شركة أميركية». لا ينحصر السبب في عدم اعتبار المؤسسات الأجنبية أنّ المصارف اللبنانية «صالحة» للاستثمار، ولكن أيضاً تاريخ الطرحين اللذين قدّمهما مصرف لبنان لمساعدة المصارف يعود إلى ما قبل شهر كانون الثاني، و«الاشتباه في الحاكم» في سويسرا بجرم اختلاس وغسل أموال، وارتفاع احتمال أن تؤثّر القضية على مكانة «المركزي» كمؤسسة، في علاقاتها مع المصارف والمؤسسات المالية الخارجية.
كيف ستتعامل المصارف إذاً مع التعميم الرقم 154، الذي صدر في 27 آب الماضي، ونصّ على إعادة تكوين السيولة الخارجية للمصارف بما لا يقلّ عن 3% من مجمل الأموال المودعة لديها بالدولار (تنتهي المهلة في 28 شباط المقبل)، و«الحثّ على» إعادة الأموال المُحوّلة إلى الخارج (بما يفوق مجموعه 500 ألف دولار أميركي) بما نسبته 15% للزبائن و30% لرؤساء وأعضاء مجالس إدارة وكبار مساهمي المصارف والإدارات العليا التنفيذية وعملاء المصارف من الأشخاص المعرضين سياسياً، وزيادة رؤوس أموال المصارف بنسبة 20% من الرأسمال كما كانت في 31 كانون الأول 2018؟
بالنسبة إلى زيادة رؤوس الأموال، انتهت المُهلة الثانية التي أُعطيت للمصارف في 31 كانون الأول 2020 (كان يُفترض أن تنتهي في 30 حزيران 2020 ولكن مُدّدت بسبب عدم التزام العدد الأكبر من المصارف يومها)، وتنقسم المصارف إلى ثلاث فئات؛ الفئة الأولى من المصارف «ضمّت في ملفّها مقترحات غير قابلة للتطبيق، كإضافة سيولة لم تحصل عليها بعد، ناتجة عن استثماراتها في شركات أجنبية»، تقول مصادر لجنة الرقابة على المصارف. والفئة الثانية، «طلبت تمديد مهلة تقديم الطلبات لأنّها لم تؤمّن الزيادة بعد». أما الفئة الثالثة، «فهي العدد الأكبر من المصارف التي قدّمت طلبات لزيادة الرأسمال». ما هي الأدوات التي استُخدمت لذلك؟ «تحويل ودائع زبائن إلى أسهم تفضيلية، طلب إعادة تخمين محفظة العقارات التي تملكها، أموال داخلية، وقلّة قامت بتحويل أموال من الخارج لضخّها في رأس المال».
سعى سلامة لتأمين «زبائن» عبر مصرف «غولدمان ساكس» ليتملكوا أسهماً في أحد المصارف
تقول المصادر إنّ لجنة الرقابة تقوم حالياً بتخمين العقارات التي سُمح بزيادتها إلى الأموال الخاصة (الرساميل)، «ولكن العملية ستطول بسبب الظروف الاستثنائية، ففي الحالات الطبيعية، كانت العملية تحتاج إلى ما لا يقل عن ثلاثة أسابيع». وتُفرّق المصادر بين تقديم الطلب ضمن المُهلة الزمنية «بطريقة أرادتها المصارف لترمي المسؤولية عنها وتُظهر التزامها بالمُهل، وبين التصديق على الطلبات التي لم تتمّ بعد». جزء من التأخير سببه إداري وتأخّر المجلس المركزي لمصرف لبنان في بتّ الطلبات، ويُفترض أن «يبدأ هذا الأسبوع عملية التصديق على زيادة رأسمال، بحسب ما وعد سلامة».
عديدة هي «أدوات الغشّ» التي قدّمها «المركزي» للمصارف ليُساعدها على عدم ضخّ «دولارات حقيقية» لإعادة تفعيل عمل القطاع المصرفي (أبرزها السماح لها باستخدام عقارات وإعادة التخمين العقاري بهدف زيادة الرساميل)، رغم ذلك لم تستطع الالتزام بها، ويدل ذلك على الإفلاس الحاد الذي تُعاني منه. وقد بدأت المصارف تضغط على مصرف لبنان لإجباره على تمديد المهل. أُطلقت الحملة علنياً في 26 كانون الثاني، مع «المطالعة القانونية» التي أرسلتها جمعية المصارف إلى سلامة، باسم رئيسها سليم صفير، وموضوعها «شمول قوانين تعليق المهل تلك الممنوحة للمصارف بموجب تعاميم مصرف لبنان». وبحسب المعلومات، فإنّ سلامة قد يتّجه إلى تمديد جديد للمُهل، ولا سيّما في ما خصّ زيادة الأموال الخاصة وتكوين حساب خارجي لا يقلّ في أي وقت عن 3% من مجموع الودائع بالعملة الأجنبية.
تعرض مصارف تجميد «الدولارات الطازجة» التي يأتي بها الزبون بعد مضاعفتها 3.4 مرّات
المصارف تسعى إلى تمديد حتى حزيران 2021، على الأقل، وحُجّتها هي أنّه «لدينا النيّة للتنفيذ، ولكن من أين سنحصل على الدولارات اللازمة؟ في النهاية، سنكوّن الحساب الخارجي، ولكن الأمر بحاجة إلى بعض الوقت»، علماً بأنّ المصارف استمرت في الأشهر الماضية في «قنص» دولارات الناس من خلال تجميد «الدولارات الطازجة» التي يأتي بها الزبون، عبر إغرائه بمضاعفتها 2.1 مرّة ضعف المبلغ ثم رفعتها إلى 2.9 مرّة ضعف المبلغ، حتى بلغت حالياً في بعض المصارف 3.4 مرات (أي يُفتح لزبون يحمل 100 ألف دولار، حسابٌ بـ340 ألف دولار وهمي، سيُوقّع على تجميدها لفترة قبل أن يتمكّن من سحبها باللبناني!). مصارف أخرى دخلت «السوق السوداء» عارضةً شيكات مصرفية للبيع بـ32% من قيمتها لقاء الحصول على دولارات. وتُفيد المعلومات أنّ مصارف تتواصل حالياً مع صرّافين ليساعدوها على «لمّ» دولارات من السوق، لتحوّلها إلى حساباتها لدى مصارف المراسلة في الخارج.
يقول أحد المسؤولين الماليين السابقين إنّه «صحيح أنّ المصارف في حالة إرباك وضعف، ولكن تمديد المُهل يعني ضرب ما تبقى من هيبة وحضور السلطة النقدية (مصرف لبنان)». لا يُمكن أن يتم أي تمديد «من دون ترافقه مع حجّة قوية وخطة واضحة ورؤية. عندها تُدرس حالة كلّ مصرف على حدة، والأرجح أن يكون هذا توجّه مصرف لبنان». ويعتبر المسؤول أنّ المصرف الذي لا يقدر أن يزيد 20% إلى رأسماله ويُكوّن حساباً خارجياً لا يقلّ عن 3%، «علماً بأنّهما الحدّ الأدنى للاستمرارية، يعني أنّ التمديد شراء لوقت ضائع والمصرف لا يُمكن أن يستمر».
البنوك تتهرّب من تعميم «لجنة الرقابة»
في 22 تشرين الأول الماضي، وجّهت لجنة الرقابة على المصارف المذكرة الرقم 15/2020 إلى المصارف، تُشرّح التعميم الرقم 154 وتُحدّد نسب الملاءة الواجب اعتمادها، وتطلب من كل واحد من المصارف أن يقدّم «استراتيجيته وخطّة عمله وتطوّر وضعيته المالية وربحيته… وتقييم المصرف الذاتي للمؤونات/ الخسائر الإضافية التي قد ترتّب». ولكن على جري عادتها، لم تلتزم المصارف بالمهلة المُعطاة لها رغم تمديدها، «ولم يتقدّم بعد أي مصرف باستراتيجيته»، بحسب مصادر «اللجنة». الخطط كانت مطلوبة لتُشكّل أُسس إعادة هيكلة القطاع المصرفي، عبر إجبار كلّ واحد منها على «الاعتراف» بخسائره الحقيقية ورؤيته المستقبلية، ولكنّ المصارف تتذرّع بعدم وجود مُعطيات واضحة (قيمة الموجودات، نسبة المؤونات، سعر الصرف) تُخوّلها وضع خططها، «من دون أن تطير جميع رساميلنا». مثلاً، بالنسبة إلى صندوق النقد الدولي يجب ألا تقل المؤونات على توظيفات المصارف لدى «المركزي» عن الـ60%، في حين أنّ الأخير اعتمد نسبة 1.89%. النسبة التي ستُعتمد مُهمة لاحتساب الأموال الخاصة لكلّ مصرف، والتأخير في تنفيذ التعميم 154 ووضع خطة اقتصادية – مالية – نقدية للدولة، سيؤدّي حُكماً إلى عدم تنفيذ هيكلة جدية للقطاع المصرفي.
المصارف إلى «الصيرفة»
3منذ مدة، ومصرف لبنان يُروّج لرغبته في التوقّف عن مدّ الصرّافين بالدولارات وحصر الموضوع بين المصارف. تجدّد الحديث في الموضوع، قبل قرابة شهر، مع تقديم بنك بيروت لحاكم «المركزي» رياض سلامة، اقتراحاً لتطبيق القرار. مثلاً، إذا أراد أحد السكّان الحصول على 100 دولار أميركي لشراء تذكرة سفر أو تحويل راتب وغيره، يذهب إلى المصرف عوض التوجّه عند الصرّافين. المشكلة في هذا الطرح أنّه سيلقى معارضة ومحاولة لتفشيله من قبل «لوبي» الصرّافين، ومن غير أن تتضح إمكانية نجاحه في الحدّ من المضاربة على سوق الصرف. لذلك، يبحث سلامة في «صيغة حلّ» تجمع بين الصرّافين والمصارف التي يبدو أنّ سلامة وأصحابها يُحاولان إيجاد «عمل» لها بعد أن توقفت عن تقديم خدماتها «التقليدية»، إضافة إلى منحها القدرة على السيطرة على سوق الدولار التي تمثّل إحدى أدوات توزيع الثروة في الأزمات.
شركات «تنصب» الشيكات
أنتجت الأزمة اللبنانية «ظواهر» عديدة، تستغل خوف الناس من خسارة ودائعها، ولا سيّما بالدولار، فتُروّج لـ«خدمات» تدّعي أنّها «تُخلّص» الدولارات من المصارف اللبنانية. في حزيران الماضي، عرضت شركة مالية تقول إنّها تملك مكاتب في لبنان وقبرص ومصر على أشخاص سحب دولاراتهم من المصارف اللبنانية بموجب شيكات، واعدة بمساعدتهم على فتح حسابات في واحد من مصرفين في سويسرا تتعامل معهما، وقد وُعد الأشخاص بالحصول على 70% نقداً من قيمة كل شيك، على أن يحصل المصرف السويسري على 30% من قيمته، يتقاسمها مع الشركة المالية التي تلعب دور «الوسيط». وتشترط الشركة أن لا يكون الشيك ممهوراً بختم «يُدفع في لبنان»، الذي بدأت المصارف تُضيفه بعد حصول الأزمة، لتحصر عمليات إخراج الشيكات من لبنان. وقد طُرحت أكثر من علامة استفهام حول دور مصرف لبنان في «تسهيل» تهريب الدولارات بهذه الطريقة، لأنّ تحصيل الشيكات الدولية يجب أن يمرّ عبره. يؤكّد أكثر من عامل في القطاع المالي والمصرفي أنّ هذا الأمر هو «تنصيبة» على الناس، فأولاً «من المستحيل في وقت كان الشيك داخل لبنان قد فقد أكثر من 70% من قيمته، أن نجد من يدفع 70% من ثمنه نقداً». ثانياً، العملية لو تمّت فهي تهريب للأموال من لبنان، «لا تكون سهلة ومعروفة ومُنظمة إلى هذه الدرجة، بل تتمّ بالخفاء وبين زبائن مُحدّدين يكونون محظيين». وتُضيف المصادر أنّه خلال الأشهر الماضية، «كثُرت الشركات والأفراد الذين عرضوا على زبائن المصارف تحرير أموالهم، ليتبين أنّ الشيكات قد ارتُجعت لصعوبة تحصيلها، أو أنّ الوسيط قد فرّ بها».
شروط الغرب تتجدّد: تحرير العملة ورفع الدعم وهيكلة المصارف
حزب الله يستأنف الوساطة بين عون والحريري
ابراهيم الأمين
يبدو أنّ تطوراً ما حرّك المياه الراكدة في ملف تأليف الحكومة. وسواء عزا البعض الأمر الى الأحداث «اللغز» في طرابلس، أو إلى الاتصالات الجارية بين فرنسا والولايات المتحدة بشأن لبنان، إلا أن قوى داخلية بارزة وجدت أنّ من الضروري العمل على وصل الكلام بين بعبدا وبيت الوسط.
وحتى ساعات ليل أمس الأولى، كان حزب الله هو الجهة الأبرز الفاعلة على الخطّين، منطلقة من ضرورة وقف السجال بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري من جهة، وفتح كوّة في الجدار الحكومي المرتفع بين الجانبين. وينطلق مسعى الحزب من تقديرٍ بأنّ هناك محاولات لدفع لبنان إلى مستوى أعلى من الضغوط المتنوعة، بغية دفعه إلى مزيد من الفوضى السياسية والأمنية المترافقة مع تدهور اقتصادي كبير، وسط مؤشرات سلبية نقلتها جهات دبلوماسية غربية إلى المسؤولين من مواقع مختلفة، تشدّد على التوجه إلى وقف أي دعم متوقع على صعيد البرامج المالية الكبيرة، وصولاً إلى برامج الدعم الصغيرة التي تقع تحت عنوان مواجهة الظروف الاجتماعية الناجمة عن وباء كورونا.
وحسب المعطيات المتوافرة، فإن الحريري كان قد أعرب عن رغبته بعدم استئناف أي تواصل مع الرئيس عون في ظل ما أعلنه الأخير من مواقف تجاه الرئيس المكلف. الحريري هنا يهتم بالشكل وبالمضمون أيضاً. وهو يجد نفسه في موقع «غير القادر» على تحمّل «الإهانات المتوالية» من جانب الرئيس عون، سواء ما ورد في التسريب الصوتي الشهير، أو حتى ما نقلته «الأخبار» (يوم الجمعة الفائت) عن رئيس الجمهورية بشأن «قول الحريري الشيء وعكسه». وفي المقابل، يبدو الرئيس عون كما رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في موقع «عدم التساهل» مع محاولة محاصرتهما من خلال تركيبة حكومية تلائم «الخصوم» ولا تسمح بعمل «خارج جدول أعمال فريق سياسي داخلي متصل بأجندة خارجية».
إشارات جديدة حول رفض الغرب أي دعم أو تعاون اقتصادي أو مالي مع لبنان
لكن العنصر المستجدّ خارجياً هو رسالة فرنسية وصلت الى معنيّين في لبنان، بأن الاتصال الأميركي ــــ الفرنسي بشأن لبنان مدّد مهلة تفويض المبادرة الفرنسية. وثمة خشية من أنه في حال مرور الفرصة من دون نتيجة، فإن الدور الأميركي قد يعود الى مستوى جديد من الضغوط القصوى مقابل انسحاب أوروبي وفرنسي على وجه الخصوص، علماً بأن مصادر فرنسية تقول إن باريس لا تزال تنتظر إشارات أميركية ــــ إيرانية تتيح للرئيس ماكرون التحرك لبنانياً.
وبناءً عليه، فإن مبادرة حزب الله كانت على شكل تواصل غير معلن مع بيت الوسط، واتصال هاتفي طويل بين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ورئيس التيار الوطني الحر، تناول ملف التشكيلة الحكومية، وخصوصاً مسألة الضمانات التي يريدها التيار بشأن آليّة اتخاذ القرارات داخل الحكومة. ويُظهر التيار والرئيس عون رغبة واضحة في رفع عدد الوزراء إلى عشرين وزيراً، ما يتيح لفريقهم الحصول على مقعدين مسيحي (كاثوليكي) ودرزي (من حصة طلال أرسلان) الأمر الذي يسهّل الحصول على الثلث المعطل، علماً بأن الحزب أعطى التيار إشارات متنوعة الى استعداده للمساعدة في معالجة الأمر ولو بقي عدد الوزراء 18، من خلال التعهد بأن تشكل حصة الحزب الضمانة لكي يكون بيد الرئيس عون الثلث المانع لأي قرارات تشكل خطراً يجب مواجهته. وثمة معطيات غير واضحة حول شكل تعهد الحزب، سواء على شكل ضمانات تستند إلى طبيعة التحالف بين الطرفين، أو على شكل تفاهم بينهما على تسمية وزراء شيعة يكون بينهم من هو أقرب أو أكثر التصاقاً بالرئيس عون.
ويبدو أن عون والحريري سمعا كلاماً واضحاً حول أن فشل المبادرة الفرنسية في صيغتها الأخيرة المفترض عرضها في الزيارة المقبلة لماكرون إلى لبنان، سيتسبّب بمشكلة كبيرة تنعكس مزيداً من التدهور السياسي والاقتصادي، وتالياً الأمني في كل لبنان.
الضغوط القصوى اقتصادياً
في هذه الأثناء، تلقّت الجهات المعنيّة في حكومة تصريف الأعمال، أو في جانب الرئيس المكلف، المزيد من الإشارات السلبية حول موقف الغرب من أي دعم أو تعاون اقتصادي أو مالي مع لبنان. وسمع مسؤولون في الدولة كلاماً واضحاً حول «عدم وجود استعداد لدى أي دولة عربية أو غربية أو صندوق بإقرار أي نوع من المساعدة، ما لم يلتزم لبنان بخطوات عاجلة تشمل:
أولاً: تسهيل تأليف حكومة مهمّة وفق المبادرة الفرنسية.
ثايناً: إقرار المجلس النيابي والحكومة وبقية السلطات اللبنانية بأولوية ولامحدودية التدقيق الجنائي في مصارفات كل وزارات وصناديق الإنفاق اللبنانية من دون تحديد تاريخ أو سقف زمني.
ثالثاً: التزام التوصيات الأساسية لصندوق النقد الدولي لناحية إقرار موازنة مختلفة للعام 2021، على أن يجري العمل سريعاً على الآتي:
ــــ تحرير سعر العملة ووقف أي دعم لسعر صرف الدولار الأميركي،
ــــ وقف معظم الدعم القائم من قبل الحكومة لسلع استهلاكية،
ــــ المباشرة في خطّة ترشيق القطاع العام ولو اقتضى ذلك تقليص حجمه،
ــــ مباشرة خطّة إعادة هيكلة القطاع المصرفي.
عون والحريري سمعا كلاماً واضحاً عن أنّ فشل المبادرة الفرنسية في صيغتها التي سيعرضها ماكرون سينعكس مزيداً من التدهور السياسي والاقتصادي، وتالياً الأمني في كل لبنان
وحسب المصادر، فإن النقاش حول هذه الأمور يجري بصورة غير معلنة مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والذي يقول إن الجانب الفرنسي على تواصل دائم معه، وإنّ فريقاً من مصرف فرنسا المركزي دائم التواصل معه في بيروت وباريس لمناقشة الخطوات الخاصة بواقع مصرف لبنان وبمستقبل خطة هيكلة القطاع المصرفي. وبرغم أن الفرنسيين يرفضون التعليق على هذه المعلومات، إلا أنهم يؤكدون انتظار تعهدات من سلامة بخطوات عملية في القطاع المصرفي في شهر آذار المقبل.
ويفترض بحسب ما أعلن سلامة سابقاً، أن يعمد في نهاية شهر شباط الجاري، إلى إطلاق عملية تقييم لواقع المصارف اللبنانية كافة، لجهة التزامها بتوفير نسبة الـ 3 في المئة من الأموال المودعة لديها بالدولار وإيداعها لدى مصارف المراسلة في الخارج، وكذلك ما حققته المصارف على صعيد توفير زيادة رساميلها بنسبة 20 في المئة، علماً بأنه أتاح لمصارف استخدام أموالها الموجودة في لبنان وكذلك محافظها العقارية لإنجاز عملية الرسملة. إلا أنه يحاول الضغط على المصارف لاستعادة مبالغ من الخارج، ويجري الحديث عن توفير المصارف نحو مليارَي دولار من الخارج في الأشهر الأربعة الماضية، وهو رقم يصعب التثبّت منه في ظلّ انعدام الشفافية. لكن الأكيد، بحسب معطيات مراجع مصرفيّة، أن المصارف الكبرى لم تنجز جميعها ما هو مطلوب منها، وأن مصارف متوسطة أو صغيرة بدأت الاستعداد لعمليّة استحواذ مرتقبة من جانب مصرف لبنان على جزء من أسهمها، في ظلّ عدم قدرتها على تلبية حاجات خطوتَي الرسملة أو توفير الـ 3 بالمئة.
طرابلس: التقصير الأمني والسياسي في مرمى الانتقادات
أعطت الإجراءات الأمنية المسبقة التي اتخذها الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في طرابلس، يوم أمس، وزيارة وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي للمدينة، انطباعاً بأنّه لن يتم التساهل مع ما تصفه قوى السلطة بـ«أعمال شغب واعتداء على الأملاك العامّة والخاصّة من قبل المحتجّين»، كما حصل يوم الخميس الماضي وقبله.
هذه الانطباعات دفعت المحتجّين الذين احتشدوا بعد ظهر أمس في ساحة عبد الحميد كرامي (النور)، والذين انضم إليهم محتجّون أتوا من مختلف المناطق اللبنانية للتضامن مع طرابلس، إلى إبقاء تحرّكاتهم سلمية وتحت السيطرة، لإدراكهم أنّ ردّ الفعل على أيّ أعمال «تخريبية» سيكون قاسياً من الجيش والقوى الأمنية، خصوصاً بعد الانتقادات التي طالت الجهات الأمنية واتهمتها بالتقصير والتقاعس في حماية المؤسسات العامّة والخاصة وأبناء المدينة، ممّن عاثوا فيها فساداً وتخريباً.
فهمي تفقد مبنى بلدية طرابلس، واطّلع على الأضرار الناجمة عن الحريق الذي اندلع فيها ليل الخميس، وجال في سرايا المدينة والمحكمة الشرعية السنّية التي طالها حريق مماثل، وعقد اجتماعاً أمنياً، أكد بعده أنّ «القوى الأمنية لن تتهاون في الدفاع عن طرابلس وكلّ المناطق اللبنانية»، وشدّد على أنّ «القوى العسكرية كافة ستعمل بكلّ ما أوتيت من قوة لمنع المسّ بهيبة الدولة والتعرّض للأملاك العامة والخاصة». لكن تصريحاته لم تحل دون توجيه انتقادات عديدة إليه.
فقد اعتبرت مصادر سياسية لـ«الأخبار» أنّ فهمي تأخر «في زيارة المدينة التي اندلعت فيها أعمال شغب وجرى التعرّض لسرايا المدينة قبل 10 أيّام، وبعد مرور 3 أيّام على حريقي مبنى البلدية والمحكمة الشرعية، وعدم اتخاذ القوى الأمنية إجراءات أمنية مسبقة كافية كان بإمكانها الحؤول دون وقوع كارثة يوم الخميس».
زيارة فهمي التفقدية المتأخّرة لطرابلس لم تكن وحدها محل انتقاد، بل إنّ بيان قوى الأمن الداخلي أمس، الذي شرحت فيه ما حصل، نال انتقادات مماثلة. بيان المديرية أشار إلى أنّ «هذه المؤسسة قامت بحماية السرايا، لما تمثل من صورة للدولة وهيبتها، على الرغم من استماتة مثيري الشغب لاقتحامها باستخدامهم 16 قنبلة حربية، وحوالى 600 قنبلة مولوتوف وغيرها، بهدف قتل أكبر عدد من العناصر وإصابتهم، وحرق السرايا، وعندما فشلوا في مخططهم توجّهوا إلى مبنى بلدية طرابلس، وقاموا بحرقه»، وأنّ «القوى المولجة حماية السرايا لا يتجاوز عديدها من قوة مكافحة الشغب 100 عنصر، فضلاً عن العناصر الموجودين أصلاً في السرايا».
وأشارت المديرية إلى أنّه أعطيت الأوامر للقوة الضاربة في فرع المعلومات ولسرية الفهود في القوى السيّارة بالتوجه من بيروت إلى طرابلس، «ووضعت الخطط اللازمة لحماية السرايا، وقد نفذت هذه الخطط الموضوعة بدقة لحفظ الأمن والنظام». إلا أن المصادر السياسية في طرابلس أشارت إلى أن «هذا البيان يدين قوى الأمن الداخلي ولا يبرّئها من تهم التقصير، لأن القوّة الضاربة في شعبة المعلومات وسرية الفهود قد وصلت إلى طرابلس ليل الأربعاء، بينما وقع حريق المحكمة الشرعية ومبنى البلدية بعد 24 ساعة، فأين كانت هذه القوى؟ وماذا فعلت كي نتفادى وقوع الكارثة؟».
ميدانياً، ومع أنّ الوضع بقي هادئاً وتحت السيطرة، قبل أن تشهد ساعات المساء رمي محتجين السرايا بالحجارة، ردّت عليهم القوى الأمنية بالقنابل المسيلة للدموع، فإنّ مواقف عدد من المحتجّين في الشارع الطرابلسي كان لافتاً؛ فقد اتهم بعضهم حزبي الكتائب والقوات اللبنانية بأنهم قد «باعوا الثورة»، لافتين إلى أنّ «من يتحرّك بالريموت كونترول لا نريده». وأشاروا إلى أنّ «طرابلس تدفع الثمن عن كلّ المناطق اللبنانية، وفقراؤها خرجوا إلى الشارع لأنه ليس لديهم ما يخسرونه. كان لدينا رئيس حكومة وأربعة وزراء من المدينة في حكومة واحدة، فماذا فعلوا لطرابلس؟». ورفض آخرون «تنديد السياسيين وفاعليات المدينة بما تعرّض له الحجر والزجاج والخشب، بينما لم يقولوا ولم يفعلوا شيئاً عندما كنّا نموت من الجوع أو على أبواب المستشفيات».
اللواء
ماكرون يفتح الباب للقاء رئاسي.. وطرابلس تكشف «التورط السياسي»!
برّي لن يصمت طويلاً والراعي ينتقد وابراهيم يُحدث خرقاً بين بعبدا وبيت الوسط
يتعلق اللبنانيون «بحبال الهوا» كما يقال، فمجرّد الإعلان عن اتصال أجراه صاحب مبادرة «حكومة مهمة» الرئيس ايمانويل ماكرون برئيس الجمهورية ميشال عون ظهر السبت الماضي، حتى لاحت لدى السياسي والمواطن العادي بشائر إمكانية من استئناف المحركات التشاورية بالعلن، ووراء الكوالييس، لحلحلة العقد الكامنة، والطارئة، واحتواء التصعيد السياسي، بين تياري التأليف، ورئيسي الجمهورية والمكلف، الذي ما إن تحين السانحة، حتى يتجدد الخلاف، وكأن بين الفريقين، حرب داحس والغبراء، من زاوية الحقوق، والسيطرة، و«تربيح الجميلة» والعهد القوي، وما شاكل..
بالتزامن، أمضى اللبنانيون مع انقضاء أمس الأحد 18 يوماً من الاقفال التام، في إطار سياسة «التعبئة العامة» وحالة الطوارئ الصحية، بما له وما عليه، من انضباط وخرق، وانهيارات في الأسعار والدولار، فضلا عن «انتفاضة الفقراء» في طرابلس، وما رافقها من تحركات تضامن في بيروت والمدن الحراكية الأخرى، بعدما اختلط الهم المعيشي، بالكلام غير المسند عن «مؤامرات» واستغلالات وتحويل المدينة الفقيرة إلى «منصة لتبادل الرسائل»، ولو كان هذا من قبيل التهويل، وصولاً إلى التدليس والتدجيل!
وبانتظار ما ستخرج به اللجان الصحية والعملية والوزارية من توصيات باتجاه مستقبل الاقفال، والاتجاه العام للخروج التدريجي من الاقفال الشامل، لإعادة الانعاش إلى الاقتصاد، ودوراته العادية، بعد ما لحق به ضعف واقفال وتعطيل، وعدم انتظام.. بدأ الكلام الوبائي، يطل برأسه، لجهة ظهور فيروس خطير، يدعى Nipah، ينطلق من الصين أيضاً، ولا يقل خطورة عن فايروس كورونا، الذي ينتظر وصول اللقاحات، بدءا من منتصف شباط الجاري.
وحضر الملف الحكومي، خلال الاتصال، من زاوية استمرار المبادرة الفرنسية، ورغبة ماكرون بزيارة ثالثة إلى لبنان، لاقت ترحيباً من الرئيس عون.
وكشف النائب الرديف جوزف مكرزل النائب الرديف في البرلمان الفرنسي ان ماكرون لن يأتي إلى بيروت قبل ان يضمن حصول تقدّم، بعد اجراء اتصالات مع كل من الدول الكبرى والإقليمية، وإلّا فإن العقوبات الأوروبية، ستكون على الطاولة، بعد إسقاط كل الذرائع..
وفيما بقي اتصال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون برئيس الجمهورية ميشال عون السبت الماضي هو الحدث الابرز على صعيد تحريك عجلة تأليف الحكومة الجديدة المتوقفة عند جدار الخلافات الحادة بين عون والرئيس المكلف سعد الحريري، الا ان الغموض ما يزال يكتنف كيفية ترجمة نتائج هذا الاتصال عمليا على صعيد حلحلة ازمة تشكيل الحكومة واخراجها الى حيز التنفيذ الفعلي ،في ظل الكلام العمومي الذي تعميمه عن دوائر قصر بعبدا، بينما لم يعلن اي شيء عن مضمون هذا الاتصال من الجانب الفرنسي، ما ترك جملة تساؤلات واستفسارات تطرح عما اذا كان الرئيس الفرنسي سيستكمل اتصالاته لاحقا مع بقية السياسيين المعنيين بعملية التشكيل وفي مقدمتهم الرئيس المكلف، ام ان ما سمعه من رئيس الجمهورية لم يكن مشجعا او متجاوبا مع دعوته لتجاوز الخلافات واعادة تحريك ملف تشكيل الحكومة الجديدة قدما إلى الأمام. وفي انتظار ترقب نتائج اتصال ماكرون مع عون خلال الايام المقبلة، لاحظ زوار الرئيس نبيه بري استياءه من التعثر في تشكيل الحكومة ولاحظت بانه في صدد القيام بخطوة ما او اعلان موقف لم يكشف عنه بخصوص ازمة تشكيل الحكومة الجديدة التي تزداد تعقيدا يو بعد يوم. ومع تسجيل حدة مواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي للمعنيين وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية بشكل اساسي والرئيس المكلف لتأخرهم بتشكيل الحكومة واستمرار الخلاف على تفسير المادة ٥٢ من الدستور ،استمر تفاعل الأحداث الخطيرة التي شهدتها مدينة طرابلس الأسبوع الماضي بعد الاعتداءات المركزة بالقنابل الحربية والحارقة التي استهدفت السراي ومبنى البلدية ومقر المحكمة الشرعية السنيّة ومؤسسات عديدة خاصة، بعدما ظهرت تباينات ملموسة بين اهل السلطة في كيفية معالجة ذيول هذه الحوادث ومحاولات حصرها بنطاق محدود والتعاطي معها وكأنها حوادث امنية عادية وليست بالخطورة التي يروج لها. وحسب مصادر متابعة لمجريات المعالجة الرسمية لحوادث طرابلس الاخيرة ،فإن التباين كان واضحا بين رفض الفريق الرئاسي انعقاد المجلس الاعلى للدفاع والفريق الوزاري الداعي لمثل هذا الاجتماع كونه الجهة المختصة لمناقشة مثل هذه الحوادث الخطيرة، ما استدعى للاستعاضة عنه باجتماع مجلس الامن المركزي برئاسة وزير الداخلية لمناقشة ما جرى واتخاذ ما يلزم من اجراءات لتطويق ذيول الاحداث ومنع تجددها وتمددها الى مناطق اخرى. فيما اعتبرت المصادر المذكورة ان التبريرات لمنع انعقاد المجلس الاعلى للدفاع لم تكن مقنعة بتاتا، كون المجلس ينعقد بإستمرار لبحث مواضيع ومسائل اقل اهمية وبعضها يتناول مواضيع عادية جدا لا تتصل بمهمات المجلس وصلاحياته عندما اتخذ قرارا لفتح ومعالجة المجاري المائية مؤخرا. واعربت المصادر عن اعتمادها بان دوافع سياسية كانت وراء عدم انعقاد المجلس الاعلى، بعد ازدياد التساؤلات والاستفسارات عن تورط جهات رسمية بالتغاضي او التورط بهذه الاحداث لحسابات سياسية في اطار الكباش السياسي الحاد حول عملية تشكيل الحكومة الجديدة.
اللواء إبراهيم يحقق إختراقاً
وعلمت «اللواء» من مصادر مطلعة أن الرئيس ماكرون أكد في إتصاله مع الرئيس عون على ضرورة الخروج من الحلقة المفرغة التي تدور فيها الحكومة العتيدة، مشدداً على التوصل إلى حلول تسهل ولادة الحكومة، وتساعد لبنان على الخروج من المراوحة الراهنة، التي من شأنها أن تنعكس سلباً على الوضع الأمني، على نحو ما حصل في طرابلس.
وعُلم أن الرئيس الفرنسي أجرى إتصالاً مماثلاً مع الرئيس المكلف ووضعه في أجواء المحادثة مع الرئيس عون، مشجعاً على أهمية إعادة التواصل بينهما، للتوصل إلى صيغة مقبولة لحكومة الإختصاصيين.
وتردد في هذا الإطار أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم كان قد تلقى إتصالا من باريس لمتابعة ما توصلت إليه مساعيه، ولإطلاعه على نتائج إتصال ماكرون بعون والحريري.
وعلمت «اللواء» أن اللواء إبراهيم إلتقى الرئيسين عون والحريري بعد إتصال ماكرون بهما، وإستطاع أن يحقق خرقاً في جدار الأزمة الشخصية بينهما، ستظهر نتائجه خلال الأيام القليلة المقبلة، حيث يتم وصل ما إنقطع بين الرئيسين، وعودة الحريري إلى زيارة بعبدا.
وثمة تكتم حول التقدم الذي أحرزته مساعي اللواء ابراهيم مؤخراً، حرصاً على عدم تعرضها «لنيران صديقة» من فريق العهد.
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن اتصال الرئيس الفرنسي بالرئيس عون فتح المجال أمام المتابعة الفرنسية المتجددة والمباشرة للوضع في لبنان ولاسيما الملف الحكومي. وقالت أن الاتصال كان بمثابة الافتتاح لأتصالات مقبلة دون أن تحدد توقيتها. وفهم أن الرئيس الفرنسي اطلع من الرئيس عون حول تطور الملف الحكومي في حين ذكر الرئيس ماكرون بأهمية مبادرته.
ورأت المصادر إنه ربما لم تحضر التفاصيل إنما تمكن الرئيس الفرنسي من تكوبن الفكرة لدراسة الخيارات المتاحة حول هذه المتابعة اما من خلال تدخله أو تكليف أحد المسؤولين الفرنسيين.
ولفتت إلى أنه حتى الآن ما من أفكار جاهزة بإنتظار رسم الصورة عن دخول فرنسا على الخط ولا سيما أن أي تحرك لا بد من ترافقه مساع داخلية معينة أو تحرك داخلي.
وأكدت المعلومات عن اتصالات سيجريها ماكرون مع الرئيس المكلف، وغيره من القيادات.
وتحدثت عن اتصال هاتفي جرى بين الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، تردّد انه تناول قضية «الثلث المعطل».
استفزاز البرتقالي
سياسياً، نادراً ما خلا البيان لتيار الوطني الحر من لهجة استفزازية تجاه الرئيس المكلف وفريقه، فبعدما طالبه بالاقلاع «عن منطق «تربيح الجميلة» في ما خص حقوق المسيحيين، دعاه إلى التوجه فورا إلى القصر الجمهوري، وتشكيل حكومة بالاتفاق والشراكة الكاملة مع رئيس الجمهورية.. معتبرا ان الحاجة إلى رئاسة الحكومة هي التي جعلت تيّار «المستقبل» يوافق على ترشيح الرئيس ميشال عون لرئاسة الأولى.
وفي ردّ، اتسم بوضع النقاط على الحروف طالب تيّار «المستقبل» رئيس الجمهورية بتوقيع التشكيلة الحكومية الموجودة على مكتبه منذ أكثر من خمسين يوماً، بدلا من احتجازها.
وسأل: هل من مصلحة المسيحيين ان يصبح رئيس الجمهورية، طرفاً يمارس خلف المعايير السياسية والحكومية لجبران باسيل فيتخلى عن التزامه بحكومة من 18 ويعود إلى نغمة العشرين.
واتهم «المستقبل» التيار الوطني الحر، بأنه يعيش حالة انكار، وهي حالة مرضية، عندما تمّ اختصار حقوق المسيحيين بحقوق بعض الأزلام، وحجبها عن باقي المسيحيين.
وردا علي اتهامه بسياسة «تربيح الجميلة»، قال «المستقبل» انه اتهام مردود، وتيار الوطني يعرف كما غيره ان سياسة تيّار «المستقبل» تقوم على مبدأ المساواة بعيدا عن الانتماء الطائفي أو المناطقي.
وختم «المستقبل» رده: اننا في زمن العهد القوي جداً في التعطيل والعرقلة والتسلق فوق حقوق الطائفة للانقلاب على الطائف.
وانتقد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أداء كل من رئيسي الجمهورية والمكلف، وجاء في عظة الأحد: من المحزن والمخزي حقا أن يكون الخلاف غير المبرر في تطبيق المادة 53/4 من الدستور سببا لتشنج العلاقة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف إلى حد التخاطب بواسطة المكاتب الإعلامية والأحزاب الموالية ردا برد، كما من وراء متاريس تزيد من تشقق لحمة الوحدة الداخلية. ومن المؤسف القول أن هذه ليست أصولَ العلاقة بين رئيس جمهورية يفترض أن يكون فوق الصراعات والأحزاب، وبين رئيس مكلَف يفترض أن يَستوعبَ الجميعَ ويَتحررَ من الجميع. وليست هذه أصولَ العلاقة بينهما. إذا لم تَصطَلح العلاقة بين الاثنين لن تكون لنا حكومة. فهما محكومان بالاتفاق على تشكيل حكومة «مهمة وطنية» تَضم النخبَ الإخصائية الاستثنائيةَ وليس العاديةَ المنتميةَ إلى الزعماء والأحزاب. إن الإمعان في التعطيل يتسبب بثورة الجياع وحرمانهم من أبسط حقوقهم ويدفع بالبلاد إلى الإنهيار. وهذا منطق تآمري وهدام يستلزم وضع حد له من أجل إنقاذ لبنان.
ودعا إلى الكف عن تجاهل الأسباب الحقيقية لما جرى في طرابلس، وقال (أي الأسباب) اجتماعية ومالية ومهنية ومعيشية. الفقر وراء المتظاهرين، والجوع أمامهم واليأس يملأ قلوبهم ويشجعهم. وأنتم تتقاذفون المسؤولية وتتبارون في تفسير أسباب التظاهرات وأهدافها، كما تتقاذفون المسؤولية حول أسباب عدم تأليف الحكومة وهي واهية.
طرابلس تجدد المواجهات
في طرابلس، تجددت المواجهات بين متظاهرين وقوات الأمن مساء الأحد، بعد هدوء وجيز أعقب أياما من الصدامات العنيفة على خلفية التداعيات الاقتصادية للإغلاق الصارم المفروض لاحتواء كوفيد-19.
وكان الهدوء عاد بحلول نهاية الأسبوع في أكبر مدن شمال لبنان بعد اشتباكات يومية خلفت قتيلا وأكثر من 400 مصاب. لكن عناصر أمن القوا قنابل غاز مسيل للدموع من سطح مبنى السرايا وسط طرابلس لتفريق متظاهرين شباب ألقوا حجارة على المقر الرسمي. بدورهم ألقى عناصر من الجيش نشروا نهاية الأسبوع إثر الاضطرابات قنابل غاز مسيل للدموع. وعولج عشرة متظاهرين مصابين في المكان عانى معظمهم صعوبات في التنفس، وفق ما أفاد الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني جورج كتانة «فرانس برس». وتجمع مئات من المحتجين بعد الظهر في ساحة النور، مركز التظاهر في المدينة، استجابة لدعوات على شبكات التواصل الاجتماعي للحضور من كافة مناطق البلاد تضامنا مع طرابلس. وجاءت التظاهرات التي انطلقت في 25 كانون الثاني على خلفية التداعيات الاقتصادية للإغلاق المفروض لاحتواء تفشي فيروس كورونا والمستمر حتى 8 شباط. ويتهم المحتجون السلطات بالتخلي عن الناس الأكثر تضررا من تداعيات الجائحة، لا سيما وأن البلد يعيش منذ أكثر من عام أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ عقود. وتراجعت خلال الأزمة قيمة الليرة اللبنانية بشكل غير مسبوق وارتفع التضخم وسجلت عمليات تسريح واسعة للموظفين، كما فرضت المصارف قيودا صارمة على التعاملات.
وشهدت طرابلس، تحركات شعبية هادئة، وتحرك الجيش اللبناني لسد المنافذ إلى ساحة النور، وابعادهم عن محيط سرايا طرابلس.
وقطع ناشطون بأجسادهم جسر الرينغ، وسط دعوات للنزول إلى الشارع، للمطالبة بالافراج عن الناشط ربيع لبكي.
غضب نقابي غداً
مالياً، ومعيشياً، دعت المنظمات والهيئات النقابية ولجان التنسيق جميع الموظفين والأساتذة في القطاع العام إلى إضراب عام غداً، بالتزامن مع إضراب أساتذة الجامعة اللبنانية، رفضا لمواد في موازنة العام 2021، لأن من شأن بقائها تدمير القطاع العام، بحيث تتوقف كل الأعمال في الأدارة العامة والمدارس والجامعة اللبنانية، لسحب مشروع الموازنة من التداول أو إلى حذف أو تعديل المواد التي تمس بمختلف القطاعات العامة، لا سيما المواد 93، 98، 102، 103، 105، 106، 107 و108، كما تدعو إلى زيادة بعض الموازنات كموازنة الجامعة اللبنانية، وعدم المس بالنظام التقاعدي وتدعو لتصحيح الأحوال المعيشية، وسلسلة رتب ورواتب جديدة.
أكثر من 300 ألف إصابة
صحياً، أعلنت وزارة الصحة في تقريرها اليومي عن تسجيل 2139 إصابة جديدة بالكورونا، و51 حالة وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 301052 إصابة مثبتة مخبريا منذ 21 شباط الماضي.
وكشف وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن ان عدد المسجلين على المنصة 174 ألف مواطن، معظمهم من بيروت وجبل لبنان، واصفا الرقم بأنه جيد.
البناء
واشنطن تهيّئ أوراقها للتفاوض من بوابة تظاهرات موسكو وتصعيد «قسد» في سورية
تجدُّد المواجهات في طرابلس.. و«القومي»: لمعالجة الفقر وتأييد الجيش وكشف العابثين
ماكرون لاتصالات محليّة بدأت مع عون.. وإقليميّة بدأت بابن سلمان.. لتعديل المبادرة
كتب المحرّر السياسيّ
كشفت المواقف المعلنة لعدد من مسؤولي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وخصوصاً، مواقف وزير الخارجية توني بلينكين ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان ورئيسة لجنة الاستخبارات أفريل هاينز ومدير السي آي أي وليم بيرنز، حول السير بالتوازي في خطي الانخراط التفاوضي والتمسك بعناوين وصفت بالثوابت الأميركية، وأبرزها كما تشارك المسؤولون الأميركيون بالقول، ملف الحريات في روسيا وملف الأكراد في سورية. وسجلت مصادر متابعة صلة غير قابلة للإنكار بين ما تشهده روسيا من تظاهرات احتجاجية تنظمها المعارضة في موسكو وعدد من المدن الروسية، قالت السلطات الروسية إنها فوجئت بحجم الدعم الذي تلقاه من إدارات وسائل التواصل الاجتماعي، وهو أمر يستحيل حدوثه من دون تورّط سياسي ومخابراتي أميركي، بينما تزامن تسلم الإدارة الأميركية الجديدة مع تصعيد لافت في شرق سورية من طرف ميليشيا قسد الكردية بمحاصرة المواقع الحكوميّة في مدينة الحسكة ومدينة القامشلي، ضمن سياق استكمال معالم الدولة التي تسعى لإقامتها، والتي كشفت التصريحات الأميركية أنها تشكل إحدى نقاط ارتكاز السياسة الأميركية الجديدة، في التفاوض مع الدولة السورية.
ليس بعيداً عن المناخ المرتبط بتولي الإدارة الأميركية الجديدة تقرأ المصادر المشهد اللبناني المتفجّر في طرابلس، خصوصاً لجهة قيام حلفاء واشنطن باستحضار أوراق اعتمادهم لديها ومحاولة التأثير على خياراتها، أو لجهة محاولة فرض مشروع الفوضى كتتويج لعملية الضغط نحو الانهيار الشامل تمهيداً لأي تفاوض يتصل بلبنان. ومع عودة المواجهات الى طرابلس أصدر رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي وائل الحسنية بياناً رفض فيه المواقف التي حاولت رمي المسؤولية على الجيش واضعاً ذلك ضمن استهداف غير مشروع، ودعا فيه الى معالجات تقوم على مواجهة الأساس المتمثل بحال الفقر والبطالة والانهيار المالي، ببرامج دعم للطبقات الأشد فقراً، وعلى كشف العابثين الذين ليسوا مجرد مندسّين بل جزء من مشروع تخريبي له أبعاده الخارجية.
سياسياً، كشفت مصادر إعلامية فرنسية عن عملية تقييم سيقوم بها الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون مع فريقه للوضع في لبنان ومسار تشكيل الحكومة المتعثر، بعد إنهاء جولة الاتصالات المحليّة التي بدأت مع اتصاله برئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والإقليمية التي بدأها مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والتي يفترض أن تشهد هذا الأسبوع اتصالاً بالرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري محلياً، وبالرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني إقليمياً، وفي التقييم يدور البحث وفقاً للمصادر بين خيارين، الأول الذهاب فوراً إلى التسليم بربط الحكومة بمشروع تفاهم سياسيّ وطنيّ يطال قضايا الخلاف، أو ما يُسمّى بالعقد السياسي الجديد، وعندها يكون الحاصل حكومة سياسيّة تتولى تنفيذ نقاط التفاهم، التي ستتضمن على الأقل قانوناً جديداً للانتخابات، والخيار الثاني هو تعديل النظرة لمواصفات الحكومة في ضوء تعقيد ولادة حكومة اختصاصيين يترأسها الرئيس الحريري، بحيث تجمع بين التمثيل السياسي والاختصاصيين، وهو ما قصده الرئيس ماكرون بمصطلح حكومة غير كاملة المواصفات.
تتجه الأنظار الى إعلان فرنسا إعادة تحريك مبادرتها تجاه لبنان من أجل الإسراع في تأليف الحكومة وإخراج لبنان من أزمته، فبعد اتصال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بالرئيس العماد ميشال عون حيث جدّد ماكرون للرئيس عون التأكيد على وقوف بلاده الى جانب لبنان في الظروف الراهنة التي يمر بها ومساعدته في مختلف المجالات، لا سيما في ما يتعلّق بالملف الحكومي، أفادت معلومات «البناء» ان ماكرون سوف يواصل اتصالاته مع القيادات السياسيّة الأخرى من بينهم الرئيس المكلّف سعد الحريري لأجل الدفع أيضاً للإسراع في تشكيل الحكومة.
ولفتت مصادر مطلعة لـ»البناء» إلى أن فرنسا تواصلت مع عدد من الدول العربية من اجل المساعدة في حل الملف اللبناني، وهذا يعني ان حراكاً عربياً ودولياً سوف يتظهّر قريباً، من دون أن يعني ذلك ان تأليف الحكومة بات على الابواب. وأوضحت المصادر أن زيارة ماكرون للبنان ليست قريبة، لكن الأكيد أنه سيعمل وفق مقاربة وآلية جديدة، بمعنى أن العمل سيكون متناغماً ومتكاملاً مع السياسة الأميركية الجديدة تجاه لبنان.
واعتبرت المصادر أن الخلافات بين بعبدا وبيت الوسط عميقة، والأمر يستدعي وساطة خارجية لإيجاد تسوية معينة بين الرئيس عون والرئيس الحريري من أجل الإسراع في تأليف الحكومة في أسرع وقت لإنقاذ الاوضاع في لبنان.
وفيما فشلت كل الوساطات والجهود المحلية التي قام بها كل من المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ومن بكركي، لجمع رئيس الجمهورية والرئيس المكلف أكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، أنه إذا لم تَصطَلِح العلاقةُ بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف لن تكون لنا حكومة، فهما محكومان بالاتفاقِ على تشكيل حكومة «مهمّة وطنيّة» تَضُمُّ النُخبَ الأخصّائيّةً الاستثنائيّةَ وليست العاديّةَ المنتميةَ إلى الزعماءِ والأحزاب. وإنّ الإمعان في التعطيل يتسبّب بثورة الجياع وحرمانهم من أبسط حقوقهم ويدفع بالبلاد إلى الانهيار. وهذا منطق تآمريّ وهدّام يستلزم وضع حدّ له من أجل إنقاذ لبنان.
واعتبرت مصادر نيابية في تكتل لبنان القوي أن على الرئيس المكلّف عدم التلهّي بالخارج والإسراع في تشكيل حكومة تقوم على الميثاقية والتوازن والشراكة الوطنيّة، قائلة في حديث لـ»البناء» يفترض بالرئيس الحريري ان يزور قصر بعبدا من أجل التوصل الى تشكيل حكومة تحظى بثقة الجميع في الداخل والخارج، فلا يمكنه أن يؤلف حكومة بمفرده أو عدم التعاون مع الرئيس عون، وبالتالي يجب على الحريري ان يحمل الى بعبدا صيغة حكومية جديدة والا الامور سوف تبقى على حالها، معتبرة أن وحدة المعايير يجب ان تكون السائدة في تسمية الوزراء وهذا يعني أن رئيس الجمهورية هو من يسمّي الوزراء المسيحيين، من منطلق ان الثنائي الشيعي يسمّي الوزراء الشيعة والرئيس الحريري يسمّي الوزراء السنة.
أمنياً، تجدّدت حدة الاحتجاجات في محيط سرايا طرابلس مساء أمس، وردّت القوى الأمنية بإلقاء القنابل المسيلة للدموع على جموع المتظاهرين. وكان المحتجون قد رشقوا القوى الأمنية بالحجارة وأضرموا النيران في غرفة الحرس.
وتمكّنت القوى الأمنية من إبعاد المتظاهرين كلياً من محيط السرايا وإعادتهم الى ساحة النور جراء كثافة الغاز المسيل. كما اتخذ الجيش اللبنانيّ تدابير أمنية مشددة في المدينة، لمنع المحتجين من دخول السرايا مجدداً.
وأوقفت دورية من مديرية المخابرات 17 شخصاً لقيامهم بأعمال شغب وتخريب وتعدٍّ على الممتلكات العامة والخاصة، ورمي قنابل مولوتوف باتجاه القوى الأمنيّة، والاشتباه بمشاركة عدد منهم في إحراق مبنى البلدية ورمي قنابل يدوية باتجاه سراي طرابلس. بوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص، وتتمّ المتابعة لتوقيف باقي المتورطين.
وفي المناطق الأخرى، واحتجاجاً على توقيف المهندس ربيع لبكي، نفّذت وقفات عدة. وقطع محتجون تقاطع الصيفي في بيروت تضامناً مع الناشط لبكي فيما قطع آخرون جسر الرينغ. على صعيد آخر، قطع محتجون اوتوستراد رياق مقابل تعاونية البرازيلي بالإطارات المشتعلة بسبب الغلاء المعيشي. كما تمّ قطع طريق قصقص بالاتجاهين.
واذ أكد وزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي خلال تفقده مبنى بلدية طرابلس أن القوى الأمنية لن تتهاون في الدفاع عن طرابلس وكل المناطق اللبنانية، شدّد على أن القوى العسكرية كافة ستعمل بكل ما أوتيها من قوة لمنع المسّ بهيبة الدولة والتعرّض للأملاك العامة والخاصة.
تعليقاً على الأحداث التي شهدتها مدينة طرابلس، قال رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي وائل الحسنية: إنّ أعمال العنف التي شهدتها مدينة طرابلس، وإحراق مبنى البلدية وغير مؤسسة خاصة وعامة، والاعتداء على مقار القوى الأمنية والعسكرية، هي أحداث مؤسفة ومقلقة، لا تعبّر عن مطالب الناس المحقة، ولا عن أهل طرابلس، الذين يتحمّلون ضيم الفقر والمعاناة، وعبء غياب الإنماء المتوازن.
أضاف: إنّ ما حصل، يطرح أسئلة عديدة، والدولة بكلّ مؤسساتها وأجهزتها، والمسؤولين قاطبة والقوى السياسية، كلّ هؤلاء مطالبون بتقديم الأجوبة، حول مَن يدفع لتحويل طرابلس إلى بؤرة تعمّها الفوضى والانفلات الأمني، ومَن هي الجهات المستفيدة من الفوضى والانفلات؟
وقال الحسنية: العنف الذي رأيناه، لا يُصرَف في السياسة اللبنانية، ولا يُمكن إدراجُه في خانة التجاذبات الحاصلة حول تشكيل الحكومة، بل هو نتيجة مشاريع تستهدف أمن لبنان واستقراره، ولذلك، يجب أنّ تنصَبّ الجهود لكشف حقيقة ما حصل، وبأسرع وقت ممكن، وتوفير مظلة أمان لطرابلس، بما يحمي أمنها وأهلها ويحمي لبنان واللبنانيين.
وتابع الحسنية: وإذ ندين بشدّة الاعتداء على المؤسّسات العامة والخاصة والقوى العسكرية والأمنيّة، ندعو إلى التشدّد في تطبيق القانون وحماية المواطنين، بالتوازي مع خطوات سريعة لمساعدة الفقراء وذوي الدخل المحدود، بما يكفل فصل حاملي المطالب المحقة عن حاملي الأجندات المشبوهة.
ونبّه الحسنية إلى أنّ هناك مَن يلقي بلائمة التقصير على المؤسّسات العسكرية والأمنية، ويتّهم الجيش اللبناني بغضّ الطرف لحسابات سياسيّة، وهذا غير مبرّر على الإطلاق، لا بل هو محاولة هدفها تجهيل هوية مرتكبي أعمال الشغب ومنفذي الاعتداءات، والتعمية على الجهات التي تقف خلفهم.
إنّ المؤسسات العسكرية والأمنية وفي مقدّمها الجيش اللبناني، هي صمّام الأمان لاستقرار لبنان، والافتئات على هذه المؤسسات وتصنيفها سياسياً، هو محاولة يائسة لاستهدافها وإضعاف دورها، لذلك ندعو اللبنانيين الى الالتفاف حول جيشهم والمؤسّسات المعنية بحفظ الأمن والاستقرار، لتفويت الفرصة على كلّ مَن يدفع بلبنان إلى حافة الفوضى.
وختم الحسنية مشدّداً على أنّ الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والصحية ضاغطة على اللبنانيين، والمطلوب من الدولة أن تقف على حاجات الفقراء وتقوم بمعالجات فورية وسريعة. أما التحدّي الذي يمسّ بأمن لبنان واستقراره، فعلى القضاء أن يشرع في التحقيقات لكشف حقيقة ما حصل في طرابلس، وأيضاً التحقيق مع أصحاب السوابق الذين ينشرون مقالات ضدّ أحزاب المقاومة، ما يُعَدّ إمعاناً في التحريض الغرائزيّ لاستكمال مخطط إشعال الحرائق ونشر الفوضى تماهياً مع تصاعد وتيرة الأعمال الإرهابية في سورية والعراق.
الى ذلك، يواصل «كورونا» حصد المزيد من الوفيات في لبنان مع تسجيله انخفاضاً طفيفاً في عدد الإصابات، وفي جديد أرقامه امس، أعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 2139 إصابة جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الـ 301052. كما تم تسجيل 51 حالة وفاة.
وأعلن وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن أن «المؤشرات والمعطيات العلمية والميدانية تبشر خيراً بأن تكون النتائج جيدة وواعدة، بأن تخفّ نسبة التفشي عند انتهاء فترة الإقفال العام، ولكن هذا يبقى رهن تدني نسبة الإيجابية بالفحوص وبعدد الوفيات، ونحن نأمل ونراهن على أن هذا الإقفال، حيث يجب أن يؤدي الى النتائج المرجوة، خصوصاً مع اقتراب فترة وصول اللقاح، على أمل أن نصل إن شاء الله إلى بر الأمان».
المصدر: صحف