استقبل مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، في دار الفتوى في طرابلس، وزير الدفاع الياس بوصعب، ورحب الشعار ببوصعب قائلا “كنا نود أن تكون فسحة اللقاء أكبر ليعبر الجميع عن سعادتهم ومحبتهم وإحترامهم، نرحب بمعالي الوزير في هذه الزيارة التفقدية لطرابلس بعد الحادثة المأساة التي حدثت ليلة عيد الفطر والتي نأمل أن تكون نهاية المطاف ونهاية الأحزان وأن لا يكون لها جذورها ولا خلفياتها وأن تستعيد المدينة عافيتها”.
أضاف “تشريف معالي الوزير إلى مدينتنا يكتسب أهمية كبيرة لإهتمام الدولة وبتوجيهات فخامة الرئيس العماد ميشال عون بالحفاظ على أمن المدينة وعلى إستعادة المدينة لحياتها الطبيعية، وطرابلس يعلم القاصي والداني أنها مدينة السلام ومدينة العيش المشترك، والتاريخ الذي مضى خير شاهد ودليل على ذلك”.
وتابع “هذا خيارنا ولا اقول هذا قدرنا، هذا خيارنا لأننا ننتمي إلى قيم سماوية وإنسانية تسع العالم كله، فكيف بإخوتنا المسيحيين الذين هم اقرب الآخر إلينا، لأن رب العالمين قال (ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا، الذين قالوا إنا نصارى) نحن في مركب واحد وفي وطن واحد، آمل أن يكون العدل والحرية والمساواة هو مناخ الوطن ولا تحيا الأوطان بغير هذه القيم، وأملنا كبير كما وعدنا فخامة الرئيس ان يكون أبا لكل المناطق ولكل اللبنانيين حتى ننعم بالأمن والإستقرار. مرحبا بك معالي الوزير وأهلا وسهلا بك ضيفا ومسؤولا وواحدا من أبناء طرابلس والشمال، وعشت وعاش لبنان”.
من جهته، شكر بوصعب “المفتي على هذه الكلمات الطيبة التي لطالما تعودنا عليها من رجل وطني، رجل منفتح، وزيارتنا لكم اليوم لها هدفان، الأول للتكلم من خلالكم مع أهل طرابلس العزيزة الحبيبة، والثاني لشخصكم الكريم الذي نقدر ونحترم وتلك العلاقة التي بنيت بيننا من سنوات منذ تسلمي في السابق وزارة التربية والتي تتكرس اليوم لأننا في الظروف الصعبة نجد الرجال الذين لديهم مواقف، وسماحتكم لطالما كانت مواقفكم وطنية بإمتياز، ودائما تدعوننا لكي نكون في تواصل، ونستمع إلى آرائكم بكل الأمور التي تجري ونأخذ بمشورتكم حيال المواقف التي نتخذها”.
أضاف “من هنا، من دار الإفتاء، هذه الدار الوطنية التي نعتز بها رغبت ان اجدد القول بأننا من المؤمنين بأن الإرهاب ليس له دين، الإسلام هو دين المحبة والسلام والتسامح، والإرهابي يمكن ان يكون لديه إنتماءات مختلفة، وليس من شرط بأننا عندما نأتي إلى ذكر الإرهاب “نربطه” بدين أو بمذهب، هذه حالات شاذة يرفضها الدين الإسلامي الحقيقي ونرفضها نحن وكل العالم يرفض العمليات الإرهابية، هذه أفكار وأخطار على المجتمع الإسلامي والمسيحي، وكما تفضلتم سماحتكم وقلتم اننا في لبنان ليس المفروض علينا ان يكون عيشنا معا مسلمين ومسيحيين بل هذا خيارنا، ونحن نقدر هذه القناعة التي تجمعنا معا دائما”.
وتابع “ما اود قوله ان القوى الأمنية دفعت الثمن في طرابلس، الجيش وقوى الأمن الداخلي قدموا شهداء، ولكن هذه المدينة غالية وعزيزة علينا، وكما سمعتم فخامة الرئيس على الأثر عقد إجتماعا في قصر بعبدا بحضور معالي وزيرة الداخلية ووزير الدفاع وقادة الأجهزة الأمنية وكانت توجيهاته صارمة لملاحقة الموضوع لأن صورة طرابلس التي عادت لتظهر إلى العالم كأنها إستعادت عافيتها من بعد الأحداث الأليمة التي مررنا بها، جاء هذا العمل الإرهابي المرفوض من الجميع ليلة العيد ليعود ويهز صورتها، ولكن طرابلس كما تفضلتم ليست مدينة حاضنة للإرهاب وهي ترفض الإرهاب، وهذا الفكر الذي يأتي من الخارج إلى بعض الشبان مرفوض، والتحقيقات ستجري وتكمل طريقها في هذا الإتجاه لكي تظهر الحقيقة كما هي”.
وقال: أحببت ان أقوم بهذه الزيارة لكي اقول هذا الكلام من دار الإفتاء، لأؤكد على المواقف الوطنية لسماحتكم ولهذه الدار الكريمة، ولكي نؤكد على تمسكنا أكثر فأكثر بالعمل سوية مع أهل المدينة، مع قياداتها السياسيين والأمنيين، مع الوزراء والنواب، بتوجيهات من فخامة الرئيس، حتى يعود الأمن والإستقرار اللذان هما اولوية بالنسبة لنا، وطبعا هناك أمر آخر يتعلق بما يعاني منه اهل المدينة وهو المحاكمات البطيئة في المحاكم اللبنانية، وهذا الأمر نحن سنهتم به بأسرع وقت ولكن التأخير كما تبين لنا ليس موجودا في المحكمة العسكرية ولا عند الأجهزة الأمنية، هناك بعض الملفات احيلت إلى المجلس العدلي ونحن سيكون لدينا متابعة لنرى كيف بإمكاننا تسريع هذه الأمور، وطبعا استمعت إلى هذا الموضوع من قبل اكثر من طرف خلال زيارتي للمدينة.
وأردف: “يجب ان يكون هناك تفرقة بين الإرهابي وبين المتدين، المتدين من حقه ان يكون متدينا، إنما الإرهابي يجب ان يدفع ثمن إرهابه وخروجه على القانون، ويجب ان لا يكون هناك ظلم لأحد إذا كان بعيدا عن الإرهاب، ولا يجب ان يكون هناك تساهل مع إرهابي يقتل ابناء وطنه وأبناء مذهبه وطائفته. نأمل ان نضع يدنا بيد الجميع ونتعاون مع كل الأفرقاء، والتعاون القائم اليوم بين الأجهزة الأمنية وبين وزيرة الداخلية وبيني سيستمر وسيعطي في الأيام المقبلة نتائج افضل وافضل، ونحن حريصون على هذا التعاون لأن لبنان ليس بإمكانه الخروج من هذه الأزمة إلا بالتعاون التام بين كل الأجهزة الأمنية، وهذه توجيهات فخامة رئيس الجمهورية الذي كما سماحتكم وصفتموه، هو بي الكل، وحريص على الكل”.
وعاد الشعار ليقول: “اريد ان أغتنم هذه الفرصة لأقول للبنانيين جميعا وللمسؤولين جميعا وعلى رأسهم فخامة الرئيس، أنه من حق اللبنانيين ان يفتخروا بجيشهم وبقوى الأمن وبكل المؤسسة العسكرية التي إستطاعت ان تقضي على هذه الفتنة خلال ثلاث ساعات او أقل، هذه فتنة كان يمكن ان تستمر يومين او ثلاث، وهذا من شأنه أن يميت المدينة، لكن هذا الإستبسال والتضحية والفداء، والتضحية بأربعة شهداء حتى تعيش المدينة وحتى يعود الأمن إليها، يجعل اللبنانيين يفتخرون بهذا الجيش وبقوى الأمن الداخلي وبكل المؤسسة العسكرية، فتحية إليك يا معالي وزير الدفاع وتحية من خلالك إلى جميع الضباط والرتباء والجنود”.
ورد بوصعب “كما تعرفون سماحتكم هذا الجيش الذي كان يقوم بواجباته قد غدر به، والجيش وقوى الأمن الداخلي على إستعداد لمواصلة تضحياتهم، وهم ضمانتنا للمستقبل، ونتقدم بالتعزية بشهدائنا مرة جديدة ونتمنى ان تبقى هذه المدينة حاضنة لهم لأنهم الضمانة للمدينة ولكل لبنان.
وردا على سؤال حول السجالات السياسية بين أكثر من طرف ومدى إنعكاسها في الظروف الراهنة، قال بوصعب: “عندما يريد البعض التحدث بمنطق وطني يجب ان يتعالى عن السجالات السياسية عندما يكون هناك أزمات، ونحن اليوم مررنا بأزمة اكبر بكثير من ان نركز على امور صغيرة بالنسبة لنا وهي السجالات السياسية، فلنستمر بالتركيز اليوم على التضامن الموجود للخروج من هذه الأزمة، وبعد ذلك لكل حادث حديث”.
وسئل عن رأيه بوصف وزيرة الداخلي والبلديات ريا الحسن للإرهابي بانه ذئب منفرد وما إذا كانت الجريمة فردية او ان هناك مجموعة تقف وراءها، قال: “لا أود ان أكون في موقع الرد على أحد، وطبعا هذا التوصيف يكون وصفا تقنيا، وفي كل العالم الذي يتفذ جريمة منفردا يلقب بالذئب المنفرد، ولكن هذا لا يعني ان هذا الشخص لم يكن على تواصل او إرتباط مع آخرين، وهناك موقوفون في هذه القضية والأجهزة الأمنية تقوم بمهامها وإن شاء الله تتبين الأمور، وقد اصريت على هذا التحقيق لأن من شأنه ان يعلمنا كيف نتحاشى حصول مثل هذه الأمور في المستقبل”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام