اعتبر السيد علي فضل الله في خطبة الجمعة ان المداولات في لبنان داخل مجلس الوزراء وخارجه حول الموازنة تستمر، بعدما جرى احتواء عاصفة الشائعات التي ولدت مخاوف عند المواطنين، وكادت تهز الاستقرار المالي والاقتصادي، ونحن في الوقت الذي لا نريد الخوض في الحديث الذي أثير في الإعلام حول وجود أجندات خاصة دفعت إلى إحداث هذا الخوف الذي تزامن مع تحرك إضراب بعض القطاعات، وخصوصا مصرف لبنان، إلا أننا ندعو القيادات السياسية الحريصة على مصلحة البلد، إلى أن تتصدى لمن يلعب بمصير المواطنين لتحقيق مآرب خاصة، ومن يقف عقبة أمام الإصلاح الحقيقي، ومن يحمي استمرار التطاول على حقوق الدولة ومواصلة نهبها، ويتهرب من مواجهة الفساد الحقيقي، لتبقى مزاريب المال العام تصب في جيوب النافذين من دون أية محاسبة.
واردف “إننا بحاجة إلى القيام بإصلاح حقيقي. وما يحكى عن إصلاحات تم التوافق على المباشرة بها، كاعتماد المعايير الموحدة في الرواتب والتقديمات وغيرها، فنحن وإن كنا ندعو إلى الالتزام بها، فإننا لا نراها كافية لإصلاح الواقع الاقتصادي، إننا نرى أن العلاج يحتاج إلى ما هو أبعد من ذلك، وهو بأن يقدم الجميع حساباته ورصيده للناس، وأن تعود الأموال التي نهبت من الخزينة العامة عن طريق السرقة المباشرة أو الاحتيال، حتى وإن كانت مودعة في الخارج، وأن لا تتم مقاربة الموازنة أو إصلاح الوضع المالي والاقتصادي من زاوية المصالح الفئوية التي جعلت الحكومة والقيادات السياسية في حال تجاذب وانقسام في ما بينها، بل من زاوية مصالح اللبنانيين كل اللبنانيين”.
ولفت السيد فضل الله الى ان ” بداية الحل تكمن في أن تصل القيادات في هذا البلد إلى مستوى رجال الدولة الذين يعملون على سيادة منطق القانون والمصلحة العامة وعلى التخطيط للمستقبل، فاللبنانيون يشعرون، وإلى الآن، بأن قياداتهم بأغلبها وكأنها على عداء مع منطق الدولة الذي تراه يلجم تجاوزها لما هو غير حق لها، أو على خصومة مع عقلية التخطيط، حيث تتحرك في مواجهة الأزمة بمنطق ردود الفعل، وهو ما يفسر تناقض التصريحات التي تصدر عن أكثر من مسؤول”.
وتابع “ونحن في الوقت نفسه، لا نزال نرى أن الموازنة ينبغي أن تنطلق من رؤية حقيقية، ومن تخطيط يستشرف المستقبل الأفضل للوطن، ولا يكفي أن يتم التعاطي معها من خلال أرقام تضاف من هنا أو تنزع من هناك، بل من رؤية تقوم على النهوض بالمقومات الاقتصادية والإنتاجية التي يعتمد عليها كل بلد في نهوضه، ومن خطة تشارك فيها كل القطاعات الاقتصادية والمالية، ولا تكون على حسابات الطبقات الفقيرة، حيث نخاف أن يتم تحميلها العبء الأكبر من تمويل كلفة العجز، وإن على جرعات، كما يحصل في ارتفاعات أسعار البنزين المدروسة، فيدفع المواطن الثمن، ويسدد كل شيء من جيبه، بينما تبقى المؤسسات والشركات المالية الكبرى، وحتى المسؤولون، بمنأى عن الحمل الكبير الذي هو بمثابة تراكمات من النهب والهدر على مدى العقود والسنوات الماضية”.
وحيا صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة التي أجبرت العدو على الاستعجال بوقف إطلاق النار..واضاف: نريد للدول العربية أن تتحمل مسؤولياتها الكبرى إزاء ما يحصل من حصار وتدمير لغزة، ومن قمع وقهر للشعب الفلسطيني داخل الضفة الغربية وفلسطين العام 1948..فلا يكفي أن يقوم بعض العرب بدور الوسيط مع العدو لكي يشعروا بأنهم تحملوا المسؤولية عن هذا الشعب، بل لا بد من أن يكونوا في موقع الداعم والمدافع، بصرف النظر عما نسمعه وتسمعه شعوبهم عن صفقة القرن والموقف الواضح منها.
ورأى “أن محاولات الضغط والحصار والظلم التي تتعرض لها فلسطين وغيرها من الدول العربية والإسلامية، لإخضاعها لسياسات قوى الهيمنة العالمية، يجب أن تقابل من شعوب العالم ودوله بالرفض التام، لمعارضتها للقوانين الدولية، ولأنها يمكن أن تؤدي إلى تطورات تتعدى الضغوط الاقتصادية الهائلة، لتصل إلى مستوى متصاعد من الحرب النفسية التي تهيئ لحروب عسكرية، ونحن نشهد في هذه الأيام فصلا من فصولها، عبر التلويح الأميركي بإرسال حاملة طائرات إلى مياه الخليج، ونحن في الوقت الذي لا نستبعد وجود رغبة لدى العدو الصهيوني بإشعال حرب أميركية – إيرانية يعكسها التحريض الإسرائيلي اليومي المتزايد، نرى أن الحرب ليست نزهة، وأنها ستترك، في حال حصولها، آثارا كارثية، ليس على صعيد المنطقة فحسب، بل على الصعيد العالمي أيضا”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام