تطرق السيد علي فضل الله إلى القمة العربية الاقتصادية والاجتماعية التي اقيمت في بيروت، قائلاً إنه “نحن في الوقت الذي كنا نرى أن هذه القمة كغيرها من القمم، غالباً ما لا تنتهي بالنتائج المرجوة منها، ولا تلامس التحديات الكثيرة التي تواجه هذا العالم العربي”، مضيفاً “لكننا نرى أنها، وعلى المستوى اللبناني، أعادت للبنان دوره في العالم العربي، وأظهرته أنه بلد قادر على توفير كل الظروف لانعقاد قمة على أرضه، ولفتت إلى ما يعانيه على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، والآثار التي يتركها وجود العدد الكبير من النازحين السوريين على أرضه على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والأمني، والمخاوف التي يعيشها اللبنانيون من استمرار هذا الوجود وعدم تهيئة الظروف لإعادتهم إلى بلادهم بعد عودة أكثر الأراضي إلى حضن الدولة السورية”.
وفي خطبة الجمعة التي ألقاها في مسجد الامامين الحسنين (ع)، رأى السيد أنه “يبقى على المسؤولين اللبنانيين أن يدرسوا الأسباب التي دعت الكثير من الدول العربية إلى خفض مستوى حضورها، للعمل على معالجة ما يمكن معالجته. ولا يخفى أن من بين الأسباب، بل قد يكون من أبرزها، هو عدم وجود حكومة. لذلك من المهم عودة الحراك بعد القمة للعمل على خط تشكيل الحكومة”.
وقال “في هذا المجال، نلاحظ عودة الحديث عن التفاؤل بولادة الحكومة خلال أيام، ونأمل أن يكون هذا التفاؤل في محله، وأن تكون القوى السياسية قد وعت مدى حاجة اللبنانيين إلى حكومة ترعى مصالحهم للخروج من دائرة السقوف العالية والخطوط الحمر التي يرفعها هذا الفريق أو ذاك، وإن كنا لا نزال نرى أن الطبخة الحكومية لم تنضج بعد، لا داخليا ولا خارجيا، حيث لا يزال كل فريق على موقفه، ولم يتقدم بالخطوة المطلوبة، بل نخشى أن تكون هناك عقدة جديدة قد نشأت بعد حديث المبعوث الأميركي عن تفعيل حكومة تصريف الأعمال”.
وأضاف السيد “إننا لا نزال نرى أن المشكلة الأساس والعقدة في هذا البلد، تتصل بحالة انعدام الثقة بين القوى السياسية والطوائف والمذاهب، ولذا نخشى ألا يكون الفرق كبيرا بين ولادة الحكومة وعدمها، لجهة النهوض بالبلد.. وإخراجه من أزماته الكثيرة التي تعصف عند حدوده، ووضعه الاقتصادي الصعب، بل يتعدى ذلك إلى المخاوف من تصعيد على مستوى المنطقة قد ينعكس على الساحة اللبنانية”.
وتابع “لذلك، فإننا نكرر الدعوة إلى لقاء وطني جامع، تتغلب فيه المكاشفة والصراحة، مهما كانت جارحة، على لغة المجاملة والمداهنة التي تتقنها الجهات اللبنانية في خطابها السياسي، لإخراج البلد من حالة المراوحة التي يعيشها، من خلال دراسة أسلوب التعامل مع القضايا الخلافية الشائكة في ما يتعلق بالنزوح السوري أو العلاقة مع سوريا أو أسلوب مواجهة الخطر الصهيوني ومعالجة هواجس الطوائف والمذاهب والقوى السياسية من بعضها البعض، للوصول إلى صيغة ليس فيها مستأثر ولا مستأثر به، ولا غالب أو مغلوب”.
كما أشار الى أنه “ضمن هذه الأجواء، تنكشف كل يوم أكثر من فضيحة فساد في هذه المؤسسة الحكومية أو تلك، وتهدر بسببها أموال طائلة من الخزينة اللبنانية، ما يشير إلى مدى الانحدار الذي وصل إلى هذا البلد على هذا المستوى، ولا سيما أن هؤلاء الفاسدين يحظون بالتغطية والرعاية والحماية”، معتبراً “ان الخروج من هذا الواقع لن يتم إلا عندما تتوافر الحرية والاستقلالية والصلاحية للقضاء وللأجهزة الرقابية، فلا يكفي التهديد بشن الحرب على الفساد حتى يهرول الفاسدون إلى بيوتهم ويكفوا عن الفساد؟!”.
واضاف “في مجال آخر، يتكرر العدوان الإسرائيلي على العاصمة السورية دمشق، حتى في يوم انعقاد القمة العربية في بيروت، حيث مرت الطائرات فوق رؤوس المؤتمرين.. ومع الأسف، يجري هذا من دون أن تبرز مواقف عربية مستنكرة، وفي ظل صمت مجلس الأمن الدولي الذي تمر أمامه أخبار التهديدات والاعتداءات الإسرائيلية يوميا، ولا يحرك لذلك ساكنا، وربما يطالعنا بعد أيام بالحديث عن انتهاك لبنان للقرار 1701، متناسيا أن الطائرات الإسرائيلية تخرق الأجواء يوميا، وتقوم بممارسة اعتداءات أخرى على الحدود اللبنانية – الفلسطينية. إننا نرى في العدوان الإسرائيلي الجديد، وفي الغارات المتكررة على العاصمة السورية، محاولة جديدة لهز الاستقرار السوري، والحؤول دون أن تصل سوريا إلى مرحلة الاستقرار الأمني، وإلى العافية الاقتصادية والعمرانية، ومحاولة لإيجاد الشرخ بين سوريا وحلفائها، لتحقيق شروط العدو التي نخشى أن تحظى بدعم أكثر من جهة دولية”.
وختم “إننا نقول للعرب، دولا وشعوبا، إن عليكم أن تعوا خطورة قصف عاصمة عربية بحجم سوريا، لأن السكوت عن ذلك سوف يمهد السبيل للعدو للاعتداء على عواصم عربية أخرى إذا اعترضت على سياساته، على خلفية أن أمنه لا يقف عند حدود بيروت ودمشق، بل يتعداه إلى السودان والعراق، وقد سبق له أن قصف هاتين الدولتين، من دون أن يظنن أحد أنه بمأمن من عدوانه وأطماعه”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام