ما إن تحلّ بوادر فصل الشتاء، حتى تبدأ الأزمات الصحية بالظهور، واحدة تلو الأخرى. وكلما تقدمت أيامه، يفقد هذا الفصل رونقه مع «تكاثر} الأمراض، وخصوصاً لدى الأطفال. ومن بين لائحة الأمراض التي تصاحب موسم المطر مرض {الخانوق} الذي يصاب به بعض الأطفال. فما هو هذا المرض؟ وما هي أعراضه؟ وكيف يمكن علاجه؟ والأهم من ذلك كله، كيف يمكن الوقاية منه؟
“النباح”، في بعض الحالات، لا تعود تلك الكلمة رهينة “صوت” الكلب، فثمة من يستعيرها لوصف نوبة السعال التي يُصاب بها الأطفال الممسوسون بمرض الشاهوق. المرض الذي يحلّ منتصف الليل من خلال نوبة سعالٍ مفاجئة، تترافق في الغالب، مع بحّة وصعوبة في التنفس تجعل من الصعب معها العودة إلى الوضع الطبيعي. وفي التعريف الطبي لهذا المرض الذي يصيب الأطفال، يحمل الشاهوق صفة “الشيوع”، فهو من لائحة الأمراض الأكثر حضوراً في مرحلة الطفولة، والذي تتسبب به عدوى فيروسية، حيث يحدث تورم وانتفاخ داخل الحلق، وخصوصاً في الحبال الصوتية وأنسجة الحنجرة، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث سعال يشبه النباح وبحة صوت وضيق في التنفس.
يعدّ الشتاء من المواسم المحفزة لهذا المرض، وهو يصيب الأطفال من عمر 3 أشهرٍ إلى عمر 6 سنوات، على أن عمر الذروة هو عندما يبلغ الطفل عامين. اللافت في هذا المرض أنه يصيب الذكور أكثر من الإناث، مع استثناء تلك الحسابات المتعلقة بالقصص العائلية، إذ تشير الدراسات الطبية إلى ارتباط 15% من الإصابة بهذا المرض بالسجل العائلي. إذاً، يتطلب هذا المرض اهتماماً خاصاً لمرضى هذا الجيل، حيث يكون قطر مسالك التنفس صغيراً وقد تؤدي النوبة لانسداد بارز في مجرى التنفس.
يبدأ الخانوق الفيروسي بالزكام. سيلان في الأنف وارتفاع طفيف للحرارة وسعال. عقب بضعة أيام، تشتد العوارض وتقوى نوبات السعال لتصبح أصعب في الليل وعند البكاء. وغالباً ما تظهر الأعراض وفقاً لشدة المرض، فتتنوع ما بين البحّة والسعال النباحي القوي ـ الشبيه بصوت كلب الماء ـ والصرير. هذا ما يحدث في الحالات الأكثر شيوعاً. ولكن ثمة حالات أصعب، يدخل معها الخانوق مرحلة الخطر، حيث تظهر عوارض ضيق التنفس والفرط في استخدام عضلات التنفس والشعور بحدوث تجويف في القفص الصدري مع كل شهقة. وفي تلك الحالة الوخيمة، يظهر “زراق” أو شحوب حول الفم يرافقه تململ لدى المريض، الأمر الذي يزيد من شدة الصرير، وقد يصل الخطر إلى حدود التعب والغيبوبة، الأمر الذي يدل على قصور تنفسي. ويصل الخانوق إلى أوجه بعد يومين أو ثلاثة أيام من بداية أعراض العدوى، ويستمر عادة حوالى أسبوع.
مرحلة الذروة
لا يحمل الخانوق في الغالب صفة الخطر، ولكن في بعض الحالات، يجب التنبه لعوارضه التي قد تنذر بحدوث أمر غير طبيعي. وفي هذه الحالة، يجب التوجه فوراً إلى الطبيب أو غرفة الطوارئ، ومن العوارض التي تحتّم اللجوء إلى الطبيب:
ـ حدوث نوبة سعال بلا توقف.
ـ ظهور صرير تنفسي في حالة الهدوء لدى الطفل.
ـ ضيق التنفس، أو ظهور فجوة عميقة في القفص الصدري أو في البطن مع كل شهقة.
ـ ظهور شحوب أو زراق حول الفم.
ـ صعوبة البلع أو تسرب لعاب بكميات كبيرة من الفم.
ـ الحرارة المرتفعة.
ـ الغيبوبة.
مراحل العلاج
تتعدد مراحل علاج نوبات السعال، على أنها في مجمل الحالات تبدأ بالمتابعة العامة لوضع المريض من خلال إجراء الفحوص، ومنها فحوص قياس إشباع الأوكسجين في الدم، بمساعدة كاشف ملصق على الإصبع. وفي بعض الأحيان فحص غازات الدم (مقياس لمستوى الأكسجين وثاني أكسيد الكربون). ويفترض بعد ذلك، إعطاء سوائل عن طريق الفم أو التسريب وإعطاء أوكسيجين بحسب الحاجة.
أما في ما يخص الأدوية، فلا يوجد دواء واحد للعلاج، وهي منوعة تبعاً للحالة. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه لا يجوز استعمال أدوية للتهدئة، وذلك لكونها تثبط التنفس. كما من غير المحبّذ استعمال أدوية طاردة للبلغم وذلك لكونها تحفز مسالك التنفس. أضف إلى أن العلاج بالمضادات الحيوية لا يفيد في علاج الخانوق الفيروسي.
في الحالات الصعبة جداً، التي يتطور فيها قصور تنفسي، قد يتطلب الأمر إدخال أنبوب من خلال الأوتار الصوتية لإجراء تنفس اصطناعي. ويكون ذلك في غرفة الطوارئ.
المصدر: جريدة الاخبار