هل شعرت يوما أن حياتك أصبحت تسير بوتيرة متسارعة، وأن العمر ينفلت من بين يديك؟ الكاتب روبرت كولفيل يستعرض بعض الجوانب الإيجابية لإيقاع الحياة السريع.
هذا ليس محض خيال، فثمة دلائل من حولنا تؤكد أن وتيرة الحياة تتسارع، بداية من شعورنا بأن الساعات تمر سريعا إلى طول اللقطات في أفلام هوليوود، وحتى ضيق صدورنا وانخفاض قدرتنا على تحمل الانتظار في الطوابير. وفقا لـ”بي بي سي”.
ويشيع هذا الشعور في أماكن العمل أكثر من أي مكان آخر، إذ يستنفد السيل المنهمر من رسائل البريد الإلكتروني والاجتماعات الوقت، ولا يتبقى إلا سويعات قليلة مثمرة.
وأجرى جوناثان بي سبيرا، الرئيس التنفيذي لمؤسسة باسيكس للأبحاث وتقديم المشورة في مجال تقنية المعلومات، ومؤلف كتاب “التحميل الزائد للمعلومات” بحثا، ذكر فيه أن ثلثي العاملين شعروا بأن الوقت لا يتسع لإنجاز جميع المهام، وقال 94 في المئة من العاملين إنهم شعروا في وقت من الأوقات بأن “المعلومات فاقت قدرتهم على مواكبتها إلى درجة أن عقولهم توقفت عن التفكير”.
وتوصل استطلاع للرأي شارك فيه 7331 عاملا في الولايات المتحدة إلى أن نصف المشاركين فيه لم يستنفدوا رصيد إجازاتهم قبل انتهاء العام، وعزى أكثرهم ذلك إلى الخوف من تراكم الأعمال عليهم عند العودة من الإجازات.
إن حجم المعلومات التي نتعامل معها كفيل بقتل قدرتنا على الإنتاج. فالإنسان غير مهيأ لتنفيذ مهام متعددة في نفس الوقت. وفي كل مرة تحول فيها انتباهك من مثير إلى آخر، مثل الاستجابة لتنبيه بورود رسالة عبر البريد الإلكتروني، تتأثر قدرتك الإدراكية سلبا.
وقد تزيد مشتتات الانتباه مع الوقت، إذ خلصت دراسة أجريت عام 2005 إلى أن الموظف العادي لا يركز في أداء مهمة واحدة إلا لمدة 11 دقيقة فقط قبل أن يُقاطع. وتوصلت دراسة أخرى، أضيق نطاقا، أجريت مؤخرا، إلى أن الموظفين الذين مُنعوا من مطالعة رسائل البريد الإلكتروني كانوا أقل توترا وإجهادا وأكثر تركيزا.
ويترافق الإيقاع السريع للحياة مع زيادة الضغوط والإجهاد، فضلا عن أن الموظفين الذين يقضون ساعات أطول على المكاتب أكثر عرضة للمخاطر الصحية، مثل الإصابة بالسكتة الدماغية. إلا أن تسارع وتيرة العمل في الشركات، قد يحقق مزايا كبيرة للموظفين.
من الغريب أن الإيقاع المتغير للحياة لم يستوف حقه من البحث، وكانت الدراسة الدولية الأكثر تعمقا في هذا الموضوع هي الورقة البحثية التي أجراها أستاذان في علم النفس هما روبرت ليفاين وأرا نورنزايان عام 1999، وتوصلا إلى أنه كلما زادت سرعة إيقاع الحياة في المجتمعات، كان أفرادها أكثر قدرة على الإنتاج، وزاد شعورهم بالسعادة والرضا عن الحياة.
لقد أثر الإيقاع السريع للحياة على طبيعة أعمالنا اليومية، ربما لتصبح أكثر إبداعا، وتعود بفوائد أكبر ماديا ومعنويا على الموظفين، حتى ولو كان ذلك على حساب ضيق الوقت لإنجاز المهام.
صحيح أن الآلات وأنظمة التشغيل الآلي بدّلت بعض الصناعات، وأطاحت ببعض الوظائف “وخلقت وظائف جديدة”، لكن الأنظمة الآلية وفرت علينا الكثير من المهام المملة والرتيبة أو المرهقة بدنيا.
المصدر: اخبار الان