يتزامن حصول الانتخابات البلدية والاختيارية في جنوب لبنان في 22 ايار/مايو مع حلول ذكرى عيد “المقاومة والتحرير” في 25 أيار التاريخ الذي سيبقى محفورا في ذاكرة وقلوب جميع اللبنانيين وبالاخص الجنوبيين، حيث تمَّ في مثل هذا اليوم من العام 2000 تحرير معظم الاراضي اللبنانية المحتلة باستثناء مزارع شبعا تلال كفرشوبا بفعل ضربات المقاومين الابطال ما دفع بالعدو الاسرائيلي الى الهروب تحت جنح الظلام ذليلا خائفا.
وحلول الانتخابات في هذا العام يحمل معاني التضحية بالنفس والأبناء في سبيل عودة الناس الى اراضيها لاعمارها وبنائها بشتى الطرق ومنها ممارسة الحياة السياسية والاجتماعية فيها، وأحد أبرز اوجه هذه الممارسة هو الانتخابات البلدية والاختيارية، ففي السابق كان أهالي ما كان يسمى “الشريط الحدودي المحتل” ينتخبون في المناطق المحررة القريبة من قراهم باعتبار انهم ممنوعون من الوصول الى بلداتهم بفعل الاحتلال الاسرائيلي للمنطقة.
ولكن منذ العام 2000 وحتى اليوم بفضل الله وببركة التضحيات الجسام للشهداء والجرحى والمقاومين، تمكن الجميع من كل الفئات والاحزاب والتيارات والبلدات من ممارسة حقوقهم بالوصول الى قراهم والترشح والانتخاب في الانتخابات البلدية والاختيارية والاقتراع في مسقط رأسهم، دون اي عائق او معوق يعطل حريتهم بالاختيار والتصويت والترشح، للتنافس بشكل ديمقراطي مع لوائح “الوفاء والتنمية” التي شكلت بالتحالف بين “حزب الله وحركة أمل” بما يؤكد مصداقية وموضوعية وحيادية هذه المقاومة وقيادتها، فالمقاومة لم تنشد في يوم من الايام اي شعبية من وراء البلديات او المخاتير بل بالعكس هي طالما سعت الى تكريس كل قدراتها لخدمة الناس في شتى المجالات ومن ضمنها المجالات البلدية والاجتماعية والصحية في القرى والبلدات والمدن.
لولا دماء الشهداء لما نعم لبنان بالاستحقاق البلدي..
ودماء الشهداء اليوم تحمي لبنان من العدو التكفيري كما حمته سابقا من العدو الاسرائيلي، وهذه الدماء هي التي تسمح للبنان ان يمارسه نشاطاته السياسية وغير السياسية وهي التي تسمح بتأمين الاجواء لذلك بعيدا عن المخاطر التي يمكن ان يسجلها الارهاب التكفيري في كل المناطق اللبنانية، وهذا ما اشار اليه المعاون السياسي للامين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل خلال إدلائه بصوته في الانتخابات البلدية والاختيارية في منطقة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت يوم الاحد 15-5-2016، فقد اوضح انه “لولا دماء القائد الشهيد مصطفى بدر الدين والشهداء لما نعم لبنان بهذا الإستحقاق..”.
فدماء الشهيد “السيد ذوالفقار” تشكل المثال الحي على ذلك فهو قد استشهد في سوريا خلال تأديته واجبه الجهادي في مواجهة الارهاب التكفيري حماية لبنان وشعبه وبالتزامن مع ممارسة اللبنانيين لحقهم بالاستحقاق البلدي، فلولا هذه الدماء الطاهرة الزكية لكان الارهاب يسيطر في بيروت وجونيه والشوف والضاحية وزحلة، فكيف بعد ذلك كنا سنشهد انتخابات بلدية او غير بلدية، فهل يمكن إجراء مثل هذه الاستحقاقات في ظل تحكم قاطعي الرقاب ونابشي القبور؟
وحول كل ذلك أشار رئيس “اتحاد بلديات جبل الريحان”** (المرشح لرئاسة بلدية عرمتى حاليا) المهندس زياد الحاج الى ان “التحضيرات اكتملت للانتخابات البلدية والاختيارية في جنوب لبنان عشية عيد المقاومة والتحرير الذي شهد اندحار العدو الاسرائيلي عن الاراضي اللبنانية المحتلة بفعل المقاومة والتضحيات الجسام التي قدمت من دماء الشهداء الى جراح الجرحى وبطولات المقاومين”.
ولفت الحاج في حديث لموقع “قناة المنار” الى انه “في السابق الاهالي كانوا ينتخبون في مراكز اقتراع بعيدة عن قراهم لوجود الاحتلال الاسرائيلي فيها”، وتابع “اليوم بعد العودة الى القرى الجو يتميز بأنه ديمقراطي تنافسي هدفه الانماء في ظل أجواء الحب والتقدير للمقاومة وتحقيق مصالح الناس بما يتكامل مع عملية التحرير التي تحققت ببركة دماء الشهداء”، واشار الى ان “كل الناس يعرفون الاثمان التي بُذلت للوصول الى ما نحن عليه اليوم ومع ذلك فإن الناس تمارس حقها بالترشح ومنافسة لوائح التنمية والوفاء التي شكلها حزب لله وحركة أمل في جو أقرب الى التنافس الايجابي لمصلحة القرى والبلدات على امتداد قرى الجنوب ومن ضمنها القرى التي حررت في العام 2000”.
المقاومة للناس.. في الميدان والانماء
وشدد المهندس الحاج على ان “المقاومة التي قدمت الشهداء والتضحيات الجسام هي اليوم من خلال المشاركة في هذه الانتخابات تؤكد ان هدفها المصلحة العامة ومصلحة الناس”، وتابع “المقاومة كما قدمت وخدمت الناس في ميادين الجهاد والمقاومة اليوم تريد تقديم المزيد للناس في مجال الانماء والخدمات من خلال الندوة البلدية والعمل البلدي”، واوضح ان “من يرشحهم حزب الله في كل القرى ومن ضمنها قرى جبل الريحان هي لتكليفهم بخدمة الناس لا للحصول على المناصب او الوجاهة او السلطة”، وأكد ان “الهدف لدى من ترشحهم المقاومة هو الحفاظ على هذه الارض وصون الانتصار والتحرير الذي تحقق عبر انماء القرى وتقديم الخدمات في مختلف المجالات”.
ولفت الحاج الى ان “حزب الله سعى للتوافق مع الجميع على امتداد قرى الجنوب بالاضافة الى تحالفه الثابت مع الاخوة في حركة امل”، واضاف ان “البعض كان يحاول وضع شروط تعجيزية للتحالف مع الحزب”، ولفت الى ان “من يريد القيام بالتنمية والانماء يمكنه فعل ذلك بدون الحصول على الأغلبية الساحقة بل إن من يريد القيام بالتنمية يمكنه ذلك ولو كان خارج المجالس البلدية”، واكد ان “حزب الله لم يدخل في اي انتخابات لا بلدية ولا غيرها بهدف الحصول على شعبية او جمهور بل إن هدف الحزب الاول والاخير هو خدمة هذا المجتمع وخدمة أهله وناسه”، وتابع ان “حزب الله لم يبخل بأي شيء لتحقيق ذلك والتجارب والواقع يشهدان على ذلك فمؤسسات حزب الله موجودة على امتداد القرى والبلدات لتقديم هذه الخدمات”.
واعتبر رئيس “اتحاد بلديات جبل الريحان” ان “أفضل طريق للخدمة العامة هو التعاون وتوحيد الصف والاستجابة لدعوات التي تقدم بها حزب الله وحركة امل بتشكيل لوائح واحدة موحدة لجمع شمل القرى في المجالس البلدية”، ودعا “الجميع للقيام بدور اعلامي ايجابي داخل القرى والبلدات لا سيما في الجلسات الخاصة عبر قول كلمة الحق التي تصب في خدمة المصلحة العامة بدل ان يقولوا شيء في العلن وشي في السر”.
وحول التجربة الانمائية للمنطقة الجنوبية المحررة منذ العام 2000 وحتى اليوم، قال المهندس الحاج “أدعو الناس ان تنعش ذاكرتها وللتتذكر كيف كانت قراهم وقتها وكيف اصبحت اليوم والمقارنة بينهما لنتأكد من حصول تنمية سنوية كانت تجري في هذه المنطقة”.
ولفت الحاج الى ان “البلديات لا يمكن ان تعمل بما يزيد عن موازناتها الموجودة ورغم كل ذلك على البلديات الاهتمام بأمور عديدة، منها: ترشيد الانفاق وتخفيض الهدر والقيام بالانفاق السليم وحسن الاختيار بحسب الاولويات والبحث عن الخدمات التي تهم الناس بالاضافة الى القيام بالخدمات التي تصل الى البشر مباشرة كالخدمات الصحية والاجتماعية والتربوية وغيرها… بالاضافة الى الاهتمام بالبنى التحتية والطرق وغيرها من الامور لسد النقص الحاصل في خدمات الدولة”.
وبالنسبة للمرحلة المقبلة، وعد المهندس زياد الحاج “الناس بالعمل بكل الامكانات المتوفيرة لخدمتهم ضمن الاطر القانونية والشرعية وضمن سلم أولويات يخدم الناس ويسهل امورهم لايصال الحقوق الى اصحابها”.
**اتحاد بلديات جبل الريحان: هو اتحاد يضم عدة بلديات لقرى جنوبية في قضاء جزين، وهذه القرى هي: كفرحونة، عرمتى، القطراني، مليخ، اللويزة، الريحان، العيشية، المحمودية والجرمق.
المصدر: موقع المنار