وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السَّبهان، كان منذ أقل من سنة، سفيراً لبلاده في العراق، وطلبت الخارجية العراقية من نظيرتها السعودية استبداله على عجل، نتيجة مجموعة تصريحات حاقدة أدلى بها، اعتبرتها بغداد تدخلاً سافراً منه في الشأن الداخلي العراقي، وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية بين مكوِّنات الشعب، لدرجة أن وصل به الجهل بالأصول الديبلوماسية واحترام السيادة، أن صرَّح في مقابلة تلفزيونية خلال شهر آب / أغسطس 2016، قائلاً: ” القيادات الموجودة الآن على الساحة السياسية العراقية، كلهم خرِّيجون من المدرسة الإيرانية، فأكيد أنهم لن يتصرفوا دون الرجوع وأخذ الإذن من حكومة إيران”، وتمَّ بالفعل ترحيله من العراق واستبداله بسفيرٍ آخر.
بعد طرده من العراق، أقدم النظام السعودي على تعيينه وزير دولة لشؤون الخليج، ومن سيرته الذاتية وحقده على إيران، تّتَّضح السياسة العدوانية للمملكة، ومحاولتها إدارة الشأن الخليجي والهيمنة عليه، عبر شخصية متطرِّفة تزيد الوضع الخليجي تأزُّماً، لكن الأنكى في السياسة الخارجية السعودية، أنها جعلت منه سفيراً متنقِّلاً بين الرياض وبيروت، رغم أن طبيعة عمله في شؤون الخليج لا تتطلَّب متابعة الوضع اللبناني، بدءاً من مواكبة جلسة انتخاب فخامة الرئيس عون، وانتهاء بالزيارات المكوكية التي يقوم بها بين الرياض وبيروت منذ شباط / فبراير الماضي، و”يُبشِّر” خلالها بِقُرب تعيين سفير للمملكة في بيروت، وينتهك في كل زيارة البروتوكول على مزاجه، كما حصل في آخر زيارة له منذ أيام حيث لم يطلب موعداً لزيارة الرئيس عون.
ثامر السبهان، للأسباب نفسها، والسيرة الذاتية الحاقدة على إيران ومحور المقاومة، التي حَدَت بالسعودية الى تعيينه وزيراً لشؤون الخليج، بات موفدها الدائم الى لبنان، لكن استخدامه لعبارة “حزب الشيطان”، ولنا عودة إليها، هو اعتداء على “الملكية الفكرية”، لأنه يستعير كلمة الشيطان، التي أُطلِقت على أميركا منذ الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، واستخدمت القيادة الإيرانية منذ ذلك الوقت عبارة “الشيطان الأكبر” على أميركا إستناداً الى تاريخها الأسود العدواني منذ حرب فيتنام وصولاً الى غرقِها حالياً بوحول الشام، وبالتالي، من الطبيعي لأذناب الشياطين في الخليج، أن يصرخوا من الوجع، على وقع الضربات المتلاحقة التي تنهمر عليهم، نتيجة انتصارات محور المقاومة من تلعفر الى جرود لبنان الى دير الزور، وهؤلاء الأذناب أعجز من يغيِّروا التاريخ والتسميات على لسان هذا الحاقد المهزوم المأزوم ثامر السبهان.
ولأن السبهان أصغر من أن يكون في حسابات حزب الله والمقاومة، نُعرِّف عن أنفسنا، ونُفيده بما يلي:
بدايةً، ليس بالضرورة أن نكون نحن حَمَلة الأقلام اللبنانية المُلتزمة بالقضية السيادية، ننتمي سياسياً أو تنظيمياً الى حزب الله، بل نحن من المنتسبين ذاتياً الى خطّ المقاومة منذ تحرير الأرض الطاهرة عام 2000. ولأن هذه المقاومة لم تطلب منا دماً للإستشهاد، قررنا بحبر الأقلام أن نكون على الأقل، شهود الحقّ وأبناء القضية، وأن نَنزِف كلماتنا صلوات على جباه المُقاومين الشرفاء، وننثرها وروداً على أضرحة الشهداء، وهذا النزف الذي نعيشه بِعشق، هو نِتَاج صدمة ثقافية أصابتنا من انتصارات غريبة عن تاريخ تربيتنا القومية البائدة في هذا المحيط العربي، نحن من نَهَلنا من ثقافة العرب النكسات والنكبات، والوقوف بأطلالِ أُمَّةٍ ذليلة، نبكي على دُمَن، وما الدُمَن سوى ضحايا تسقط بالمجَّان على مدى عقود، نواجهها في القِمَم العربية ببيانات أقرب إلى رُغاء الإبل، أو بشكاوى الذلّ الى أُمَم مُتَّحدة نتسوَّل منها فتاتأ من كلمات الإدانة، ونشأت مُذ ذاك، وتحديداً في العام 2000، هذه الهُوَّة بيننا، نحن الشريحة الأكبر من اللبنانيين، وبين بعض العرب، واستمرَّت بالإتِّساع حتى يومنا هذا، عندما غدا العميل عند العرب مُعتدلاً، والتكفيري ثورياً، والمُقاوِم إرهابياً، ومن يعرف الله في خلقِه ويُدافع عن القِيَم الإنسانية والكرامة والسيادة، شيطاناً!
وإذا كان وقع الإنتصارات التي حققها محور المقاومة مؤخراً، قد أفقد مُمَوِّلي الإرهاب ومُشغِّليه وأدواته صوابهم، فإننا نرغب تذكيرهم بخبرٍ بل إقرار، من رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان المُعارض رامي عبد الرحمن من لندن الذي قال لإذاعة “بي بي سي” فجر الإثنين الماضي ما حرفيته: “استعاد جيش النظام مع حلفائه 40 ألف كيلومتر من الأراضي السورية التي كانت تسيطر عليها داعش، في الوقت الذي كان فيه التحالف الغربي يحاول استعادة 40 كيلومتراً في محافظة الرقَّة من هذا التنظيم”، ليتبيَّن لنا، من هُم الشياطين الحقيقيون في إدارة “ربيع العرب”، سواء كانوا مسلَّحين إرهابيين، أو تنظيمات أو أنظمة مُشارِكَة في جرائم العصر، من اليمن الى العراق الى سوريا، في أشنع مؤامرة للعروش التكفيرية على خلق الله، ونختم مع الراعي الأممي لمفاوضات جنيف الذي أبلغ أطراف “المعارضة السورية” بالقول: “أنتم لم تربحوا الحرب” ودعاهم للتصرُّف على هذا الأساس.
وعلى الأساس نفسه، نُعلن للسَّبهان والجُبير وسواهما من وجوه التآمر والإجرام، أن لعبة الموت عندنا تُشارف على نهايتها، وأن الوطن الذي أنجب أبطال حزب الله، قادرٌ بإذن الله، بجيشه وشعبه ومقاومته، كما سحق الصهيوني والتكفيري، أن يسحق كل الشياطين، وأن يقطع أيادي الإجرام الملطَّخة بدماء أطفال اليمن والعراق وسوريا وفلسطين..كي تعيش بلداننا نعمة السلام.
المصدر: موقع المنار