ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة وأشار فيها إلى “ضرورة حفظ البيت في أيامنا هذه بكل الوسائل الكفيلة بذلك، بإعادة إصلاح أمورنا، من التربية، من المدرسة، من موضة التملق ومسخ العقول، من أصدقاء السوء، من ثقافة السوء، من شاشات التلفزة، من وسائل التواصل الاجتماعي، من حب المراهقين، من جنس المراهقين، من الخيانة الزوجية، من شبكات الدعارة، من تغاضي الآباء والأمهات، من هوس الأبناء، من البيئة المختلطة بكل الأجناس والأعراق، من فشل السلطة، من استهتار الحكومة، من كبرياء الحكام، من المقامرة الإعلامية، من التركيز التلفزيوني على برامج الخيانة والعشق المحرم وحب المراهقين، من رضا السلطة بشعب يئن من الجوع والوجع والبطالة والفشل، وشتى أصناف الجرائم، من استهتار ذوي القربى، من الانشغال بالقشور على حساب الجوهر، من تضييع الإنسان. نعم، يجب أن نبادر ولا ننتظر أحدا، لأن بناء الوطن يبدأ ببنيه، بفقرائه، بأهل التضحية فيه، وعلى نحو لا نسخر فيه العطايا لمن ضيع الناس والوطن”.
وتحدث قبلان عن السياسيين في لبنان بالقول:”إنهم يغسلون وجوههم أكثر من مرة في النهار ولا يغسلون قلوبهم مرة واحدة في السنة، عجيب أمر هؤلاء السياسيين الذين ينمقون العناوين ويضللون الناس، يتحدثون في الوحدة والشراكة والغيرة على الوطن، فيما هم يطلقون العنان لمخيلات التفرقة وتعميق الانقسام بين اللبنانيين، عبر صيغ ومشاريع انتخابية تبتكرها ذهنيات مدفوعة بشهوة الهيمنة والتسلط، غير آبهة بما ترتبه من تداعيات على مستقبل اللبنانيين الذين باتوا يسخرون مما يجري من هرطقات التدجيل والنفاق السياسي، ويرفضون كل ادعاءات الوصل المخادعة بقيام الدولة ومؤسساتها”.
وتابع “لهؤلاء الحاقدين والمصرين على عدم غسل قلوبهم من أدناس الأنا، والانتفاخات الطاووسية نقول: أوقفوا لعبة الرقص على حافة الهاوية، وفكوا أسر هذا البلد الذي شرعتم أبوابه لشتى أنواع الفوضى والفساد والاهتراء، بسياساتكم الرعناء، ولهاثكم المستميت خلف مصالحكم السياسية، واخجلوا من كل هذه الممارسات التي لا تليق بوطن، ولا بشعب أصبح يعاني الأمرين، جراء سياسات اعتمدتموها، وممارسات دأبتم عليها، لم تكن يوما تعني لبنان أو في خدمة اللبنانيين، بل كانت دوما في إطار تقسيم الحصص وتوزيع المغانم على حساب الدولة والمال العام. وما نعيشه من ضغوطات حياتية واجتماعية واقتصادية صعبة، ومن ظروف إقليمية ودولية ضاغطة، لم تعد تسمح على الإطلاق بأن تستمر مسرحية قانون الانتخاب على هذا النحو من الاستهزاء، وانعدام المسؤولية، الذي بات يشكل جريمة وطنية واعتداء سافرا على كل اللبنانيين الذين يحلمون ببلد ينعم بالأمن الاجتماعي، والاستقرار السياسي، وبقيام دولة المشاركة، باسم المواطنة الحقة، التي وحدها تؤمن صحة التمثيل، وتطمئن الجميع، وتلغي كل هذه الجدليات الطائفية والمذهبية حول قانون انتخابي، مهما كانت صيغته أو تسميته، لن يحقق ما نصبو إليه، ولن يوصلنا إلى بلد الوئام والسلام ودولة العدالة والقانون، طالما النفوس مشحونة، والإرادات مرتهنة، والخطاب الطائفي على هذا النسق من الاستفزاز والحدة والتحريض”.
أضاف :”إن الخطر داهم والامتحان صعب، والضغوطات كبيرة، إقليميا ودوليا، لاسيما مسودة العقوبات الأميركية الجديدة التي قد تزعزع الاقتصاد، وتهدد اللبنانيين في استقرارهم وأمنهم. من هنا، ندعو المرجعيات وكل القيادات السياسية، إلى تدارك الوقوع في أزمة وطنية، وحسم خياراتها وحزم أمرها في إخراج البلد من مستنقع تفصيل المقاعد النيابية، إلى إقرار قانون انتخابي يحفظ مقعد لبنان، ويلبي الطموحات، ويعزز الآمال، ويضمن سير المؤسسات، بما يؤهلنا لأن نكون جميعا في مواجهة ما ينتظرنا من تحديات وتهديدات قبل فوات الأوان. فلبنان لا يتحمل الفراغ، ولا مشاريع القوانين الطائفية، ولا النزوات السياسية، ولا تجارب الهواة، بل يحتاج أمرا واحدا هو قانون انتخاب وطني لا طائفي، ودوائر تعكس الإرادة الوطنية، ونظام سياسي يؤكد أن السلطة بيد الشعب، وليس بيد من يبتز الناس. لذلك نصر على قانون النسبية الكاملة الذي يجمع ولا يفرق، ويحول دون تقسيم لبنان إلى فدراليات ومزارع طائفية ومذهبية متناحرة”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام