يقع البحر الميت إلى الشرق من الأراضي الفلسطينية المحتلة وغربي الأردن. ويُعتبر بحيرة غير ساحلية إن صح الوصف والتعبير. وأكثر ما يشتهر به البحر الميت هو كونه أكثر المسطحات المائية ملوحةً على وجه الأرض.
أما عن سبب تسميته بهذا الاسم، فيبدو جليًا من طبيعته التي افتقرت الحياة الفطرية والنباتية والحيوانية. فليس فيه أسماك ولا نباتات ولا طحالب نظرًا لصعوبة العيش في ظروف شديدة الملوحة.
وأشهر معالم هذا البحر هو التلال الصخرية الملحية والوحل الذي يُعتبر من أكثر الأصناف العلاجية شهرةً في عالم الصحة والجمال.
لكن السؤال الذي يُحيِّر الجميع هو: ما سبب ملوحة البحر الميت الزائدة عن باقي المسطحات المائية على سطح الأرض ؟
قبل أن نُجيب على هذا الاستفسار الذي يشغل الجميع، عليك أن تعلم أن نسبة ملوحة البحار والمحيطات تتراوح بين 4 – 6%، في حين أن ملوحة البحر الميت تتراوح بين 35 – 55%، وهي أعلى نسبة ملوحة بحرية في العالم.
وبشكلٍ عام، فإن الملوحة في المسطحات المائية تتشكَّل بسبب ذوبان الأملاح في الصخور على الأرض. حيث تعمل الأحماض في مياه الأمطار على إذابة الصخور وتحرير الأملاح على شكل أيونات وتختلط في مياه البحار ما يُسبب ملوحتها.
وأكثر الأيونات شيوعًا في البحار والمحيطات هي أيونات الصوديوم والكلور. وإن تمت تصفية جميع المحيطات من الأملاح فيها، فإنها ستُشكل طبقة من اليابسة على سطح الأرض يبلغ ارتفاعها “150 مترًا”. لكن هذه الكميات ما هي إلا جزء صغير من الأملاح المتراكمة في البحر الميت.
فملوحة هذا البحر أكثر بحوالي 5 – 9 ضعف من ملوحة المسطحات المائية الأخرى على الأرض. وكلمّا تعمَّقت في البحر الميت، زادت نسبة الملوحة بشكل كبير. فقد وجد العلماء أن المياه تُصبح مركزة على عمق 100 متر في البحر، وتُصبح الأملاح متراكمة على شكل تلال في قاع البحر.
أما السبب الذي يجعله الأكثر ملوحة، فهو بفعل موقعه الجغرافي. حيث يقع البحر في منطقة وادي الصدع التي تُغطي مساحة 1000 كلم، ابتداءً من طرف شبه جزيرة سيناء إلى الشمال نحو تركيا. وهي النقطة الأدنى ارتفاعًا على سطح الكوكب.
وحيث أن العديد من البحيرات والأنهار كانت تُغذي هذا البحر، فإن المياه كانت تصب به دون وجود تصريف آخر. بمعنى أن الماء كان حبيس هذه البقعة حتى يتم تبخيره. حيث تتبخر المياه وتبقى الأملاح في القاع.
هذا ما يُفسِّر ترك كميات مهولة من الأملاح في النهاية، وحيث أن نهر الأردن لا يزال يُغذي هذه البقعة المائية من الأرض، فإن مياهه لم تنفذ بعد على الرغم من تناقص مستوياتها. ولا تزال كميات الملح تزداد فيها تدريجيًا.
إذ أشارت دراسات أن مياه هذا البحر تنحصر بمعدل متر واحد كل عام، وذلك بفعل تحويل استعمال مياه نهر الأردن إلى الأغراض الزراعية وتناقص الواصل منها إلى البحر.
وعلى الرغم من اعتبار العلماء هذه البقعة “منطقة ميتة”، إلا أنهم يجزمون أن الكثير من المفاجآت لا تزال تختفي في مياهه، خاصةً وأنه يصعب الوصول إلى قاع البحر بسبب الملوحة الشديدة!
المصدر: مواقع