استقبلت العاصمة المصرية فايز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، لبحث سبل حل الأزمة الليبية والتوفيق بين المتصارعين في ليبيا.
في هذه الأثناء، كانت العاصمة الليبية طرابلس تشهد حدثا من نوع آخر، حيث سيطرت ميليشيات مسلحة تابعة لحكومة الإنقاذ الوطني المحسوبة على “جماعة الإخوان” على وزارات الدفاع والعدل والاقتصاد. وكان على رأس المجموعات، التي سيطرت على الوزارات، رئيس الحكومة خليفة الغويل، الذي طلب من موظفي الوزارات التابعين لحكومة الوفاق بمغادرتها.
وكان لقاء قد جمع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج، في قصر الاتحادية بعد ظهر الخميس الماضي 12/01/2017 في القاهرة، ونوقشت فيه مستجدات الوضع في ليبيا، والتحديات التي تواجه العملية السياسية والجهود المصرية لحل الأزمة الليبية الراهنة، بحسب ما نشره المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني على صفحته في موقع فيسبوك.
وقال الناطق باسم الرئاسة المصرية علاء يوسف إن الرئيس السيسي أكد للسراج موقف مصر الثابت من دعم وحدة واستقرار ليبيا واحترام إرادة شعبها، الذي تربطه بالشعب المصري علاقات وثيقة ممتدة عبر التاريخ؛ مشيرًا إلى “سعي مصر لدعم الوفاق بين مختلف مكونات الشعب الليبي، وإيجاد حل ليبي خالص يرسخ دعائم المؤسسات الوطنية الليبية، ومن دون أي تدخل خارجي”.
وأضاف يوسف أن رئيس المجلس الرئاسي الليبي أعرب خلال اللقاء “عن تقديره لدور مصر الإيجابي والبناء في تسوية الأزمة التي تمر بها بلاده؛ مؤكدًا خصوصية العلاقات بين البلدين الشقيقين وتثمين ليبيا للجهود المصرية الرامية إلى تحقيق الأمن في ليبيا ووحدة أراضيها، وحرصها على مصالح الشعب الليبي في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها”.
وأوضح الناطق باسم الرئاسة المصرية أن السراج استعرض خلال لقائه الرئيس السيسي “التطورات الجارية على الساحة الليبية؛ معربًا عن تقديره لجهود مجلس النواب الليبي في مناقشة الاتفاق السياسي؛ حيث أكد السراج أهمية التفاوض حول النقاط الأساسية في الاتفاق سعيًا للوصول إلى توافق وتحقيق المصلحة العليا للدولة الليبية، بما يحفظ وحدة أراضيها وسلامة أبنائها من دون إقصاء لطرف على حساب الآخر”.
من جانبه، أكد الرئيس السيسي أن مصر لن تألو جهدًا من أجل توفير البيئة الملائمة للحوار بين الأشقاء الليبيين ومساعدتهم على تحديد ومعالجة القضايا الجوهرية، حتى تتمكن المؤسسات الليبية الوطنية، وخاصة المنتخبة منها من الاضطلاع بمسؤولياتها وفقًا للاتفاق السياسي.
جدير بالذكر أن العاصمة المصرية استضافت خلال الأسابيع الأخيرة من العام الماضي العديد من اللقاءات لمختلف ألوان الطيف السياسي الليبي في إطار مساع، قادها رئيس الأركان في القوات المسلحة المصرية الفريق محمود حجازي، المسؤول عن الملف الليبي في الإدارة المصرية، وشارك في بعض جلساتها وزير الخارجية المصري سامح شكري، والتي استكملت بلقاء عقد بين السراج وحجازي خلال الزيارة الأخيرة لرئيس حكومة الوفاق الليبية، بمشاركة أعضاء الوفد الليبي وأعضاء اللجنة المصرية المعنية بليبيا؛ حيث تم خلال اللقاء التطرق بشكل معمق وتفصيلي إلى الأوضاع الراهنة في ليبيا والجهود المبذولة من الجانبين للتوصل إلى حلول توافقية تستند أساسا إلى الإطار العام للاتفاق السياسي، وترتكز على القضايا الجوهرية للخروج من المختنقات الحالية في إطار سلسلة الاجتماعات المكثفة التي استضافتها مصر.
وقد أعرب السراج عن عميق تقديره وامتنانه للجهود الكبيرة التي بذلتها مصر للإسهام في إعادة اللحمة بين أبناء الوطن؛ مؤكداً دعمه لكل التحركات والجهود الأمنية والشفافة التي تقوم بها مصر، منوها بأنه ليس غريبا على الشقيقة والجارة مصر أن تتحمل مسؤولياتها انطلاقا من علاقاتها الخاصة مع ليبيا من واقع التاريخ والجغرافيا وصلات الدم بين الشعبين التي يمكن تلمسها في كل بقعة من البلدين.
السراج التقى أيضا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، الذي استعرض معه أحدث المستجدات على الساحة الليبية والجهود المبذولة لإخراج ليبيا من أزمتها، بخاصة على ضوء الجهود الجارية لترتيب قمة ثلاثية، تجمع بين رؤساء تونس ومصر والجزائر لحل الأزمة الليبية بناء على الدعوة، التي أطلقها الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في هذا الشأن.
وفي هذا الشأن، أكد أبو الغيط التزام الجامعة العربية بمساندة جميع الجهود والاتصالات الرامية لتقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية، ودفع مسار العملية السياسية، استنادا إلى الخطوات والإجراءات المطلوب تنفيذها لاستكمال استحقاقات اتفاق الصخيرات؛ مشددا على أهمية ضبط النفس وتجنب أي تصعيد عسكري؛ ومعربا عن ترحيبه بما أعلنه السراج عن التعاون مع الممثل الخاص للأمين العام لجامعة الدول العربية، المقرر أن يقوم بأول زيارة إلى ليبيا خلال الفترة المقبلة، وأكد انفتاح الجامعة على المبعوث الأممي مارتن كوبلر، سواء كان هذا التواصل على المستوي الثنائي أو في إطار آلية التنسيق الثلاثية للتعامل مع الأزمة الليبية، والتي تجمع الجامعة العربية والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.
ومن جانب آخر، جدد البرلمان العربي دعمه للجهود والوساطات، التي تقوم بها مصر وتونس والجزائر من أجل الدفع قدما بمسار الحوار الليبي-الليبي لتسوية الأزمة الليبية بما يضمن الحفاظ على الدولة الليبية ووحدتها وسلامة أراضيها.
وفي سياق التحرك الدولي للتعامل مع الأزمة الليبية، كشف وصول حاملة الطائرات الروسية “الأميرال كوزنيتسوف” إلى المياه الإقليمية الليبية منذ أيام عن بوادر دور روسي محتمل في الصراع الليبي، وربط محللون سياسيون بين وصول حاملة الطائرات الروسية وزيارة قائد الجيش الوطني الليبي المشير الركن خليفة حفتر إلى روسيا، وقرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتخفيف الوجود العسكري الروسي في سوريا.
يأتي كل ذلك في الوقت، الذي أعلنت فيه الحكومة الليبية المؤقتة في البيضاء عن نزول وحدات من القوات الايطالية في طرابلس، ورأت أن ذلك يشكل احتلالا صريحاً وتدخلا سافرا في الشأن الليبي الداخلي، ويسعي لاستنساخ التجربة العراقية على الأراضي الليبية. هذا، وأفادت الحكومة كذلك بوجود نحو ألف من الجنود الأمريكيين في إحدى ضواحي طرابلس.
المصدر: وكالات