قال العلّامة السيد علي فضل الله، في خطبة عيد الفطر المبارك، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، إن هذا العيد يحلّ والعالم العربي يمرّ بأصعب الظروف وأشدّها، بفعل العدوان المستمرّ على دوله من العدو الصهيوني ومن يدعمه، في تجاوز لكل الاتفاقات والمواثيق والأعراف الدولية، وهو ما نراه جلياً في المجازر التي تُرتكب في غزة والحصار المطبق عليها.
ولفت السيد فضل الله إلى أن العدو يستكمل عدوانه في الضفة الغربية بهدف تهجير الفلسطينيين من أرضهم وإنهاء قضيتهم، كما يشنّ غارات يومية على سوريا، مستغلًّا حالة عدم الاستقرار فيها، فيما تواصل الولايات المتحدة الأمريكية تصعيد هجماتها على اليمن نيابة عن الكيان الصهيوني لمنعه من الاستمرار في دعم الشعب الفلسطيني.
وفي لبنان، أشار إلى أن العدو يواصل اعتداءاته وجرائمه، التي طالت البقاع والجنوب، وامتدت أخيرًا إلى الضاحية الجنوبية من بيروت، مستهدفةً المدنيين وكوادر المقاومة، ضاربًا بعرض الحائط الاتفاق الجاري بينه وبين الدولة، وسط صمت مريب من اللجنة المكلفة بوقف إطلاق النار أو الضامنة له، ما يشجّع الكيان على الاستمرار في خروقاته واعتداءاته.
وقال: “لقد صار من الواضح أن كل هذا الضغط الذي يمارسه هذا الكيان يستهدف تحقيق مكاسب سياسية وأمنية، يُراد لها أن تكون على حساب اللبنانيين وسيادتهم على أرضهم، في سياق مشروع فرض سلام مذلّ مع هذا العدو، وهو ما يرفضه اللبنانيون الذين يصرّون على التمسك بحقوقهم ورفض مخططاته وأطماعه”.
وأضاف: “إننا، إزاء هذا الواقع، نجدد دعوتنا للدول العربية إلى تحمّل مسؤولياتها في مواجهة هذا العدوان الصهيوني المستمرّ، وعدم الرضوخ لمخططه الذي يسعى من خلاله إلى بناء شرق أوسط جديد تكون له اليد العليا فيه، ويمسك بزمام أموره. ومن المؤسف أننا لم نشهد حتى الآن موقفًا عربيًا جديًا وموحدًا يردع هذا العدو ويشكّل عنصر ضغط عليه وعلى داعميه، بل نرى صمتًا مطبقًا أو لامبالاة إزاء ما يجري، ما يسمح له باستفراد الدول واحدة تلو الأخرى”.
وتابع: “في الوقت الذي ندعو فيه اللبنانيين إلى التوحّد لمواجهة أهداف هذا العدو الرامية إلى إخضاع البلد، نؤكد ضرورة عدم الرضوخ لكل الضغوط التي تمارس على سيادته وأمنه، والامتناع عن إطلاق مواقف سياسية أو إعلامية من شأنها أن تكرّس الانقسامات التي يستفيد منها العدو”.
وأردف السيد فضل الله: “من المؤسف أن نجد في هذا البلد من لا يزال غير واعٍ لخطورة أهداف هذا العدو، رغم أن تجارب التاريخ والحاضر تؤكد أنها لا تقف عند حدود استهداف طائفة أو مذهب، بل تمسّ جميع اللبنانيين وتهدد سيادة البلد وصيغته التي تمثل نقيضًا لهذا الكيان. ومع ذلك، نجد من لا يزال يتعامل مع العدو من موقع مصالحه الفئوية أو الطائفية، ويعمل على تأجيج الخلافات الداخلية دون أن يأخذ في الاعتبار تداعيات ذلك على حرية البلد وسيادته واستقلاله”.
ودعا اللبنانيين جميعًا إلى “تحصين هذا البلد، وتوجيه جهودهم نحو بناء دولة قوية قادرة على النهوض بإنسانها، وانتشاله من معاناته التي باتت تمسّ أبسط مقومات حياته وأمنه واستقراره، والتي تدفعه إلى الهجرة بحثًا عن حياة كريمة. دولة خالية من المحاصصة والفساد والهدر، دولة المؤسسات التي تحمي أرضها وتحفظ كرامة أبنائها وتعيد إليهم حقوقهم المسلوبة، ليشعروا بأنهم متساوون في الحقوق والواجبات… دولة يشعر فيها الإنسان بإنسانيته، بعيدًا عن أي انتماء طائفي أو مذهبي أو سياسي”.
وختم كلامه بالدعاء إلى الله أن “يحمل إلينا هذا العيد تباشير الخير والأمن والسلام والأمل والوحدة والعزة، وأن يكون مستقبل بلدنا أفضل من ماضيه، رغم الألم الذي نعيشه بفقدان واستشهاد أعزاء وإخوة وقادة قدّموا أغلى ما يملكون من أجل الوطن. وعلينا أن نجعل هذا العيد مناسبة للقيام بواجبنا تجاه المحتاجين، من الفقراء والأيتام والمرضى والمسنين، وإدخال السرور على قلوب الأمهات الثكالى والجرحى والمهمومين. إنه سميع مجيب الدعوات، وكل عام وأنتم بخير”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام