قصة الساعات الـ 72 قبل ولادة حكومة نواف سلام – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

قصة الساعات الـ 72 قبل ولادة حكومة نواف سلام

الحكومة اللبنانية
حنين الموسوي

أخفقت الدبلوماسية الأميركية من خلال ايفادها “المتمرنة” مورغان أورتاغوس في تكريس واقع سياسي في لبنان يكون مؤداه اضعاف الثنائي الوطني واستبعاد “حزب الله” عن المشهد السياسي.

وبعد عاصفة ردود الأفعال اللبنانية على تصريح أورتاغوس، ومن بينها بيان رئاسة الجمهورية، وصولاً إلى اعتذارها لاحقاً عمّا تفوهت به، أثبت الثنائي “حزب الله – حركة أمل” حضوره الأساسي في الحياة السياسية اللبنانية، بعد سلسلة من المحاولات لإقصائه من قبل جهات تبدأ من عواصم خلف البحار إلى بعض دول الإقليم وصولاً الى بعض “الزواريب” اللبنانية، كلها عبرت عن هذا الأمر جهارًا وعلى قنوات التلفزة.

بعض الجهات الداخلية وإن تماهت مع التوجهات الأمريكية – الإسرائيلية، كانت ترى في مسألة تشكيل الحكومة محطةً لتكريس عنوان عريض مجافٍ للوقائع: هزيمة حزب الله واستثمارها داخلياً، وهو استكمال لنفس الأداء الذي مارسته هذه الجهات خلال أيام الحرب الـ 66.

وبعد تدخلات أميركية فظة استفزت اللبنانيين بما فيهم التغيريين، وطبعاً باستثناء حزبي القوات اللبنانية والكتائب، تجاوزت الحكومة العقبات ومحاولات الإقصاء والقفز على معارضات واعتراضات أحزاب وتيارات أساسية في البلد، وأبصرت النور من القصر الجمهوري. فما الذي حصل؟

كواليس تشكيل الحكومة

في الساعات الـ 48 التي سبقت إعلان تشكيل الحكومة، كشفت المعلومات بأن الاجتماع بين الرؤساء الثلاثة جوزاف عون، نبيه بري ونواف سلام -الذي استمر لساعة ونصف – كاد أن ينفجر لولا تدخل الرئيس جوزاف عون، إثر خلاف على اقتراح سلام بتعيين “لمياء المبيّض” في حقيبة التنمية الإدارية.

الاسم رفضه الثنائي الوطني باعتبار طريقة طرح إسم وحيد مخالفة للاتفاق على آلية اختيار الاسم الخامس، وكردة فعل، طرح الرئيس برّي اسم القاضي “عبد الرضا ناصر” بدلاً عن المبيّض، الذي رفضه سلام. وتشير المصادر إلى أن الرئيس المكلف قال بالحرف “لا حكومة دون لمياء المبيّض”. وانفضّ الاجتماع على تصريح معلن لسلام أمام الصحفيين في قصر بعبدا: “مشي الحال وما مشي الحال”.

تقرير مصور | حصة الثنائي الوطني في الحكومة.. اللاء الاميركية أُسقِطت واللاء القواتية أحرجتهم

رئيس الجمهورية والتدخل الفصل

بحسب المصادر، فإن رئيس الجمهورية جوزاف عون أكد خلال ذاك الاجتماع، التزامه بعدم التوقيع على أي مرسوم دون موافقة الثنائي، وهو موقف ثابت له.

وكشفت المصادر أنّه بعد مغادرة الرئيس بري قصر بعبدا على خلفية الخلاف حول تسمية الوزير الخامس، حصل تواصل بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف تداولا فيه آلية التشكيل المتّفق عليها، وبأن الرئيس عون لفت نظر سلام إلى ضرورة الإلتزام بها، والتي تقوم على التوافق بين الطرفين حول إسم الوزير الخامس، و هذا ما فتح مجالا لإعادة طرح الأمور من جديد.

‏‎المصادر أكدت أن الرئيس عون هو من سمى الوزير فادي مكي وليس سلام وباتفاق مع الرئيس نبيه بري. ولاحقاً مرّر عون الاسم إلى سلام فاقترحه الأخير ضمن لائحة من ثلاثة أسماء، فاختار الرئيس بري الاسم الذي شارك هو بنفسه باقتراحه.

وبحسب المصادر فإن فادي مكّي استقال من الإدارة عام 2005، بعدما وضعته حكومة السنيورة بالتصرف. حينذاك، قال وزير الاقتصاد سامي حداد للسنيورة “يا أنا يا فادي مكّي بالوزارة”.

وبعد استقالة الأخير من الإدارة احتجاجاً على وضعه بالتصرف نتيجة سلوك الوزير سامي حداد، أقرّ الرئيس بري بمظلومية مكّي وقال له حينذاك: “أنا أعرف أنك مظلوم. وأنا لا يموت لي ميّت في الدولة”. بعد عشرين عاماً، عاد فادي مكّي وزيراً، بقرار من الثنائي.

ماذا حدث بعد تصريحات المبعوثة الأمريكية؟

الأمر لها.. هكذا عنونت إحدى الصحف اليومية في لبنان، في محاولة منها للإيحاء بأن المبعوثة الأمريكية باتت تتحكم بالمشهد السياسي. قيل الكثير عن المبعوثة الأمريكية، إلا أن الواقع كان مختلفًا؛ فبعد كل التهويل والتهديد والاستعلاء، دخل الثنائي الوطني إلى الحكومة بشراكة كاملة وتمثيل حقيقي، وبقيت حقيبة المالية للثنائي كما كانت، ولم يتغير أي اسم بعد كلام “أورتاغوس”، وتَمَّت تسمية الوزير الخامس بموافقة الثنائي أيضًا.

في نهاية المطاف، رغم كل الضغوط السياسية والفيتوات الأمريكية، فإن هذه الحكومة لم تبصر النور إلا من خلال الممر الوطني الصحيح القائم على عدم الإقصاء والتوافق الداخلي، وتكرر إذا مع ولادة الحكومة ما حصل في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، لتتجه الأنظار الآن إلى يوم ١٨ من الشهر الجاري تاريخ انتهاء المهلة الممددة لانسحاب العدو الصهيوني الكامل من ما تبقى من القرى الحدودية في جنوب لبنان، بعدما فشلت، ولو مؤقتاً، هذه الورقة في استثمارها أمريكياً على طاولة السياسة الداخلية اللبنانية.

المصدر: موقع المنار