انتقل جوزيف عون من كرسي اليرزة في قيادة الجيش بعد ٤١ سنة من الخدمة العسكرية، متدرجاً من تلميذ ضابط إلى أن تربع على كرسي القيادة برتبة عماد لمدة سبع سنوات وبضعة أشهر، نال خلالها رضى الخارج قبل الداخل من دون منافس، وتميّز بالصمت الاستراتيجي، حتى وقف تحت قبة البرلمان وفجّر ما كان يخفيه باللهجة العسكرية، مخاطباً الحضور والمشاهدين والمتابعين وكأنه يلقي أمر اليوم طوال ولايته، موجهاً الرسائل في كل الاتجاهات، للقريب والبعيد. متعهداً ببناء دولة يطمح إليها أفلاطون في تبنيه للمدينة الفاضلة، وسلط الضوء على سلطة قضائية مستقلة، وإدارة نظيفة، واللامركزية، وعدم تخصيص مواقع الفئة الأولى لطائفة أو مذهب، مع حياد إيجابي وعلاقات مع الدول العربية وشمال أفريقيا وأوروبا وأميركا، بالإضافة إلى الإعمار..!
لو عدنا إلى خطابات القسم لمن سبقوه، نجدها نسخة طبق الأصل من حيث الأفكار والعناوين، لكنها تختلف في الأسلوب والمتكلم والمصفقين. كما تحتاج هذه العناوين إلى فريق عمل متجانس في مختلف السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والأجهزة الرقابية والأمنية. وأول خطوة عملية تتمثل في اختيار السلطة التنفيذية بدءاً برئيسها وفريق عمله من الوزراء، يليها ملء الفراغ في الفئة الأولى الشاغرة، وتحريك المياه الراكدة، وعدم حصرها بهذه الطائفة أو ذاك المذهب، وإشغالها بأصحاب الكفاءات، وليس بالأزلام والمحاسيب والجباة، واقتسام المغانم بين التابع والمتبوع..!
وعليه، حسناً فعل الرئيس بتحديد اليوم الأول من أول أسبوع عمل لبدء الاستشارات لتكليف رئيس حكومة، وتفكيك الألغام، وتعبيد الطريق أمامه من خلال تسمية رئيس خادم، وليس لنيل لقب رئيس وزراء يطمح لدخول نادي الرؤساء ولقب “صاحب الدولة”…!
بناءً على ما تقدم، تنهض تساؤلات عدة، منها:
١- من هو هذا الرجل الذي يستطيع شغل كرسي رئاسة الحكومة ويلتزم طموحات اللبناني الأول؟
٢- هل يسمي نواب الأمة شخصاً من خارج نادي الرؤساء، يتمتع بالمصداقية والشفافية؟
٣- هل الذين سمّوا جوزيف عون رئيساً من واشنطن وأتباعها، سيُسمّون مالئ الكرسي الثالثة أم النواب؟
٤- هل انطلق فعلاً قطار الإصلاح، أم أن ما سمعناه هو مجرد أحلام يقظة، وستوزع الحصص وفقاً لما هو متعارف عليه؟
- أستاذ في القانون الدولي ونائب سابق
المصدر: بريد الموقع