بإيمان راسخ وعزم لا يلين، واصلت المقاومة الإسلامية معركة إسناد غزة ومقاومتها، رافعة مستوى عملياتها ضد مواقع العدو وقواعده العسكرية وموسعة دائرة استهدافاتها لمستوطناته كلما وسّع عدوانه على لبنان.
دخلت الضاحية في مرمى استهدافات العدو بشكل مباشر في الثلاثين من تموز عندما اغتالت طائراته الحربية القائد الجهادي الكبير فؤاد شكر(السيد محسن) وعدداً من المدنيين في حارة حريك، فشنَّت المقاومة هجوماً جوياً نوعيا بمئات المسيرات استهدف قاعدة غاليلوت في مدينة رامات شارون قرب هرتسيليا.
وتعد غاليلوت أكبر قواعد التنصُّت في شمال الكيان والعمود الفقري للاستخبارات، والمسؤولة عن التجسس والأمن السيبراني، وتضمُّ المقر المركزي لشعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، والمقر الرئيسي لوحدتي ثمانية آلاف ومئتين وتسعة آلاف تسعمئة.
شكّل تفجير العدو أجهزة البيجر واللاسلكي في السابع عشر والثامن عشر من ايلول واغتيال عدد من قادة المقاومة بينهم القائد الجهادي الكبير إبراهيم عقيل (الحاج عبد القادر) في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت في العشرين منه تحوّلا في مسار الحرب مع المقاومة، ومقدمة لعدوان صهيوني شامل على كل لبنان.
في الثالث والعشرين من أيلول بدأ جيش الاحتلال عدوانه على الجنوب، ولم يستثنِ البقاع ولا الضاحية الجنوبية من غاراته الجوية العنيفة والتي كان أقساها عصر السابع العشرين من الشهر نفسه باغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ومجموعة من القادة الجهاديين، واتبعها العدو باغتيال القيادي في المقاومة الشيخ نبيل قاووق وبعده رئيس المجلس التنفيذي السيد هاشم صفي الدين ومعه عدد من القادة.
لم تتأخر قيادة المقاومة في اختيار الشيخ نعيم قاسم أمينا عاما خلفاً لسيد شهداء الأمة، فأعلنَ بدء عملية (أولي البأس). وبنداء لبيك يا نصرالله استعادت المقاومة زخم عملياتها وأمطرت المستوطنات الصهيونية القريبة والبعيدة عن الحدود مع لبنان بمئات الصواريخ التي وصلت الى قلب تل ابيب وهدَّدت العديد من المواقع الاستراتيجية في العمق الصهيوني.
رفعت المقاومة وتيرةَ عملياتها النوعية فوصلت طائراتُها المسيَّرة الى منزل رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو في قيسارية، كما وجَّهت الطائراتُ المسيَّرة ضربةً قاسيةً للاحتلال مستهدفةً غرفةَ طعام الجنود من لواء غولاني قرب بنيامينا. كل هذه الضربات الدقيقة اظهرت فعالية قدرات المقاومة الصاروخية والقدرة على التنسيق العالي بين مختلف وحداتها العسكرية.
في الميدان، على امتداد الخط الحدودي كانت الجبهةُ تشهد مواجهات غير مسبوقة خاضها مجاهدو المقاومة الاسلامية مع ألوية جيش العدو ضمن فرقه الاربع التي اقحمها لتحقيق تقدّمٍ على الارض.. وعند كلِ محاولة للتقدم باتجاه القرى الحدودية كانت مجاهدو المقاومة بالمرصاد. وعلى أعتاب بلدات الخيام والعديسة ومركبا وعيترون وشمع والناقورة وغيرها من البلدات تكسَّرت أعنف الهجمات في تاريخ الحروب الصهيونية ضد لبنان.
ذاق جيش الاحتلال مرّ الهزيمة.. الاف العسكريين قتلوا وأصيبوا من ضباطٍ و رتباء وجنود وبينهم كتائب من الوحدات الخاصة.. عشرات الدبابات والمدرعات دُمِّرت، والعديد من الطائرات الاستطلاعية المتطورة أُسقطت.
صمود المقاومين الاسطوري في الميدان واكبه صمود مماثل من بيئة المقاومة، منذ بدء معركة إسناد غزة في تشرين الاول من العام الفين وثلاثة وعشرين.
وخلال اشتداد العدوان على لبنان.. لم يشعر النازحون من بيوتهم باليأس او الاحباط جرَّاء الغارات والمجازر التي ارتكبها العدو في مختلف المناطق وسياسة التدمير الممنهج، التي اعتمدها العدو سواء في الجنوب او البقاع او في الضاحية الجنوبية، ولم تتزعزع الثقة بالنصر على أيدي المقاومين فكان صمود الناس وصبرهم جزءا كبيرا من الانتصار الذي تحقَّق وأجبر العدو على وقف العدوان.
أبناء البقاع الغربي ثابتون على درب المقاومة بدماء الآباء والأبناء
أشهر مرت وعام انقضى وفيه سجل التاريخ بأن شعباً ذو عقيدة راسخة جذرها في كربلاء وأغصانها تتدلى عند سيد شهداء الأمة حتماً منتصرة.
يختصر العام 2024 بكل أحداثه ومواقفه بستة وستين يوماً استطاع فيها أبناء البقاع الغربي أن يقفوا ثابتين على نهج خطوه بدماء الآباء والأبناء.
منذ بداية العام المنصرم وأهل المقاومة كانوا ولا يزالون سنداً للحق، ودعما للمظلوم في فلسطين، ما بخلوا وما برحوا عن هذا الطريق. عام مضرج بالدماء الزاكية، التي أثمرت العزة والكرامة، والتي حمت وحفظت أشرف وأكرم الناس، والعطاء موصول للعام الجديد.
المصدر: موقع المنار